يجسد العميد طلال بن عبدالمحسن الشلهوب مسؤولية مهنية، يمكن من خلالها قراءة التحول الذي طرأ على مفهوم المتحدث الأمني، من كونه دوراً تفاعلياً مرتبطاً بالحدث، إلى مسؤولية وطنية تمارس تأثيراً مباشراً في إدارة الأمن العام، وضبط المجال المعلوماتي، وبناء وعي المجتمع، فحضوره في هذا الموقع لا يُقرأ من زاوية الظهور الإعلامي، بل من زاوية ما يحمله المنصب من مسؤوليات اتصالية دقيقة في بيئة تتقاطع فيها السرعة، والحساسية، وتعدد مصادر المعلومة.

ينطلق العميد الشلهوب، في ممارسته لدور المتحدث الأمني، من فهم واضح للإعلام الأمني بوصفه جزءاً من المنظومة الأمنية، لا واجهة موازية لها.

فالمعلومة الأمنية، في تصوره العملي، ليست مادة للنشر فحسب، بل عنصرٌ مؤثرٌ في السلوك العام، وفي قدرة المجتمع على التفاعل الإيجابي مع الأنظمة، والإجراءات، والتحذيرات.

لذلك يركّز هذا الدور على تعزيز الأمن عبر توضيح جهود القطاعات الأمنية في الضبط والحضور الميداني، وربطها بسياقها النظامي، بما يمنح المجتمع فهماً أدق لطبيعة العمل الأمني وحدوده.

وفي هذا الإطار، يبرز أحد أهم أدواره في رفع مستوى الوعي المجتمعي بأهمية الإبلاغ عن الحوادث الجنائية، باعتباره شريكاً وقائياً في حفظ الأمن، لا مجرد متلقٍ للنتائج. كما يندرج ضمن هذا الدور التحذير المبكر من المخاطر المحتملة، وتقديم الرسائل الوقائية التي تسبق الحدث أو ترافقه، بما يسهم في احتواء الأزمات وتقليل آثارها. هنا يصبح الاتصال الأمني أداة استباق، تعمل قبل أن تتوسع المشكلة أو تتشكل روايات غير دقيقة حولها.

أما على مستوى إدارة المشهد الإعلامي، فتتمثل مسؤوليته الأساسية في التواصل المنظم مع وسائل الإعلام، وتقديم التحديثات الرسمية المعتمدة بلغة دقيقة ومتزنة، تراعي حساسية المعلومة ومتطلبات الشفافية في آن واحد. ويُعد هذا الدور محورياً في مكافحة الشائعات وتصحيح المعلومات الخاطئة، ليس عبر الرد الانفعالي، بل من خلال ترسيخ مصدر رسمي موثوق، قادر على ضبط إيقاع المعلومة ومنع تضاربها.

سيرته في هذا المجال لم تُبنَ دفعة واحدة؛ إذ شكّلت تجربته السابقة متحدثاً باسم المديرية العامة للجوازات قاعدة عملية مهمة، تعامل خلالها مع أنظمة وإجراءات تمس شريحة واسعة من المجتمع والمقيمين. وقد أسهم هذا الدور في ترسيخ قدرته على تبسيط الأنظمة، وشرح الإجراءات، وربطها بأهدافها التنظيمية، وهو ما انعكس لاحقاً في أدائه متحدثاً أمنياً لوزارة الداخلية على نطاق أوسع وأكثر تعقيداً.

وبصفته مديراً للإدارة العامة للإعلام والاتصال المؤسسي ومتحدثاً أمنياً في وزارة الداخلية، يتجاوز دور الشلهوب حدود التصريح إلى إدارة منظومة اتصال متكاملة، تُعنى بتوحيد الرسائل، وضبط القنوات، والتخطيط للمحتوى الأمني، بما يوازن بين حق المجتمع في المعرفة ومتطلبات العمل الأمني. وبهذا المعنى، تتجسد قيمته المهنية لا في الإطراء أو الظهور، بل في ممارسة دقيقة لدور المتحدث الأمني بوصفه وظيفة دولة، تحمي المعلومة كما تحمي المجتمع.