أُنشئت لجنة الميكانيزم التنسيقي ضمن اتفاق وقف إطلاق النار الذي بدأ في 27 نوفمبر 2024، عقب «حرب الإسناد» بين حزب الله وإسرائيل. لم تكن المحادثات الأولية مباشرة بين لبنان وإسرائيل، بل عبر وسطاء. ومع ذلك، شهدت 3 ديسمبر 2025 اجتماعًا أوليًا في الناقورة، بعد تعيين السفير السابق سيمون كرم مفاوضًا مباشرًا من الجانب اللبناني، مما يمهد لرفع المفاوضات من المستوى التقني إلى السياسي والاقتصادي.

رغم هذا التقدّم، تبقى المفاوضات في مراحلها التمهيدية، مع خلافات جوهرية حول ملفات حساسة: الانسحاب الإسرائيلي من النقاط الخمس المحتلة، إقامة منطقة عازلة، نزع سلاح حزب الله، والخروقات الأمنية المستمرة على الحدود. يدرس حزب الله هذه التطوّرات بحذر شديد، محافظًا على رفضه لأي تفاوض مباشر. منذ نوفمبر 2024، سجّلت المنطقة خروقات إسرائيلية متكررة للاتفاق، تشمل تحليق طائرات مسيرة، إشعال حرائق حدودية، تفجيرات منازل، غارات جوية، واغتيالات مستهدفة لحزب الله. تربط إسرائيل هذه العمليات بضرورة تطبيق شروطها الأمنية، مثل إنشاء منطقة عازلة جنوب نهر الليطاني خالية من أسلحة حزب الله، ونزع سلاحه كليًا، معتبرة إياه تهديدًا دائمًا. على الجانب اللبناني، أقر مجلس الوزراء في أغسطس 2025 الورقة الأمريكية المتعلقة بالمفاوضات، بينما أعلن حزب الله في يوليو 2025 عدم قبوله بأي تفاوض بحصر سلاحه للدولة اللبنانية، قبل انسحاب إسرائيل من النقاط الخمس، إعادة أسراهم لدى إسرائيل، وقف الخروقات، وإعادة إعمار المناطق المتضررة.

يميّز هذا المسار بين فريق مفاوض مدني وآخر عسكري؛ إذ يمثّل الفريق المدني توجهًا نحو دبلوماسية اقتصادية وفنية تشمل إعادة الإعمار والتعاون المشترك، في حين يركز الوفد العسكري على الجوانب الأمنية بشكل ضيق، وهو ما يلقى قبولًا أكبر من حزب الله. هذا التمييز يفتح المجال لنقاشات أوسع، لكنه لا يعالج الخلافات الجوهرية، حيث يرى المدنيون إمكانية لاحتواء الوضع عبر الضغط الاقتصادي مقابل التنازل الإسرائيلي.

بناءً على مصادر سياسية رفيعة، تجري هذه المفاوضات في سياق إقليمي حساس، مع إمكانية إطالة الجانب اللبناني بانتظار تطوّرات مثل محاكمة نتنياهو في قضايا الفساد أو تقدّم المفاوضات الأمريكية-الإيرانية حول النووي.

يظل المآل النهائي لهذه المفاوضات لم يتضح بعد، إذ تواجه ضغوطًا أمريكية وإسرائيلية متزايدة لتسريع نزع سلاح حزب الله مقابل الانسحاب من الأراضي المحتلة، مع تهديدات بتصعيد عسكري من تل أبيب في حال عدم تحقيق تقدم ملموس. ستوضح النتائج القادمة ما إذا كانت هذه الخطوة المدنية ستنجح في تفادي نزاع جديد في لبنان أو ستزيد من حدة التوتر في المنطقة.