كتاب ومقالات

شلفا

أريج الجهني

تصدر وسم شلفا ولي العهد ترند تويتر في الأيام الأخيرة ما بين استعراض الشقح والوضح والحمر والمغاتير وحضور محلي ودولي وما بين العديد من مسميات المنقيات التي تصدرت المشهد أيضاً؛ والحقيقة أن عالم الإبل يكاد أن يكون «عالم موازي» للكثير من الأشخاص رغم التصاقه بالهوية السعودية، بل كم أعتب على التعليم في عدم مواكبة تعزيز مهرجان الإبل، ناهيك عن تضمين أنواع الإبل وأشكالها ومسمياتها وتاريخها في المناهج وكيف شاركتنا التاريخ بالصبر على الصحراء وتحمّل قسوة الجفاف والتنقل وكأن أطفالنا منفصلون عن تاريخهم العريق. بالمقابل تشاهد أطفال أهل الإبل حاضرين في المهرجان وينافسون آباءهم في الفصاحة واللغة الجميلة والفكر الحاد وسرعة البديهة.

كان لتنظيم مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل في دورته السادسة حضور مختلف هذا العام؛ رافقه زخم إعلامي متميز من صالات ومجالس الصياهد مروراً بالزيارات المتكررة لعدد من الكتّاب والمؤثرين. أكثر ما لفت نظري اختيار المكان كان موفقاً وطبيعة الهواء النقي، ورافق ذلك جناح خاص ومتميز لوزارة الداخلية وأيضاً عدد من المحلات الوطنية والمنتجات للأسر السعودية. من يذهب هناك سيشاهد كيف تصطف لجنة التحكيم وتتابع دخول الفرق المتنافسة والعروض المختلفة. وسيجد محبو الإبل وملاكها من كافة الدول حضوراً اجتماعياً كثيفاً لا يجمعهم شيء سوى محبة الإبل والحنين إليها.

قضينا سنوات في التنميط وتلبيس البدو ثياب الجهل والعصبية؛ ومن يذهب لن يجد إلا الترحيب والثقة والتقدير. مثل هذه المهرجانات المتقنة في الترتيب تخدم الجانب الاجتماعي قبل الاقتصادي وهي ليست كما يشاع عنها بأنها مجرد استعراض للمكانة المادية. هناك بعد نفسي أصيل في الارتباط بالإبل والصحراء بل تجد مساحة شاسعة للتأمل في وفاء الإنسان السعودي الذي نال من الخير الكثير ولله الحمد وحافظ على هويته وعادات أجداده.

الذي أتمناه هو ديمومة هذا النوع من المهرجانات والاستفادة من الكم المعرفي الهائل والمعلومات التي جميل لو تم تغذية المناهج بها وربط الطلبة ببيئتهم الأساسية. شخصياً لا أتذكر أنني شاهدت أي دروس عن الإبل أو حتى الخيل في تعليمي العام ولا العالي. بل كان تعليمنا يتمحور فقط على تمجيد الدولة العثمانية!. كنا نحفظ أسماء السلاطين البائدين وكأن تاريخنا فارغ من المآثر والبطولات. والبطولة الحقيقية هي لمن حافظ على الوطن ومن اعتز بتراثه وأمجاده. نعم قد يكون تويتر هو المرصد المؤقت للحياة الاجتماعية ستشاهد فرحة مختلفة لأصحاب الإبل عن فرحة غيرهم وهذا بحد ذاته كسر للتنميط المعهود.