Next Page  9 / 92 Previous Page
Information
Show Menu
Next Page 9 / 92 Previous Page
Page Background

2020

إصدار

7

القصة من البداية

، ولـــــــدت الــــراحــــلــــة طـــــاهـــــرة بـنـت

1933

فـــــي الـــــعـــــام

عـبـدالـحـفـيـظ الـسـبـاعـي الإدريــــســــي، فـــي حـــي أجـيـاد

التاريخي المـحـاذي للمسجد الـحـرام بمكة المكرمة،

وهـــي سليلة أســــرة مـكـيـة عـريـقـة يــعــود نسبها إلـى

الأشـــراف، تولت والدتها تربيتها بعد وفـاة والدها

وهي في الثالثة من عمرها، وبسبب يتمها وظروف

نشأتها لم تحظَ بالتعليم، وكبنات جيلها وبحسب

الــعــادات والتقاليد تـزوجـت طـاهـرة فـي سـن مبكرة

وهي في الثالثة عشرة من عمرها من محمود بيت

المـال، وهو أيضاً سليل أسـرة مكية معروفة وعريقة

7

قــرون، ولها

4

تعمل في مجال الطوافة لأكثر من

ذكور)، ورغم أن هذه السيدة كانت

3

إناث و

4(

أبناء

أمية لا تقرأ ولا تكتب ولـم تحظَ بالتعليم، إلاّ أنها

لــم تستسلم لــظــروف نـشـأتـهـا، وسـاهـمـت عزيمتها

وإصــــرارهــــا فـــي تـعـلـيـم أبــنــائــهــا، كـمـا أنــهــا امتلكت

مــوهــبــة فـــي الـــرســـم مــنــذ صــغــرهــا، ســخّــرتــهــا لاحـقـ

فـــي تـطـويـر هـــذه المــوهــبــة ونـقـلـهـا مـــن الــهــوايــة إلـى

الاحتراف في مجال غير مسبوق بين بنات جيلها،

وهــو تصميم الأزيـــاء التراثية والتاريخية، لتكون

أول ســعــوديــة تتخصص وتـنـشـط فــي هـــذا المــجــال،

ثـــم واصـــلـــت تـعـلـيـم نـفـسـهـا ذاتـــيـــ مـــهـــارات الـــقـــراءة

والكتابة، لتصبح لاحقاً بعد رحلة طويلة من الكفاح

عقود لتصبح أول

7

والمثابرة امتدت مجملاً لنحو

مؤرخة وأديبة سعودية تتخصص في الكتابة عن

تاريخ الأزياء في الجزيرة العربية منذ صدر الإسلام

مؤلفات تعد أحد أبرز

8

إلى العهد السعودي، ولها

المراجع العلمية والتاريخية في هذا المجال، كما أنها

عاشتشبابها في«أمية»

لا تقرأ ولا تكتب.. وبعد

كتب

9

الخمسين ألّفت

لأنها لمتحظَ بالتعليم

قررت الهجرة لتعليم أبنائها

فيالخارج

ما لم تحظ به من علم، ونظراً لأن نهضة التعليم

فــي المـمـلـكـة كــانــت فــي مــراحــل نـشـأتـهـا الأولــــى في

أواخــر الخمسينات الميلادية، لم تكن هناك أعـداد

كـافـيـة مــن المــــدارس المخصصة لـلـبـنـات، إذ نشأت

، وكـــان

1956

أول مـــدرســـة خـــاصـــة بــالــبــنــات عــــام

المـجـتـمـع الـــســـعـــودي خــــ ل تــلــك الـحـقـبـة مجتمعاً

وسـطـيـ ومــعــتــدلاً لــه عــــادات وتـقـالـيـد ومـــوروثـــات

اجــتــمــاعــيــة مــحــافــظــة ولــكــنــهــا لا تـــعـــرف الــتــشــدد،

فكانت تلك المرحلة تماماً كما وصفها ولي العهد

الأمير محمد بن سلمان حين تحدث عن «مرحلة ما

»، مؤكداً أن المجتمع السعودي لم يكن

1979

قبل

بالصورة التي صمّمها وروّجها عنه المتطرفون،

قـائـً فـي كلمة تاريخية: «نـريـد فقط أن نعود لما

كنّا عليه.. الإســ م الوسطي المعتدل المنفتح على

الـــعـــالـــم..»، وفـــي تـلـك الــفــتــرة (حـقـبـة الخمسينات

الميلادية)، وبذهنية متفتحة، قررت السيدة طاهرة

وزوجـهـا إرســال بناتها الأربــع إلـى مصر ليدرسن

في المدرسة الأمريكية وليواصلن أيضاً تعليمهن

الجامعي، حتى يعدن مسلّحات بالعلم ويساهمن

فـــي تـنـمـيـة وطــنــهــن، فـتـم الـتـنـسـيـق لإقـامـتـهـن في

مدينة القاهرة في منزل إحدى السيدات الفاضلات

لتقوم بالإشراف عليهن.

وخلال تلك السنوات واصلت طاهرة هوايتها في

تصميم الأزيـاء التراثية وفقاً لما تنقله عن الذاكرة

الـشـعـبـيـة فــي مـكـة المــكــرمــة، وطـــــوّرت اهتماماتها

بالتوسع في تصميم الأزيـاء التراثية من مختلف

المناطق الأخـرى في المملكة، إضافة إلى اهتمامها

بما ذكر من أوصاف عن ملابس النساء في الشعر

العربي، مثل أشعار عمر ابن أبي ربيعة وغيره من

شعراء الجزيرة العربية الذين وصفوا أزيـاء المرأة

وحليهن في عصور مختلفة لتنقل تلك الأوصاف

من الخيال إلى الواقع.

انفردت أيضاً بالكتابة عن تراث أزياء الأطفال.

قصة كفاح هذه السيدة تحولت بعد سنوات عدة من

وفاتها إلى فيلم سينمائي عالمي عرضفي هوليوود

بـجـائـزة أفـضـل فيلم تسجيلي في

2015

وفـــاز فــي

) الذي أقيم في

IndieFest( »

مهرجان «الفيلم المستقل

ولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة، وتم ترشيحه

للعديد من مهرجانات السينما العالمية.

طموحات بلا حدود

الموهبة التي امتلكتها السيدة طـاهـرة السباعي

ضــاعــفــت مـــن شـغـفـهـا ورغــبــتــهــا فـــي تـعـلـم المــزيــد،

وساهمت في تشكيل رؤية صلبة وحلم وطموح لا

منتهٍ بالرغبة في تعليم أبنائها وبناتها وتحقيق

طاهرة السباعيوزوجها السيد محمود بيت المال وابناءهم السبعة، الدكتور طارق

والدكتور طلال وفريال وعبلة والدكتورة ليلىوالدكتور عدنان والدكتورةسهام

طاهرة السباعي