أخبار السعودية | صحيفة عكاظ - author
--°C
تحميل...
⌄
لوحة القيادة
خروج
الرئيسية
محليات
سياسة
اقتصاد
فيديو
رياضة
بودكاست
ثقافة وفن
منوعات
مقالات
ملتيميديا
المزيد
الرياضات الإلكترونية
سعوديات
ازياء
سياحة
الناس
تحقيقات
تكنولوجيا
صوت المواطن
زوايا متخصصة
مركز المعلومات
⌄
لوحة القيادة
خروج
الرئيسية
محليات
سياسة
اقتصاد
فيديو
رياضة
بودكاست
ثقافة وفن
منوعات
مقالات
ملتيميديا
المزيد
الرياضات الإلكترونية
سعوديات
ازياء
سياحة
الناس
تحقيقات
تكنولوجيا
صوت المواطن
زوايا متخصصة
مركز المعلومات
الرياضات الإلكترونية
سعوديات
ازياء
سياحة
الناس
تحقيقات
تكنولوجيا
صوت المواطن
زوايا متخصصة
مركز المعلومات
تصفح عدد اليوم
ممود علي
قيس سعيد ينقذ تونس من مصير العراق
ليس الاحتلال العسكري بحد ذاته هو ما وضع العراق في هذه الدائرة الجهنمية المستمرة منذ قرابة عقدين، بل العملية السياسية التي تمت هندستها بعد الاحتلال، التي خلقت بلداً مشوهاً تم تأسيسه على حكم عصابات دينية فاسدة تحت غطاء حكم برلماني يمنحها الخلود في هذه الوضعية الشاذة إلى أن تنهار الدولة بشكل كامل.
إن أسوأ ما في هذه النوعية من أنظمة الحكم هو فقدان الأمل في أي إصلاح، فمع تجذر الفساد من أسفل الهرم إلى أعلاه تصبح الانتخابات مجرد عملية تبديل للكراسي بين أعضاء العصابات، فأي انتخابات قادمة في العراق مثلاً لن تؤدي إلا إلى تبادل المراتب بين مجموعة المالكي ومجموعة الصدر ومجموعة الحكيم، ومهما جرى من انتخابات في لبنان فلن يفوز إلا تيار المستقبل سنّياً وتيار عون وجعجع مسيحياً وحزب الله وأمل شيعياً.
في تونس وبعد انتخابات 2013 كُتب دستور مهلهل يخدم المجموعة السياسية المسيطرة حينها، ويشكل في الوقت ذاته خطراً حقيقياً على الدولة التونسية. كانت حركة النهضة منتشية بفوز برلماني عريض اعتقدت أنه سيتكرر دائما، وهكذا تمت صياغة دستور على مقاس الحركة، يسمح لها بالسيطرة على الدولة عن طريق البرلمان والمجيء برئيس طرطور يكون واجهة لها وللبلاد.
لكن شعبية النهضة بدأت في الانحدار، وبعد دورتين انتخابيتين بالكاد حصلت على ربع أعضاء البرلمان، إلا أن النظام البرلماني -وهذه أهم ميزاته في دول العالم الثالث- ضمن للنهضة السيطرة بطريقة أخرى؛ الفساد وبيع المناصب الوزارية وتبادل المنافع مع كتل أخرى كانت طريق النهضة للسيطرة على البرلمان الجديد، لم تجد النهضة حرجاً في التحالف مع كتلة مافيوزية أخرى يقودها رجل أعمال اشتهر بالفساد، رغم أن النهضة بنت حملتها في الهجوم عليه.
تحالف راشد الغنوشي مع نبيل القروي كان أشبه بتحالف كارتلات المخدرات في المكسيك، فقد بدآ فوراً ببيع المناصب الوزارية وتقاسم المغانم والصفقات بشراهة لا حدود لها، وبينما كان المواطن التونسي يئن تحت وضع اقتصادي متدهور كانت الكتل البرلمانية تواصل التعارك تحت قبة البرلمان نهاراً والمقايضات ليلاً، بينما وصل فساد الغنوشي ونبيل القروي إلى المتاجرة بالنفايات في المعتمديات والبلديات.
وجود الرئيس قيس سعيد في الرئاسة كان فرصة التونسيين الوحيدة للخروج من هذه المتاهة، فهو رجل وطني نظيف، مكّنه موقعه من الاطلاع على كل ما يجري من تخريب للبلاد دون أن تمكّنه صلاحياته من فعل شيء حيال ذلك. ما شاهده الرجل لم يكن ليتحمله إلا إذا كان جزءاً منه، وهكذا بدأ في التحذير من أن ما يجري خطير ويهدد كيان الدولة. التحذيرُ تلو التحذير ولم تزدد العصابات المتنفذة إلا فساداً واستهتاراً ببلدها. وفي اللحظة الحاسمة يبدو أن الرجل طفح كيله، فلم يعد بمقدوره مشاهدة بلده ينحدر نحو خراب لا نهاية له.
أعتقد أن قرارات قيس سعيد فرصة تاريخية لإنقاذ تونس من مستقبل قاتم وإعادتها إلى طريق الدولة الطبيعية، وسيكون أهم مفصل في ذلك المسار هو تعديل دستوري يعيدها لنظام رئاسي يقوده شخص واحد يمكن محاسبته بكونه مسؤولاً أمام الشعب ويتحمل مسؤولية قيادة البلاد بدل تكرار تجربة العراق وتحويلها إلى مغارة علي بابا جديدة في بلاد المغرب.
23:42 | 5-08-2021
مقابلة ولي العهد
كانت المقابلة الأخيرة لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لافتة للأنظار داخل المملكة وخارجها، شَغلت المقابلة وسائل الإعلام السعودية والعالمية لعدة أيام، فقد نشرت وكالة بولمبيرغ لوحدها خلال أيام أكثر من عشرين قصة خبرية عن المقابلة، أما منصات التواصل الاجتماعي فقد ضجت بتفاعل غير مسبوق مع الحدث الإعلامي الأبرز في شهر طالما كانت اهتمامات الجمهور فيه مختلفة.
استهل ولي العهد مقابلته بالحديث عن الشأن السعودي وعن السعودية قبل النفط وبعده، ليصل إلى عصر الرؤية السعودية 2030 التي تحدث عنها بإسهاب وبذاكرة حادة ساعدته على ذكر الأرقام عشرات المرات دون الرجوع إلى مذكرة، ثم عرج على العلاقات الإقليمية والدولية وعلاقة المملكة بالعالم وانفتاحها على كل دول المنطقة بمن فيهم إيران والحوثيون الذين بات عليهم أن يخرجوا من الجلباب الإيراني أكثر من أي وقت مضى. وحول الهوية السعودية، أكد ولي العهد أنها قوية بما يكفي للانفتاح على العالم بمختلف ثقافاته، وأعتقد أن شكل وطبيعة ظهور ولي العهد ابتداء بالزي وانتهاء بالخطاب الديني المميز أكدت ذلك.
صدى المقابلة تردد سريعا حول العالم فور انتهائها، الجمهور السعودي كان طبعا في المقدمة، حيث احتفى بها على جميع وسائط الإعلام وتصدرت أحاديثه لأيام، قادة العالم وحكوماتهم بدأوا تباعا بالتفاعل مع اللقاء، غرد ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد مشيدا بالرؤية السعودية ثم تتالت مواقف كل دول الخليج، لكن تعليق بلدين بحجم الصين وروسيا على المقابلة يبقى له وقع خاص.
التفاعل الدولي الخاص مع مقابلة الأمير محمد بن سلمان كان انطلاقا من أمرين؛ الأول أن رؤية ولي العهد بتحويل اقتصاد المملكة من اقتصاد نفطي ريعي إلى اقتصاد صناعي خدماتي تمثل صناعة النفط جزءا منه يضمن فرصا استثمارية هائلة، وستكون أكبر عملية تطوير اقتصادي في منطقة الشرق الأوسط.
الثاني أن إنجاز هذه الرؤية يقتضي تفكيك بعض الأزمات الإقليمية، ما يعني إحلال فترة هدوء في منطقة الشرق الأوسط وهو أمر تستطيع المملكة أن تضمنه حين تكون جميع الأطراف واقعية وتنطلق من مصالح وطنية وقومية، ولا شك أن فترة الهدوء هذه يحتاجها الجميع بمن فيهم كبار المستثمرين الدوليين بقيادة الصين التي تسعى للعب دور ريادي في المنطقة.
بالنسبة لي بدا الأمير محمد بن سلمان من نوعية القادة المهتمين بالتفاصيل وهي صفة لازمة لأي قائد حقيقي يريد أن يقوم بقفزة تنموية وتغيير شامل في بلده، فإذا كانت الحرب أخطر من أن تترك للعسكريين كما قال رجل الدولة الفرنسي جورج كليمنسو، فإن عمليات التطوير الكبرى أهم من أن تترك بيد البيروقراطيين.
01:28 | 6-05-2021
عودة العراق المأمولة
يبدو أن العراقيين قد حسموا أمرهم، وقرروا أن يعود بلدهم إلى مكانته الحقيقية بعد أن تمت سرقته في وضح النهار من طرف جار طامع استطاع استغلال دعاية طائفية وعملاءَ نفوذٍ تمت صناعتهم على مدى سنوات عدة، ورغم أن هذه العودة مدفوعة أساساً بوعي عراقي داخلي أفرزته معاناة سنوات مريرة، إلا أنها تلاقت مع رغبة عربية صادقة في عودة العراق إلى حضنه العربي، وقد مثلت زيارة السيد الكاظمي الأخيرة للمملكة العربية السعودية فرصة لإظهار ما يمكن أن تقدمه المملكة لبلد شقيق وجار بحجم العراق.
ستشكل الانتخابات العراقية القادمة فرصة تاريخية للعراقيين من أجل انتشال بلادهم وطي صفحة سنوات من الخراب والتمتع بثرواتهم المنهوبة، ورغم أن الأمل كبير هذه المرة بأن تُخرج هذه الانتخابات العراق من دوامة السنوات الماضية، إلا أن الحذر يبقى واجبا في ظل فشل محاولات سابقة لإنقاذ العراق عن طريق الانتخابات، قد استطاعت إيران إفشال محاولتين سابقتين، وتمكنت من تكسير آمال العراقيين على صخرة نفوذها، لكن إفشال إيران لتلك المحاولتين أعطى العراقيين درسا مهما وكشف بشكل نهائي حقيقة الدور الإيراني في العراق.
جرت المحاولة الأولى ربيع 2010 حين حققت القائمة العراقية بزعامة إياد علاوي فوزا مفاجئا حصلت فيه على المرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية، وهو ما أعطى إياد علاوي حق تشكيل الحكومة، لكن إيران وضعت خطا أحمر على السيد علاوي، وبعد عدة أشهر من المفاوضات تمت الصفقة المشؤومة لتنصيب المالكي رئيسا للوزراء، اعتقد كثيرون أن الفيتو الإيراني على إياد علاوي (رغم أنه من عائلة شيعية عريقة) كان بسبب توجهاته العلمانية، لكن تصدي إيران للمحاولة الثانية أكمل بقية الصورة.
في أغسطس من سنة 2014 وبعد سقوط الموصل وصل حيدر العبادي للسلطة وهو عضو بارز في حزب الدعوة، لكن منذ وصوله لرئاسة الوزراء أظهر وطنية كبيرة في إدارة شؤون الدولة، عيّن قادة عسكريين وأمنيين محترفين كانت مهمتهم تحرير ثلث البلاد الذي وقع تحت احتلال داعش، وقد نجح في ذلك خلال فترة ليست بالطويلة، لكن فجأة ناصبت إيران السيد العبادي العداء، لم يشفع للعبادي كونه من حزب إسلامي شيعي فقد شكلت خطواته الوطنية خطرا وجوديا على النفوذ الإيراني في العراق، وفي الانتخابات اللاحقة استطاعت إقصاءه، والمجيء برجلها عادل عبد المهدي.
بدأ عادل عبد المهدي تنفيذ أوامر إيرانية استفزت العراقيين بشكل غير مسبوق، فقد بدأ فورا بإقالة كل القادة العسكريين المحترفين الذين انتصروا على داعش، كما أن حكومة اللصوص التي شكلها بالغت في الفساد والنهب حتى فقد العراقيون قدرة التحمل، وهو ما أدى لاندلاع انتفاضة غاضبة أعلنت نهاية التخدير الطائفي الذي كان يمارسه ممثلو إيران.
اللعبة الإيرانية في العراق لم تعد تنطلي على أحد، إيران لا تهمها مصلحة شيعة العراق، بل تدافع عن مصالحها القومية والاقتصادية، فالعراق بالنسبة لها مجرد رئة يتنفس منها اقتصادها الشرعي وغير الشرعي، كما أنه ورقة رابحة في مناوراتها الإقليمية. لكن الخاسر الوحيد من كل ذلك هو الشعب العراقي الذي يتظاهر يوميا من أجل الكهرباء والماء النظيف.
عودة العراق كبلد طبيعي في مصلحة شعبه أولا وأخيرا، عودته كأي بلد لديه حكومة تخدم شعبها وتوفر له أسس العيش الكريم، خال من الجماعات التكفيرية والمليشيات الإرهابية، وخال من النفوذ الأجنبي.
وفي شهر أكتوبر القادم سيكون أمام العراقيين طريقان لا ثالث لهما، إما أن تفوز القوى الوطنية ويتجدد معها الأمل بنهوض العراق من كبوته، وإما أن تفوز قوى الإسلام السياسي وحينها سينتظر العراقيون وننتظر معهم 5 سنوات أخرى ستكون طويلة وكالحة.
00:05 | 18-04-2021
ضلال المعارضات العربية
أول ما يلفت انتباهَ المتابِع لحادث قناة السويس هو حجم الشماتة التي أطلقها الإخوان المسلمون وما يسمى عموما بالمعارضة المصرية في الخارج، التهويل واختلاق القصص والجزم بأن مصر ستدفع تعويضات مليارية كان الشغل الشاغل لمنصاتهم طيلة الأيام الماضية، الغريب أن الحادث تزامن مع تضييق تركيا على هذه المنصات والاستعداد لترحيل بعض الشخصيات القيادية من هذه المعارضة، وهو ما كان ينبغي أن يشكل درسا قاسيا لهم، ويجعلهم ينتبهون أخيرا لخطورة المسار الذي تورطوا فيه، كان ينبغي لهم أن يتذكروا أخيرا أن السعي في خراب الوطن ليس معارضة، وأن الهجوم عليه والتقليل من شأنه لا يمكن أن يكون نضالا، فمن أمرهم بمهاجمة وطنهم ووفر لهم في سبيل ذلك كل الإمكانيات، هو ذاته من يخبرهم أن بلدهم مهم للغاية وعداؤه خسارة فادحة لا يستطيع تحملها، وفي سبيل التصالح معه مستعد لطردهم، لكن الأغرب كان هو حجم قبولهم ورضاهم للتضحية من أجل البلد الذي استخدمهم!، دون أن يتذكروا أن مصلحة بلدهم أولى بالتضحية على افتراض أنهم محقون في مظالمهم.
في السنة الماضية كان أملهم معقودا على جائحة كورونا، كل حساباتهم بنيت على أن تُلحق كورونا بمصر كارثة صحية، توقعوا وفايات يومية بالآلاف وانتشار الجثث في الشوارع، لكن وبفضل الله كانت مصر من أقل الدول تضررا من أزمة كورونا، وحفظ الله أهلها واقتصادها من آثار الجائحة العالمية.
بعدها عاد المعارضون لانتظار فرجهم القريب، الفرج الذي يشحذون له جمهورهم وتنتظره وسائل إعلامهم بشغف منذ سنوات، حتى إن إحدى قنواتهم وضعت عدا تنازليا له، هذا الفرج ليس إلا سد النهضة!، نعم ينتظرون بفارغ الصبر أن يؤدي اكتمال سد النهضة إلى أزمة مائية في مصر، ينتظر هؤلاء «المعارضون» أن يعطش شعبهم وتبور أرضهم!.
هي حالة ضلال سياسي تعيشها المعارضة المصرية في الخارج ولا أمل في شفائها منها قريبا، لكنها أيضا ليست الوحيدة في ذلك، فما يسمى المعارضة السعودية في الخارج تقدم هي الأخرى مثالا لا يقل ضلالا، دعم علني لمليشيا الحوثي التي تستهدف المملكة العربية السعودية بصواريخ تستهدف المنشآت المدنية، بل والدفاع عن موقف تلك المليشيا لدى المنظمات الغربية، أما أكبر ضجة أحدثتها «المعارضة» السعودية إعلاميا في السنوات الأخيرة فقد سجلتها حين ظهرت بعض الحشرات في الحرم المكي!.
ومع أن ما سبق لا يعدو كونه أمثلة قليلة فإنه يظهر بوضوح مدى الانحراف الذي أصاب فكرة «المعارضة» في العالم العربي، لقد حول هذا الانحراف المعارضين بكل سهولة إلى أدوات رخيصة يتم استخدامها في خصومات لا علاقة لها بأي قيم سياسية أو حتى إيديولوجية، بل هي صراع مصالح اقتصادية محضة.
00:34 | 2-04-2021
السعودية ومصر حلف التكامل
ستبقى كلمات الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- التي قالها حين وقف مع مصر بعد الثلاثين من يونيو من أهم الكلمات التي صنعت تاريخ المنطقة العربية الحديث، قالها علانية وأمام العالم أجمع: «لن نترك مصر وحدها»، لتقف بعدها كل من الإمارات والكويت والبحرين وقفة رجل واحد خلف الدولة المصرية في لحظة فارقة من تاريخها، لم تكن قوة هذه الكلمات نابعة من صدقها فحسب، بل من دقة اللحظة التي قيلت فيها، فلقد كان العالم العربي آنذاك، ودون مبالغة، في طور الانهيار المحتوم، لكن الرؤية السعودية الثاقبة والموقف التاريخي الحاسم استطاعا أن يغيرا مجرى الأحداث.
فبعد الثورة التي أطاحت بحكم الإخوان في مصر وجدت مصر نفسها في مواجهة صعبة مع تحالف الخاسرين من أول ضربة حقيقية لمشروع الفوضى الخلاقة، وأمام تحالف انتقامي ضم دولاً عظمى وقوى إقليمية طامعة وحركات إيديولوجية عابرة للحدود، لم يكن للدولة المصرية من ملجأ سوى الإخوة المخلصين، وبموقف المملكة وأخواتها من مصر صنع تاريخ جديد في المنطقة، فوقوف مصر على قدميها لم يكن في صالح مصر فقط، بل كان ضمانة استراتيجية لدول الخليج العربي، عشرات المليارات ضخت في الخزينة المصرية وكلمات الدعم والتقدير تناقلتها وسائل الإعلام العالمية، لتتلقف مصر هذه الفرصة التاريخية دون تفريط.
لقد استطاع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إدارة تلك المرحلة بكل حنكة، فقد أدارها بعقله لا بعاطفته، بدأ بناء بلد أنهكته سنتان من الفوضى تركته على حافة الإفلاس، و دون أن ينشغل بمهاترات إعلامية حاول خصومه جره إليها، وبعزيمة لا تلين أخرج بلاده من أمواج فوضى الربيع العربي وأعادها لمكانتها الطبيعية. كثيراً ما أقول إن قوة مصر تكمن في معرفة الحاكم لمكانتها الصحيحة وهو ما شاهدناه رغم قوة التحديات التي واجهت مصر في ليبيا وإثيوبيا والسودان وحتى داخل مصر، اليوم وبعد أن كانت نجاة مصر كدولة تعتبر معجزة ها هي مصر تحقق أرقاماً قياسية في الاقتصاد، وتحقق معادلات صعبة في الأمن الإقليمي والعربي.
بعد عشر سنوات على ما يعرف بالربيع العربي، وبعد تغول تركي إيراني وصل لحد محاولة إفراغ المنطقة العربية من أي فاعل عربي، ها نحن أمام محورٍ عربيٍّ استطاع أن يفرض كلمته، وأن يعيد هيبة الموقف العربي إقليمياً ودولياً، ها هي تركيا التي تطاولت وعربدت تعود لحجمها الطبيعي متوددة إلى مصر والسعودية والإمارات طالبة الصفح، وها هي آلة الإعلام اليساري الضخمة تعلن فشلها بعد أن حاولت الابتزاز بملفاتها المختلقة.
00:02 | 28-03-2021
الولائيون العرب
في الرابع والعشرين من أكتوبر 2013 صدم رجل الدين العراقي واثق البطاط الجمهور في بلده حين أعلن وبكلام صريح لا لبس فيه أنه سيحارب مع إيران ضد العراق في حالة اندلاع أي نزاع بين البلدين، لكن واثق البطاط عبر علنا فقط عن حالة الضياع الوطني التي وصلت إليها نخبة الطائفيين الشيعة في العراق، بعد سنوات من غسل الدماغ والغزو الثقافي والسياسي الذي نفذته إيران تحت غطاء طائفي.
يتم اليوم في العالم العربي خلق تيار آخر من طينة واثق البطاط، وبأدوات غسل الدماغ ذاتها، ولكن بدل إيران فإن ولاء التيار الجديد هذه المرة لتركيا.
ليس من الغريب في منطقة تسيطر عليها الأيديولوجيات أن يكون هناك تيار فكري أو سياسي يتفق مع نظيره في بلد آخر، لكن تحول تيارات سياسية ودينية إلى مجرد جاليات داخل أوطانها تدين بالولاء التام لسلطة خارج الحدود فذلك ضرب في صميم الدولة الوطنية وخيانة للدستور وللعقد السياسي الذي تقوم عليه الدولة الحديثة.
في العراق فاض الكيل أخيرا بالمواطنين، وبعد سنوات عجاف من التخدير الديني والطائفي أعلنوا حربا شعواء على الأحزاب التي تدين بالولاء لإيران، حيث أطلقوا عليها تسمية «الأحزاب الولائية».
أما في الدول العربية السنية، فإن التيار الإسلامي يعيد تجربة الأحزاب الشيعية في العراق بحذافيرها، ويبني ولائية تركية فاقدة لأي أسس موضوعية ومخالفة لأي منطق.
فتركيا من أوائل الدول التي تأسست على أساس قومي في منطقة الشرق الأوسط، ورغم كل الصخب والدعاية الكاذبة لا تزال تركيا دولة وطنية علمانية، تتصرف طبقا لمصالحها الخاصة، فأهم حليفين لتركيا في المنطقة هما إيران الشيعية وإسرائيل، وقبل أيام زار أردوغان قبر أتاتورك، أبو العلمانية التركية وتعهد له بتحقيق رؤية تركيا 2023 ذات الطابع القومي المتعصب.
وفي سوريا وبعد سنوات من الحرب والتحريض الطائفي وادعاء تركيا دعم الثورة السورية من أجل الديمقراطية تارة وحماية أهل السنة تارة أخرى، شكلت تركيا مليشيات ضاربة من التركمان حصرا، وأعطتهم أسماء تركية ذات دلالة بالغة، وأصبحوا جيشا تركيا رديفا يتم استخدامه في مناطق التوغل التركي في ليبيا وآذربيجان، ومن اعترض من قادة الفصائل تمت تصفيته دون تردد، أما ملف اللاجئين فقد احتفظ به لنفسه ليتاجر بمأساتهم عبر البحار.
في ليبيا دعمت أحزاب الولائية التركية في العالم العربي تدخلا تركيا سافرا كانت تركيا تخطط ليكون غزوا شاملا، وفي الوقت الذي كان الولائيون العرب يصبغون على الغزو التركي كل معاني الشرعية أوضح أردوغان في خطاب رسمي أنه تدخل في ليبيا لسببين، الأول هو البحث عن مصالح تركيا الاقتصادية في شرق المتوسط، والثاني هو حماية مليون تركي يسكنون ليبيا منذ قرنين، إذاً فقد قدم أردوغان سببين لتدخله في تركيا، أحدهما اقتصادي والثاني قومي، دون أي إشارة لعوامل دينية.
وفي أفريقيا تجهز تركيا حاليا لإحداث اختراق نوعي في منطقة جنوب الصحراء بالبحث عن بؤر الصراع حيث تكون الأرضية خصبة للمشاريع التوسعية والبحث عن النفوذ.
لا شك أن أردوغان لم يكن يتوقع مستوى الهبوط الذي وصل إليه الولائيون، وهو ما بدا واضحا في تغير مقارباته لملفات المنطقة بشكل كبير، إلا أن الواقع على الأرض لم يدعم نظريته الجديدة، وواجه تحديات حقيقية حين حاول القفز وتجاوز الدول ذات الثقل الكبير في المنطقة مثل مصر والسعودية والإمارات.
جلبت الولائية الإيرانية على دول مثل العراق واليمن من البؤس والخراب ما لن يتم إصلاحه قبل عقود من الزمن، وهو ما يحتم علينا التصدي للولائية التركية قبل أن تتغلغل في دول عربية، يريد أردوغان أن يلعب معها نفس اللعبة الإيرانية.
@memoud85
كاتب موريتاني
00:13 | 30-09-2020
اقرأ المزيد