أخبار السعودية | صحيفة عكاظ - author
--°C
تحميل...
⌄
لوحة القيادة
خروج
الرئيسية
محليات
سياسة
اقتصاد
فيديو
رياضة
بودكاست
ثقافة وفن
منوعات
مقالات
ملتيميديا
المزيد
الرياضات الإلكترونية
سعوديات
ازياء
سياحة
الناس
تحقيقات
تكنولوجيا
صوت المواطن
زوايا متخصصة
مركز المعلومات
⌄
لوحة القيادة
خروج
الرئيسية
محليات
سياسة
اقتصاد
فيديو
رياضة
بودكاست
ثقافة وفن
منوعات
مقالات
ملتيميديا
المزيد
الرياضات الإلكترونية
سعوديات
ازياء
سياحة
الناس
تحقيقات
تكنولوجيا
صوت المواطن
زوايا متخصصة
مركز المعلومات
الرياضات الإلكترونية
سعوديات
ازياء
سياحة
الناس
تحقيقات
تكنولوجيا
صوت المواطن
زوايا متخصصة
مركز المعلومات
تصفح عدد اليوم
فهد إبراهيم الدغيثر
لقاءات دوري «روشن» في عيون العالم !
مع الإعلان عن الرؤية العظيمة التي أصبحت حديث العالم وفي سياق إدراج الرياضة كأحد المستهدفات، وخطوات المملكة الكبيرة نحو الذكاء الاصطناعي، توقعت أن يحدث التطور المنتظر بالنقل الفني والتعليق على لقاءات كرة القدم في الدوري السعودي. توقعت أن نقفز فوق المتوفر في منطقتنا، وذلك بأن تتولى هذه المهمة شركة عالمية ذات خبرات وباع طويل في هذه المهنة.
بدلاً من تلك الأمنيات، وهي في الواقع بديهيات، تفاجأنا قبل بضع سنوات بميلاد شركة جديدة للنقل التلفزيوني بلا أي خبرات سابقة تذكر. شاشة جامدة اشتهرت منذ تأسيسها ببث مقطوعة موسيقية «حزينة» أثناء توقف البث أو أثناء نشر مسميات المعلنين.
في الماضي كنا على الأقل نستمع لمقطوعة موسيقية جميلة مع أهازيج جماهيرية تخرج مع بداية انتقال البث إلى خارج الاستوديوهات.
سبب حسن الظن أن تدخل صندوق الاستثمارات العامة واستقدام نجوم العالم، وبالتالي ارتفاع عدد متابعي دوري كرة القدم السعودي إلى مئات الملايين، يفترض أن يرافقه تحضير ذكي وفني لنقل هذه اللقاءات.
فقرة رياضية عالمية غير مسبوقة تديرها خبرات عالمية لديها باع طويل في تعظيم هذه القوة الناعمة والاستفادة من كل ثانية لهذا الغرض. تحضير يمنح الملايين تجربة فريدة في الشرح والإعادات الآنية وتنوع زوايا الكاميرات لا أن ينتظر المشاهد دقائق حتى يرى الإعادة.
تحضير وبث يظهر لمحات جديدة ولو لثوان قليلة لمعالم متميّزة من المدينة السعودية التي تقام فيها المباراة، وعن التطور المذهل في تلك المدن.
لم يحدث شيء من ذلك. بقيت عدسات النقل لا تبرح المستطيل الأخضر ويتردد المخرج في إعادة الخطأ ولا يعترف بوجود الجماهير أحياناً، ولا يحاول مجرد المحاولة إضفاء أية جماليات من المدرجات ترفع من إثارة اللقاء.
زمن بث المباراة 90 دقيقة للعالم أجمع، وبحضور مئات الملايين من المشاهدين، وهذا يحدث للمرة الأولى لقناة سعودية ما يعتبر فرصة عظيمة لو تم الأخذ بها كقوة ناعمة بالمهنية المطلوبة.
أتحدث عن ظهور لقطات جميلة قد لا يتجاوز زمنها مجتمعة دقيقة واحدة. ماذا سيضر الناقل والمخرج لو عرضت كاميرا «درون» على الهواء أثناء أي لقاء في ملعب «الأول بارك» مثلاً مشهداً حياً لجامعة الملك سعود العريقة التي يعتبر الملعب جزءاً صغيراً منها؟ أو لقطات مختارة ومباشرة لكورنيش جدة في أي لقاء هناك أو جبال أجا وسلمى الجميلة في مباراة من حائل أو مرتفعات السودة الخلابة لأي مباراة في جنوب المملكة. متى ستحظى قناة سعودية بهذا العدد من المشاهدين؟!
في الولايات المتحدة وهم أساتذة القوة الناعمة لا يمكن أن يخلو بث أي مباراة رياضية هناك دون أن نشاهد لقطات قصيرة مختصرة جداً، لكنها حية على الهواء بواسطة كاميرا «درون» لمعالم المدينة التي تقام بها، أو لقطات طريفة ومختارة بعناية للجماهير. هذا طبعاً يحتاج إلى ذكاء وذوق وفطنة عالية وتنسيق دقيق بين الإخراج والتقديم.
هذا ما دفعني أصلاً للإشارة إلى العمل مع محطات أمريكية عملاقة تخصصت في نقل المناسبات الرياضية باحتراف ومهنية. لمَ لم يكن هذا ضمن طموحنا تزامناً مع الرؤية والمشروع السعودي العظيم؟
ظننت في هذا السياق وتزامناً مع البديهيات المذكورة أن تنتقل برامج الرياضة «التحليلية» إلى مستويات فنية ونقدية راقية ومختلفة عن مهاترات السبعينات. أيضاً وفي الغالب الأعم لم يحدث شيء من ذلك. الذي حدث ليس أكثر من عناوين مملة داخل «الحلقة النارية» المشحونة بالميول والتعصب والغثيان.
ظننت أن التعليق الرياضي مع هذه القفزة سينتقل من التعليق الإذاعي القديم قبل التلفزيون، تذكرون المربعات الثمانية، إلى تعليق مختلف. لا يزال التعليق يسير مع الأسف بنمطه القديم والمعلق يجلس وحيداً دون وجود أي خبير فني بجانبه، ويصر على إطلاع المشاهد وبحماس زائد بأن هذا اللاعب مرر الكرة لذلك اللاعب، وكلاهما في منتصف الملعب ولا خطورة تذكر. أصبحت مهارة المعلق الذي لا يمكن بقدرة قادر مشاهدته على الشاشة وهو يتكلم ولو لعدة ثوانٍ ناهيك عن كتابة اسمه مع بدء البث، وكأن ظهوره عورة، أصبحت هذه المهارة تقاس بقدرته على عدم الصمت ولو لثانية واحدة، وبعدد ترديده للفظ الجلالة (الله)، وبعدة نغمات تستخدم عند التسجيل وعند ضياع الفرص. ابتلينا معشر المشاهدين بمدرسة «شمال أفريقيا» القديمة، التي تبنتها بكل ضجيجها محطة رياضية شهيرة للتعليق، وأصبح المعلقون السعوديون التابعون للتابعين القدامى، ولا أعمم، كـ«الغراب الذي أضاع مشيته».
بالمناسبة التعليق على مبارياتنا باللغة الإنجليزية مختلف تماماً، ويغنيك في تحليلاته أثناء النقل الحي عن فقرات ما يسمى بـ«الحالات التحكيمية»، التي أصبحت فقرة رئيسية داخل برامجنا لا تظهر إلا في منتصف الليل.
هناك مبادرات وطنية كبرى نجحنا في تحقيقها، مثل فوز السعودية بتنظيم كأس العالم، وما سيتبع ذلك من إنشاء عدد من الملاعب الدولية القادمة بتصاميم مذهلة. نجحنا في نقل مسابقات «الفورمولا» إلى المملكة وأسسنا رياضات السيدات وغيرها. هل سنقوم بتغطية روزنامة الغد بهذه الصورة الإعلامية الباهتة؟
أما الحديث عن اتحاد كرة القدم وإخفاقاته، الذي أصبح حديثاً مملاً فلا حاجة للخوض بدهاليزه. هذا الاتحاد الذي يفترض أن يتولى زمام المبادرة في كل الملاحظات التي أشرت لها، فشل في تحقيق الإنجازات للمنتخب الأول، حيث لا بطولات إقليمية ولا قارية. في ذات السياق، لم يمر علي وعلى مدار عدة عقود ماضية حالات جدلية تصاحب دوريات كرة القدم كالحالات التي تسبّبت بها لجان هذا الاتحاد المرتبكة في السنوات القليلة الماضية. الغريب ومع كل هذا الإخفاق غير المسبوق في تاريخ الكرة السعودية، لم نسمع عن استقالة أي عضو من هذا الاتحاد، وهذا يوضح مستوى الشعور المتدني مع الأسف بالمسؤولية.
كيف أصبح الاحتفاظ بالمنصب أهم من تحقيق الأهداف والنجاحات للوطن؟
الرياضة فضلاً عن أنها فن وإمتاع وانضباط وحوكمة ومساواة هي أيضاً صناعة، وتعتبر أداة هائلة لتعظيم القوى الناعمة للكيان الذي يحتويها. مع اختتام دوري روشن لهذا العام، كلنا أمل أن نستيقظ من جديد استعداداً للموسم القادم، ونقوم بمراجعة ما تم تقديمه والاستثمار من أجله بالمليارات ونكتشف مناطق القصور والإخفاق ونواجهها بالابتكارات والمبادرات لتصبح متابعة الرياضة السعودية فعلاً وليس قولاً جاذبة ومدرسة جديدة مختلفة عما يدور في منطقتها.
مدرسة سعودية يتحدث عنها الآخرون بذهول وإعجاب بما تحمله من قفزات متنوعة في التغطية والإخراج تملأ شغف المتابع وتتواكب مع القفزات الأخرى في هذا الوطن الذي يبهر العالم كل يوم ويوم.
20:15 | 25-05-2025
كيف أبهرنا العالم
من كان يتخيّل أن تصبح مدينة الرياض مكاناً لمحادثات سلام بين أطراف أوروبية متحاربة لو قررت أمريكا تركها تشتعل فقد لا تنتهي قبل الدخول في حرب عالمية ثالثة. ها هي الأطراف تواصل اجتماعاتها في الرياض لإنهاء الحرب. وعلى مستوى الإقليم وبعد الدعم غير المسبوق لسوريا «الجديدة» ولبنان «المستقل»، يجتمع وزيرا الدفاع في لبنان وسوريا في جدة للتفاهم حول أمن الحدود المشتركة بين الدولتين ووقف التدخلات الخارجية. في الخرطوم العزيزة نتابع جهود المملكة المضنية لإفشاء السلام بين المتقاتلين هناك. في اليمن تستمر الجهود الإغاثية السعودية لإعانة الأشقاء في اليمن لتجاوز حالات النهب والابتزاز التي يتعرض لها الاقتصاد هناك.
داخلياً من كان يتخيل هبوط مؤشر البطالة الكلي في اقتصاد المملكة إلى ما دون ٤٪ وبهذه السرعة، أو ارتفاع عدد المعتمرين والمصلين إلى ٣ ملايين مسلم في ليلة واحدة بأمن وأمان في مكة المكرمة، أو سيطرة الإعلام السعودي المقروء والمسموع والمرئي ومنذ الثمانينات الماضية ويتطوّر كل يوم رغم ظهور المنافسة الشرسة من كل مكان للفوز ولو بحصة تافهة من هذا الاكتساح، أو إنشاء خطوط طيران جديدة ستتجاوز ترهل الخطوط السعودية التي رغم خبرتها الطويلة وقفت عاجزة لعدة عقود عن المنافسة إقليمياً، أو تشغيل أكبر وأفخم وأطول نظام مترو في العالم يتحرك آلياً، أو تنظيم السعودية لمسابقة كأس العالم لكرة القدم، أو ارتقاء عدد متابعي الرياضة السعودية إلى مئات الملايين حول العالم، أو المشاركة المذهلة للمرأة السعودية في كل المجالات، أو برامج الحفلات الغنائية الشرقية التي أصبحت تقام في قلب مدن المملكة، حيث الأداء الموسيقي العظيم لأعظم ملحني الوطن العربي من السنباطي وعبدالوهاب والموجي وسيد مكاوي وبليغ حمدي.
بإمكاني الاستمرار في استعراض ما حدث ويحدث كل يوم من إنجازات طبية وعلمية وتعليم وأعمال تطوعية وحكومة ذكية أبهرت العالم وعضوية ضمن دول العشرين لكنني سأعود إلى ما بدأت به.
اختيار المملكة طرفاً وسيطاً لمحادثات السلام بين أوكرانيا وروسيا ليس بضاعة يتم شراؤها بالمال، إنها تعبير عالمي عن الثقة في المستضيف وشرعيته الدولية قولاً وعملاً. هي تعبير دولي كبير عن احترام قيادة هذه الدولة وحياديتها. كم من دول وحكومات لديها نفس الموارد المالية والطبيعية لكنها تفتقر للمصداقية وغير موثوق بها. اختيار المملكة كأول محطة يذهب إليها القادة الجدد هو مؤشر آخر على هذه المكانة. أتى الرئيس ترمب والشرع وعون والبرهان وغيرهم سيأتون. هذا برأيي هو الرديف الأهم للنهضة الاقتصادية والبشرية التي تحدث في المملكة. في نفس الوقت هي القوة الناعمة المؤثرة التي أصبحت نتائجها وقيمتها والقدرة على تحقيق أهداف رؤيتها داخل وجدان شعوب المنطقة بل وشعوب أخرى بعيدة عنا. لسان الحال خارج الحدود يردد إذا كان السعوديون قادرين على هذه الإنجازات وهذه المكانة الدولية المرموقة بهذه السرعة ويتمتعون بهذه الثقة على مستوى العالم فلم لا نصبح مثلهم أو ننافسهم.
الذي يبعث على الطمأنينة أن ما تحدثت عنه من نهضة شاملة وبناء يجيّر لأيادٍ سعودية مخلصة تفوقت على أفضل التوقعات وسابقت الزمن الافتراضي لإنجاح مثل هذا التحول. وما يزيدنا افتخاراً أن هؤلاء الشباب والشابات حافظوا على قيمهم ومبادئهم ومارسوا طبائع الآباء والأجداد في الكرم والنخوة. بمعنى لم يتغربوا عن أصولهم، ولم ينسلخوا عن جلدتهم وثقافتهم الأصلية، ولم يتفرغوا للرد على الحاقدين والدخول معهم في جدالات تافهة ومضيعة للوقت.
كنا نسمع تعليقات موجهة لدولنا في الخليج على نحو «نهضة أسمنتية» تقال عندما يتم إبراز العمائر وناطحات السحاب كشواهد على الرقي والتنمية. اليوم في السعودية وعند جيرانها في دول الخليج العربي أصبحت القصص مثيرة ومختلفة. قصص تحتاج إلى دراسات وتوثيق يليها عشرات الأعمال الدرامية الجادة البعيدة عن المبالغة والإسفاف. تحدث البعض في الغرب واصفاً النهضة السعودية بأنها الأضخم والأهم عالمياً في العقود الستة الماضية التي تلت الحرب العالمية الثانية.
في قائمة الطموحات نحن للتو بدأنا والقادم أضخم وأكثر بريقاً.
كل عام وقيادتنا الملهمة وشعبنا الطموح بخير.
00:05 | 30-03-2025
السعودية باختصار
من بين العديد من الدول في منطقتنا، تميّزت السعودية بتحقيق نجاحات باهرة في رسم صورة واعدة لخريطة منطقة الشرق الأوسط. نتابع في كل تصريح يخرج من كبار الساسة في الإقليم بل وفي العالم ضم اسم المملكة في الحديث عن السلام ويتبع ذلك زيارات كبارهم إلينا. بمعنى آخر العالم وصل إلى قناعة راسخة أكثر من أي وقت مضى بأن رأي هذه البلاد محوري ومهم بل وضامن لأي مجهود يؤدي إلى الأمن والمستقبل الواعد للشعوب.
السعودية تحقق هذه المكانة العالية لا بسبب دعمها لمرتزقة خونة هنا وهناك بالمليارات النقدية والسلاح كما يفعل البعض لعدة عقود مضت وانهارت خلال بضعة أشهر، بل بسبب توجهها الحميد لتنمية المنطقة بدءاً في السعودية نفسها. صحيح أن للمملكة مكانة اقتصادية مكّنتها من الانضمام إلى دول العشرين. وصحيح أن قدرات المملكة العسكرية من قوات برية وجوية وبحرية كبيرة ومؤثرة، غير أن ذلك وحده لم يكن كافياً لولا ما حدث ويحدث داخل البلاد من تغيير ومؤثرات ملهمة وغير مسبوقة.
المنتمون لنهضة المملكة ملايين الشعب السعودي بأكمله. إنها تلك القوة الناعمة التي أبهرت العالم. هي هذا الانفجار الهائل في قدرات المواطن السعودي الذي استجاب بشغف لدعوة قيادته للبناء. طاقات أبهرت جيلنا الستيني نحن السعوديين قبل أن تبهر الخارج. هم من يتطوع للعمل في مركز الملك سلمان للإغاثة، وقد أصبح بلا شك من بين المراكز الإغاثية الأضخم في العالم. فوق كل ذلك هي هذا الولاء الشعبي المبهر لقيادته والتفاؤل برؤية الغد والعزم والتصميم على تحقيقها بأقصر زمن ممكن.
النموذج السعودي الذي ظهر للعالم في السنوات القليلة الماضية حمل آثاراً جانبية عظيمة تجاوزت حدود الوطن. خلال السياق الزمني الذي عاصره جيلي منذ عام النكسة ١٩٦٧ لم تعرف المنطقة وأجيالها المتعاقبة أي نموذج مشابه بزخمه وأهميته. لنبدأ بزمن الرئيس عبدالناصر، مروراً بالقذافي، ثم حافظ الأسد وصدام حسين والربيع العربي والإرهاب السني والشيعي وحسن نصر الله. كان الفشل والإفلاس هو المنتج الوحيد الذي اشتركت به تلك الأسماء الرنانة. كل ما كان شائعاً من أناشيد شعبوية وانتصارات وهمية وقنوات إعلام مأجورة لعدة عقود لم يتجاوز الخطابات الفارغة والخيانات ودماء تسيل بلا توقف. أجيال المنطقة فقدت أي بصيص للأمل في قيادات وطنية أمينة وصادقة وذات قوة وعزم وتصميم.
من هنا نقول إن المملكة شرّعت منافذ جديدة داخل الوجدان العربي وزرعت الأمل أمام شباب وشابات المنطقة عربهم وعجمهم. الجميع أصبح يردد ويفصح عن رغبته في الاقتداء بالمملكة، ويتمنى لو أن قيادتنا هي قيادتهم وملهمنا هو ملهمهم. يجب أن ندرك أيضاً أن هذا التفوق أثار حفيظة البعض ممن يسعون بلا كلل لمحاولة تخوين السعودية ونشر الأكاذيب في محاولات مستميتة لإفشال مشاريعها. رأيي في هذا السياق مع الاحترام لكل من يخالفه، أنه عندما تصبح الإنجازات بهذا الزخم وهذه الضخامة يصبح الرد على مثل هذه التفاهات مضيعة وقت لا أكثر.
أثبتت المملكة ودول الخليج العربي أن بناء الدول يتطلب التخطيط والمتابعة واختيار الاكفأ وإبعاد المتقاعس دون مجاملات. أثبتت أن الفساد المالي والإداري لا مكان له في ساحات البناء، وأن الإبقاء عليه يهدد بسقوط الهيكل بأكمله، ولهذا واجهته بكل قوة. أثبتت أن مشاركة جميع فئات المجتمع لبناء الإنسان والوطن ضرورة وليست ترفاً، وأن هذه المشاركة أخرست في خضم العاصفة التنموية كل أصوات النشاز من الموتورين المؤدلجين. أخيراً وليس آخراً أثبتت السعودية عبر العديد من مواقفها أنها عصية على الابتزاز والتهديد حتى لو أتى من أقوى دول العالم، وأن مواقفها ترتكز على المبادئ الراسخة التي تؤمن بها وتتناسب مع مكانتها العالمية ومسؤولياتها وهذا ما أكسبها احترام الخصوم قبل الأصدقاء.
ما يحدث في المملكة وجيرانها في الخليج ليس بسبب وجود جينات مختلفة لدى شعوبها ولا قدرات عجيبة خارقة، إنه فقط الشعور الحقيقي بالمواطنة والانتماء للأرض والدفاع عن مكتسبات الأوطان. أتساءل بكل أمل وأسف هل من لازال ينتمي للمليشيات في بعض دول المنطقة والتي نعرفها ونعرف من يقف خلفها وقد أصبحت قلة ولله الحمد، يقرأ ويستوعب ويستيقظ من الأحلام والأوهام والخرافات ويعود تائباً عن الخيانة ويقطع التعامل مع من يوظفه لتدمير مكتسبات بلاده. الموضوع ببساطة إعادة تموضع وترتيب مختلف تتصدره الأولويات الحميدة النافعة وفي طليعتها المصالح العامة ومستقبل الأجيال. هذه الأجيال التي لن تسمح، ولن تتناسى من كان السبب في دمار بلادها وإضعافها وتخلفها رغم توفر القدرات الشابة الطموحة والموارد الطبيعية الهائلة.
00:25 | 27-01-2025
هل يفعلها أحمد الشرع؟
يتحدث الكثير من المحللين عن ضرورة استفادة «هيئة تحرير الشام» من تجارب «الربيع العربي» المدمرة في ليبيا واليمن ومن تجربة قفز العراق المبكر نحو الديموقراطية الغربية وتجنب الذهاب لنتائج هذه المغامرات في سوريا الجديدة. ما يدعو للتفاؤل رؤية رئيس الهيئة أحمد الشرع التي صرح بها في أكثر من مقابلة مع وسائل الإعلام والتي أشار من خلالها إلى أولوياته المتمثلة في وحدة الأراضي السورية كأهمية قصوى وبناء دولة مدنية حديثة متعددة الأعراق والأديان تهدف إلى الاستفادة من ثروات سوريا الزراعية والنفطية والبشرية.
إن الوصول إلى هذه الأهداف السامية وبالسرعة الممكنة يتطلب خلق الأجواء والظروف المناسبة وفي مقدمتها السلام مع دول الجوار ومع العالم. في منطقتنا مفردة السلام وإن كانت هي الأكثر شيوعاً بين المنظرين لكنها الأقل تطبيقاً على أرض الواقع. سبب ذلك انتشار وتنوع تجار الحروب ممن يمارس شعارات «المقاومة» والتحرير. أقصد تحديداً من يتغنون بضرورة مواجهة إسرائيل وتحرير فلسطين، رغم أن العرب في مواجهاتهم مع إسرائيل منذ عام النكسة ١٩٤٨ خسروا أكثر مما استفادوا ولم يتحقق لهم شيء مقارنة بما تحقق من معاهدات السلام. المؤسف أيضاً أن سوريا حافظ الأسد لم تلحق بمصر السادات عندما استعاد سيناء عبر اتفاقيات السلام في كامب ديفيد. كان بإمكان الأسد آنذاك استعادة الجولان لو لم يغير رأيه في اللحظات الأخيرة.
قوة سوريا التفاوضية حالياً تكمن في حدودها الإستراتيجية المتمثلة في مرتفعات الجولان وأهمية هدوء هذه الجبهة بالنسبة لإسرائيل. نتساءل هنا لماذا لا تسعى الحكومة الجديدة وعبر طرف ثالث لعلاقات سلام مع إسرائيل مقابل خروج الأخيرة من الجولان أو من معظم مساحاته؟ من حيث المبدأ بإمكان القيادة السورية الاقتداء بمن دعمها لتحرير الدولة وأقصد تركيا التي تقيم علاقات متكاملة مع إسرائيل ويتبادل الطرفان كافة أنواع التبادل التجاري والصناعي.
لا أعلم إن كان هذا التوجه وارداً لدى القيادة السورية الجديدة، غير أن هذا الطريق قد يمثل إصابة عشرات العصافير بحجر واحد. أهم ما يمكن تحقيقه لسوريا هو الدعم العالمي لها سياسياً واقتصادياً ومنحها الشرعية اللازمة من مجلس الأمن. سوريا أيضاً بحاجة لإعادة تنظيم قواها الأمنية والعسكرية وسيتطلب ذلك دعماً مالياً ولوجستياً من الأشقاء ومن دول العالم. المحور الآخر هو قطع الطريق على المزايدين والمتاجرين بالقضية الفلسطينية. الأهم من كل ذلك التفرغ لبناء سوريا الغد التي يستحقها هذا الجيل من أبناء وبنات وشيوخ وأطفال سوريا بعد نصف قرن من فساد الحكومة والقتل والتنكيل والإجرام. ما يقال عن سوريا يمكن أن يقال عن لبنان والعراق لو توفرت الإرادة. لبنان تحديداً بما يتوفر به من طبيعة ساحرة وتعايش لا مثيل له عربياً بين مختلف الأعراق والمذاهب، لا بد أن ينأى بنفسه عن الحروب والمواجهات وأن يعود قبلة جميلة للسياحة والاستثمارات، ليتحقق ذلك لا بد من إغلاق جبهة الجنوب إلى الأبد من خلال تصالح وتطبيع مع إسرائيل.
نقول ذلك لأن إسرائيل باقية إلى أجل غير مسمى كما هو واضح. إقامة العلاقات مع الأعداء لا تعني بالضرورة زواجاً كاثوليكياً وصمتاً مطبقاً عن التجاوزات. نحن نشاهد مواقف الدول العربية الموقعة معاهدات سلام مع إسرائيل ضد الانتهاكات الإسرائيلية والكثير من هذه المواقف مؤثراً. ثم إن السلام يخلق بيئة استثمارات متبادلة بين الدول وقطاعاتها الاقتصادية ومن شأن ذلك تشكل مراكز دعم داخل إسرائيل قادرة على كبح جماح المتطرفين في الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة ومثل هذا الدعم لا يتوفر مع القطيعة الكاملة.
دول الشام وشعوبها ولأكثر من نصف قرن عانت من الشقاء والبؤس والحيرة وضبابية المستقبل. استغل «البعض» ضعف وتهالك قياداتها التي وضعت الخيانة دستورها. باع هذا «البعض» واشترى الذمم ولم يتردد في سفك الدماء البريئة. هذه الدول وشعوبها بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى التقاط الأنفاس وبناء كيانات جديدة «مختلفة تماماً» عن كل ما مضى. كيانات توفر الحياة الكريمة لأصحاب الأرض وترعى المبدعين وتزرع الفرح وتنافس على الجودة وتغلق الأبواب ضد الطامعين. مع أشقائها في الخليج وشمال أفريقيا سنلحظ عندئذٍ مولد «أوروبا جديدة» في منطقتنا. ألا يستحق تحقيق مثل هذا الحلم كل التضحيات ونسف العوائق البالية والخرافات الأخرى التي عفا عليها الزمن؟
23:50 | 20-12-2024
العرب بين العاطفة والشماتة..!
لا أعتقد أن هناك عربياً واحداً وجد مساحة للشماتة بجيوش مصر والأردن وسورية في أعقاب نكسة 67 كما نلاحظه اليوم في النتائج الكارثية لهجوم «حماس» على إسرائيل في 7 أكتوبر من العام الماضي. السبب واضح، إذ لم يوجد طرف ثالث في عام النكسة، فالقرار كان عربياً 100%.
في موضوع 7 أكتوبر لم يكن المشهد كذلك بسبب وجود أطراف أخرى غريبة ومشكوك في نواياها. طبيعي هنا تختلف الأمور عند العرب لأن لدى الأطراف الأخرى أهدافاً مختلفة تماماً، فضلاً عن أنها غير مستعدة أصلاً للمشاركة بالحرب ضد إسرائيل، وقد صرّحت بذلك بعد دمار غزة وليس قبله.
العرب الذين يصدقون ادعاءات تلك الأطراف وشعاراتهم عن تحرير القدس إما أنهم سذّج مساكين وبسطاء أو خونة، ولا يوجد تصنيف ثالث.
قد نفهم اندفاع البعض نحو أصحاب الشعارات البراقة قبل عقود من الزمن لكن الأحداث التي وقعت في المنطقة، خصوصاً سلسلة الاغتيالات داخل لبنان بواسطة «حزب الله» وقتله للملايين من الشعب السوري الشقيق، وتشريد الملايين ودعمهم لمليشيا الحوثي ضد المملكة ودول الخليج، يفترض أن توقظهم من السبات. لا ننسى في هذا السياق أن المملكة صنّفت هذا الحزب ضمن الجماعات الإرهابية المحظورة.
ملاحظات الشماتة بل والفرح بتصفية حسن نصرالله على سبيل المثال، خرجت في أبرز صورها لدى السوريين. ليس وقوفاً مع إسرائيل بالطبع، بل لأن الحزب عاث فساداً في سورية ومثّل في ضحاياها من شيوخ وأطفال ونساء. يمكن أن يقال ولو بدرجة أقل إن شعوب دول الخليج لا تختلف كثيراً من حيث سعادتها بهلاك أمين هذا الحزب بسبب إدارته للمليشيات في اليمن. هذا فضلاً عن ما سمعناه من مقاطع ظهرت للعلن مؤخراً توضح قياديين من الحزب وهم يتحدثون عن عدائهم الصريح للمملكة تحديداً.
المأخذ على حماس والذي أغضب معظم العرب، تمثل في توقيت وطبيعة هجوم 7 أكتوبر واحتجازها لمئات الرهائن، فضلاً عن قتل عدد كبير من الإسرائيليين. عمل جريء ومتهور كهذا لا يمكن أن يمر دون رد فعل كبير من إسرائيل. كيف لم تدرك حماس أن مثل هذا الرد المدمر آت. أقصد قتل عشرات الآلاف من الأبرياء وتدمير شبه كامل للقطاع برمته. ما الذي كان يتصوره قادة حماس مختلفاً من حكومة إسرائيلية يمينية متطرفة بعد تنفيذ تلك العملية؟
في الشمال بادر حزب الله، حفظاً لماء الوجه، بدعم حماس رمزياً وذلك بإطلاق عدة مقذوفات خجولة نحو إسرائيل ظناً منه بأن إسرائيل لن تكترث كثيراً، وقد أخطأ هو الآخر. ها نحن نشاهد جنوب لبنان يتجه لمآلات قطاع غزة، فضلاً عن الدمار الذي لحق بالضاحية الجنوبية لبيروت دون المشاركة برصاصة واحدة للدفاع عن الحزب ممن وظفوه سابقاً لقتل الشعب السوري.
أعود وأذكر بأن المواجهة الحالية بين العرب وإسرائيل مختلفة. كما أشرت، من يصدّق المواقف الكلامية والشعارات من أطراف خارج النزاع إما ساذج مغفل أو خائن. كون حماس تنتمي لجماعة «الإخوان المسلمين»، المصنفة ضمن الجماعات الإرهابية، والمشهورة بالغباء وقصر النظر، فإن أقرب الاحتمالات أن قيادة حماس ربما ليست خائنة بل غبية تفتقر قراراتها لأي بعد استراتيجي. أما حزب الله فالخيانة تسري في عروقه. إضافة لجرائمه المروعة في سورية وانفجار مرفأ بيروت، نتذكر وعلى مدى عدة عقود سلسلة الاغتيالات التي أقدم عليها الحزب وراح ضحيتها عدد من رموز لبنان من رئيس وزراء وأعضاء برلمان وإعلاميين وكل من تجرأ بفضحهم ولو بكلمة.
من هنا، فإن الغالب الأعم من العرب انقسموا في ردود الأفعال. في موضوع غزة هم غاضبون على عملية 7 أكتوبر وعجز حماس عن توفير أي غطاء يحمي حياة الأبرياء. في لبنان وعلى الرغم من قتل الكثير من الأبرياء، هم شامتون وفرحون بالدمار الذي يلحق بحزب الله الخائن لحاضنته دولة لبنان ورموزها والمجرم بحق سورية واليمن والعراق.
00:03 | 23-10-2024
دوري روشن.. ما الذي تحقق؟
في منتصف الدوري السعودي المنصرم تفاجأ الجمهور الرياضي بانضمام كرستيانو رونالدو اللاعب الأشهر عالمياً إلى دوري روشن وتحديداً في فريق النصر السعودي. أعقب ذلك استقطاب عدد من نجوم العالم يتقدمهم: كريم بنزيما، ورياض محرز، وساديو ماني، وغيرهم. أما الدولي نيمار فقد أتى متأخراً وانضم لنادي الهلال. تزامن كل ذلك مع إعلان صندوق الاستثمارات العامة السعودي عن تملكه لأربعة أندية سعودية بواقع ٧٥% من الأصول والممتلكات لكل نادٍ.
دخول الصندوق السيادي للرياضة بهذا الزخم لم يكن بسبب ميول القائمين عليه للأندية الأربعة الأكثر جماهيرية، بل أتى بإرادة عليا لتضخيم الرياضة كقوة سعودية ناعمة تبحر في الدوري السعودي و«المملكة العربية السعودية» تحديداً إلى آفاق عالمية جديدة. وبالفعل وبسبب تواجد هذا العدد من نجوم العالم بدأت القنوات الأجنبية بطلب حقوق البث لمباريات دوري روشن ووصل عددها عالمياً إلى ما يزيد على ١٣٠ محطة مع توفر التعليق باللغات الأجنبية. تحدث رونالدو عند نهاية الموسم الماضي تحديداً بإعجاب كبير عن المملكة. كما تناول الدوري السعودي إيجاباً وتنبأ بأنه دوري يستحق أن يصبح ضمن أقوى عشر بطولات وطنية عالمية، بجانب العقود المالية المعتبرة، هذا الحديث من اللاعب الأشهر عالمياً شجع بقية نجوم العالم للتواجد في المملكة.
ما الذي حدث بعد ذلك؟ دوري روشن لهذا العام ٢٠٢٤ يقترب من انتهائه ولم يتبقَ إلا جولتان لن تغير في ترتيب البطل والوصيف والمركز الثالث. التساؤلات المهمة هذا اليوم هل ما تحقق حتى انتهاء هذا الموسم يلبي التطلعات؟ هل تم بالذكاء المطلوب استثمار الانتشار العالمي لدوري روشن لدعم قوة المملكة الناعمة بأفضل ما يمكن؟ بعد عشرات الجولات ما الذي اطّلع عليه جمهور أوروبا والأمريكيتين وآسيا وأستراليا وأفريقيا عن المملكة غير الملعب الذي تقام عليه المباراة؟ كيف لم نستثمر خلال أكثر من ساعة بث عالمي لكل لقاء، عرض مشاهد ولمحات منتقاة وخاطفة ومؤثرة لجمال مدننا ومجتمعنا وبيئتنا التي نفتخر بها؟
السؤال الأكثر إلحاحاً هل كان القائمون على الدوري من اتحاد ولجان متعددة المهام مدركين للأهداف الكبرى وراء هذه النقلة النوعية الهائلة، ومستعدين للتعامل مع أدق تفاصيلها؟
إعلامياً، الذي لاحظناه قبل عام ونصف ظهور شركة نقل تلفزيوني جديدة تابعة لوزارة الرياضة حملت الرمز SSC لكنها فشلت مع الأسف فنياً في النقل وتكرر انقطاع البث فتم الطلب من مجموعة MBC دعم هذه الشركة الوليدة. من الناحية الأخرى النقل نفسه، وأقصد التصوير والإعادات، أُسند إلى «الشركة العالمية»، وهي شركة قطاع خاص معروفة تم التعاقد معها من الباطن. وجود تقنية الـ VAR هي الأخرى تم بتعاقد من الباطن أيضاً. أتساءل هنا ما الغرض إذاً من تأسيس SSC وماذا أضافت؟
في السياق نفسه يتساءل المرء لماذا تم تغييب التلفزيون السعودي ولديه إعلام رياضي وتجارب سابقة في النقل؟ لماذا تتدخل وزارة الرياضة بالنقل التلفزيوني وهو نشاط مختلف ويتطلب تجارب وخبرات لا توجد في الوزارة أصلاً؟ المعروف عالمياً أن النقل تتنافس عليه محطات تلفزيونية رياضية متخصصة يتم تحليل عطاءاتها ثم اختيار الفائز منها والتوقيع معها بواسطة الاتحادات بالشروط واللوائح المناسبة. هذا الارتباك حرمنا من تواجد قنوات رياضية عالمية معتبرة مثل ESPN و SKY و FOX SPORT وغيرها، حيث كان بالإمكان أن تتحالف مع أي محطة سعودية.
محلياً كيف استقبل النقاد في البرامج الرياضية وبعض لجان كرة القدم المتنوعة هذه الخطوات الكبرى؟ هل تم تغليب المشروع الكبير على المناكفات المملة والميول؟ هل تم الجلوس مع الأندية واللاعبين لشرح الأهداف بعيدة المدى وراء هذا الاستقطاب غير المسبوق؟
ثم ما السر وراء الغياب الجماهيري مؤخراً عن الملاعب وبشكل مقلق لا يتناسب إطلاقاً مع الطموح؟ ماذا قدمنا من حوافز لتشجع الجماهير على الحضور للملاعب؟ هل تأثر الجمهور بالحالات الجدلية التي صاحبت العديد من المباريات وأصابه بسببها الغثيان؟ من بين هذه الأسباب وأخرى، هل كانت أسعار التذاكر مناسبة؟
انضباطياً هل تعاملنا بحزم ويقظة مع المخالفات وحالات الاستفزاز «الشوارعية» في أدواتها وأساليبها من بعض اللاعبين وجماهير بعض الأندية ضد نجوم العالم، والتي تخللت بعض اللقاءات؟ هل قامت تكنولوجيا الـ VAR بدورها المهني وبالأمانة المطلوبة لضبط ورصد ما يقع من تجاوزات بعيدة جداً عن روح التنافس الرياضي المقبول بل وقد تؤثر سلباً على سمعة الوطن والمواطنين؟
أما التعليق الرياضي وافتقاد التحليل المصاحب لما يحدث أثناء اللعب فقد غاب تماماً، حتى المعلق نفسه ولأسباب غامضة لا يتجرأ بإبداء رأيه عند إعادة اللقطات. بعبارة أخرى التعليق الذي بدأ من مدرسة الأبيض والأسود والإذاعة قبل أكثر من ٧٠ عاماً لم يتغير إلا بإدخال الكثير من الحماس المبالغ به والضجيج المزعج جداً. أتحدث عن التعليق باللغة العربية، فقط أما باللغة الأجنبية فمختلف وصريح وواضح وعادل في تحليله لما يراه. الواقع أن المشاهد أصبح أكثر إدراكاً وثقافة لمعرفة الأخطاء وهذا يفترض أن ينقل التعليق العربي إلى مستويات متطورة تضيف قيمة لما يراه المشاهد بدلاً من اختيار خفض الصوت بواسطة نفس المشاهد.
المؤسف ومع غياب التغطية الحية الناضجة فنياً، أن برامج الرياضة لدينا استثمرت هذا الفراغ بإدراج فقرات أسموها «الحالات التحكيمية»، يتم من خلال هذه البرامج أو «الجلسات» على الأرائك استضافة حكام سابقين لشرح الأخطاء وتزكيتها أو رفضها. هنا يلاحظ المتابع عدم القدرة الواضحة على إخفاء ميول البرنامج نفسه لنادٍ هنا أو هناك إلى حد استغفال المتابع في كثير من الأحيان، مما رفع من مستوى الاحتقان والملل لدى الجماهير.
الكثيرون يطرحون هذه التساؤلات وغيرها، هل نستغل الوقت ونفتح مساراً جديداً للموسم القادم متميزاً عن أفضل الموجود في منطقتنا لنخلق إبداعاً غير مسبوق؟ لمَ لا ونحن نشاهد برامج وأنشطة هيئة الترفيه مثلاً، والتي بدأت من الصفر قد أبهرت العالم بمنتجاتها وبرامجها وتميّزها عن من سبقوها دون أن تحتاج لتأسيس شركة ناقلة، وكذا الكثير من المبادرات الكبيرة الأخرى التي تعيشها بلادنا.
مع تقديري لجهود القائمين على هذا النشاط وتغليب حسن الظن في كل ما يتخذونه من اجتهادات وإجراءات، لا يجب أن نرضى بالمستوى الأدنى بما يتعلق بممارسة هذه اللعبة الجماهيرية تنظيماً ونقلاً وتحكيمياً وتعليقاً. توفر الإمكانيات والدعم غير المسبوق الذي يتوفر حالياً «يفترض» أن يضعنا مع قليل من الابتكار والإبداع في مراكز الريادة. الحديث عن الفشل والقصور بصراحة ووضوح عبر المؤتمرات الصحفية الدورية بلا مجاملات وهو ما لم يحدث بانتظام، يعتبر الطريق الأسرع لتفاديها مستقبلاً.
لدينا استضافات واستحقاقات كروية كبرى خلال السنوات القادمة وواجبنا من اليوم التخطيط والاستعداد لإظهارها مختلفة ومتقدمة لكل سابقاتها حول العالم. هذا أقل ما يستحقه جمهور الكرة السعودية ومتابعو الدوري السعودي حول العالم ونحن مع الإرادة والعزم، قادرون على ذلك وأكثر بحول الله.
00:05 | 20-05-2024
ماذا نعرف عن المتميزين في المملكة؟
هل نعرف ما أفضل بلدية فرعية في المملكة من حيث الأداء والصيانة والمحافظة على البيئة والإقلال من التشوه البصري؟
هل نعرف ما أفضل مدرسة ثانوية في المملكة من حيث التحصيل العلمي وتفوق الطلاب؟
الأسئلة نفسها عن أفضل منشأة تجارية صغيرة، بل ربما أفضل 50 منشأة صغيرة في المملكة. عن أفضل المقرات الصحية التابعة للوزارة. عن أفضل 100 موظف وموظفة في القطاع الخاص. عن الإعلان عن بطولة دوري الجامعات والثانويات لكرة القدم، ما المدارس والجامعات الفائزة؟
مع كل ما نعيشه هذه الأعوام من نمو مذهل في كل شيء داخل هذه الدولة الرائدة، نفتقد وقفة متميزة لإبراز المتفوقين. لا توجد مناسبة سنوية لائقة لتسليمهم ما قد نطلق عليها مثلاً «جائزة الملك للتفوق» أو «جائزة الدولة للمتفوقين». غياب الرصد والتحفيز والأهم من ذلك إبراز الأفضل طمعاً بشحذ الهمم والتنافس على الجودة لم نبدأ به بعد رغم الحراك الكبير وتعدد الأنشطة. من الطبيعي أن تحمل هذه الجائزة، لو بدأنا بتفعيلها، الكثير من المنافع للفائزين وستدفع بأنشطة القطاع كاملاً لخوض التنافس في الدورات التالية.
أما كيف يتم الاحتفال؟، ومتى؟، وأين؟ فهذا لب الموضوع. برأيي ليس أفضل من توقيته مع المناسبات الكبيرة. مثلاً نهائي كأس الملك لكرة القدم الذي يتم برعاية كريمة خير اختيار. فترة ما بين الشوطين تمثل فرصة هائلة مع النقل التلفزيوني العالمي، للإعلان عن قوائم الفائزين وتسليمهم الدروع التذكارية. لا ضرورة لعودة النقل التلفزيوني إلى تحليل الاستوديو لمجريات الشوط الأول. فترة الربع ساعة التي يتلقفها الملايين داخل وخارج الوطن يفترض أن يتم توظيفها لأهداف أكبر واضخم عن الوطن.
أعرف أن هناك عدداً من البرامج لإبراز المتمكنين في قطاعات مختلفة، لكنها في الغالب مجرد إعلانات بسيطة لا يتم تسليط الضوء عليها، فضلاً عن أن جوائزها لا ترتقي لجائزة دولة أو جائزة ملكية تحتاج مناسبة تليق بعنوانها.
ما دفعني لكتابة هذا الموضوع زيارة قمت بها لـ «المركز السعودي للأعمال» في منطقة واجهة الرياض. شاهدت صالة استقبال تجمع الجهات الحكومية تحت سقف واحد، وتعمل كخلية النحل ما بين متقدمين لفتح أعمال تجارية جديدة من داخل المملكة وخارجها، يستقبلهم شباب وشابات سعوديون ينهون طلباتهم في دقائق. لا وجود للملف الأخضر أو تصادم المراجعين وتزاحمهم وبحثهم عن الواسطات. كل ما شاهدته يعتمد على الانضباط والتقنية ومطابقة الشروط واللوائح بأقل قدر ممكن من الأوراق المنقولة. إحصائيات وبيانات دقيقة في ذاكرة كمبيوتر واحدة.
عندما نعمل بهذا الضبط والتدقيق والسهولة في ممارسة العمل التجاري فأقل ما يمكن فعله هو التحفيز لما بعد الحصول على الأذونات وممارسة النشاط فعلياً. المنافسة مع هذا الكم من الأنشطة تصبح ضرورية للتفوق والإبداع. وما دام الحديث عن التحفيز كمبادرة مهمة، فما المانع من ضم الفئات الأخرى التي أشرت لها في مطلع هذا المقال؟
00:05 | 28-02-2024
هل وجود العلاقات مع «العدو» أفضل ؟
متى وكيف يصبح السلام مع أي «عدو» مفيداً أو أقل ضرراً وبالتأكيد أقل كلفة عسكرياً وبشرياً. دعونا نتناول موضوع منطقتنا وتحديداً العرب ضد إسرائيل. في تاريخنا مررنا بأكثر من سبعة عقود تخللتها حروب مدمرة واتفاقيات سلام قصيرة العمر بسبب انعدام الثقة بين الأطراف وغياب أي أوراق تفاوضية معتبرة. المشهد المستمر هو المواجهة واحدة بعد أخرى دون أن يتحقق للعرب أي انتصار يذكر على الأرض إذا استثنينا حرب ٧٣ التي وضعت مصر في مركز تفاوضي قوي مع وجود قائد مصري جريء (أنور السادات - رحمه الله). ذلك القائد تمكّن في النهاية من إعادة أراضيه كاملة غير منقوصة عبر المفاوضات. (كان بإمكان حافظ الأسد فعل ذلك لكنه تردد في اللحظات الأخيرة وترك الجولان لإسرائيل حتى اليوم).
حالياً تكمن قوة العرب في اقتصادها، وأقصد بذلك تحديداً ارتفاع عدد المستهلكين العرب مقروناً بقوة المستهلك الشرائية. إضافة بالطبع لبعض التعاقدات الحكومية مع الشركات الأجنبية. هذه ميزات يسيل لها لعاب أي دولة صناعية متقدمة وقادرة على التنافس. في المقابل إسرائيل لديها صناعات وتتقدم تكنولوجياً ولديها منتجات زراعية لكنها لا تصدّر لنا ولا تستفيد من أسواقنا. لذلك فعندما تقوم إسرائيل بحرب أو هجوم في أي وقت فليس لديها ما تخسره معنا. من المفيد إذاً أن نتساءل كعرب ومسلمين عموماً، طالما أن إسرائيل موجودة، كيف يمكن أن نقلل من الفارق العسكري بيننا وبينهم بواسطة الاقتصاد. كيف للمؤتمرات العربية والإسلامية أن تتخذ أي عقوبات واقعية ضد إسرائيل بخلاف التنديد والشجب؟
توظيف الأدوات الاقتصادية بين الدول والكيانات يعتبر بالغ الأهمية. هل ننسى ماذا فعلت المقاطعة السعودية لمنتجات إحدى الدول في منطقتنا؟ أتحدث عن المنتجات الاستهلاكية وشركات البناء والتشييد والخدمات في تلك الدولة؟ تحول المتضررون من المقاطعة إلى تكتلات سياسية تضغط على حكومتهم بضرورة إزالة أسباب المقاطعة بعد أن هبطت مؤشرات التبادل التجاري إلى الحضيض. النتيجة بعد ذلك استعجال تلك الحكومة لإزالة الأسباب، وعاد بالتالي التبادل التجاري إلى مستوياته السابقة دون أن يمس العلاقات الرسمية أي إجراء.
بل دعونا نكبّر عدسة المنظار ونستعرض الصين والولايات المتحدة. الخصومة واضحة بين القطبين لكن العلاقات والتطبيع والتجارة بين الدولتين قائمة. هل سمعتم يوماً من أي مسؤول أمريكي أو صيني مطالبة بقطع العلاقات؟ المواجهة الوحيدة بين الصين وأمريكا عندما يضطر فريق لاتخاذ موقف ما، تنحصر دائماً في العقوبات الاقتصادية ورفع الرسوم ومعظمها من طرف واحد وهو الطرف الأمريكي. السبب بالطبع هو قوة السوق الأمريكية الشرائية للمنتجات الصينية.
إذاً فنحن اخترنا أن لا نفعّل ذلك منذ وجود إسرائيل في العام ١٩٤٨، مروراً بمؤتمر اللاءات الثلاث في الخرطوم، اخترنا أن لا نخلق داخل إسرائيل قوى من فئة التجار والمصنعين والمزارعين التي قد تشكّل ضغطاً على حكومات إسرائيل المتعاقبة حفاظاً على مكتسباتها هي كما فعل التجار والمزارعون الأتراك مع حكومتهم مع اشتداد تداعيات المقاطعة. هذا الخيار بالطبع لا ينفع إلا مع وجود الدول العربية الغنية ذات الاستهلاك الضخم والقوة الشرائية العالية للمنتجات والخدمات.
صحيح أن لدى إسرائيل علاقات وتطبيعاً مع عدد من الدول العربية لكنها لم تثمر عن نمو مالي في ميزان التبادل التجاري إلى الحد اللازم، وذلك ربما لضعف القوى الشرائية ذاتها. غير أن أسواق وإمكانات دول الخليج والسعودية تحديداً مختلفة. كما أن دول العالم الإسلامي الكبرى (ماليزيا وإندونيسيا وغيرهما) التي قد تفتح مع إسرائيل علاقات وتبادلاً تجارياً أكبر مما قد يكون موجوداً اليوم، ستضخم من هذه القوة.
أقول هذا الرأي لأن إزالة إسرائيل من المنطقة تكاد تكون مستحيلة في هذا الوقت بالنظر إلى من يدعمها بكل قوة. مثل هذا المسار بين العرب والمسلمين من جهة وإسرائيل قد يشكّل مساراً مختلفاً عن العقود الدموية الماضية وقد يحقق للمنطقة نمواً لم تعرفه منذ مئات السنين. النمو البشري (ارتفاع دخل الفرد) والاقتصادي (نمو الصادرات والواردات) كما نعلم يعني وجود مكتسبات على الأرض ذات قيمة مؤثرة يجب المحافظة عليها وتجنب المغامرات التي قد تؤدي لزوالها. بل قد يحقق مكاسب غير متوقعة للشعب الفلسطيني نفسه وهو الضحية دائماً لهذه العنتريات والمغامرات غير محسوبة النتائج، تلك التي تحرض عليها وتدعمها أطراف لا تكن بالضرورة إلى القضية أي ود رغم الشعارات. يكفينا قناعة بهذا القول إنها (الأطراف تلك) أسهمت بقتل وتشريد الملايين من أبناء الشعب العربي السوري.
السلام وإقامة العلاقات في النهاية ليس زواجاً كاثوليكياً، وما أكثر مناسبات قطع العلاقات بين الدول لسبب أو لآخر عندما يصبح ذلك أمراً ضرورياً للغاية. المهم هنا هو أن نستشعر مكامن قوتنا ونضخمها ونوظفها لخدمة قضايانا بعيداً عن البنادق والتفجير والمغامرات الخاسرة والمؤلمة كما نشاهده اليوم في غزه، ولو لمرة واحدة وننتظر ونرى لعلنا نرى الأمور بمنظار مختلف. لعلنا نغلق المنافذ في وجه المستفيدين من هذه الدماء البريئة الغالية ونخلق بيئة مختلفة ونحقق ما عجز عنه أصحاب الشعارات والأجندات المدمرة. في النهاية ماذا لدينا لنخسره لو منحنا مثل هذه المسارات فرصة التجربة؟
00:02 | 12-01-2024
إحياء إنجازات رياض في «الرياض»
هيئة الترفيه السعودية تجاوزت مجرد الترفيه إلى التوثيق والإبداع وإغناء المكتبة السمعية والمرئية بمناسبات فنية ضخمة بكل المقاييس. فضلاً عما تقدمه وزارة الثقافة أيضاً، وهو الآخر أكثر من رائع، ولعلنا نتناول تفاصيله لاحقاً. المملكة أخذت زمام المبادرة في تكريم وتأصيل أروع الألحان لأعظم الفنانين العرب وفي طليعتهم بالطبع أم كلثوم وعبدالحليم وطلال وأبو بكر سالم ووردة وفريد وفيروز ونجاة رحمهم الله جميعاً، وتحولت تسجيلات هذه المناسبات إلى أرشيف كبير وممتع لأهل الثقافة والفن العربي والعالمي.
ليلة الموجي قبل شهرين لم تكن مجرد حفلة غنائية مع فرقة موسيقية ومختارات معينة من ألحانه. كانت حدثاً عظيماً لم يخطر على البال. الفرقة الموسيقية لوحدها كانت رواية رائعة. اختيار الألحان وأداء الفنانين أروع. وبما أن الموجي من مصر الشقيقة فالفرقة وقائدها وليد فايد مصريون بل أساتذة للعزف في مصر كل في تخصصه. حقيقة لم أشاهد مثل ذلك الانضباط والإتقان في أي فرقة موسيقية بهذا الحجم. غردت حينها معلقاً: إذا هذه ليلة الموجي فكيف ستكون ليلة بليغ حمدي؟ لم أكن أعلم حينها أن ليلة بليغ حمدي يخطط لها وستأتي.
وقد أتت فعلاً قبل أسبوعين وما كان مؤسفاً على المستوى الشخصي أنني كنت خارج البلاد، ولم ألبِّ دعوة تلقيتها من أحد الأصدقاء الأعزاء لحضور تلك الأمسية الأجمل والأروع لكنوز بليغ حمدي.
الخميس سيتم رفع الستار عن ليلة العملاق رياض السنباطي، وهذه بالطبع مختلفة. ذلك أن السنباطي -رحمه الله- كان متخصصاً وعظيماً في تلحين قصائد الشعر العمودي للراحلة العظيمة أم كلثوم. رغم الخلاف العارض المؤقت بينهما لفترة توقف قصيرة، فقد أبدع هذا العبقري الكبير قبل التوقف وبعده في تطويع بعض القصائد العظيمة لحناً. إبداع السنباطي وأداء «الست» أصبح في وجدان عقول العرب من شرقهم لغربهم منذ أربعينات القرن الماضي إلى اليوم. هل يتصور أحد منا وجود ملحن في هذا الزمان، أو حتى مستقبلاً، قادر على صياغة موسيقية ممتعة لأبيات كهذه..
سلوا كؤوس الطلا هل لامست فاها
واستخبروا الراح هل مست ثناياها
وأنا احتسي مدامع قلبي
حين لم تلقني لتسأل ما بي
لا تشغل البال بماضي الزمان
ولا بآت العيش قبل الأوان
أغار من نسمة الجنوب
على محياك يا حبيبي
وأحسد الشمس في ضحاها
وأحسد الشمس في الغروب
كأني طاف بي ركب الليالي
يحدث عنك في الدنيا وعني
وما أنا بالمصدق فيك قولا
ولكني شقيت بحسن ظني
ويُسأل فى الحوادث ذو صواب
فهل ترك الجمال له صوابا
يقظة طاحت بأحلام الكرى
وتولى الليل والليل صديق
وإذا النور نذيرٌ طالعٌ
وإذا الفجر مطلٌ كالحريق
العودة بهذه القوة لكلمات وألحان كهذه ليستمع ويستمتع بها جيل اليوم تعتبر نوعاً من المغامرات الكبيرة لولا الحرص التام وتسخير كل الجهود لإظهارها كما ظهرت سابقتيها. يضاف بالطبع لهذه المعزوفات الخالدة (يا ظالمني) و(الحب كده) و(لسه فاكر) و(أراك عصي الدمع) و(أروح لمين).. إلى بقية قائمة تلك الدرر الماسية.
لا أملك إلا تسجيل الشكر للقائمين على هيئة الترفيه من هرمها إلى أصغر المسؤولين. كأي متابع سعودي للفن الأصيل، أشعر حقيقة بالفخر بوجود مبادرات وابتكارات خلاقة بهذا الحجم. من كان يتصور أن نقوم بإنتاج هذه التحف الفنية الراقية ونعيد نشرها بأفضل جودة هندسية وفنية في مسرح من قلب الرياض وليس القاهرة أو بيروت أو دبي، قبل ست سنوات فقط.
00:04 | 29-11-2023
انتحارية «حماس»
دعونا نستعرض على عجالة أجواء المنطقة قبل السابع من أكتوبر هذا العام. برز في السنوات الخمس الأخيرة شعار جديد سرق الأضواء تقوده المملكة العربية السعودية تحت عنوان التنمية أولاً ليس داخل السعودية فقط، بل على مستوى المنطقة بما أصبح يعرف بـ «أوروبا جديدة» عماده بناء الإنسان وحثه على الإبداع والابتكار. ظهور هذا التوجه غير المسبوق في منطقتنا بعد عقود من الفشل السياسي والعسكري، ومع ردود الأفعال الإيجابية العارمة لدى فئة الشباب تحديداً، تسبب في اضمحلال شعارات القومية والممانعة والإسلامويات الفارغة التي ترددها بعض الأنظمة والمليشيات التي تسيدت المشهد لأكثر من نصف قرن. أصبح هذا المشروع وكل كلمة تخرج من ولي العهد السعودي حديث المنطقة والعالم بروح من التفاؤل والأمل. اللقاءات الإعلامية مع هذا القائد الشاب أصبحت الأكثر مشاهدة إقليمياً وعالمياً.
في السياق ذاته قررت المملكة ومعها معظم دول الخليج المانحة الأخذ بمبدأ جديد للمعونات والمساعدات. لا معونات دون وجود جدوى اقتصادية تؤيد تحقيق العوائد المناسبة كأي استثمار مالي آخر. بمعنى آخر توقف التحويلات (كانت في الواقع هبات) إلى الهيئات أو الحكومات في الدول المستفيدة واستبدالها بمشاريع تنموية.
على أن نجاح مسار كهذا يتطلب بالطبع تضافر جهود دول المنطقة بأكملها لإزالة العراقيل وتمهيد الطرق نحو تسويات سياسية عالقة قد تعطل أو تؤخر النجاح المرتقب. لهذا قبلت السعودية وساطة الصين وتفاهمت مع إيران على برامج للتعاون الاقتصادي وتمّت إعادة فتح السفارات وتبادل السفراء. قبلت المملكة أيضاً وساطة الإدارة الأمريكية لفكرة التطبيع مع إسرائيل بشروط محددة تفضي إلى قيام دولة فلسطينية، (حل الدولتين)، هذا بجانب شروط أخرى بين الولايات المتحدة والمملكة. رغم تعنّت إسرائيل الظاهر إلا أن المؤشرات التي تخرج من المؤسسات الفكرية الكبرى في الغرب لم تستبعد موافقة إسرائيل على هذه المطالب ولو تدريجياً. قبل هذا وذاك تعاملت المملكة مع الملف اليمني بروح تصالحية مستقبلية متفائلة تعيد الأمل والأمن لليمنيين وترفع من مستويات دخل الأفراد وتشعل إعادة بناء ما دمرته الحروب.
هنا شعروا (لا حاجة لتسميتهم) بأن الموضوع يأخذ صفة الجدية وأن إسرائيل قد توافق على تنازلات عجزوا عن تحقيقها طوال «نضالهم». بمعنى آخر شعروا بأنهم فقدوا زمام المبادرة. فجأة وفي فجر السبت المذكور يتم فتح جبهة جديدة بين حماس وإسرائيل. وليتها كانت كما سابقاتها ولم تحمل هذا الكم من العنف واستهداف المدنيين الذي دفع بالمواجهة إلى الحالة المرعبة إنسانياً التي نراها اليوم. ما حدث في هذا التوقيت كما أشار إليه الكثير من المراقبين، هو عمل كبير تم التخطيط له ليوازي في صيته وردود أفعاله زخم الخطط التنموية البديلة للسلام بقصد وأدها وقتل فرص نجاحها في مهدها.
إنها عملية انتحارية مكتملة الأركان ضحيتها الأبرياء من نساء وأطفال. عملية فاقت في نوعها كل المواجهات السابقة بين حماس وإسرائيل. غني عن القول إن ما حدث وخلافاً للمواجهات السابقة وعطفاً على مؤشرات التأييد لا يعكس على الإطلاق رغبة المجتمعات في المنطقة خصوصاً الفلسطينية بين شبابها وشاباتها. لدينا اليوم جيل جديد ولدوا بعد النكسات، وعاصروا الفشل بأنواعه سواء في فلسطين أو لبنان أو سوريا.
نعود مجدداً لطرح السؤال المكرر بعد كل مغامرة، إضافة لنتنياهو وحكومته الهشة التي وجدت من حماس هدية مجانية لإنقاذها، من المستفيد بعد هذا الدمار؟ سيتم الاستسلام مجدداً للمليشيات المدعومة من «أطراف خارجية» وبعضها عربية هنا وهناك لقيادة المشهد بعيداً عن بديهيات الحياة وطلب الرزق والتنافس الحميد والإبداع. هل سنركن لنصف قرن جديد لا يحمل أي حلول بديلة أو وعود إيجابية قد تنهي النزاع أو تؤجله لأجيال قادمة؟
في كل الأحوال دول الخليج، ماضية في بناء الإنسان والاقتصاد. دولنا تستقبل وتوظف المبدعين العرب دون تفرقة دينية أو عرقية. تاريخنا يشهد بأننا لم ولن نؤسس مليشيات مأجورة نختفي خلفها لتحقيق أهداف توسعية. علاقاتنا مع الغير واضحة ومعلنة وقد تجاوزت الإقليم وأصبحت قوة مواقفنا دولية، وما قمنا به من مبادرات هنا هي للصالح العام في منطقة شبعت من الشعارات والنكبات. منطقة تحولت إلى ملعب للآخرين لتحقيق «أهدافهم» بمساعدة العملاء من العرب الخونة لأوطانهم وأرضهم وشعبهم.
00:08 | 18-10-2023
اقرأ المزيد