يُمثّل محمد بن أحمد الرزقي حالة مهنية لافتة في مجال الإعلام المؤسسي والتواصل الحكومي داخل المملكة العربية السعودية، من خلال موقعه مديراً لإدارة الشؤون الإعلامية ومتحدثاً باسم وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية منذ الأول من مايو 2023، إذ يتقاطع دوره مع أحد أكثر القطاعات الحكومية اتصالاً بالمجتمع وتنوعاً في شرائح جمهوره.
وتتأسس تجربة الرزقي المهنية على مسار ممتد يتجاوز 15 عاماً، تدرّج خلالها بين ممارسات إعلامية ميدانية وأدوار مؤسسية تنظيمية، وهو مسار يعكس انتقالاً واعياً من الإعلام بوصفه أداة نقل، إلى الاتصال بوصفه وظيفة إستراتيجية ضمن بنية القرار الحكومي. فقد شكّلت بداياته في العمل التلفزيوني، مذيعاً ومراسلاً ومحررَ محتوى، قاعدة معرفية لفهم آليات السرد الإعلامي، وإدارة الرسالة، والتعامل مع ضغط الوقت وتعدد المنصات، وهي خبرات غالباً ما تفتقدها بعض ممارسات الاتصال المؤسسي غير المتصلة بالميدان.
لاحقاً، انتقل الرزقي إلى أدوار قيادية في إدارات الإعلام والعلاقات العامة بعدد من الجهات الحكومية والخاصة، إذ أصبح الاتصال جزءاً من منظومة عمل متكاملة تشمل التخطيط، والحوكمة، وإدارة السمعة، وليس مجرد نشاط تفاعلي مع وسائل الإعلام. ويُلاحظ في هذا السياق، أن تجربته لا تنفصل عن التحولات التي شهدها الاتصال الحكومي في المملكة، خصوصاً من حيث الانتقال من الاتصال التفاعلي المحدود إلى الاتصال الاستباقي، القائم على بناء الفهم العام للسياسات والبرامج.
على المستوى الأكاديمي، تعكس مؤهلات الرزقي مساراً متدرجاً ومتكاملاً؛ إذ يحمل درجة البكالوريوس في الإعلام من جامعة الملك عبدالعزيز، ودرجة الماجستير في ريادة الأعمال والإبداع الإعلامي من جامعة جدة، إلى جانب شهادة احترافية في إدارة المشاريع (PMP). وتُظهر هذه الخلفية الأكاديمية مزيجاً بين المعرفة الإعلامية التقليدية، ومهارات الابتكار، وأدوات الإدارة الحديثة، وهو مزيج ينسجم مع متطلبات الاتصال المؤسسي في الأجهزة الحكومية ذات البرامج المركبة والتحديات المتشابكة.
وتبرز في ممارسته المهنية مقاربة قائمة على ضبط الرسالة، وتوحيد الخطاب، والالتزام بالدقة، بوصفها عناصر أساسية لبناء الثقة بين المؤسسة والجمهور. إذ لا يقتصر دور المتحدث، في هذا الإطار، على نقل المعلومة، بل يمتد إلى تفسير السياسات، وتوضيح السياقات، وتقليل فجوات الفهم، وهو ما يتطلب توازناً دقيقاً بين الشفافية والمسؤولية المؤسسية.
كما يُسجَّل للرزقي، اهتمامه بالمساهمة في تنمية البيئة المهنية للإعلاميين، سواء عبر الحوار الإعلامي أو دعم الكفاءات الوطنية، في انسجام مع التحولات الحديثة التي تنظر إلى الاتصال بوصفه رأسمال معرفياً داخل المؤسسات، وليس وظيفة تنفيذية هامشية.
وفي المحصلة، يمكن قراءة تجربة محمد بن أحمد الرزقي بوصفها نموذجاً مهنياً، يعكس تطور مفهوم الإعلام المؤسسي في العمل الحكومي السعودي، إذ تتكامل الخبرة الميدانية مع التأهيل الأكاديمي، ويتقدّم الاتصال من كونه أداة تواصل إلى كونه عنصراً مؤثراً في بناء الفهم العام، وصياغة العلاقة بين المؤسسة والمجتمع، ضمن إطار مهني محايد تحكمه المعايير والأنظمة ومتطلبات المرحلة.