تحقيقات

«التعليم» ترسّخ الهوية السعودية.. منجزات وتمكين وازدهار

طاهر الحصري

طاهر الحصري (جدة) taher_ibrahim0@

«الهوية لا تتجزأ أبداً، ولا تتوزع أنصافاً أو أثلاثاً، أو تنفصل عن طبيعة الأرض والتاريخ، بل تساعد على إثراء المكتسب الحضاري للأمة والشعب». كان لا يمكن أبداً، بأي حال من الأحوال، أن تقود وزارة التعليم، وفي المقدمة الوزير الدكتور حمد بن محمد آل الشيخ، عملية التطوير والتحديث دون أن يشمل مكون تعزيز الهوية والشخصية الوطنية قدراً واسعاً من عمليات الترسيخ، والتأكيد على الهوية السعودية للطلاب والطالبات؛ الذين هم عماد الوطن ومستقبله الزاهر.

وبمزيد من العزم، توالت الجهود والمساعي المباركة في سبيل تعزيز الهوية الوطنية، لذلك قدمت الوزارة في هذا الإطار، وبكل اهتمام، نماذج من هذا التعزيز، بما يخدم الأهداف الإستراتيجية لرؤية المملكة 2030.

في الحلقة الثانية من رصد «عكاظ» لجهود الوزارة لعملية التطوير الشامل، كشف تقرير الوزارة عن إنجازاتها بأن التطوير شمل كل صغيرة وكبيرة في مختلف المناهج الدراسية، بدءاً بإثراء النصوص بمقتطفات عن القيادة الرشيدة؛ ممثلة في خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وإضافة كلمة لخادم الحرمين الشريفين لتكون ضمن الكلمات المشهورة على مستوى العالم، وإضافة نص جديد عن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان؛ لتعريف الطلبة بشخصيته وجهوده، وقد تم دعم النص بأنشطة متنوعة.

مكتسبات المرأة في العهد الرشيد

لأن الحراك السعودي والمكتسبات السعودية التي نالتها المرأة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، كبيرة وضخمة، كان لا بد من ذكر النموذج المحتذى به، فتمت إضافة نص عن الأميرة نورة بنت عبدالرحمن، ونص عن الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان؛ ما يدعم توجهات القيادة الرشيدة في تمكين المرأة السعودية، مع العناية بمفاهيم الولاء للوطن ولزوم جماعته، وحذف مفاهيم الولاية للأمة، بوصفها مفاهيم تؤثر على الولاء للوطن، من خلال تعزيز مفاهيم محددة، وتأكيد وجوب طاعة ولي الأمر وحرمة الخروج عليه وتعديل الصياغة بما يتوافق مع ذلك بإضافة موضوع لزوم الجماعة وذم الفرقة، وتخصيص وحدة عن البيعة الشرعية، وبيان أصولها وأحكامها، وأنها لا تكون إلا لولي الأمر خادم الحرمين الشريفين، وتصحيح مفهوم ولاة أمر المسلمين إلى ولي الأمر، وإعادة ترتيب الموضوع بشكل كامل وربطه بالدفاع عن الوطن، وأنه بإذن ولي الأمر خادم الحرمين، وربط الصورة البصرية بمشاهد من بطولات الجيش السعودي مع ولي العهد.

النماذج الوطنية الملهمة للطلاب

تعد النماذج الوطنية من الشخصيات الملهمة للطلاب والطالبات في جميع المراحل الدراسية، فتم التعريف بالشخصيات الوطنية وإسهاماتها؛ ومنها الوزير الدكتور غازي القصيبي، ووزير الدولة للشؤون الخارجية عادل الجبير، إلى جانب إضافة نماذج من التاريخ للتعريف ببعض الرموز والأبطال في معارك الدولة السعودية الأولى ضد الدولة العثمانية، مثل الإمام عبدالله بن سعود، إلى جانب إضافة نص عن رؤية السعودية 2030؛ التي هي خطة وطنية طموحة تعبر عن أهداف الوطن وآماله إلى عام 2030، وتستند إلى مكامن القوة والقدرات الفريدة لوطننا؛ لدعم المواطنين في تحقيق تطلعاتهم وآمالهم، وتعتمد على ثلاثة محاور هي:

مجتمع حيوي، واقتصاد مزدهر، ووطن طموح، لتعزيز الجوانب الوطنية لدى الطلاب وتعزيز انتمائهم لقيادة الوطن، إلى جانب إضافة مقولتين من مقولات الأمير محمد بن سلمان، حينما قال «يسرني أن أقدم لكم رؤية الحاضر للمستقبل، التي نريد أن نبدأ العمل بها اليوم للغد، بحيث تعبر عن طموحاتنا جميعاً وتعكس قدرات بلدنا»، و«همة السعوديين مثل جبل طويق، ولن تنكسر إلا إذا انهد هذا الجبل، وتساوى بالأرض».

تنمية الولاء للوطن وقيادته

ربط الطلاب بمنجزات الرؤية التي ساهمت في خفض نسبة البطالة وتوليد العديد من فرص العمل، وتقديم الخدمات المبتكرة لضيوف الرحمن، وإبراز الدور المحوري الدولي للمملكة وجهودها الإغاثية على مستوى العالم، والتعاون مع دارة الملك عبدالعزيز في تطوير مناهج الدراسات الاجتماعية؛ سعياً إلى تعزيز الهوية الوطنية وتنمية الولاء للوطن وقيادته.

ولأن التعديل والتطوير لا ينحصر فقط في المضمون بل يتعداه إلى الشكل والصورة أيضاً، حتى يكون تطويراً متكاملاً متكافئاً من كافة الزوايا، شمل تعزيز الهوية الوطنية من خلال تغيير الصور والأسماء لتعزيز الشخصية الوطنية، وتغيير الصور التي شملت غير سعوديين ليكون بديلها سعوديون؛ لتعزيز الشخصية الوطنية في المناهج، إلى جانب تغيير الصور التي لم تشمل الزي الوطني بصور تعزز الشخصية السعودية في المناهج، مع صور لشباب سعوديين يمارسون أعمالهم أوهواياتهم، إلى جانب صور لشباب سعوديين يعملون أطباء بدلا من الشباب الأجنبي، وإضافة أسماء مدن سعودية بدلاً من المدن الأجنبية، وإضافة العلم السعودي، وتغيير عملة الدولار إلى ريال سعودي.

وفي إطار التطوير، قدم دليل لمراجعة الكتب المدرسية كإحدى الأدوات الرئيسية المستخدمة لضبط جودة الكتب ومراجعتها وتنقيحها وتحسينها، وقد بني وفق مكونات رئيسية، تتمحور حول:

1- الولاء للقيادة وتعزيز الانتماء الوطني والتحصين من الأفكار التكفيرية والمتطرفة.

2 - الجوانب العلمية والتربوية والفنية.

3 - فرص استثمار المحتوى وتطويره

4- معايير ترشيح أعضاء الفرق العلمية.

برامج تطويرية لتعزيز القيم الوطنية

أثمر تعاون وزارة التعليم مع مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني في تنفيذ برنامج «نسيج» الوطني، الذي بدأ منذ خمس سنوات، وهو برنامج وطني يسعى لترسيخ قيم التلاحم والتعايش المجتمعي بين شرائح المجتمع من أجل بناء قاعدة مجتمعية متسامحة لوطن مزدهر. ويستهدف هذا البرنامج تعزيز التعايش والوئام المجتمعي من خلال برامج تدريبية موسعة تشمل المعلمين والطلاب.

ويعمل هذا البرنامج على غرس قيم التعايش والتسامح والحوار وفهم الآخر في نفوس الطلاب والمعلمين على حد سواء.

واستفاد الملتحقون ببرنامج نسيج من الطلاب والمعلمين من ثلاثة برامج تدريبية رئيسية تشتمل على مهارات الحوار المجتمعي؛ التي تستهدف تعزيز مهارات وآداب الحوار، ومهارات بناء السلام المجتمعي التي تستهدف إعداد القيادات الوطنية، وإعداد الكوادر التي تستهدف بناء الكوادر التربوية المتخصصة في بناء السلم المجتمعي.

وقد أثمر برنامج نسيج حتى اليوم عن تدريب 337 مدرباً معتمداً واستفاد منه (38.533) طالبا وطالبة، وأنجزت فيه (1109) دورات تدريبية، كما تم تنفيذ برنامج «خبرات» للتدريب الدولي بالتعاون مع مجموعة من الشركاء التعليميين بالولايات المتحدة؛ بهدف تدريب نخبة من المعلمين السعوديين بغرض تعزيز خبراتهم في مجال مكافحة التمييز وتعزيز حقوق الإنسان والمواطنة العالمية والتعايش والتفاهم والوئام المجتمعي بالاستفادة من التجارب العالمية في هذا المجال. وتوقفت هذه البرامج أثناء الجائحة على أن تستأنف بعد عودة الحياة لطبيعتها.

وفي مارس من عام 2022، نُفذ برنامج تدريبي لإعداد المدربين بعنوان (الأطر التعليمية بين التوطين والعولمة)، بالتعاون مع المركز الدولي للدين والدبلوماسية، الذي قام على تصميم محتوى البرنامج المشتمل على مواضيع نبذ التعصب والكراهية والتمييز وتعزيز قيم التسامح والتفاهم والاحترام الإنساني وغيرها من القيم الإنسانية المشتركة، إضافة لمهارات التفكير الناقد وتمييز سمات التطرف العنيف، وشارك في البرنامج 40 متدرباً ومتدربة من القيادات التدريبية في وزارة التعليم.

التطوير المؤسسي لتأهيل الكفاءات

أُسس معهد وطني للتطوير المهني التعليمي للعناية بتطوير مهارات المعلمين والمعلمات لمواكبة التطور في مناهجها الجديدة من خلال برامج تدريبية مكثفة تستهدف تطوير مهاراتهم في مجال تعزيز القيم الإنسانية المشتركة.

وتتعاون في ذلك مع منظمات دولية متخصصة للاستفادة من خبراتها في هذا المجال. وتربط الوزارة أداء المعلمين والمعلمات وكفاياتهم وتقديرات أدائهم بحجم ما يحققون من دورات تدريبية تتنوع مواضيعها ما بين طرائق التدريس والتخطيط التعليمي ومهارات التعليم وتقنياته، إضافة للدورات التدريبية في مجال تحقيق التعايش المجتمعي والتفاهم ونبذ القيم السلبية والسلوكية في المجتمع المدرسي ورعاية حقوق الطلاب وعلاج الظواهر السلوكية لديهم وفق اللوائح المعتمدة لذلك في نظام الوزارة، كما أُسس مركز لتطوير المناهج للعناية بتطوير المقررات والكتب الدراسية بدأ نشاطه الفعلي في 2019.

وقد عمل المركز لتحقيق عدد من الأهداف من بينها: مواكبة متطلبات تحقيق رؤية المملكة 2030، ومتطلبات الثورة الصناعية الرابعة، ورفع مستوى الملاءمة التربوية للمحتوى التعليمي وتركيزه، وإعداد الطلاب لامتلاك مقومات الاقتصاد المعرفي ومهارات القرن الـ21، والاستجابة لمتطلبات التنمية ومتغيرات المستقبل وتحدياته، والإسهامات الدولية في تطوير المناهج.

ويتم تطبيق أطر ومفاهيم المناهج العالمية على مناهج الهوية الوطنية بما يدعم التعايش والتسامح والمواطنة العالمية وفق المعايير المعتبرة دولياً، والعمل على تطوير المناهج وفق أحدث المعايير المعتمدة من المنظمات الدولية المتخصصة قدر الإمكان وبما يحقق تميز المناهج وكفاءتها المعرفية والمهارية.

وفي هذا السبيل، تتم الاستفادة على سبيل المثال في تطوير المناهج من مضامين وثيقة المعايير الأساسية المشتركة للمناهج (CCCS) المعتمدة دولياً في الكثير من دول العالم.