أخبار السعودية | صحيفة عكاظ - author
--°C
تحميل...
⌄
لوحة القيادة
خروج
الرئيسية
محليات
سياسة
اقتصاد
فيديو
رياضة
بودكاست
ثقافة وفن
منوعات
مقالات
ملتيميديا
المزيد
الرياضات الإلكترونية
سعوديات
ازياء
سياحة
الناس
تحقيقات
تكنولوجيا
صوت المواطن
زوايا متخصصة
مركز المعلومات
⌄
لوحة القيادة
خروج
الرئيسية
محليات
سياسة
اقتصاد
فيديو
رياضة
بودكاست
ثقافة وفن
منوعات
مقالات
ملتيميديا
المزيد
الرياضات الإلكترونية
سعوديات
ازياء
سياحة
الناس
تحقيقات
تكنولوجيا
صوت المواطن
زوايا متخصصة
مركز المعلومات
الرياضات الإلكترونية
سعوديات
ازياء
سياحة
الناس
تحقيقات
تكنولوجيا
صوت المواطن
زوايا متخصصة
مركز المعلومات
تصفح عدد اليوم
ريم العسيري
العراق.. الأعياد مؤجلة
لم يجتذبني وطن بقوة نحوه -بعد وطني- إلا العراق؛ الذي يجعلني في كل مرة أقترب فيها من كل ما يمت له بصلة على موعد مع دهشة أخَّاذة أو حزن جديد. يجيد العراق إرضاء مزاجي وإثراء عقلي وإبقاء قلبي على قيد الحب، يصب في لحظاتي الجمال والسلام على هيئة أغانٍ ومواويل وأشعار، يأخذني إلى كل حضارة نشأت على أرضه لأشعر حينها بالزهو وكأني نخلة بابلية أو قصيدة للميعة أو السياب أو لحن للقرغولي أو لوحة لمحمود عبود أو أغنية لناظم أو كاظم. ويحولني أمام إنسانه الصامد وثقافاته ولهجاته ومناطقه الجميلة إلى طفلة مذهولة وعاشقة تلمع عيناها بالحب.
لم أكن أعرف العراق كثيرا قبل أن يمتلئ قلبي حبا لكاظم الساهر في عام ٢٠٠١ عندما كنت طفلة في الثالثة عشرة، كان هو النافذة التي أطل منها على وطنه العظيم الذي أخذني إليه بصوته وأغنياته وموسيقاه ولهجته وأحاديثه. تعلمت منه ومن رجال فرقته الموسيقية كيف أرقص «الجوبي» ووضعت حبات الهيل في الشاي لكي أتذوق «جاي أبو الهيل» الذي عرفته من خلال موال «يا دنيا» الذي يتجلى فيه عذاب العراقي المغترب الذي اقتلعته الحروب والمآسي من وطنه الجنة وأدخلته جحيم الغربة، وصار يتساءل بقهر مع خضير هادي كلما داهمته النوستالجيا «ليش غيري يشمك وأنا أغار».
في ٢٠٠٣ عرفت معنى الظلم بشكل أعمق وفهمت ماذا تعني كلمة «حرب» بكل وحشيتها وشناعتها وشرورها عندما تم غزو العراق. لم أحتمل صدمة محاربة الوطن الذي أحببته، ونسيت حينها أني صبية في الخامسة عشرة ونضجت كثيرا وصرت أحمل هم العراق وأنحاز إليه بكل جوارحي، أتابع نشرات الأخبار لأجله وأقيم حدادا في قلبي على شهدائه وأحمله مع كتبي ودفاتري إلى المدرسة وأبقيه داخل قلبي، وعندما أعود إلى المنزل أتوجه فورا إلى التلفزيون لأشاهد قناة «المستقبل» اللبنانية التي كانت تبث على مدار اليوم أغنية «كَثُرَ الحديثُ عن التي أهواها» وأغني مع كاظم لبغداد الجريحة ولأطفالها الذين «يسألون عن أي ذنب يقتلون» لعل العالم يسمع صرخاتهم ولعل الموت يخجل من انتزاع أرواحهم الطاهرة.
لم تكن في العراق أسلحة دمار شامل كما ادعى الغُزاة؛ بل كان فيه ملايين من البشر الأبرياء والبيوت الآمنة والنخلات والثروات والشباب بأحلامهم النقية والأطفال الذين يحلمون باللعب مثل «علي عباس» الذي كان محاطا بأهله قبل أن تسقط غارة أمريكية على منزله ويفقد ١٦ فردا منهم ويفقد معهم ذراعيه ويحترق جسده. لا يمكنني نسيان ذلك العلي الذي أرقني وجعه وظَلَّ وجهه يرافقني وحضر معي حصة التعبير لتكون عنه أول قصة قصيرة أكتبها وأختمها بأمنية معانقته ومعانقة كل أطفال العراق.
«خطار عدنه الفرح».. هكذا أصبح الواقع في العراق الذي تجسده هذه الجملة من أغنية إلهام المدفعي؛ فالفرح يزوره كضيف متعجل ثم يرحل سريعا منذ تاريخ ٦ أغسطس١٩٩٠ الذي بدأ فيه الحصار واستمر ١٣ عاما وأدى إلى وفاة مليون و٦٥٠ ألف شهيد من بينهم عشرات الآلاف من الأطفال الذين لا قيمة لهم عند حكومة أمريكا؛ فعندما سُئلت وزيرة خارجيتها آنذاك مادلين أولبرايت عن موت ٥٠٠ ألف منهم نتيجة الحصار قالت بكل وحشية: «نعتقد أن الثمن يستحق ذلك». لم تكتفِ أمريكا المصابة بسادية قتل العراقيين بهذا القدر من الأرواح العراقية؛ فحاربت العراق في ٢٠٠٣ وقتلت ٦٥٥ ألف شهيد ومهدت الطريق لجماعات الإرهاب والميليشيات لتكمل ما بدأته حتى صار العراق اليوم بلد الأربعين مليون حزين ومقهور.
عندما يقول العراقي «أروح لك فدوة» فإنه يقولها بصدق وتفان إلى حد الموت والاغتراب والاحتراق؛ فقد «راحوا فدوة» لأجل العراق منذ حرب الخليج الأولى وحتى اليوم أربعة ملايين شهيد وصار الموت هناك يوزع بالجملة منذ ٢٠٠٣ وحتى كتابة مقالي الذي يتزامن مع فاجعتي حريق مستشفى الحسين بالناصرية وتفجير مدينة الصدر المتزامنتين مع مجيء عيد الأضحى، ليتحول العيد إلى عزاء، ويصبح لسان حال الناس ما قاله نجم عبد العال «يا عيد اِلمن تجي.. لو ما تجي أحسلّك».
عَلَّمنا العراق السلام؛ فحاربناه، عَلَّمنا كيف يكون الحزن عظيما؛ فأبكيناه، أطربنا بأجمل الأغاني وعندما كان يصرخ من شدة أوجاعه أدرنا له ظهورنا وخذلناه. عَلَّمنا التسامح الديني؛ باحتضانه مختلف الأديان، فقتل الشياطين المختبئون خلف أقنعة رجال الدين الكثير من أهله بفتاواهم الدموية، عَلَّمنا الحضارة والثقافة والقيم والاقتصاد الذي وضع البابليون أقدم أنظمته؛ فحاربه مدعو الإنسانية وقتلوا وشردوا أهله ودمروا أرضه ونهبوا ثرواته وأضعفوا اقتصاده وجعلوه يعتلي المراتب الأولى في قوائم الدول الأقل سعادة والأضعف جوازا والأكثر فسادا. صَدَّرَ لنا كل ما من شأنه الارتقاء بالإنسان والأوطان فصَدَّرَ له الأعداء الإرهاب والطائفية والفتن، سنَّ لنا أول القوانين المكتوبة في تاريخ البشرية فخانته العدالة ولم ينصفه أي قانون.
ألا تكفي ٣١ عاما من عمر العراق التي تجرع خلالها الحزن لكي يتوقف العبث الذي يحدث على أرضه ولكي نداوي جراحه ونخرجه من عزلته إلى الأبد، ألا تكفي دموع الأمهات وصرخات الآباء لكي يتوقف القاتلون، ألا تكفي الآثار التي دُمرت والنخلات والكتب التي أُحرقت لكي نحافظ على ما بقي من كنوز العراق، ألا يكفي القهر واليأس اللذان يلازمان شبابه منذ ٢٠٠٣ لكي تمتد إليهم أيادي الدول القوية اقتصاديا كوطني لتعيد إلى نفوسهم الأمل وتمنحهم فرص العمل التي تليق بهم.
لو كان العراق رجلا لعانقته ومسحت دمعاته وأمسكت يده وأخذته بعيدا عن عالمنا المتوحش وخبأته عن أعين الطغاة وانتشلت من أعماقه الحزن والغضب اللذين يسكنانه منذ آلاف السنين وجعلته يغني «وداعا يا حزن.. ولا توصل بعد».
23:49 | 21-07-2021
«العُلا» في القمة
تعلو العلا عاماً بعد عام كعلو قمم جبالها الشاهقة، تزداد جمالاً وتألقاً وأصالة تجعل كل من يشاهد صورة لها أو فيديو يهيم بها، ويحلم بالتواجد على أرضها، وملامسة رمالها، والسير بين جبالها وأوديتها، ومشاهدة منحوتاتها الصخرية الفاتنة ونقوشها ومعالمها وآثارها الضاربة في عمق التاريخ، وعيش لحظات من الدهشة والمغامرة والاكتشاف والتأمل في مختلف أرجائها كبقعة فاتنة ذات عمق تاريخي وحضارات أصيلة.
تأتي قمة قادة دول مجلس التعاون الخليجي لتعيد الأضواء مرة أخرى إلى العلا، بعد أن غيبتها جائحة كوفيد 19 التي أدت إلى الإضرار بقطاع السياحة، وفرض القيود على السفر وتكبد الخسائر الاقتصادية. إن اختيار العلا لاحتضان القمة اختيار ذكي جداً؛ فلكي يتم جذب السياح إليها من جديد بعد ظرف كورونا العصيب، كان لا بد من التسويق لها من جديد كوجهة سياحية مدهشة، ومن خلال إقامة هذا الحدث البارز بها سيتحقق ذلك الهدف، وسيتعرف الناس من دول الخليج والوطن العربي والعالم على هذه المدينة التي تحتضن ذلك الحدث، وستعلق صورتها في أذهانهم، وستكون إحدى وجهاتهم السياحية في المستقبل.
تنظيم الأحداث بمختلف أنواعها رياضية، فنية، ثقافية، اقتصادية وغير ذلك، يعد من أدوات الترويج السياحي؛ حيث تسهم إقامة الأحداث في دعم السياحة في المناطق والمدن المقامة بها، والدعاية السياحية لها على المدى الطويل، وتحقيق العوائد الاقتصادية، وكل مدينة في السعودية بخصائصها المميزة وعوامل الجذب بها يجب أن تحتضن حدثاً ما، لتكون محط الأنظار ولتنهض سياحياً وتحقق عوائد اقتصادية، ولتشارك في تحقيق التنمية.
لا يقتصر الترويج السياحي على إقامة الأحداث؛ فهناك أدوات أخرى ينبغي علينا استخدامها؛ كفتح المجال أمام صناع الأفلام ومخرجي الأعمال الغنائية على مستوى العالم للتصوير بكل بقعة فاتنة بالسعودية، كالعلا التي تحتضن الكثير من المعالم التاريخية والحضارية، وقرية رجال ألمع التراثية التي يمتد عمرها لـ500 عام، وجزيرة فرسان بجازان وجزيرتا كدمبل وماركا في عسير التي نتباهى بها كثيراً مثلما يتباهى أهالي جنوب آسيا بجزر المالديف، وفيفا الخضراء التي تجاور الغيوم، والأحساء بواحات نخيلها الغناء، ونيوم والسودة والقدية، وجميع مدننا ومناطقنا التي لا تقل أهمية عن ولاية أريزونا في الولايات المتحدة التي تم تصوير أكثر من 90 فيلماً بها، ولا عن مدينة البندقية في إيطاليا التي تم تصوير فيلم «السائح» بها.
«لازم كل العالم تعرف هذا المكان» هكذا قال المطرب العراقي الكبير كاظم الساهر في حديثه عن مدينة العلا عند زيارته الأولى لها خلال مهرجان «شتاء طنطورة» في عام 2019، وعبارته تلك تخلق بداخلي تساؤلاً عميقاً يجب أن نضعه كأبناء وبنات هذا الوطن العظيم نصب أعيننا وهو كيف نجعل العالم يعرف كل بقعة فاتنة في السعودية؟.
كاتبة سعودية
reemeta22@
00:53 | 1-01-2021
صفوى.. مدينة الوئام
تُشرّع ذاكرتي أبواب الحنين إلى صفوى، تلك المدينة اللطيفة التي تنتمي إلى محافظة القطيف والتي زرتها للمرة الأولى قادمة من أبها قبل نحو 19 عاماً وأنا طفلة في السادس ابتدائي، وعاودت زيارتها مرة أخرى وأنا في الثاني متوسط لأعيش بها لأشهر وأدرس هناك فصلا دراسيا واحدا، لتتاح لي فرصة العيش في بقعة فاتنة أخرى من وطني، في مجتمع يسكنه أناس طيبون.
بخطوات مرتعشة ذهبت للمرة الأولى إلى مدرستي في صفوى، أخذتني الوكيلة إلى الفصل الذي سأدرس به، كان فارغا، لتأخذني إلى مختبر العلوم، الذي كانت تتواجد به الطالبات والمعلمة، دخلت بخجل لتعرفني المشرفة عليهن وتخبرهن بأني طالبة جديدة، رحبن بي، وسألتني المعلمة من أين أنتِ، لأجيبها، ثم بادرتني بسؤال لم جئتِ من أبها إلى هنا؟ لتتدخل فورا فتاة شيعية شقية تدعى «أزهار»، وتخبر المعلمة بأنه لا ينبغي عليها أن تسألني ذلك السؤال وألا تحرجني لأنه ربما لدي ظروف لا أود الحديث عنها، لتصمت المعلمة وأصمت أنا وأبدأ معهن أول حصة دراسية.
لم يكن فصلنا مجرد فصل دراسي فحسب؛ بل كان نموذجا صغيرا للتعايش والتسامح والمحبة وقبول الآخر في هذا الوطن الشاسع، فهناك فتيات من المذهب الشيعي وأخريات من المذهب السني وفتاة من الجنسية السورية وفتيات من ذوات البشرة السمراء، لم تعرف الطائفية والعنصرية والكراهية طريقا إلى فصلنا الصغير وإلى قلوبنا، حيث نقضي يومنا الدراسي في وئام، نتبادل الأحاديث، ونصنع الفرح ما أمكننا ذلك.
غادرت صفوى منذ زمن بعيد وبقيت هي في داخلي بذكرياتها وتفاصيلها الجميلة؛ التفاف فتيات الفصل حولي في أولى أيامي بالمدرسة وأحاديثهن معي، إعجابنا المشترك أنا و«أزهار» بأغنية ديانا حداد «أدلع عليك»، معلمة اللغة العربية التي كانت تزين مسامعنا بالتحدث بالفصحى، «زينب» التي تجاورني في الفصل، عودتي من المدرسة إلى البيت مشيا ومشاهدة الأقمشة السوداء على الحيطان وبين البيوت أثناء مراسم العزاء التي يقيمها أهلنا الشيعة في ذكرى مقتل الحسين بن علي حفيد رسول الله في معركة كربلاء، سعادتي أنا وأشقائي بمشاهدة الممثل السعودي علي السبع في أحد كورنيشات القطيف، «أبو ريالين» الذي كنا نستقله للذهاب إلى السوق، مكتبة «الفتاة الذكية»، سوق السبت، اللهجة الصفوانية، أسماء العائلات، وأسماء الفتيات اللافتة بمدرستي كـ«فاطمة الزهراء» و«سكينة» و«حوراء».
كنت فتاة صغيرة وصامتة كثيرا أثناء عيشي هناك، لم أقل حينها كل ما كان ينبغي علي قوله لرفيقاتي بالمدرسة ومعلماتي، ولصفوى التي احتضنتني كما لو كنت إحدى بناتها، لم أخبر صفوى قبل الرحيل عنها بأني أتباهى بها كثيرا كمدينة سعودية تحتضن الجميع بمختلف أطيافهم على أرضها ليعيشوا فيها آمنين، لم أخبر كل فتاة بفصلي بأني أحبها بكل اختلافها بالمذهب والمعتقدات واللون...، لم أخبر معلماتي بأنهن كن لطيفات وفاضلات ومواطنات صالحات بحق؛ لأنهن لم يفرقن في المعاملة بيننا، ولم تفضل إحداهن فتاة من المذهب الذي تنتمي هي له على فتاة من مذهب آخر.
لا فرق بين ريحان أبها ومشموم صفوى، كلاهما نبتة واحدة رغم اختلاف اسميهما، وكذلك نحن في هذا الوطن، إذ لا فرق بين مواطن سني وآخر شيعي، فجميعنا أبناء هذه الأرض التي وحدها الملك عبدالعزيز منذ 90 عاماً على مبدأ الوئام والتسامح والاعتدال، واستشهد دفاعا عنها في 2016 البطلان صادق العواد الذي ينتمي للمذهب الشيعي وعبدالرزاق الملحم الذي ينتمي للمذهب السني، ليكون استشهادهما أعظم برهان على وحدتنا لتظل السعودية شامخة ولتكون للأبد بيتنا الواحد الذي يملأه الحب والسكينة والأمان.
كاتبة سعودية
reemeta22@
01:59 | 20-11-2020
ولادات بطعم الموت
يحكي الآباء والأمهات لأبنائهم قصص مجيئهم إلى الحياة، كيف استقبلوهم، بماذا شعروا عندما شاهدوهم لأول مرة، الهدايا التي تم إحضارها لهم، الأحداث السعيدة المتزامنة مع ولادتهم، فرح العائلة بمجيئهم، لكن حكايات الولادة ليست دائما مكللة بالفرح؛ فهناك الملايين من الحكايات الحزينة في عالمنا العربي لمجيء الأطفال إلى الحياة، مثل تلك الحكاية التي سيسمعها الطفل اللبناني (نبيل صوايا) عن ولادته عندما يكبر، فقد جاء إلى الحياة في ظرف عصيب ومرعب جدا، للحد الذي يشعر والده بالحرج الشديد منه عندما يكبر ويخبره بذلك، حيث جاء ذلك الملاك الصغير بالتزامن مع كارثة انفجار (مرفأ بيروت) لتعاني والدته إلى جانب ألم ولادته من الرعب من هول الكارثة، وليكون هو كالنور الذي انبثق من وسط الظلام.
سقط رأس نبيل في بيروت وهي تلتحف الدخان وصرخات الناس وتغرق في الدماء والحطام، خرج في غرفة مظلمة عصف بها الانفجار، ليشاهد أبويه وقد تلطخت ثيابهما بالدماء، جاء مفعماً بالحياة إلى بيروت التي باتت بلا حياة، شاحبة، حزينة، منهكة، لينتظره مستقبل مجهول، وليصبح لسان حاله عندما يكبر ما قاله دوستويفسكي في رواية الأبله: «لو كانت ولادتي مرهونة بإرادتي، لرفضت الوجود في ظل ظروف ساخرة إلى هذا الحد».
كل يوم تخلق في عالمنا العربي حكايات لولادات حزينة؛ فلعنة الحروب والنزاعات المسلحة والطائفية والأحزاب والإرهاب تتربص بالأجنة في بطون أمهاتهم، لتستقبلهم بالصواريخ والقنابل والانفجارات والنيران ورائحة الدم والدخان، وترعبهم وتجوعهم وتشردهم، وتصبغ مستقبلهم بالدمار والضياع، وتحولهم إلى أرقام في إحصاءات الجوع والفقر واللجوء والحرمان واليتم والموت.
لأجل الأطفال يجب أن يتوقف كل ذلك العبث والإجرام الذي يحدث في عالمنا العربي، وأن تتلاشى جميع الحروب، وتستبدل سيناريوهات العداء والكره والدمار بسيناريوهات محبة وتعايش وتنمية ورخاء، ويعود الأطفال المشردون إلى أوطانهم وبيوتهم ومدارسهم، وينعم الأجنة في بطون أمهاتهم بالأمان، ويأتون إلى الحياة بسلام، ويعيشون مطمئنين مدى الحياة، ويستمعون بفرح عندما يكبرون لحكايات ولاداتهم السعيدة.
كاتبة سعودية
reemeta22@
00:49 | 23-08-2020
اقرأ المزيد