أخبار السعودية | صحيفة عكاظ - author

https://cdnx.premiumread.com/?url=https://www.okaz.com.sa/uploads/authors/365.jpg&w=220&q=100&f=webp

محمد حسن أبوداود

انتهاء عهد أشياء كثيرة

في معمل ألماني لصديق لي حضرت جلسة فكر. وهي تختلف عن فكرنا وأسلوبنا في أذية الخلق باستعمال الكلمة ودهس قائلها بشكل وحشي في تويتر والصحافة وفيس بوك وكل مكان ظلما وعدوانا. وجلسة الفكر الألماني يخترعون منتجات فكرية أولا. ومن المنتجات أن يكون الملبس إلكترونيا فقط. فيشاهد الإنسان ملبسا خلف قماش ساتر أسود ولكن عليه تصميم لفستان مثلا. ويمكن السيدة تغيير لبسها كما تشاء وقتما تشاء بأي لون وأي تصميم. طبعا يأتي مستعجل أحمق ويقتل الفكرة وربما يجعله يعاني بفكرته ويفعل فيه ما فعله الأوائل بكلمة فكر. ولكن عند الألمان يقومون فورا بتصميم نظم على الكمبيوتر لتحقيقها. مثلا تحويل بث التصميم على القماش عن طريق شيبس أو رقائق فيراه الشخص الآخر على القماش. الفكرة الإبداع بصفة عامة وكيف أن التغيير قادم بصفة دائمة. عندما انتهى العصر الحجري وعصر البخار استمر الإنسان في استعمالهما ولكن انتهى عهدهما كوسيلة للنهضة وجاء العصر الصناعي والذري والإلكتروني والشبكي العنكبوتي وشركات الدوت كوم التي لا توظف إلا سيرفرات وقليلا من البشر. انتهى عهد القلم مثلا. لكن مازلنا نحمله في جيوبنا ولا أعرف لماذا، هل لأنه زينة أم أنه تعود أو أننا نعتقد أن له استعمالات أخرى. وهذا صحيح القلم أنا استعمله بطرق فنية للإشارة مثلا ولكنه ليس ضروريا. أهديه لشخص أريد لن أهديه وإن أصبح ذلك ممنوعا الآن في ظل الحوكمة. فأنت لا تستطيع أن تهدي شخصا يمكن أن يؤثر ذلك على علاقتك الرسمية معه بأي شكل. حتى موظف في شركة أخرى؛ لأن ذلك خرق لقوانين الحوكمة والشفافية. إلا إذا أعلنت ذلك وهو كذلك ولم تَخَلَّق أي شبهة للتأثير على رأيه أو مصلحة شركته أو وذلك في أصعب الحالات موظفا حكوميا. إذن تغير المفهوم تماما. أما الساعة فهذه عهدها انتهى كذلك وأصبحت من أدوات الزينة. وهي هم أكثر من أي شيء آخر. فلديك الوقت في هاتفك ولا تحتاج أن تلبس ساعة. ومعظم الوقت أنت لا تريد لبسها لأنها بلشة أو عائق. فيجب فتحها من اليد حين الوضوء. وتكتشف أنك لا تلبسها معظم الوقت الآن. ولم تعد بالأهمية القصوى كما كانت. وتخجل عندما تشاهد بل غيتس ياللي يلبس ساعة قديمة رخيصة وهو من أغنى أغنياء العالم ماديا. وأنت تحمل ساعة ماركة بسعر سيارة وإن صغرت السيارة. ولكن هو اختلاف الثقافة والزمن والفكر. هذه كلمة الفكر أصبحت مصيبة يتجنبها الجميع وأنا أولهم. ونحتاج اختراعا جديدا لنقل الحضارة الإنسانية إلى المستوى التالي وسوف يحدث. وينتهي عهد شيء ما لأن هذه سنة الحياة. وربما يعمل حاليا شخص ما على منتج جديد ينهي حقبة ما. ولا تعرف حتى يجد البيئة المناسبة للإبداع لا الحروب والقتل والتدمير الفكري والسيطرة والانغلاق. وتنطلق فكرة هذا المبدع لينهي حقبة ما. وقد يأتي زمان تغلق فيه الحدود بين القارات ولا يستطيع مثلا العربي من السفر إلى أمريكا. وهذه حقيقة فمعظم الأمريكان لا يفهمون الكثير ويسيطر عليهم قلة من السياسيين واللوبي. وسيكون دخول بعض الجنسيات وبعض المذاهب ممنوعا. وانتظروا عودة النمو الاقتصادي المرتفع إلى أمريكا وسنشاهد تدقيق وأسوار أشبه بأسوار إسرائيل لإصدار التأشيرات. وذلك بتطبيق أن الباب الذي يأتي منه الريح أقفله واستريح. وأهم عنصر في المنع منع محاربي الإبداع وحصرهم في قرية واحدة ليحاربوا إبداع بعضهم في بعض ويكفوا العالم شرهم.
19:56 | 31-12-2015

من يرعى المعتني بالمريض؟ (2)

كان لدينا صديق من عائلة سبعة نجوم أيام الدراسة في أمريكا. وأراد والده أن يساعده في أول حياته في الغربة فأرسل معه طباخا سودانيا محترفا وشف أو شيف كما يقولون درجة أولى. ويبدو أن الجو في سان فرانسيسكو لم يناسب الطباخ الشيف السوداني لصاحبنا وهو الآن سفير في أهم الدول، فمرض الشف وهو المكلف بالعناية بصاحبنا شر مرض. وبين ليلة وضحاها أصبح الشيخ ابن 18 عاما ممرضا ويعتني بالأستاذ. وطبعا ليزيد الطين بلة كان حبيبنا السوداني متعودا على أكل معين وهذا ابن العز لم يقم حتى بخدمة نفسه قط. فكانت أفضل تجربة يمر بها في حياته وربما صقلته فصنعت منه سفيرا. ولكنه بعدها عندما شفي الطباخ وضعه على أول طائرة وعاد كما كان في بيت والده. وعاش الطالب الثري كباقي الطلبة واعتنى بنفسه واستخدم الخدمات المتوفرة حوله ولكن كنا نتندر بالقصة إذا اجتمعنا وكنا خمسة وأصبح أحدنا رئيس أكبر الشركات والثاني سفيرا وتزوج أخت الأول والثالث وصل إلى رتبة نائب مسؤول عن أهم منطقة وتوفي رحمه الله وكذلك تزوج أخت الأول. والخامس أصبح المسؤول الأول للمنطقة المهمة.
ونعود إلى الموضوع الأهم وهو العناية بمقدم العناية. وهنا لا بد أن نقسم مراحل وصعوبة العناية إلى أربع مراحل وهي البسيطة وتكون محدودة بالزيارة القصيرة وتكون فقط عناية كلامية وتحية ودعوات بالشفاء والتأكد من توفر ما يحتاجه المريض، أما المرحلة الأعلى فهي أن تدخل في المرحلة الثانية وهي العناية بمريض لديه إعاقة جزئية وهذه أيضا بسيطة وممكنة ولا تحتاج إلا إلى الوقت إن توفر. المرحلة الثالثة وهي عالية المتطلبات وتدخل في مرحلة عدم تقرير المريض لمصيره، فهو لا يعرف تماما هل ينجو من المرض أم لا ينجو، وهل يدخل في مراحل علاجية خطيرة مثل العلاج الكيماوي، وما هي الخيارات المتاحة للمريض، وهل العلاج متوفر، وهل لديه الإمكانيات؟ ويريد المريض من المعتني إما المساعدة لتخطي تحد ما، أو -وهذا الأصعب- اتخاذ قرارات مصيرية مثل استعمال علاج خطير أو غير معروف النتائج أو له آثار جانبية معقدة. وهنا المريض يريد تحميل المسؤولية على المعتني.
ومن أصعب الحالات جهل المريض أو كبر سنه أو أي تعقيدات أخرى. وتتعقد الأمور إذا كانت الأحوال المالية للمريض سيئة وكذلك المعتني. حينها تكون الضغوط النفسية أكبر ولا يجد المعتني من يعتني به. وأخيرا وليس آخرا تجد أسوأ المراحل مراحل الموت والمعاناة والآلام ودخول المريض في مرحلة تعرف أنت وهو أنه ميت لا محالة. وهنا تنقسم التحديات إلى نوعين إما أن يكون المريض واعيا ويعاني بشكل مؤثر ومؤلم وحزين وكئيب إلا من رحم ربي وكان المريض مقتنعا ولديه رضى بالقضاء والقدر أو العكس تماما وهذه تحمل المعتني الكثير. فيلعب دور الطبيب النفسي. أضف أن المعتني يكلف بالعناية بأقرباء المريض حوله في نفس الوقت مثل الأطفال أو غيرهم.
وفي العالم الثالث لا يوجد من يقوم بهذه المهمة للمريض إلا المعتني. حتى عندما يكون في حالة نفسية سيئة فيعطى أدوية إما مخدرة أو مهدئة أو تدخله في دورات صاعدة وهابطة فتجده إما سعيدا يوما أو كئيبا حزينا في يوم آخر، والمعتني المسكين يصبح كذلك في نفس الدورة صعودا وهبوطا. ولاحظت أن المعتني يكبر في السن في فترة قصيرة حسب الحالات. ومعظم الحالات من النوع الرابع تطول فتصل إلى ثلاث سنوات أحيانا. ولا توجد أنظمة تدعم المعتني ولا جمعيات ولا كتب مبسطة. وأعتقد أنها متوفرة بأشكال مختلفة ولكن ليست سهلة المنال للمعتني. ويغفل المجتمع هذه القضية تماما. وأنا أعرف أن الأطباء وخاصة أطباء الأسر يعتنون بهذه الخدمة وتطورت إلى مراحل متقدمة. وهدفنا هنا التوعية بالمعاناة والحاجة إلى العناية بالمعتني أيضا.
20:09 | 24-12-2015

من يعتني بالمعتني بالمريض

منطقيا ومهما طال الزمان يحتاج الإنسان قبل موته وخاصة المعمرين بمن يعتني بهم. ولا يغتر بطول العيش إنسان، فتلك الفترة هي الأصعب. والانتكاس حاصل بعد عمر طويل. وهي إن قارنتها بفترات الحياة المختلفة تعتبر بعد السنين الأولى عند الولادة من الحياة الأصعب للحاجة لعناية شخص آخر . ليس لأي سبب مادي ولكن لأن الإنسان لديه كرامة عالية ولا يريد معروفا من أحد، ولا يريد الاعتماد على الغير . وتتعقد العلاقة بين المقدم للعناية والمستفيد منها. والمهم عندي هو هل مجتمعنا المشكل من تناقضات في العلاقات الإنسانية والانشغال التام والرفاهية الحياتية يعتني بمقدم العناية. وأكرر مقدم العناية وليس مستلمها.
ولا نريد مجتمعا كلما قدم فيه شخص عملا نبيلا، أو قدم خدمة للغير أراد الشكر والثناء؛ لأن هذا معناه أن المجتمع فقد مبادئه الأساسية من إغاثة الملهوف والإحسان ومن عدم توقع المردود المادي في كل شيء. لكن هنالك نواحي مهمة يجب أن تراعي مقدم الخدمة. فمثلا لا يمكن أن تحبس -كما يفعل البعض - ممرضة في غرفة إضاءتها خافتة لعشرين ساعة ولفترات طويلة مع المريض من دون فترات استراحة، ومن دون تغيير في المكان والسماح لها أو له بالخروج والتفسح وليومين على الأقل في الأسبوع. أما أن تواصل العناية طوال أيام الأسبوع السبعة، وأربع عشرين ساعة يوميا فهذا جرم يعاقب عليه القانون. والأسوأ من ذلك موضوع نوم المعتني في نفس الغرفة، ويوقظ أو يستيقظ متى ما استيقظ المريض ووقت احتياجه أو قلقه وعدم نومه. أو أن يكون المريض يصدر أصواتا مزعجة طوال الوقت أو أن تصدر من أجهزة العناية أصوات مستمرة لا تدع المعتني يأخذ قسطا من الراحة.
والأسوأ في هذه الظروف أن يأتي أهل المريض كزيارات الرؤساء لحرس الشرف لدقائق ومرور الكرام ويُصدرون أوامر إلى المعتني.، من دون أي تقدير لما يفعله هؤلاء. ولا يعتنون بهم ولا يسمعون لهم. وهنا المصيبة المخفية وهي أن المعتني يحتاج كذلك إلى عناية فائقة، كما يحتاج المريض. ولهذا من المهم أن يتناوب على المريض عدة ممرضين أو معتنين. وأحيانا تشاهد أهم عقل أو شخص متميز في مكان أو عائلة ما ولا تعتني هذه العائلات بهؤلاء. بينما لو اعتنوا بهم لزاد مصدر دخلهم وتحسن حالهم. بل العكس تجد أن الأذكياء يحاربون بسبب الغيرة والحسد والكيد، والأفضل أن يعتني هؤلاء ببعضهم البعض حتى يحسنوا من وضعهم. والحالات النفسية للمعتني هي بنفس الأهمية لنفسية المريض. ولا يهتم بها معظم أفراد المجتمع، فياليت هنالك محاولة محترفة من متخصصين لنشر الوعي عن هذا الموضوع. وربما لو أسست جمعية خيرية متخصصة له. وأنا أفكر فقط، أما التنفيذ فعليكم فلا تطلبوا مني تأسيسها؛ لأن الذي فيني يكفيني. وهنالك المؤسسة الوطنية الخيرية للعناية الصحية المنزلية الناجحة بجهود سيدات فاضلات وربما تكون هذه أقرب لنشاط هذه الجمعية فيمكن أن تكون تحت مظلتها.
19:58 | 10-12-2015

تغيير نمط العمل الخيري

في قصة تكوين العظماء، تجد دائما دورا لبرامج الخدمة الاجتماعية والخيرية لتكون سببا لنجاحهم. ولهذا تجد الدول الناشطة في هذا القطاع هي الأكثر في تخريج النوابغ والعصاميين.
وأبسط فكرة هو التعليم للفقراء. مثل إنشاء مدرسة الفلاح في جدة، أو ابتعاث الموسرين للفقراء النابغين للخارج للدراسة. لكن هل حان الوقت لتطوير العمل الخيري ليصبح أكثر فاعلية وأكثر تفاعلا مع احتياجات المجتمع؟ وهل هو بحاجة لزرع الثقة في الممولين من أصحاب الأموال؟ وهل هنالك ثقة كافية في ثقافة العامة في الأثرياء وأنهم يقومون بواجباتهم نحو المجتمع؟ هل نحن بحاجة لترشيد العمل الخيري ونتدخل في أوجه الإنفاق وأولويات المصارف والخدمات بدلا من ترك الحبل على الغارب ونترك الحرية للأفراد لتحديد هذه الأولويات؟.
هنالك الكثير من الأموال التي تذهب إلى غير المحتاجين، بينما تجد ذوي الاحتياجات يرزحون في فقر مدقع. وهنالك الكثير من المساعدات التي تخرج إلى خارج حدود هذه البلاد. والأهم هو الجاذبية لهذه الثروات من الآخرين والمحترفين واهتمامهم لتحصيل أكبر نسبة منها ولا يلاموا. أضف لذلك سوء الوضع الاقتصادي لدول كثيرة حول المملكة، مما يتسبب في زيادة الطلب وداخليا تتزايد الضغوط على الموارد وتوجيه مخرجاتها.
بناء الإنسان أصبح قضية ملحة في ظل الظروف الاجتماعية والتنموية حاليا التي نمر بها. وبعد حوادث 11 سبتمبر دخل العمل الخيري بمنعطف سلبي وإيجابي من ناحية، فمنع تمويل الإرهاب والفوضى ولكن حرم بعض المستحقين، وإن تبدلت بعض الأحوال. في اعتقادي أن الإرهاب مازال يجد طرقا للتمويل وعطل الواهبين للعمل الخيري الحقيقي، وأدى إلى عودة العمل الخيري الفردي الذي سبق حقبة قيام المؤسسات الخيرية المرخصة والمنظمة، ومعظم البرامج الخيرية لدينا هي مساعدات نقدية مباشرة.
ولنستعرض بعض الأعمال المستجدة التي تقوم بها بعض الجمعيات، وأولها البحوث عن احتياجات المجتمع، مثل نسب الفقر وأسبابه، والوظائف النسائية ومشاكل المراهقين، وإن قامت بعض الجمعيات لدينا ببعض ذلك مثل جمعية الملك خالد رحمه الله، تجسير برامج عالمية ونقلها إلى المحلية يعتبر من أفضل المتغيرات، فنحن لسنا بحاجة لإعادة اختراع العجلة، ودخول أفكار مجربة وناجحة مثل مراكز الأحياء يوسع الأطر والمفهوم الذي يمكن للأعمال الخيرية أن تتوسع إليه.
ودعم برامج التدريب لكسب المهارات أو التعليم لكسب المعرفة، يعتبر عاملا مساعدا وخاصة في ظل وجود وسائل حديثة، مثل الجامعات المفتوحة والشبكة العنكبوتية، يساعد على ذلك ويسهل ذلك كثيرا. وإن حققت نجاحات في مجال الرعاية الصحية للمسنين ولكن مازلنا في أول الطريق، والأولى الرعاية النفسية والاجتماعية وخاصة بتشجيع وتدريب وتعليم العائلات بالقيام بذلك بأنفسهم، وليس بإرسال ممرضات أو إنشاء دور للمسنين.
مجتمعنا بحاجة لإعادة تأهيل وتقليل الاعتماد على العمالة الأجنبية في الخدمات، هدفنا تطوير العمل الخيري واستدامته.. ولنا عود.
20:14 | 3-12-2015

ثقافة التغيير ورفضه

صرح رئيس أحد المجالس البلدية بأن وزارة المالية وأرامكو يتحملان المسؤولية في غرق مدينته بالسيول. سلسلة القرار ما زالت تدور وتدور حول المشاكل بلا حل ولعقود. الأمل في الله ثم حكومة الحزم. لأننا اكتشفنا الكثير والكثير من القرارات او اللا قرارات او عدم تنفيذ قرارات في طريقة إدارة القرار. فعندما تحدث كارثة ويصدر قرار او تصدر تعليمات فمن تلك اللحظة الى ان يكون التنفيذ على ارض الواقع يقبع ما يسمى بالفعالية. وهي اسلوب سريان قرار او تعليمات وتحويله الى شيء ملموس.
افتراض المسؤول ان تعليماته تنفذ هو الشيء الطبيعي في المؤسسة الناجحة والتى تملك حرية القرار. لكن دوامة القطاع العام تكمن في ما يسمى بالبيروقراطية. وأول سبب للوم وزارة المالية بسيط وهو انها لا تعمل كما يعمل القطاع الخاص. وزارة المالية من اعقد الاليات وعندما تصدر تعليمات للمستمع البسيط يعتقد ان اي تعليمات تعني الان وان الامر انتهى والجميع يستطيعون الذهاب الى بيوتهم والنوم لان قرارا سينفذ من وزارة المالية. والواقع غير ذلك. هنالك اول عقبة تواجه كل موضوع يطرح بل وهذا ما لا يعيه الكثيرون هي ان تجد جهة متخصصة في الموضوع. طبعا في دول العالم الاول تفتح دليل او دفتر الهاتف او النت لتبحث عن افضل جهة متخصصة في المجال. اما في العالم الثالث فانت لا تعرف ماهية هذا المتخصص. والادهى ان الذي يبحث هو نفسه ليس مؤهلا للبحث عن المتخصص. وحينها تبدا في اول معضلة من يفهم في هذا الموضوع. وتبدا ثقافة محلية بحتة اسمعها على اعلى المستويات وهي اختراع محلي «هل تعرف لنا واحد متخصص في هذا الموضوع؟» وانا هنا لا أفكر حتى في الاستهزاء والعياذ بالله ولكني أقول الحقيقة.
وهنا تبدو الثقافة المحلية في اجمل صورها وهي القدرة على الفتوى في اي شيء. فتبدأ رحلة ثلاثة انواع من المفتين. اولا الانتهازي الذي يدلي بان الجهة الفلانية والتي له فيها مصلحة بأنها الأفضل والنوع الثاني المستمع ويقول سمعت ان الجهة الفلانية هي المتخصصة في هذا المجال، والثالث وهذه الضربة المميتة من يفتي بان التغيير مطلوب فلنستند على الخبرة المحلية ونشجع الجامعة في مدينتنا، والرابع ان يوكل البحث لجهة استشارية محلية. وهي مرحلة قبل مربع رقم واحد. ولكن عند تقديم الطلبات لوزارة يأتيها يوميا مئات الطلبات من جهات كلها مهمة وكلها تحمل توقيع شخصيات اكثر من مهمة. الجميع يتوقع ان الجالس على الصندوق يقوم فورا بالصرف والتعميد والموافقة. وهذا ليس صحيحا. بل لديه الية للصرف معقدة لحماية ما هو مسؤول عنه وهو المال العام. ولدى هذه الجهة إيمان تام بان المطلوب ليس ضروريا كما يلوح للطالب ولا يقع على رأس قائمة الاولويات للصرف. ويوجد أشخاص معمرون في الوزارة يعرفون شيئا اسمه الوقت والمال وان الاستعجال من الشيطان. وأنهم لو استجابوا بسرعة لكل طلب لما بقي لديهم مخزون اسمه النقد.
ويعاني بعض قاصدي وزارة المالية من الاحباط وله علاج اما الوزارة فلا تعاني من اي شيء فهو عمل وهم يحملون اي موضوع بمحمل الجد وعملت مع الكثير منهم. وهم اشبه بجنود الحراسات وعندهم الجميع مشتبه به حتى يثبت حاجته للمال الحقيقي. اما ان تحلم جهة وتفترض ان كل ما نريد يمكن الحصول عليه فهذا من سابع المستحيلات. والموضوع شيق ولنا عود اليه. وابتسامة الوزير لا تعني حصولك على اي شيء. لانه يبتسم للجميع فيعتقد المتفائل انه قد حصل على ما لم ينله الأوائل. ويكون الوزير قد استعمل ما يسمى بنظام النسب وقرر ان هذا الشيء سيحصل على عشرة بالمائة وهذا كثير. ويذهب المتفائل الى دائرته ويقول الوزير وعد خير. وهي لغة تعني لدي أولويات وسأعطيك 10 او 20 %‏ من طلبك لا غير. بينما المتلقي لا يعرف السبب في حرمانه. ويبتسم ونبتسم وكل ميزانية والجميع بخير.
19:47 | 26-11-2015

إصرار وتحدٍ

من اجمل ما رأيت في حياتي كان في أوروبا سيدة في الثمانين ورجل من ذوي الاحتياجات الخاصة. الرجل يتحرك على كرسي ولا يستطيع الوقوف لكنه يمارس لعب كرة السلة والتنس الأرضي والكرة الطائرة كل يوم. يلعب افضل من كثير من المحترفين ممن ارى في عالمنا وبالطبع افضل مني. يتحرك ويقاتل ولا ينهزم. ديناميكي وسريع وينتصر في كل مرة. مثل هذا يدفع الانسان الصحيح لتحسين مستواه. هو مدرسة متحركة في الإصرار هو مثال حي يجب ان ندعوه لزيارة بعض مدارسنا او تصويره ووضعه على قنواتنا الفضائية. ربما قنوات الطبخ والرياضة والسياسة!
أما الثانية فهي عجوز تلعب التنس الأرضي لمدة ثلاث ساعات يوميا ليست نجمة لكنها تلعب ثلاث ساعات. نحيلة وجسمها كله عضلات وهي في هذا العمر تبدو اصغر بعشرين عاما. مبتسمة دوما وتتكلم كثيرا لأنها سعيدة. هؤلاء لديهم اصرار على الحياة والمجتمع لديه اصرار لتقبلهم. لأنه مثال حي لما يمكن ان يكون عليه الانسان في المستقبل. لا تسمع الا المديح لها بين مجتمعها. ولا يتصرف اي شخص وكأنها اعجوبة. لانهم يعتبرون ذلك من خصوصياتها. او المزاح والهزل والاحباط لمثل هذه بل رأيت كل احترام وتقدير لها. اما صاحبنا من ذوي الاحتياجات الخاصة فهو يخجل الاخرين بقوته وعزيمته واصراره فلا مجال للتندر او اي شيء اخر. واعتقد ان رسالة التشجيع والدفع للإنسان الى الامام لها ضرورة لدينا اكثر من غيرنا. فأرى الاحباط يصيب الكثيرين لدينا بمجرد ان انتقدهم احد او ظلمهم او تعدى عليهم او حاربهم. ان الاجابة على كل هؤلاء هو الإصرار على النجاح وتركهم مثل الكلاب تعوي خلف القافلة بينما هي تسير من نجاح الى اخر بتوفيق الله. بينما في الأرجنتين أوجدوا طريقة يلعب بها العمي الذين فقدوا نعمة الابصار تماما للعب التنس. وذلك بصنع كرات بداخلها ما يشبه لعبة الرضع بكرات تصدر أصواتا عند الحركة. وتكون في ملعب البادمنتون بدلا من التنس الأرضي. المهم هو الإصرار على إسعاد الانسان لا التنكيد عليه. عندما يصبح هدف الانسان يوميا سؤال نفسه كم ومن ستسعد اليوم. اصرار النفس على ان يكون الإسعاد هدفا. والأقربون اولى بالمعروف وأكرر الاقربون وبعد ذلك من حولك. عندما يصبح هدف المسؤول إسعاد المواطن وهدف كل مقدم خدمة إسعاد طالبها انتشرت السعادة انتشار النار في الهشيم. هنالك فرق كبير بين انزواء ذوي الاحتياجات الخاصة خلف الجدران وبين إصرارهم على الإبداع في شتى المجالات حسب اختيارهم وبين هجر كبار السن مع الممرضات والخدم وبين إصرارهم على اداء ما لا يمكن تصوره حتى للشباب مثل العجوز الفرنسية في الثمانين. ادعو الله ان أكون منهم. وان يحمي المجتمع من إعدائه المحبطين والمنتقدين والحاسدين وذوي الألسنة الحداد.
19:41 | 19-11-2015

قوة أدوات التواصل الاجتماعي سياسيا

لابد أن نعترف أن وسائل التواصل الاجتماعي هي من أبواب نشر العدالة وكشف المستور ولها إيجابيات جمة تمنع الظلم. العالم يتغير بسرعة أكبر من قدرة المؤسسات والحكومات على الجاهزية لمواجهة تحدي وسائل التواصل الاجتماعي. وسأكون هنا محللا لقوة التغريدات في تويتر مثلا او الصور في انستغرام أو إنشاء المجموعات في الفيس بوك. البطولة بأن يصبح فجأة شخص مجهول وربما ليس باسم حقيقي بل باسم مستعار وربما غير متعلم ولا يمتلك أي مؤهلات سوى التغريد والكتابة وبجمل قصيرة فيصبح بطلا وبآلاف المتابعين. والأخطر هنا انه بعد تكوين التوجهات والمجموعات يستطيع ان يمحو جميع ما كتب ولا تستطيع إثبات ما كتب إلا بالتسجيل والحفظ للملف المكتوب. والذي قد يحدث ان يكتب شخص كلمات يعبر فيها عن ظلمه من مؤسسة كبرى وتبيع بالمليارات وهو كاذب أو أن يدعي مبدأ معينا او اتجاها سياسيا محددا ويجرف وراءه الآلاف. وارى الكثير ممن يحاول بل وحاول مرارا في وسائل التواصل أن يدخل في حوارات ليلفت الانتباه اليه ولم يفلح. واستمر هكذا لأيام. وحاول العديد من المغردين التجمع معه ولكن لم يفلحوا في تكوين ما يسمى بالموج او الاتجاهية او التجمع . ولكن بمجرد ان دخل مغرد آخر أراد ان يدخل على الخط ويغرد مع هذا الشخص ولكن بأسلوب جديد وهو أسلوب اللطم والظلم وانه ضحية. بمجرد أنه غرد بظلمه من مؤسسة كبرى وجد ان هذا الأسلوب قد وجد له مجموعة متجانسة عرفت من اسمه أنه يجب دعم قريبهم او صديقهم او من مدينتهم او ناديهم او مذهبهم فكونوا مجموعة صغيرة لا بأس بها. المجموعة الصغيرة الأولى فجأة لاحظت ان أسلوب هذا المستجد يمكن ان تبني قضية اهم وهي بدل الاتهام بالكذب والفبركة للمؤسسة الكبيرة ان تستعمل أسلوب الظلم والاضطهاد والقهر من المؤسسات الكبيرة للفرد. وهذه تجد تجاوبا اكبر. هذا الأسلوب كان أجدى على الرغم من انه مبني على ادعاءات كاذبة. وهنا تأتي خطورة التويتر في أنه اذا واجه المغرد أشخاص يهمهم سمعتهم مثل المؤسسات الديناصورية الكبيرة فهو ناجح لا محالة. لأنه بالتوازي تبدأ مجموعة اخرى في اتباع أسلوب الشتم والغوغائية والتكتل وهذه دوما تجلب الانتباه. وهذا يعجب الناس الغوغائيين للتسلية. وهنا لا بد من الحزم السريع وهذا مثل قوات التدخل السريع لدرء الفتن في مهدها ومنع تكون الاتجاهية السلبية المدمرة. وكما قلنا ان الاتجاهية هي trending باللغة الانجليزية. من أسوأ ما يمكن ان يحدث هنا هو دخول مثلا جمعيات ذات وزن على الخط مثل جمعية البيئة أو حماية المستهلك او حقوق الإنسان. وهي سلاح ذو حدين. المخيف هنا اشتباك هذه الاتجاهات مع الرغبة من مسؤول بالقرارات الشعبوية. وهذا حدث في أمريكا قبل التويتر بعقود في قضايا رالف نادر المشهور مع جنرال موتورز. بينما حاليا لو غردت بأن السيارة المعينة فيها خلل تقني ووجد شخص مغرض وربما يكون منافسا ويبيع سيارة منافسة ادعى ملكيته لسيارة مماثلة ولو باسم مستعار وحقائق مغرضة وتواجد شخص آخر حاقد على هذه الوكالة للسيارات وقال انها تبيع سيارات بها عيوب بدون إثبات للادعاء. وتجمع خمسة آلاف شخص معظمهم بأجندة مغرضة ليس لها علاقة بالواقع. في هذه اللحظة التي يصرح مسؤول بأنه سيمنع بيع هذا النوع من السيارات أعطى هؤلاء رخصة للعبث ليس في هذا الموضوع فقط ولكن بكل شيء يختاره الفرد. وهنالك طعم حلو وإدماني لهذه التجربة متى ماذاق الفرد طعم البطولة ووجود من يهتم به وبعدها لن يتوقف عند موضوع معين. بل سيعقبه بأي موضوع جديد ليعود الى الواجهة والمسرح الهزلي . إذن الخلاصة هي وجود جهاز معين يتابع المواضيع المنتجة لتتابع واتجاهية متصاعدة لمواضيع قد تشكل خطرا على أمن المجتمع. ومنع انتشارها كالنار في الهشيم. كل شيء له منافع ومضار وخاصة إن زاد عن الجرعة المناسبة.

mohammed.abudawood@yahoo.com
19:58 | 12-11-2015

الفقراء يتحولون إلى أغنياء

خلاصة هذا الموضوع هو ان نعتمد على العمالة المحلية الوطنية ونطور قدراتها ومهاراتها ونرفع الانتاجية ونستغني عن العمالة باستخدام التقنية. وهذا هو افضل عمل نقوم به. فالفقراء يتحولون الى أغنياء في اسواق العمالة المستوردة. فبالشكر تدوم النعم ولكل شيء اذا ما تم نقصان فلا يغر بطيب العيش إنسان، هي الأمور كما شاهدتها دول من سره زمن ساءته أزمان، نريد ان نتكلم إحصائيا عما يحصل في بعض الدول التى لازم اسمها الفقر حتى في عقولنا. ان اهم طبقة اقتصادية يجب بناؤها والاستثمار فيها هي الطبقة المتوسطة. وهذه الطبقة هي من اهم المعايير في تقييم اي اقتصاد قوي في دول العالم. وتنظر الى مستوى التعليم الذي تحصل عليه هذه الطبقة ومن ثم الرعاية الصحية والوظائف المتاحة لها ومن ثم امتلاك المساكن والاستثمار او حساب التوفير الممكن لها اي انها تنفق اقل من دخلها. وطبعا بعد ذلك مستوى التغذية والترفيه والحرية التى تتمتع بها والمستوى الأمني والاستقرار الذي تعيش فيه. والمعايير تصل الى 160 معيارا وفي بعض الدول لا يعرفون حتى ما هي ولا يريدون ان يعملوا بها. ولنبدأ بدولة مثل اندونيسيا التى تتغير يوما بعد يوم بينما يعتقد معظم الناس انها دولة فقيرة تتراجع في مشاكل العالم الثالث بينما هي تسير بخطى سريعة نحو المقدمة. مثلا قبل خمس سنوات كان عدد من دخولهم متوسطة 66 مليونا بينما هم اليوم 97 مليون نسمة والمتوقع بعد 5 سنوات ان يصبحوا 140 مليونا. اما الفلبين التى نرتبط معها ارتباطا تاريخيا وثيقا في دول الخليج فالطبقة المتوسطة فيها كانت 24 مليونا واليوم هم 33 والمتوقع ان يصبحوا 45 مليونا بعد 5 سنوات. اما بنغلاديش فالأرقام هي 7.4 وستصبح 12 مليونا. المهم هنا ثلاثة مواضيع أولها ان هنالك تغييرا جذريا في دول كانت تنهار امام اعين العالم واليوم عادت الى النمو والتغيير الى الأفضل. والثاني ان هذه الدول تنافس العالم صناعيا وخدميا وحتى عسكريا فلديها مئات الملايين من السكان الذين تحسنت اوضاعهم وتحسنت حكوماتهم وأنظمتهم. والثالث هو ان موضوع العمالة وتزويد اسواق الخليج بها قد يصبح مستحيلا خلال عشرين عاما. اي ان جيل أطفال اليوم لن يحصل اطفالهم على رعاية فلبينية او اندونيسية. وربما تصبح هذه العادة والحاجة سلعة ذات قيمة عالية لهم وعليهم إيجاد بدائل مثل الاعتماد على أنفسهم وعلى العمالة المحلية. بل ربما تصبح عادة تهدر نسبة عالية من مداخيلهم فعليهم التخطيط لذلك اكثر من هذا الجيل المدلل والمحظوظ. والادهى اننا سندفع رواتب اعلى كل عام لأن العامل الفلبيني والإندونيسي سيجد سوقين لهجر اسواقنا ومنازلنا أولهما وجود من يدفع له هذا الراتب في بلاده والثاني انه ستوجد اسواق اخرى مثل هونج كونج وأستراليا والصين واليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة وماليزيا وكندا وأوروبا. إذن هنالك منافسة في الطرف الاخر من المعادلة وهذا مربط الفرس. فتقع على الدول التى تتدهور نسبة مداخيل الفرد مسؤولية النظر الى الوسائل والاساليب والخطط الحقيقية الذكية التى تبني مداخيل سكانها. ويبدأ التغيير بالعقل البشري للإنسان وقيمه ومعرفته وخاصة المهارات المهنية والتحليلية واليدوية.
19:30 | 5-11-2015

الإصرار الحقيقي

بحثت عن أفضل قصص الإصرار في التاريخ ولم أجد أفضل من قصة إصرار رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم بالدعوة إلى دين الله باللين والعفو والتي هي أحسن. بينما لديه وسائل القوة والإعجاز والفرض لأن الله خيره وأعطاه الخيار في الكيفية. وهذه نقطة مهمة في أنه اختار الطريق الصعب والشاق. أعطي الخيار في أن يكون له الملك والمال ولكنه اختار الفقر والمعاناة له ولمن معه. عانت أمهات المؤمنين وبناته الفاضلات وصحابته اختيارا كان هو خير قدوة لهم. هذا الرسول الكريم المتسامح تميز بزهده في ملبسه وأكله ومسكنه وكرمه بكل ما يملك وحلمه على المشركين والكفار، وصبره على العذاب والفقر وأذى ذوي القربى له وإصراره على أن يوصل الرسالة ويؤدي الأمانة. وقد عرض عليه ما شاء من قريش. وطيبته وتواضعه وحبه للفقراء والجلوس معهم وتقواه وشكره لله وحمده مدرسة في الإصرار مازال العالم بكافة مستشرقيه وأكاديمييه فهم هذا الإعجاز وكيف تحقق، لدارسي الاستراتيجية لا يوجد منهج مثل هذا في الإصرار يمكن تقليده أو محاكاته. في ظروف المحيط الذي كان فيه رسول الله يمكن المحاولة بالدعوة ولكن لا يمكن النجاح. كل الموانع موجودة في هذه الحالة الديناميكية. طبعا هي إرادة الله قبل كل شيء ورسول الله يعرف هذا ويعرفه يقينا. طبعا لا يمكن أن حتى أن نحاول أن نسرد الحقيقة والمعاناة هنا أو بعضا من إصرار رسول الله. لأن وضعه في أول الدعوة لا يمكن أن يعيه بشر، لأن عناد قريش لا مثيل له وقد أخذتهم العزة بالإثم. كان يمكن أن يقابل ذلك أن يطبق الأخشبين عليهم ومقابلة الشدة بالشدة ولكنه اختار طريق الرحمة والمحبة والرفق صلى الله عليه وسلم. إنه إصرار من نوع فريد، تحفه الرغبة في أن يكون رحمة للعالمين. والوضع في أول الإسلام لم يكن كما كان في حجة الوداع، الكثير من الناس بل حتى المؤرخين افترضوا أن الإسلام في بداياته كان كما في الحج الأخير لرسول الله. ورجال قريش عتاولة أفذاذ متكبرون ويأتي ابنهم ليدعوهم إلى دين جديد. وهنا نقطة الاختلاف في الوعي بالوضع الكلي لأهل هذه المنطقة. فكفرهم ليس من جهل بل من كبرياء في رأيي. وكفر الكبرياء أشد من كفر الجهل. لأن الجاهل إذا عرف الحق آمن. أما المتكبر فهو إن عرفه لا يقبله فهو قوة شيطانية ومدمرة. وشاهدنا في عصرنا الحالي قوادا لدول عربية. هؤلاء ليسوا الا من أمثال أكابر مجرميها في قريش وإلا لما نزلت فيهم آيات ربانية. التفنن في عذاب المسلمين والإبداع في صنوفه. الإصرار له طريقان لا ثالث لهما إما الثبات والسير إلى الأمام والقتال حتى الفوز أو الموت أو اختيار طريق السلام والرضا والدعوة بالحسنى. وكلاهما صعب.
19:39 | 29-10-2015

إصرار وزارة العمل

دعتني ام بي سي للمشاركة في برنامج تلفزيوني بالتعاون مع صندوق الموارد البشرية ووزارة العمل السعودية وشركات من القطاع الخاص تربو على 13 شركة لإنجاز برنامج عن توظيف العمالة الوطنية. وهذا كان تجربة مميزة بالنسبة لي لان هذا الهدف يعد الاسمى في مساعدة الشباب السعودي على العمل. لكن الأهم هو ان من خلال هذه التجربة تعلمت الكثير وأكثر مما توقعت. ان موضوع التوظيف شامل لكافة فئات المجتمع وليس فقط ما يظنه البعض بان هذه مسؤولية الدولة ممثلة في وزارة العمل. وثانيا ان أهم عنصر هو الفرد نفسه سواء شابا او شابة في سن العمل. وهذا العنصر البشري يبدأ تكوينه العملي في المنزل وأساسه التربية والعادات التى يطبقها في أسلوب حياته. والمفاهيم لمعنى العمل. فالكيفية التى نعلمه بها عن تعامله مع المربية مثلا ترسخ في ذهنه. فان كانت من مفهوم الامر الناهي والسيد المتسلط فبالله كيف يستطيع هذا الانسان تقبل الأوامر في العمل. وهذه واجهتها في مواجهات كثيرة عانينا الامرين من فرد أقنعته أمه ووالده وعائلته انه متميز وانه مهم ويفعل ما يشاء. وخرج للعالم العملي والعام وأصبح فضيحة لعائلته بتسلطه وتطاوله على كل مسئول. هو مقتنع انه ذكي ومحبوب وهو في الواقع مشكلة مجتمعية لم يستطع ان يحلها احد حتى كبر سنه. وتخريبه لعلاقاته وعائلته مع المجتمع وكرهته النساء وتسبب بجنونه في وفاة زوجته لكمية الضغط المستمر والتوتر في حياتها. فالتربية هي الأساس. والعنصر الثاني المهم جدا هو التعامل مع المجتمع بكل فئاته وكيفية التواصل معه. وتقديمهم لمجالس الرجال او السيدات التى يسمح فيها لصغار السن بالتفاعل معهم مهمة. وهذه الجزئية افتقدت في المجتمع الان ونتائجها وخيمة لعدم قدرة الشباب على التعبير عن أنفسهم بطلاقة. والعنصر الثالث هو التعليم وانا استغرب من بعض مخرجات التعليم السيئة جدا لدينا حتى لخريجي جامعات. فهم لم يعطوا من المنطق الا القليل. وقدرات التحليل والربط بين الأشياء الا القلة. طبعا نستثني الجامعات المتطورة مثل جامعة البترول او الحكمة وعفت للبنات وكليات الهندسة والطب والعلوم والمعاهد الفنية وكليات التقنية. وحتى لا اظلم احدا هذا ليس الا بالحكم من خلال المخرجات التى شاهدتها. وهنا لا بد من مراجعة شاملة لكل نظام التعليم والبحث عن الاستعمال الأمثل للموارد. العنصر الاخر في منظومة مدخلات سوق العمل هي المهارات التى يتحصل عليها الشباب. وهذه تأخذني الى منحى النشاطات التى يقضون عمرا من الزمن في أشياء لا يكون لها اي مردود ذهني او بدني إيجابي عليهم. ولهذا من صدف البرنامج ولضيق الوقت كان من ضمن البرنامج وضع الشباب والشابات في بيئة متوترة ومنهكة نسبيا. والعمل في التصوير والقيام بالمهام لساعات طويلة تبدأ من السابعة صباحا وتمتد الى السابعة مساء.
19:15 | 22-10-2015