أخبار السعودية | صحيفة عكاظ - author
--°C
تحميل...
⌄
لوحة القيادة
خروج
الرئيسية
محليات
سياسة
اقتصاد
فيديو
رياضة
بودكاست
ثقافة وفن
منوعات
مقالات
ملتيميديا
المزيد
الرياضات الإلكترونية
سعوديات
ازياء
سياحة
الناس
تحقيقات
تكنولوجيا
صوت المواطن
زوايا متخصصة
مركز المعلومات
⌄
لوحة القيادة
خروج
الرئيسية
محليات
سياسة
اقتصاد
فيديو
رياضة
بودكاست
ثقافة وفن
منوعات
مقالات
ملتيميديا
المزيد
الرياضات الإلكترونية
سعوديات
ازياء
سياحة
الناس
تحقيقات
تكنولوجيا
صوت المواطن
زوايا متخصصة
مركز المعلومات
الرياضات الإلكترونية
سعوديات
ازياء
سياحة
الناس
تحقيقات
تكنولوجيا
صوت المواطن
زوايا متخصصة
مركز المعلومات
تصفح عدد اليوم
غسان بادكوك
المدارس العالمية.. انتهازية مستثمرين أم تغاضي مسؤولين؟!
تلقيت خلال الأسابيع الماضية، العديد من الاتصالات والرسائل من القراء الكرام؛ طالبوا فيها بإلقاء الضوء على تجاوزات بعض المدارس العالمية (International school)، ولفت انتباه مسؤولي التعليم لمخالفاتها العديدة، وتوخّيا للموضوعية، فقد حرصت على تقصّي الموضوع من مصادر متعددة، أجمعَت على كثرة تجاوزات معظم مدارسنا العالمية.
والمؤكد هو أن الشكوى المتكررة لقطاع متزايد في المجتمع من تلك المدارس ليست من قبيل المبالغات، بل لها أسبابها الموضوعية التي يمكن تلخيصها في أن معظم المدارس العالمية العاملة في المملكة قد (تنمّرت) على أولياء أمور الطلاب؛ يحدث ذلك معزل عن رقابة (حازمة) من وزارة التعليم التي كان ضعف بنيتها التعليمية هو أحد أسباب تزايد انتشار تلك المدارس في المملكة وحرص الكثير من الأسر على إلحاق أبنائها وبناتها بها؛ أملا في زيادة جودة تحصيلهم العلمي واللغوي والتربوي، تعويضا للخلل الواضح في مناهج التعليم العام؛ بشقيه الحكومي والأهلي.
وقد لا يعلم البعض أن المدارس العالمية أنشئت في البداية لتعليم الطلاب الذين يعيشون في خارج بلدانهم الأم من أبناء الجاليات الأجنبية؛ لذلك تعتمد تلك المدارس على مناهج تعليم دولية تختلف عن مناهج البلدان التي تتواجد فيها؛ الأمر الذي يتيح انتقال الطالب بسلاسة للتعليم في المدارس المشابهة بمختلف دول العالم، ومن أهم ما يميزها ما يلي:
1. كون الدراسة فيها بلغات أجنبية؛ في مقدمتها اللغة الإنجليزية.
2. تنوع جنسيات كادرها التعليمي.
3. تركيزها على المواد العلمية والتطبيقية.
4. خلوها من الحشو المعتاد في مناهجنا.
5. قدرتها على حفز الملكات الفكرية للطلاب، وتعويدهم على التعايش في بيئة متعددة الثقافات.
العوامل السابقة جعلت طلاب المدارس العالمية أكثر قدرة على قبول المختلفين عنهم في الأفكار والدين والعرق والجنس واللون والجنسية؛ ولعل هذا هو من أبرز ما نفتقده في مدارسنا المحلية!، لذلك لم يكن غريبا حرص الكثير من السعوديين على إلحاق أبنائهم بالمدارس الدولية لتوفير أفضل فرص تعليم ممكنة لهم محليا، والاستفادة من النهج التعليمي المختلف كثيرا عما تقدمه مدارس تعليمنا العام؛ سواء في الأهداف والمناهج أو في المرافق والأنشطة، الأمر الذي سرعان ما تظهر نتائجه الإيجابية عند التحاقهم بالتعليم الجامعي، وقد تزايد التحاق الطلاب السعوديين بالمدارس العالمية بعد قرار وزارة (التربية والتعليم) في سبتمبر 2013 القاضي بالسماح للمواطنين بإلحاق أبنائهم بمدارس لا تعتمد (العربية) إلّا في مناهج الدين واللغة العربية.
ولا تتوقف تجاوزات معظم المدارس العالمية على ارتفاع رسومها المبالغ فيها لحد كبير؛ إذ تصل التكلفة السنوية لتعليم طفل في المرحلة الابتدائية في بعضها إلى 60 ألف ريال؛ وهو مبلغ يعادل تكلفة سنة دراسية لطالب جامعي في كلية خاصة! وإنما ترتكب تلك المدارس جملة من المخالفات الأخرى؛ دينية ونظامية واجتماعية وحضارية ومنهجية منها:
1. عدم الاهتمام (كليا أو جزئيا) بالمواد والشعائر الدينية للطلاب (المسلمين) وأولها الصلاة.
2. التساهل في تعليم اللغة العربية للطلاب الناطقين بها.
3. إعلاء القيم والنماذج الغربية، وإهمال التاريخ والثقافة والحضارة الإسلامية وهو ما يؤثر على هوية وقيم الطلاب الصغار.
4. الزيادة (السنوية) المستمرة على الرسوم الدراسية (الباهظة أصلا)؛ دون وجود مبررات (منطقية) لتلك الزيادات.
5. وقف إعطاء الخصومات المعتادة على رسوم الدراسة في حالة وجود إخوة في المدرسة.
6. تنمية النزعة الاستهلاكية والفوقية في نفوس النشء بتركيزها على القيم المادية البحتة وهو ما يجعل الأطفال مهتمين منذ الصغر بالماركات والمقتنيات الثمينة، وينظرون بتعالٍ لزملائهم الذين لا يمتلكون مثل تلك الأشياء غالية الثمن.
7. التساهل في تقييم النتائج الدراسية للطلاب الذين يحصل معظمهم على درجات التفوق؛ قبل أن يكتشف الأهالي ضعف مستوى الأبناء خلال اختبارات القبول في مدارس أخرى؛ في حال قرروا نقلهم من مدارسهم!
8. الارتفاع الكبير في أسعار الكتب واللوازم الدراسية الأخرى.
9. فرض رسوم تسجيل عالية جدا مقارنة بالمدارس الخاصة.
10. فرض رسوم على اختبارات القبول دون أن يتم خصمها من رسوم التسجيل! وإعادة تلك الاختبارات لأكثر من مرة لتبرير طلب مقابل مادي لكل اختبار!
12. وضع مواصفات خاصة للزي المدرسي (Dress code) لإجبار الأسر على شراء الزي المرتفع الثمن من المدرسة، رغم رداءة المواد المستخدمة في تصنيعه.
13. ارتفاع أجور المواصلات بشكل كبير لتصل إلى 2000 ريال في التيرم للطفل الواحد الذي قد لا يبعد منزله عن المدرسة مسافة 500 متر.
14. اعتماد وجبات طعام غير صحية وغنية بالدهون والسكريات والمنكهات والصبغات.
15. محدودية فرص العمل التي تتيحها للمعلمين السعوديين المؤهلين بشكل كبير، وضعف الأجور التي تدفعها لطاقم التعليم من الجنسيات العربية.
16. استخدام الطلاب للضغط على أسرهم لدفع مبالغ مرتفعة مقابل مشاركتهم في مناسبات مدرسية أو زيارة بعض المرافق الترفيهية التي لا تضيف الكثير لثقافة ومعلومات الطلاب.
وعلى ضوء التجاوزات السابقة، فإن الكثير من أولياء أمور الطلاب الذين ألحقوا أبناءهم بتلك المدارس باتوا مقتنعين بأنها تحولت إلى مدارس (بزنس) فقط بعد أن أصبحت مجالا مفضلا لبعض المستثمرين الجشعين الذين لا هم لهم سوى البعد التجاري فقط.
gbadkook@yahoo.com
21:15 | 30-09-2016
«جاستا».. العلاقات السعودية ـ الأمريكية على المحك
عاد شبح 11 / 9 ليضرب مجددا العلاقات التاريخية بين المملكة والولايات المتحدة بعد أن تعرضت في السنوات الأخيرة لانتكاسات متتالية لا يتسع المجال لذكرها أو لأسبابها، حيث أقرت الولايات المتحدة الأمريكية قبل نحو أسبوعين وبالتزامن مع الذكرى الخامسة عشرة لهجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001، قانونا خطيرا تمت حياكته خصيصا على مقاس المملكة حيث وافق الكونجرس الأمريكي بمجلسيه (الشيوخ والنواب) وبأغلبية ساحقة على قانون (مُسيّس) بدرجة مكشوفة ومن شأن تنفيذه الإضرار ببلادنا، التشريع الذي أطلق عليه اسم قانون العدالة ضد الإرهاب، ويعرف اختصارا بإسم (جاستا)، يسمح لعائلات ضحايا تلك الأحداث الأليمة بمقاضاة المملكة وكبار مسؤوليها، أمام المحاكم المدنية الأمريكية للحصول على تعويضات عن الوفيات أو الإصابات.
والأكيد هو أن إقرار هذا القانون الخطير لم يكن مفاجئاً بالنسبة للكثير من مراقبي المتغيرات السياسة في واشنطن التي لم يعد خافيا غضها الطرف عن انتهاكات إيران (المصنفة أمريكيا باعتبارها دولة راعية للإرهاب) وتأسيسها لمنظمات إرهابية يتقدمها (حزب الله)، وتمويلها للعديد من الحركات (الجهادية) المتطرفة، ودعمها المُثبت للقاعدة، إضافة لسجلها الأسود في حقوق الإنسان وقمع المعارضين السياسيين، مع استمرار التأييد الأمريكي الأعمى لإسرائيل رغم ممارساتها الوحشية ضد الشعب الفلسطيني، ومما يؤكد النية المبيتة لإصدار القانون، إصرار بعض دوائر صنع القرار الأمريكية طوال السنوات التي تلت هجمات سبتمبر على إخفاء محتويات 28 صفحة من تحقيقات الحادثة؛ بحجج واهية أهمها زعم احتوائها على أدلة إدانة للمملكة!، واحتمالية تسببها في إحراجنا في المحافل الدولية، وتأزيم العلاقات بين البلدين! اللذين نجحا في الحفاظ عليها جيدة لحد كبير طوال عقود.
ويبدو واضحا الآن بعد أن تم أخيرا الكشف عن المحتوى القانوني (الهزيل) لتلك الصفحات أن هناك أصابع خفية في واشنطن، وربما خارجها، كانت وراء المحاولات المستمرة الهادفة لإلصاق مسؤولية الهجمات بالمملكة؛ ربما تمهيدا لوضع اليد على الأصول المالية السعودية في الولايات المتحدة؛ أو جزء منها على الأقل، وإضعاف مواقف المملكة السياسية ودورها المحوري المؤثر في الأحداث الجارية في المنطقة عموما، وعلى حدها الجنوبي على وجه الخصوص، حدث ذلك على الرغم من انتفاء أية أدلة ثبوتية على ضلوع حكومة المملكة في تلك الهجمات.
ولعل ما يدعو للأسف حقا هو عدم قيام بعض أجهزتنا المعنية بهذا الملف، بالجهود الدبلوماسية والقانونية الكافية داخل الساحة الأمريكية طوال السنوات الماضية، لتأكيد براءة المملكة من تلك الاتهامات، وتقديم براهين نفينا القوية للوسائل الإعلامية المعتدلة، وشرح وجهات نظرنا بشأنها للرأي العام الأمريكي، وبما يكفل عرقلة محاولات الكونجرس - ومَنْ وراءه - لإقرار القانون، وفي مقدمة جهاتنا المعنية كل من وزارة الخارجية ووزارة الإعلام.
على ضوء ما تقدم فإنه يتعين على وزارة الخارجية الآن المبادرة إلى إدارة تحرك دبلوماسي واسع ومؤثر في أروقة الإدارة الأمريكية وكواليسها؛ عبر سفارتنا في واشنطن وممثلياتنا المختلفة هناك، وتتواصل من خلاله مع المشرعين الأمريكيين، كما أن بإمكانها البدء في عقد ندوات ومؤتمرات لمناصرة وجهات النظر السعودية بحضور شخصيات مؤثرة وفاعلة من البلدين؛ خصوصا من المتخصصين في العلوم السياسية من أساتذة جامعاتنا وقادة الرأي من مثقفينا ممن يجيدون فهم الذهنية الأمريكية.
أما المطلوب من وزارة الإعلام فهو إطلاق حملات وبرامج اتصال احترافية في الولايات المتحدة، بالاستعانة بكبريات شركات العلاقات العامة الأمريكية، للتأثير في المؤثرين هناك من أصحاب القرار وصناع الرأي وجماعات الضغط والمفكرين وكبار الإعلاميين، وربما مساعدة كبار الكتاب السعوديين على نشر آرائهم المؤيدة للمملكة في الإعلام الأمريكي.
وبصرف النظر عن الدوافع (الخفيّة) لتمرير تشريع أرعن كهذا سيضر كثيرا بالعلاقات التاريخية بين البلدين التي أصبحت على المحك الآن وربما لن يدرك المشرّعون الأمريكيون خطورة قانونهم الانتقائي إلا عندما تقوم الدول المتضررة من التدخلات الأمريكية، بسن قوانين مماثلة لقانون جاستا، يتم توظيفه لمقاضاة الولايات المتحدة وكبار مسؤوليها السابقين والحاليين، بالنظر لتورطها في قائمة طويلة من الأحداث الدامية التي أودت بحياة عشرات آلاف الأرواح البريئة، وزعزعت أمن واستقرار واقتصاد عشرات الدول حول العالم. إلا أن ما يعنينا في المملكة من قانون جاستا هو مخاطره التي يمكن أن تترتب على بلادنا في حال تطبيقه، وذلك في حالة إخفاق الرئيس الأمريكي في إستخدام حق النقض المقرر أن يتقدم به الرئيس يوم أمس الجمعة بسبب قيام عدد كاف من أعضاء المجلسين، بالتصويت على إلغاء ذلك الحق.
ونظرا لحساسية القانون الأمريكي الجديد بالنسبة لنا، وكونه أداة لابتزاز المملكة والإساءة لسمعتها، فإن المطلوب منا الآن - كسعوديين - هو السعي بكل الوسائل الممكنة؛ وعلى الصعيدين الرسمي والشعبي للوصول إلى صناع القرار في واشنطن وكذلك للرأي العام الأمريكي - إن أمكن - من أجل إقناعهم بسلامة موقف المملكة، وبراءتها من التهمة الباطلة، ودورها المهم في التصدي للإرهاب، والتأكيد على هشاشة القرائن التي استند إليها المشرعون هناك لإصدار القانون، وأنها مجرد «أدلة ظرفية» (circumstantial evidence) لا ينبغي أن يُعتد بها لإدانة المملكة التي تتعرض لموجات متتالية من الإرهاب بشتى أشكاله ودوافعه وداعميه، إلا أن كل ذلك لم يمنعها من أن تكون ثالث دول العالم في تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية والتنموية، كما تقود تحالفا عربيا لدعم الشرعية في بلد شقيق هو اليمن تلبية لطلب رئيسها الشرعي.
ختاما فإنني أعتقد أن الوسيلة الأكثر ملاءمة لنا كأفراد لإيصال مثل هذه الرسائل المهمة هو مخاطبة الكونجرس الأمريكي والبيت الأبيض ووزارة الخارجية مباشرة على عناوينهم الإلكترونية وهي (www.congress.gov) و(www.whitehouse.gov) و (http://www.america.gov/ar) على التوالي، أو عبر حسابات التواصل الاجتماعي؛ لأن مثل هذا الجهد المطلوب يظل أقل كلفة بكثير من المخاطر المترتبة على قيام الكونجرس باتخاذ إجراءات تنفيذية لقانون جاستا، وهو ما يعني عمليا إمكانية استقطاع مبالغ باهظة من أصول المملكة في الولايات المتحدة لدفعها كتعويضات لعوائل أكثر من 3 آلاف ضحية من ضحايا هجمات سبتمبر من مختلف الجنسيات.
gbadkook@yahoo.com
22:27 | 23-09-2016
مصر على الطريق الصحيح .. بدعم المملكة
عدت من القاهرة قبل يومين بعد أن أمضيت فيها إجازة عائلية ممتعة لمدة أسبوعين، تخللها عيد الأضحى المبارك. الملاحظة الأبرز هذا الصيف هناك هي عودة السياحة في مصر الشقيقة لحركتها الكثيفة المعهودة في مثل هذا الموسم؛ بعد التراجع الكبير على أعداد السياح في السنوات الماضية التي تلت ثورتي يناير 2011 ويونيو 2013. السبب الأبرز لذلك برأيي هو النجاح الملموس للحكومة المصرية في ضبط الأوضاع الأمنية إلى حد كبير، وإعادة الاستقرار للبلاد، وهو ما شكل رسالة اطمئنان لعشاق مصر الذين ترددوا في زيارتها في السنوات القليلة الماضية، ورغم قدرة الشعب المصري على تجاوز تلك المحنة، فقد تركت الثورتان أثرهما السلبي على الحركة السياحية في مصر، قبل أن تعاود السياحة نشاطها تدريجيا مع تحسن الحالة الأمنية، وتعزز الاستقرار السياسي، وتسارع وتيرة الإصلاحات الاقتصادية.
وسأحاول في مقال اليوم رصد أبرز انطباعاتي ومشاهداتي خلال رحلتي للقاهرة التي عدت إليها بعد سنتين منذ آخر زيارة لها خلال صيف عام 2014، في ذلك الوقت كان الوضع الأمني لا يزال هشاً، وهو ما جعل الزائر للقاهرة آنذاك يتجنّب التجول في الشوارع الرئيسية والأماكن العامة، كما كان انقطاع التيار الكهربائي أمراً مألوفاً في معظم الأحياء، في حين كانت السيارات تصطف بالعشرات أمام محطات البنزين الفارغة من مشتقات الوقود، وكانت المؤسسات المالية الدولية مترددة في تقديم القروض لمصر، في حين لم يكن من الصعوبة رصد مظاهر الكساد في الأسواق التجارية، وهنا لا بد من الإشادة بالمواقف المشرفة لحكومة المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -يحفظه الله- في دعم مصر الشقيقة بشتى الوسائل خصوصا خلال زيارته الأخيرة لها، وهو ما أسهم في سرعة إعادة الاستقرار والأمان لهذا البلد العزيز على السعوديين.
ومن الظواهر التي استوقفتني هذا الصيف في القاهرة، إقبال الكثير من السعوديين الذين التقيتهم هناك على تملك العقارات في مصر، ويعود ذلك في تقديري لعدة أسباب في مقدمتها زيادة عرض المساكن، والانخفاض النسبي على أسعارها بالنسبة للسعوديين، بالنظر لتدني سعر صرف الجنيه المصري مقابل الريال الذي تجاوز سعر صرفه خلال تواجدي هناك 3.25 جنيه في السوق السوداء، وحوالى 2.35 جنيه في البنوك، كما شجّع ذلك المستثمرين الأجانب على الاستفادة من الحوافز والفرص الجيدة التي تتميز بها السوق المصرية الكبيرة، يضاف لذلك، كثرة الخيارات العقارية وتنوعها، سواء في القاهرة (القديمة) أو في مدنها وضواحيها الجديدة المحيطة بها من جهاتها الأربع والتي كانت موضوع مقالي المنشور الأسبوع الماضي.
وكعادة الأيام الجميلة فقد مر أسبوعا إجازتي في مصر بسرعة استثنائية كما لو كانا بضعة أيام فقط، يعود ذلك لكون القاهرة مدينة مضيافة وجاذبة؛ تجيد الترحيب بزوارها من مختلف الجنسيات والأعمار، كما توفر لهم خيارات متنوعة ولا متناهية؛ سواء في السكن والمواصلات أو في منافذ التسوّق وأماكن التسلية والمطعام والمقاهي وكافة الخدمات التي يحتاجها السياح؛ وعلى نحو يتناسب مع رغبات وقدرات مختلف شرائح المجتمع وكافة مستويات الدخل، ولعل من أبرز ما يميز القاهرة كثرة بدائل الترفيه الأسري فيها؛ وهو ما يتيح الاستمتاع بالعطلات في مصر وسط الحفاوة والترحيب اللذين يميزان أشقاءنا المصريين.
كما تمتاز القاهرة بميزة فريدة هي إمكانية حصول السائح فيها على كافة الخدمات، في مقر إقامته، عبر طلبها هاتفيا؛ ودونما حاجة لمغادرته مقر سكنه وذلك بأسعار معقولة جدا في حين يمكن لزائر القاهرة الإقامة في فنادق من فئة الخمسة نجوم بتكلفة منافسة للكثير مما توفره الوجهات السياحية الأخرى، وقد كانت لي تجربة جديرة بالذكر إذ أقمت هناك في جناح رائع ومطل على النيل بفندق فخم وبسعر لا يتجاوز 1000 ريال لليلة الواحدة مع وجبة الإفطار!، وهنا أتساءل: أين يمكن الحصول على عرض مماثل في فنادقنا الكبرى؟!، في حين تبلغ تكلفة وجبات غداء أو عشاء فاخرة بمطاعم أو مقاهٍ راقية لعشرة أشخاص، مبلغا يتراوح بين 450 إلى 600 ريال فقط؛ شاملة الخدمة والضريبة!؛ مقابل مبلغ لا يقل عن 2500 ريال في أحد المطاعم المماثلة بجدة أو الرياض!، هذا إضافة للاستماع خلال تناول الطعام هناك لوصلات فنية طربية يقدمها الكثير من الفنانين المصريين الذيم لم ينالوا حظا كبيرا من الشهرة رغم مواهبهم الرائعة!.
وكان من أكثر ما أعجبني في قوانين الاستثمار والتطوير العقاري في مصر، وأتمنى قيام الجهات المعنية لدينا باستنساخه، هو قيام السلطات المختصة بسحب تراخيص وأراضي المستثمرين الذين لم يلتزموا بتنفيذ مشاريعهم بعد مرور ثلاث سنوات على استلامهم للأراضي والتصاريح، وهو إجراء فعال لضمان الجدية، ولا أعلم سبب عدم تنفيذه على أصحاب المخططات العقارية والمنح مليونية المساحة في المملكة، بعد انقضاء عقود على حصولهم عليها ولكنها مع ذلك ظلت أراضي بور حتى الآن، في حين تضاعفت أسعارها عدة مرات!.
ختاما، أعتقد أن الاستقرار السياسي والنمو الاقتصادي والثقل العسكري لمصر العزيزة هي عوامل تصب بالتأكيد في مصلحة استقرار وأمن عالمنا العربي، خصوصا أن القطاع الأكبر من أشقائنا المصريين قد حسموا أمرهم، وأيدوا الشرعية، واستفادوا من الأحداث التي شهدتها بلادهم في السنوات القريبة الماضية، وها هي مصر الآن تسعى جاهدة للعودة إلى مسار التنمية المتوازنة والقيام بدورها العربي والإقليمي؛ رغم كل التحديات والصعاب التي واجهتها بعد أعوام من عدم الاستقرار، والمؤكد هو أن الدعم السعودي خصوصا، والخليجي بشكل عام لمصر، سينعكس إيجابا على منطقتنا العربية التي يحاول عقلاؤها تجنيبها المزيد من المخاطر والفتن التي تعصف بها، وفي مقدمتها خطر الإرهاب؛ سواء المحلي منه، أو المستورد من نظام الملالي في طهران!.
20:37 | 16-09-2016
مدينة قاهرية جديرة بالتقليد!
أنا الآن في القاهرة منذ أسبوع، وقد سبق لي زيارتها عشرات المرات، ولكنها المرة الأولى التي أحرص خلال حضوري فيها على زيارة عدد من (المدن) الجديدة المقامة على ضواحيها وأطرافها، والحقيقة فقد ذهلت من المستوى العمراني والحضاري المتطور لمعظم تلك المدن والضواحي المحيطة بمدينة القاهرة القديمة، ولعل من أهم وأحدث تلك المدن (مدينة) التجمع الخامس التي تعتبر نموذجاً مبهراً ومتفوقاً للتطور العمراني؛ لم أتوقع على الإطلاق إمكانية تنفيذه في مصر؛ خصوصاً وهي تعاني من ضغوط اقتصادية متعددة منذ عقود، وفي تقديري فإن التجمع الخامس هو تجسيد رائع للإرادة الحكومية عندما تقرر التصدي - بجدية - للمشكلات والتحديات، وتبادر لتحفيز القطاع الخاص لكي يقوم بدوره المنتظر في التنمية بدلاً عن أن يكون مجرد كائن طفيلي يقتات على الإنفاق الحكومي!
وقد لا أكون مبالغاً لو اعتبرت أن (التجمع الخامس) وغيره العديد من المدن المصرية الجديدة المحيطة بمدينة القاهرة (مثل الشيخ زايد و6 أكتوبر ومدينة الشروق ومدينتي والرحاب) أصبحت اليوم تضاهي نموذج دبي المبهر أو حتى النماذج الأوروبية والأمريكية للمدن الجديدة؛ سواء من حيث التخطيط والمساحات، أو من حيث الحداثة والتنفيذ والاستخدامات؛ يحدث ذلك في مصر رغم الفارق الكبير في الإمكانات المالية لصالح دبي بالطبع، كما تمثل المدن المصرية الجديدة نقلة حضارية كبيرة في مصر عموماً وفي القاهرة على وجه الخصوص التي عانت خلال العقود الثلاثة الماضية من تحديات كبرى كان من المستحيل تجاوزها بدون تنفيذ مبادرات جريئة تنتشلها من أزماتها وتحدياتها التي جعلت العيش فيها أمراً في غاية الصعوبة.
وقد أمضيت في التجمع الخامس ليلة استثنائية بكل المقاييس، اطلعت فيها عن قرب على نموذج عمراني رائع؛ أتمنى لو تبادر أمانات مدننا الكبرى على تنفيذ مثله، بدلا عن التوسع العشوائي الذي يغلب على الكثير من الأحياء الجديدة في مدننا، ولا سيما أن بعض أحيائنا تفتقر لعدد من الخدمات الأساسية، كما يؤخذ على معظم المشاريع المشابهة في مدننا ارتفاع أسعار الوحدات السكنية فيها ومحدودية مساحاتها، وسوء تنفيذها وتشطيبها وافتقارها لهوية معمارية موحدة.
والمؤكد هو أن (التجمع الخامس) وغيره من الضواحي والمدن المصرية الجديدة التي أصبحت تحيط بالقاهرة هي شاهد عملي على نجاح الحكومات المصرية المتعاقبة خلال 30 عاماً الماضية على التعامل (المُبكِّر) مع عدد من التحديات الرئيسية، وفي مقدمتها الاختناقات المرورية التي تعاني منها القاهرة القديمة، إضافة لنقص المساكن والمساحات المكتبية، ومحدودية الجامعات والمدارس المكتظة بالطلاب، لذلك يمكنني القول إن المدن الجديدة في القاهرة هي تجسيد حقيقي لمستقبلها المشرق؛ بعد أن ضاقت المدينة القديمة بأهلها وزوارها خلال العقود القليلة الماضية، رغم كل المحاولات المستمرة للجهات المصرية المعنية، لتخفيف الازدحام وتحسين مستوى البنية التحتية والحد من نسبة التلوث العالية، خصوصا أن عدد سكان المدينة يتجاوز الـ 10 ملايين نسمة؛ ويزيدون بضعة ملايين أخرى خلال ساعات العمل الرسمية.
وبالعودة للتجمع الخامس الذي يعتبر أحدث المشاريع العمرانية الجديدة في القاهرة، فإن المشروع حديث نسبياً حيث لا يتجاوز عمره 16 عاما، حيث بدأ العمل فيه عام 2000، بعد أن قامت الحكومة المصرية بتوفير البنية الأساسية من ماء وكهرباء وطرق داخلية وسفلتة وترصيف وتشجير وصرف صحي وبنية اتصالات رقمية حديثة، قبل أن تطرح الأراضي للبيع على الأفراد والمستثمرين بأسعار معقولة، وهو ما شجع المطورين العقاريين على الاستثمار في الموقع وتسويق المنتجات السكنية والمكتبية والتعليمية بمساحات وأسعار في متناول مختلف شرائح المجتمع المصري.
ويقع مشروع التجمع الخامس شرق القاهرة القديمة على بعد نحو 25 كلم من ميدان التحرير بوسط القاهرة، والملفت فيه هو مساحته الكبيرة التي تبلغ حوالى 300 كيلو متر مربع وهي مساحة تعادل ثُلثي مساحة القاهرة الكبرى البالغة نحو 450 كلم2، كما أن من أبرز ما يميز مشروع التجمع الخامس وغيره من المدن الجديدة في مصر هو أنها تضم كافة الخدمات والمرافق العامة كما تربطها بالقاهرة طرق سريعة ومضاءة، تتميز باتساعها حيث يضم كل اتجاه 5 مسارات، كما تتميز تلك المدن باكتفائها الذاتي بجميع الخدمات ومتطلبات الحياة الكمالية، ناهيك عن الضرورية حيث تنتشر فيها الجامعات والمدارس الخاصة إضافة لدور السينما والمولات والكافيهات والمحلات التجارية التي تعرض المنتجات من كافة الماركات والأصناف؛ أي أن من يسكن فيها لا يحتاج إطلاقاً لمراجعة القاهرة القديمة للحصول على مختلف الاحتياجات.
ختاماً، أرجو أن تبادر الجهات المعنية في المملكة وفي مقدمتها وزارات الشؤون البلدية والقروية، الإسكان، والصحة، والنقل، وأمانات المدن، وشركتا المياه والكهرباء، للاستفادة من تجربة مدينة القاهرة في تخطيط وتنفيذ احتياجات مدننا من الأحياء الجديدة المتكاملة الخدمات، وربما تكفي زيارة سريعة يقوم بها مسؤولو تلك الجهات للقاهرة، كي يشاهدوا بأنفسهم ما يمكن أن تصنعه الإرادة والعزيمة.
gbadkook@yahoo.com
21:51 | 9-09-2016
من ينصفنا من شركات التأمين الطبي؟
حتى نهاية عام 2015 بلغ عدد المؤمن عليهم طبيا في المملكة نحو 11 مليون شخص؛ غالبيتهم من الوافدين، في حين لم تتجاوز نسبة السعوديين منهم سوى 30 % أو ما يعادل حوالى 3.1 مليون مواطن فقط من أصل 21 مليونا يشكلون إجمالي السكان السعوديين بنهاية العام الماضي، هذا يعني أن نسبة المواطنين المؤمن عليهم طبيا لا تتجاوز الـ15% من إجمالي تعداد السعوديين!، وحوالى 10% فقط من العدد الكلّي للسكان في البلاد!. وفي ظل ضبابية توجهات كل من مجلس الضمان الصحي ووزارة الصحة بشأن تطبيق التأمين الطبي على المواطنين أسوة بالوافدين، وعدم كفاية المرافق الصحية اللازمة لذلك في الوقت الحاضر، فقد تمر سنوات عديدة قبل أن يحظى معظم المواطنين برعاية طبية ذات مستوى مُرضٍ؛ يخفف عنهم هاجس حصولهم على حق كفله لهم النظام الأساسي للحكم في مادته رقم 30 وهو مجانية العلاج.
ورغم النسبة المتدنية لعدد السعوديين المشمولين بمظلة التأمين الطبي، فإن معظمهم لا يحصلون غالبا على تغطية تأمينية (جيدة) لأسباب عديدة من أبرزها التحايل الذي تمارسه أحيانا معظم شركات التأمين، إضافة لمحاولاتها الدائمة في التنصل من التزاماتها التعاقدية، هذا فضلا عن بعض ممارساتها غير المهنية واللا أخلاقية التي تُخِل بحقوق المؤمن لهم، ومن أبرزها رفض تلك الشركات صرف الأدوية المرتفعة الثمن أو تلك التي تدخل الأعشاب في تركيبها؛ على الرغم من عدم توفّر بدائل بنفس الفعالية، إضافة لرفضها صرف الفيتامينات اللازمة لعلاج الكثير من الأمراض، كما تماطل أحيانا في الموافقة على إجراء التحاليل والأشعة الضرورية للتشخيص، وتمتنع عن علاج الحالات المرضية المرتبطة بالشيخوخة أو بعض المتلازمات والأمراض الجينية المنشأ، وبذلك يتم تفريغ وثائق التأمين من مضمونها الأهم وهو تقديم الرعاية الصحية المناسبة لعملاء التأمين.
التجاوزات السابقة ليست استثناءً بل تمارسها معظم الشركات التي تقدم خدمة التأمين الطبي، وتحت أنظار الجهة المنظمة لعملها وهي مؤسسة النقد!، يحدث ذلك في ظل غياب واضح لوزارة الصحة؛ بوصفها الجهة التي يفترض أن تشرف وتراقب أداء التأمين الطبي؛ أسوة بإشرافها على مقدمي الخدمات الصحية. وثمة مأخذ آخر لدى غالبية شركات التأمين هو التمييز الذي تطبقه ضد كبار السن وذوي الإعاقات برفضها التأمين الطبي عليهم، وحتى عندما توافق إحداها على ذلك، فإنها تفرض عليهم أسعارا عالية جدا، وهو ما يجعل حصول تلك الفئات على التأمين أمرا في غاية الصعوبة، إن لم يكن مستحيلا، الأمر الذي يؤدي لحرمانهم من العلاج، وتعريضهم لمخاطر المضاعفات، وقد يتسبب في تفاقم المرض، وربما يؤدي لإعاقة أو وفاة البعض منهم.
وكان المأمول أن يساهم فتح سوق التأمين قبل سنوات في إذكاء المنافسة بين الشركات العاملة في القطاع وبما ينعكس إيجابا على تطوير الخدمات وتراجع الأسعار أو حتى استقرارها، ولكن ذلك لم يحدث!، وبدلاً عن ذلك زاد تعنُّت شركات التأمين، وارتفعت أسعار وثائقها بشكل مطرد، وكثرت استثناءاتها وشروطها، ولعل ما أعطى الشركات تلك السطوة هو تراخي الرقابة والمحاسبة، وسيطرة التأمين الصحي على إجمالي سوق التأمين في المملكة بنسبة تصل إلى 52 %، فضلا عن غياب تصنيف واضح لشركات التأمين، إضافة لعدم احترافية الكوادر العاملة في الكثير من الشركات، ومحاولاتها المستمرة للالتفاف على النظام أو التذاكي على مزودي الخدمة من المستشفيات والمستوصفات الخاصة؛ بهدف عدم صرف مطالباتهم المالية الواجبة السداد مقابل الأدوية والإجراءات الطبية التي تم تقديمها للمرضى، متحججة بأعذار واهية؛ منها الادعاء بأن مقدمي الخدمة يقومون بالتجاوزات التالية:
1. أخطاء في التشخيص (Wrong diagnosis).
2. غياب الموافقة المسبقة (Without prior approval).
3. الدواء أو الخدمة غير مسعرة (Out of price list).
4. العملية مرفوضة من النظام! (System rejection!).
5. مناقشة المطالبة لاحقا (For further discussion).
6. المبالغة في إجراء التحاليل (Excessive investigation).
7. المبالغة في إجراء الأشعة (Excessive X-ray).
8. المبالغة في الخدمات المقدمة للمرضى (Excessive Management).
وبطبيعة الحال فإن الأعذار أعلاه تنتهي غالبا برفض شركات التأمين صرف قيمة الكثير من المطالبات، وهو ما يضع مزودي الخدمة في مواقف لا يحسدون عليها، فليس أمامهم سوى خيارين أحلاهما مر وهما:
1. إما الرضوخ لمزاعم شركات التأمين وبالتالي تكبّدهم خسائر كبيرة هي قيمة الخدمات والإجراءات الطبية التي سبق تقديمها للمرضى، وترفض شركات التأمين دفع تكلفتها.
2. أو التقدم بشكوى لجهة الاختصاص للمطالبة بحقوقهم.
ورغم أن الخيار الثاني غير مضمون النتائج، فإن له أيضاً تكلفته المرتفعة التي تتمثل في قيام شركات التأمين باستبعاد مقدمي الخدمات الذين يتقدمون بشكاوى، من قائمة المرافق الطبية التي تتعامل معها الشركات!، وهو ما يعني عمليا خروج مزوّد الخدمة من السوق نظرا لأن غالبية مراجعي المستشفيات والمستوصفات والعيادات (الخاصة) هم من زبائن شركات التأمين.
ولا تتوقف خطورة الأمر هنا، بل إن الكثير من الأطباء العاملين في تلك المرافق الطبية، أصبحوا مضطرين لعدم الالتزام بالعديد من المعايير والإجراءات الطبية اللازمة عند مناظرتهم لمرضاهم، خشية أن ترفض شركات التأمين دفع قيمتها لاحقا؛ حتى وإن وافقت عليها مسبقا!، بحجة جديدة هي أن الموافقات المعطاة هي مبدئية!، وسيتم النظر فيها لاحقا!، لذلك ينبغي إلزام شركات التأمين بأن تكون موافقاتها المسبقة، نهائية وواجبة السداد وغير قابلة للرفض.
على ضوء ما تقدم، فإن استمرار الوضع السابق ستكون له نتائجه السلبية على جودة الخدمات الصحية المقدمة لعملاء شركات التأمين الطبي، وزيادة الضغط على المستشفيات الحكومية المثقلة أصلا بأعداد كبيرة من المرضى، الأمر الذي يتطلب تدخلا سريعا وحاسما من قبل الأجهزة المعنية من أجل أن تحافظ على جودة الخدمات الطبية التأمينية، ناهيك عن الرقي بها لمصاف الدول المتقدمة تأمينيا والتي تقوم فيها شركات التأمين الطبي ليس فقط بعلاج المرضى وخصوصا كبار السن منهم؛ بل وترسل أدوية أمراضهم المزمنة إلى منازلهم شهريا، كما لا تجرؤ على استبدال دواء وصفه الطبيب المعالج بآخر أقل ثمنا منه، أو تتحجج بأعذار واهية لرفض دفع قيمة الإجراءات الطبية التي يحتاجها المرضى.
ختاماً، نعلم جميعا أن هناك في المقابل حالات تحايل يقوم بها بعض المؤمن لهم أو مقدمي الخدمة، وهو ما يتسبب في خسائر للشركات، ولكن ذلك ليس مبرراً كافياً كي تقوم شركات التأمين بمعاقبة جميع عملائها من الأفراد أو المؤسسات العلاجية، بسبب تجاوزات قلّة منهم، وإنما ينبغي عليها اتباع الإجراءات النظامية للحصول على حقوقها.
gbadkook@yahoo.com
22:24 | 2-09-2016
رجاء لوزير الصحة .. متى ينتهي هذا الخلل !
من أكثر الأمور التي تدعو للأسف هو استمرار تعثر العديد من مشروعات التنمية أو تأخر تنفيذها لفترات طويلة، وحتى في المشروعات (الاستثنائية) التي نادراً ما تنجح شركات المقاولات في تنفيذها بدون تأخير (كبير) في مواعيد التسليم، غالبا ما تتقاعس الجهات المسؤولة عنها في تشغيلها أو إدارتها حسب خطط التشغيل وسعة الاستيعاب المعلن عنهما مسبقا!، ويصبح كل يوم يمر وتلك المشاريع مُعطّلة أو لا تعمل بكامل طاقتها، هو بمثابة خسارة متراكمة على الوطن، وعامل إحباط للمواطنين الذين كانوا ينتظرون بفارغ الصبر انتهاءها باعتبارها مشاريع تنموية مُلِحّة؛ طالما طالبوا بها وانتظروا تنفيذها، ولكنها تحوّلت من خرائط ومخططات هندسية رائعة إلى مجرد مبانٍ صمّاء لم تحقق الأهداف الأساسية التي أنشئت من أجلها؛ الأمر الذي منع المواطنين من الاستفادة فعليا من خدماتها!.
هذا الوضع الغريب والمُحيِّر يبدو أكثر وضوحا في العديد من مشاريع وزارة الصحة حيث لاتزال مستشفياتها الجديدة في بعض مدن المملكة، تعاني من التعثُّر أو سوء التنفيذ، وحتى عندما تبدأ في تقديم خدماتها فإنها تعمل بشكل جزئي وليس بكامل طاقتها الاستيعابية، ولا حتى بنصفها!، وهو ما حدّ كثيرا من تلبية الطلب المتزايد على الخدمات الطبية التي تعاني من قصور واضح يلمسه الجميع. وربما لا حاجة بي للقول بأن استمرار الخلل السابق يعزز الشكوك في قدرة وزارة الصحة بوضعها الراهن على تطوير الخدمات والمرافق الصحية في البلاد؛ إن لم يتم سريعا إعادة هيكلتها جذريا وعلى نحو يغير من رؤيتها، وآليات تشغيلها، وأسلوب إدارتها لمختلف قطاعاتها ووكالاتها وأذرعها التنفيذية.
وما يجعل الموضوع أكثر أهمية الآن هو أن تلك المرافق الصحية تم تنفيذها في زمن الوفرة المالية حين لم يكن التمويل أحد تحدياتنا الاقتصادية، في ذلك الوقت لم تتردد الدولة في إنفاق مليارات الريالات لدعم قطاع الصحة المترهل، وربما تمر سنوات عديدة قبل أن يتم اعتماد مشاريع أخرى مشابهة، ورغم المخصصات المالية الهائلة، فقد مر تأسيس معظم المستشفيات الجديدة بمخاض عسير امتد لسنوات، إلى أن أصبحت صروحا طبية قائمة؛ تشهد على اهتمام ولاة الأمر بمعالجة قصور الخدمات الصحية، وهو ما عزز التفاؤل في نفوس المواطنين بفك اختناقات القطاع الصحي، إلا أن الكثير منها ظل عبارة عن إنشاءات خرسانية تفتقر للكوادر البشرية الكافية لمعالجة المرضى، والتجهيزات الطبية اللازمة للتشغيل، في نموذج واضح الدلالة على إهمال بعض التنفيذيين وافتقارهم لروح المسؤولية!.
وكان لمدينة جدة نصيب الأسد من تلك المرافق الصحية الجديدة المعطلة جزئيا؛ رغم اكتمال مبانيها، وفي مقدمتها مجمع الملك عبدالله الطبي ومستشفى شرق جدة اللذان كان أهالي جدة يعوّلون عليهما كثيراً في توفير الرعاية الطبية المعتمدة على أعلى المعايير العالمية؛ كما روّج لذلك العديد من وزراء الصحة السابقين، ليس ذلك فحسب بل إنهم كانوا يؤكدون دوما على قدرة المشفيين الجديدين على تعزيز المراكز التخصصية والمرافق العلاجية التعليمية في مدينة جدة، بعد أن ظلت طوال العقود الثلاثة الماضية تعاني من تراجع مستمر؛ سواء في مستوى الخدمة المقدمة أو في عدد المستشفيات وعدم مواكبتها لنمو الطلب على خدماتها، حدث ذلك كنتيجة طبيعية لتفشي البيروقراطية، وضعف الإدارة، وتراخي المحاسبة، رغم تعاقب العديد من الوزراء على وزارة الصحة في السنوات العشر الأخيرة.
وإذا كان الوضع السابق يعكس معاناة مدينة بحجم وأهمية محافظة جدة، فلا حاجة بي للحديث عن أوضاع المدن الطرفية والمحافظات الأصغر حجما والتي لم يتم اعتماد مشاريع طبية رئيسية في معظمها، وهو ما يزيد من الضغط على مستشفيات المدن الرئيسية، ويضاعف فترات انتظار المرضى فيها، وكان أحد أهم أسباب تأجيل تطبيق التأمين الطبي على المواطنين نتيجة لعجز المنظومة الصحية الحالية سواء الحكومية منها أو المملوكة للقطاع الخاص عن سد العجز الكبير؛ خصوصا أن المرضى القادرين على دفع تكلفة علاجهم في المستشفيات الخاصة، يضطرون للانتظار بالأيام وأحيانا بالأسابيع للحصول على خدمة طبية عاجلة في غرف الطوارئ، أو لمقابلة استشاري يتحملون تكلفة مراجعته، ناهيك عن سرير لتنويم حالات عاجلة، أو إجراء عمليات لا تحتمل الانتظار، أو حتى توفير حاضنة للمواليد الخُدّج!.
على ضوء ما تقدم فإن المأمول من معالي وزير الصحة الدكتور توفيق الربيعة، الذي استبشر المواطنون خيرا بتعيينه في هذا المنصب الحيوي بعد نجاحاته المشهودة في وزارة التجارة، أن يبادر أولا إلى زيارة المستشفيات المتعطّلة ليلمس بنفسه مقدار الهدر الحاصل، ويقارن الأوضاع القائمة لتلك المرافق بالخطط الموضوعة، قبل أن يتخذ الإجراءات العاجلة والكفيلة باستكمال تجهيزها بالمعدات الطبية والكفاءات البشرية اللازمة لتشغيلها بالكامل، أما إذا رغب معاليه في تعزيز نجاحاته وإرساء قدوة وزارية محمودة للشفافية المحاسبة، فليس أقل من إقدامه على نشر أسباب الخلل، مع إعلانه عن خطة (زمنية) لمعالجة الوضع؛ تتضمن الإدارات المختصة وأسماء المسؤولين المكلفين بإكمال التنفيذ، حتى يعرف المجتمع وكبار مسؤولي الدولة، قياديي الوزارة الذين يعملون بإخلاص، ويستبعدون من اعتاد منهم على إطلاق التصريحات المخدرة!.
ختاماً، من المهم التأكيد على أن ما ينتظره المواطنون لمعالجة نقص المرافق الصحية، يتطلب رؤية مختلفة تماما عما عهدناه طوال العقود الماضية، وقد تكون البداية الصحيحة لذلك هي مبادرة وزارة الصحة لتشجيع القطاع الخاص والشركات الدولية المتخصصة في مجال بناء وتشغيل المستشفيات، على الاستثمار في إقامة منظومة جديدة من المرافق الصحية الكبرى في مختلف مناطق المملكة وفق صيغة BOT، مع منحهم مزايا تحفيزية قد يكون من ضمنها مساهمة الوزارة بنسبة من تكلفة إقامة المستشفيات؛ على أن تدفع الوزارة حصتها بموجب صكوك تمويل مضمونة بالربحية العالية لمثل تلك المشاريع بعد تشغيلها بسبب الطلب الكبير والمستمر على خدماتها، الأمر الذي لا تقتصر إيجابياته على النهوض بالقطاع الطبي فقط، بل وستساهم كذلك في التسريع ببرنامج التخصيص، كما ستتيح وظائف لخريجي كليات الطب والعلوم الطبية العاطلين، هذا فضلا عن كونها قنوات استثمار جيدة للأفراد والشركات؛ بعد إدراج تلك المشاريع في السوق المالية.
gbadkook@yahoo.com
للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ،636250 موبايلي، 738303 زين تبدأ بالرمز 135 مسافة ثم الرسالة
21:45 | 26-08-2016
تصريحات الشوريين بين الواقعية والاستفزاز!
على الرغم من مئات القرارات والتوصيات والتقارير التي أصدرها أو ناقشها مجلس الشورى خلال العام الحالي، يمكنني القول إن التصريحات المستفزة والمتكررة الصادرة عن بعض أعضائه هي من أكثر ما بقي في ذاكرة الناس، وربما كانت من أبرز ما ميّز الدورة الحالية (السادسة) للمجلس، التي توشك سنتها الأخيرة على الانتهاء بعد نحو ثلاثة أشهر، ورغم الجهود الجيدة التي يبذلها المجلس للارتقاء بأدائه على نحو يحقق مصلحة البلاد والمواطنين في نطاق اختصاصاته التنظيمية والرقابية والتطويرية، فإن استمرار تلك التصريحات الاستفزازية جذب اهتمام المواطنين بشكل يفوق اهتمامهم بقرارات المجلس وموضوعاته وتوصياته.
وكان لافتا منذ بدء الدورة الحالية للمجلس أنه لا تكاد تمر فترة قصيرة نسبيا قد لا تتجاوز الأشهر، حتى يطلع علينا أحد أعضاء المجلس برأي (شخصي) مستفز، تشتعل على أثره وسائل التواصل الاجتماعي بالانتقادات المعبرة عن استنكار قطاعات عديدة في المجتمع، مما يضطر الأعضاء المستفزين لمحاولة ترقيع تصريحاته أو التخفيف من تأثيرها على المواطنين، إلا أن محاولات بعضهم ينطبق عليها المثل القائل «جا يكحلها عماها!»، والمؤكد هو أن استياء المواطنين من مثل تلك التصريحات لايعود لمواقف شخصية من هذا العضو أو ذاك، وإنما لاعتقادهم بأن أولئك الأعضاء قد أساؤوا إليهم حتى إن لم يتعمدوا الإساءة وذلك من خلال:
1ــ الانتقاص من كرامة المواطنين أو الاستخفاف باهتمامات شريحة محددة منهم.
2ــ التقليل من أهمية بعض المطالب التي يرونها مشروعة.
3ــ تكريس روح الإحباط في نفوسهم.
4ــ محاولة التأثير سلبا على مستوى معيشة المواطنين وتحميلهم المزيد من الأعباء المالية.
5ــ إظهارهم كما لو كانوا غير مكترثين بالمصلحة العامة.
6ــ الاستخفاف بمستوى وعيهم وإدراكهم.
ورغم أن مجلس الشورى حاول الأسبوع الماضي التنصُّل من التصريحات الاستفزازية التي أدلى بها بعض أعضائه لوسائل الإعلام؛ كان آخرهم الدكتور خليل كردي، إلا أنه من الواضح الآن أن تحرك المجلس لاحتواء الموقف جاء متأخرا، حيث لم تفلح تغريدات حساب المجلس على (تويتر) في وضع حد لردود الأفعال المستنكرة أو الغاضبة، كما لم تمنع الجدل الكبير الذي أعقب تلك التصريحات، ولا أوقفت الانتقادات الشعبية الواسعة على استمرار تطاول بعض أعضاء المجلس على المجتمع.
وفي سياق محاولته للتبرؤ من الآراء أو التوصيات المستفزة لبعض أعضائه، أكد الشورى بأنها بمثابة رأي خاص للأعضاء ولا تعبر عن رأي (المجلس)؛ مُذكِّرا بأن قرارات المجلس تصدر بالأغلبية المنصوص عليها في المادة (16) من نظام المجلس.
ومما لا شك فيه، فإن التأثير السلبي لمثل تلك التصريحات المتسرعة أو غير المدروسة لا يقتصر على الإساءة للمواطنين فحسب، بل إنها تسيء لأعضاء المجلس الذين يطلقونها، كما تتسبب أحيانا في إحراج الدولة أو بعض الأجهزة الرسمية، فضلا عن تأثيرها السيئ على صورة مجلس الشورى ذاته، كونها ترسخ انطباعا غير إيجابي عنه لدى المجتمع؛ خصوصا أن المجلس لم يوفق -في تقديري- في تعزيز صورته الذهنية لدى الناس بعد تكرار تأخره في تعديل أنظمة قائمة يطالبون بتعديلها مثل المادة 77 من نظام العمل، أو رفضه إقرار توصيات وقرارات وأنظمة جديدة يرونها ملحة؛ تتدخل مع حياتهم أو تؤثر على دخلهم وأسلوب معيشتهم.
ومما يزيد الوضع سوءا، أن المجلس لم يهتم حتى الآن بالتواصل (المتبادل) مع الناس وإنما اكتفى بدور المرسل فقط، وهو ما حدّ كثيرا من فعالية تواجده على وسائل الإعلام؛ ولا سيما شبكات التواصل الاجتماعي، ويضاف لكل ذلك عدم تفاعل المجلس مع آراء المواطنين ومقترحاتهم المرسلة إليه عبر أيقونة العرائض على موقعه الرسمي على الإنترنت؛ وقد جربت ذلك بنفسي، ويضاف لكل ذلك عدم تمكن المجلس من بلورة ونشر رؤيته ورسالته وأهدافه، مع محدودية أو انعدام تفاعله مع تطلعات غالبية المواطنين.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو كيف يمكن لمجلس الشورى أن يضع حدا لتصريحات بعض أعضائه الاستفزازية التي تسبب بلبلة في المجتمع، وتصطدم مع تطلعات الناس، وتصيبهم بالإحباط؟ شريطة أن لا يؤثر ذلك على استقلالية أعضاء المجلس، أو الحد من حريتهم في التعبير عن آرائهم بشأن ما يناقشه المجلس من موضوعات وتوصيات وتقارير؛ سواء خلال جلسات النقاش العامة أو حتى عند تحدثهم بصفتهم الشخصية لوسائل الإعلام؟، الإجابة (المجتمعية) على هذا السؤال -وفقا لما عبّر عنه الكثير من المواطنين عبر وسائل التواصل- هي محاسبة ومعاقبة الأعضاء المتجاوزين، ولكنني أختلف مع هذه الآلية المقترحة لأن العضو المتجاوز قد عاقب نفسه بنفسه بعد أن أصبح موضع تهكّم واستهجان المجتمع.
أما الرأي الذي أميل إليه لتحجيم التصريحات المستفزة فهو يتفق مع الرأي الذي طرحه عضو مجلس الشورى الدكتور سعيد الشيخ في إحدى مداخلاته المهمة أمام المجلس، حيث اقترح تزويد شاغلي المسؤوليات العامة من كبار المسؤولين وأعضاء مجلس الشورى بمهارات الاتصال اللازمة؛ وذلك بترتيب حضورهم دورات تدريبية يعقدها معهد الإدارة العامة أو بعض الوكالات المتخصصة التي يمكن أن يتعاقد معها المجلس لتدريب أعضائه على التواصل مع الجمهور المحلي أو الدولي، وهو ما سيساعدهم على اكتساب مهارات التحدث لوسائل الإعلام، ومواجهة أسئلة الصحافة وكاميرات التلفزيون بثقة وبدون رهبة أو تردد، ولا خروج عن أصول اللياقة وآداب الاتصال الفعّال.
ختاما، إذا كانت هناك نصائح (اتصالية) يمكن أن أقدمها لنفسي أولا ثم للسادة أعضاء مجلس الشورى -ومنهم العديد من الأصدقاء والزملاء- فهي ضرورة حرصهم على ترتيب أفكارهم بشكل جيد، والبعد عن التعابير المستفزة أو الارتجال؛ قدر الإمكان، مع أهمية إيلائهم عناية خاصة باختيارهم لمفرداتهم، كما سيساعدهم كثيرا قيامهم بتدوين مداخلاتهم، والابتعاد عن محاولة القيام بأدوار بطولة زائفة قد تسيء لأنفسهم قبل غيرهم وقد تكون مرتفعة التكلفة عليهم، كما آمل أن يدركوا بأنهم لا يمثلون أنفسهم فقط، وإنما هم نخبة مميزة أختارها ولي الأمر -يحفظه الله- من بين ملايين المواطنين للمساعدة في إبداء الرأي والمشورة في القضايا الوطنية الهامة، وبالتالي فلا بد أن يكونوا عند حسن الظن بهم وأن يُعينوا قيادتنا الرشيدة لا أن يصبحوا عبئا على البلاد ومصدر استفزاز للمواطنين.
gbadkook@yahoo.com
للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ،636250 موبايلي، 738303 زين تبدأ بالرمز 135 مسافة ثم الرسالة
22:57 | 19-08-2016
أزمة حقوق العمال.. لماذا؟
لا يخالجني أدنى شك بأن كلا من وزارة المالية، ووزارة العمل والتنمية الاجتماعية، لم تتمكنا من التعامل بسرعة واحترافية مع قضية تأخير المستحقات المالية لبعض الموظفين والعمال في بعض الشركات الوطنية، ومما ضاعف من أثر الموقف على كل من سمعة بلادنا وصورة اقتصادنا هو أن أصحاب الحقوق المتأخرة ليسوا سعوديين فقط، بل إن نسبة كبيرة منهم هم عمالة وافدة نظامية تجاوز عددها الآلاف، وهو ما يعني أن تلك القضايا لم تعد وطنية الطابع ولا محدودة الانتشار، وإنما أخذت طابعا أوسع بعد أن تدخلت الأجهزة المعنية في بلدان لها وزنها السياسي والاقتصادي كفرنسا والهند، بهدف ضمان حصول عمالتها على مستحقاتهم المتأخرة.
هذه القضية تؤكد مجددا حالة الانفصام (القيمي) بين خطابنا المجتمعي وحتى التعليمي، وبين واقعنا المعاش، حيث تؤكد خطاباتنا دوما حرصنا على التمسك بالقيم الإسلامية والإنسانية السامية التي من أبرزها أداء الحقوق لأصحابها -في وقتها- وهو ما يعكسه مضمون الحديث النبوي الشريف الذي ينص على «اعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه» والذي ينطوي على توجيه صريح وواضح للأمة على سرعة دفع حقوق الأجراء بدون تأخير، ومع ذلك فإن تصرفاتنا -مع الأسف- تزدحم بالكثير من الممارسات غير النظامية ولا الشرعية التي قد تتناقض مع ذلك التوجيه الكريم.
وحقيقة لا أعرف ما الذي كان ينتظره وزير العمل كي يتحرك مبكرا لوضع حد لهذه القضايا التي تتنافى مع مبادئنا الدينية والوطنية، وتضر بشكل بالغ بصورة بلادنا في الخارج، وتهز الثقة في اقتصادنا؟ وهل كان الوزير بانتظار حدوث معجزة من نوع ما كي يبادر إلى التعامل الصحيح مع الموقف فور حدوثه؟؛ خصوصا أن معاليه الوزير المعني مباشرة بهذا الملف، ولديه من المواد النظامية والصلاحيات الوزارية ما يكفي لاحتواء تلك الأضرار، واللافت أن يحدث ذلك ونحن في خضم عملية تصحيح اقتصادي شاملة، أحد أهدافها الرئيسية إرسال رسالة للعالم مفادها قدرتنا على معالجة الاختلالات الهيكلية في الاقتصاد الوطني.
ولم يعد خافيا أن هناك مستخلصات متأخرة لبعض شركات المقاولات وغيرها لدى وزارة المالية؛ وهو أمر مألوف في إجراءات الدفع الحكومية، وكان المأمول منذ تواتر (الأنباء الأولى) عن تأخير دفع المستحقات قيام (المالية) بالتنسيق مع وزارة العمل لتشكيل (خلية أزمة) هدفها الأول هو دفع الحقوق مستحقة الأداء لأولئك الموظفين والعمال، ثم خصمها من مستحقات الشركات المتأخرة في السداد، قبل أن تتفاقم المشكلة وتأخذ أبعادا سلبية كنا في غنى عنها، وحتى مع افتراض عدم وجود مستحقات متأخرة للشركات لدى وزارة المالية، كان من المفترض مبادرة الوزارتين -كل في اختصاصه- لاتخاذ الإجراءات الكفيلة بالتعامل الحكيم والسريع مع الموقف وبما يحفظ سمعة البلاد ويؤكد قدرتنا على التعامل الصحيح مع الأزمات.
من جانب آخر، فإن ما حدث يطرح جملة من التساؤلات من أبرزها:
1ــ هل سيعتبر عدم التعامل الصحيح مع الأزمة هو بمثابة مؤشر على وجود حاجة ماسة لتطوير نظامنا الحقوقي، بحيث يسمح لمثل أولئك العمال برفع دعاوى قضائية (عاجلة) ضد الشركات التي يعملون فيها أمام (محاكم عمالية) متخصصة وبحيث يتم النظر فيها بشكل فوري؟.
2ــ ما هي إمكانية تطوير أنظمتنا ذات الصلة؛ على نحو يتيح الحجز الفوري على الأرصدة البنكية (الشخصية) لملاك الشركات المماطلة في الدفع، لاستيفاء حقوق الناس منها، وذلك عوضا عن إيقاف الخدمات عن تلك الشركات وهو ما قد يزيد الوضع سوءا!.
3ــ هل يمكن النظر في السماح بقيام هيئات (عمّالية الاختصاص)، تتولى مباشرة مثل هذه القضايا؟.
وتبقى الإشارة إلى أن أضرار تأخُّر صرف قيمة المستخلصات، وعدم التزام بعض الشركات الوطنية الكبرى بتعاقداتها، لا يقتصر على الانتقاص من حقوق بعض الموظفين والعمال، وإنما لذلك تداعياته السلبية أيضا على تأخير دفع مستحقات عدد غير قليل من مقاولي الباطن والموردين، وهو ما ينعكس بشكل بالغ على قطاعات عديدة أخرى في اقتصادنا الوطني، تتجاوز بطبيعة الحال قطاع الإنشاءات والتعمير، كما أن تكرار هذه الأزمة سيؤثر سلبا على قدرتنا في استقطاب استثمارات أجنبية جديدة، وهو أمر ينبغي التعامل معه بأكبر قدر من الجدية والحزم، كما أن ما حدث هو أدعى للتعجيل بتخفيف الأسلوب المركزي الذي لا يزال يغلب على الأداء الإداري في وزاراتنا ومؤسساتنا العامة.
أخيرا، فإن ما يثير الغرابة والمزيد من التساؤلات هو تصريحات وزير العمل والمنشورة في هذه الجريدة يوم الثلاثاء الماضي، حيث ذكر فيها أن «نظام العمل في المملكة نص على (حفظ حقوق العاملين) في منشآت القطاع الخاص، وأوجد (علاقة متوازنة بين أصحاب العمل والعمال)، لضبط العلاقة التعاقدية بينهما، إضافة إلى (حماية أجورهم) عبر التشريعات والسياسات المقرة في تنظيم العلاقة، و(ضمان صرف الأجور في موعدها المتفق عليه)»، ومصدر الغرابة في العبارة السابقة هو أن ما ذكره معاليه هو معلوم بالضرورة، ولكن ما كنا ننتظر معرفته من مسؤول رفيع مثله هو بيان سبب تأخر وزارته في تطبيق نظام العمل لصالح العمال المتضررين، وعدم مبادرتها لحلحلة الأزمة ووقف الأضرار قبل أن تتفاقم وتنقلها شبكات ميديا دولية مؤثرة مثل الـCNN والـBBC؟!.
والأكيد هو أنه لولا تفضّل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -يحفظه الله- بإصدار توجيهاته الكريمة قبل أيام لمعالجة أوضاع العمالة المتضررة من تجاوزات المنشآت التي يعملون بها، لاستمرت أزمة أولئك العمال، مع كل ما سببته من أضرار بالغة على أكثر من صعيد.
gbadkook@yahoo.com
للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ،636250 موبايلي، 738303 زين تبدأ بالرمز 135 مسافة ثم الرسالة
21:43 | 12-08-2016
الرويس.. بين رغبة التطوير وتحديات التثمين!
سعدت كثيرا بالأخبار المتداولة أخيرا عن انطلاق أحد أهم وأكبر المشاريع الحيوية والتنموية في مدينة جدة وأقصد به مشروع تطوير حي الرويس؛ المشروع الذي بدأت مرحلته التنفيذية الأولى يوم الأربعاء الماضي، يكتسب أهميته البالغة من كونه يمثل بداية التعامل الجاد مع مشكلة (جداوية) مزمنة ومتفاقمة هي الأحياء العشوائية بعد أن تكاثرت في المدينة خلال العقود الأربعة الأخيرة حتى تجاوز عددها الـ50 حيا!، وفي تقديري فإن كلا من وزارة الشؤون البلدية والقروية، وأمانة جدة، تتحملان القدر الأكبر من مسؤولية ظهور تلك العشوائيات وتكاثرها السريع، بسبب التقاعس عن التعامل المبكر مع تلك الظاهرة، وعدم توفير مخططات سكنية كافية ومهيأة بالخدمات والمرافق الضرورية التي تتناسب مع الزيادة المطردة على عدد سكان المدينة، وتستجيب للطلب المتزايد على المساكن.
ويُحسب لصاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة، اهتمامه البالغ والمشكور بهذا الملف الحيوي وذلك منذ تقلده مسؤولية إمارة المنطقة للمرة الأولى، ليستكمل رؤيته الإستراتيجية تجاه حل مشكلة العشوائيات في مدن منطقة مكة عموما، وعشوائيات جدة على وجه الخصوص، لاسيما تطوير حي الرويس العريق، وذلك فور توليه منصبه للمرة الثانية، في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -يحفظه الله-، ومما لا شك فيه، فإن اهتمام سموه بملف العشوائيات سيؤدي لتحقيق نقلة حضارية وتنموية كبيرة في مدينة جدة، كما أنه بمثابة ضمان قوي لسرعة اتخاذ الإجراءات الجديدة، وتنفيذ الخطوات العملية اللازمة لمعالجة وتطوير الأحياء العشوائية؛ بعد عقود من الإهمال.
وبات واضحا الآن أن سبب تعثر تنفيذ هذا المشروع الحيوي خلال الأعوام الأربعة السابقة يعود في المقام الأول إلى الخلافات الناشئة بين شركة جدة للتطوير العمراني وبعض ملاك المساكن والحيازات العقارية في حي الرويس، دارت غالبيتها حول اعتراضات شريحة منهم، على تقييم قيمة ممتلكاتهم؛ بعد أن وجدوا أن التعويضات المعروضة عليهم تقل كثيرا عن توقعاتهم ولا تعكس ثمن ممتلكاتهم بشكل عادل، فضلا عن كونها لا تتماشى مع السعر السوقي لها، خصوصا بالنسبة للملّاك الذين يعتزمون شراء بيوت بديلة بثمن التعويضات، تمهيدا لانتقالهم إليها قبل بدء عملية إزالة حيهم القديم؛ كما أسهمت الفقاعة العقارية في استمرار تلك الخلافات بعد أن أدت لتضخيم أسعار الأراضي والوحدات السكنية في جدة بشكل غير مسبوق في السنوات الماضية.
وفي تقديري فإن القائمين على المشروع نجحوا باقتدار في تطوير 5 بدائل عملية من شأنها إعطاء العديد من الخيارات والمميزات للملاك، طبقا لتفاوت ظروفهم المالية وأوضاعهم الاجتماعية، يأتي ذلك بعد أن اعتقد بعض الملّاك أن المشروع قائم على خيار وحيد هو نزع ملكياتهم، وتلك الخيارات هي:
1- التطوير المباشر للمشروع عن طريق تكوين كيانات مؤسسية تشارك في التطوير، أو اختيارهم لمطورين مؤهلين.
2- استثمار قيمة العقار بالدخول كشركاء مساهمين في المشروع، وهو ما سيوفر عوائد استثمارية مستدامة للملاك.
3- الحصول على سكن بديل و(مكافئ) في منطقة منظمة، لمن يرغب في ذلك من سكان الحي.
4- استلام تعويض نقدي سريع يتم صرفه في مدة أقصاها عشرة أيام للراغبين في بيع عقاراتهم للشركة المطورة للمشروع.
5- الدمج بين الخيارات الموضحة أعلاه.
والجيد في منظومة الخيارات السابقة هي كونها موجّهة لجميع مالكي العقارات؛ سواء امتلكوا صكوكا شرعية أو أية وثائق ملكية أخرى.
والرأي الذي أطرحه اليوم يدور حول أهمية إعادة النظر في الآلية التي يتم بموجبها تقييم أسعار العقارات في مشروع تطوير الرويس، باعتبار أن التقييم (العادل) هو العامل الأكثر أهمية لإنجاح هذا المشروع وتشجيع الملاك على دعمه؛ باختيارهم لأحد البدائل المعروضة عليهم، سواء أكانوا ملّاكا فيه أو حتى في المشاريع المشابهة التي سيتم تنفيذها لتطوير العشوائيات الأخرى في باقي مدن المنطقة، خصوصا أن منطقة الرويس تعتبر من ضمن المناطق العشوائية ذات المقومات الاستثمارية التي تشجع مشاركة القطاع الخاص على تطويرها.
ويتعلق مقترحي بضرورة عدم قصر تقييم أسعار تلك المساكن أو الأراضي على السعر (التجاري) الذي وإن كان عادلا بالسعر السوقي إلا أنه لا يراعي الفرص الاستثمارية المستقبلية الواعدة، ولا الجوانب الاجتماعية واحتياجات الملاك؛ لأن الكثير من عقارات الحي هي صغيرة المساحة، وبالتالي فإن قيمتها (السوقية) الحالية ستكون ضئيلة في حالة تقييم سعر المتر المربع بالقيمة التجارية فقط، لأن تلك القيمة لن تكفي غالباً لحصول ملّاك البيوت المنزوعة الملكية على منافع (مادية) أو(عينية) جيدة ومحفّزة، ولن تضمن لهم عوائد سنوية معقولة؛ سواء في حالة مساهمتهم بقيمتها (المحدودة) كمستثمرين في المشروع، أو حتى لو رغبوا في الحصول على التعويض النقدي أو الانتقال إلى سكن بديل؛ يفي باحتياجاتهم الأسرية، لاسيما أن الكثير من تلك المنازل تضم وحدات سكنية (متعددة) يسكنها الأبناء المتزوجون لتلك الأسر، وبذلك فإن العقار الواحد الذي يتسع (قبل مشروع التطوير) لعدة أسر مستقلة، لن يكفي (بعد تنفيذ المشروع) أو الحصول على بيوت بديلة، لسكن نفس الأفراد في وحدات مستقلة لكل منهم.
وللخروج من هذه المعضلة، أعتقد أن من الأجدى والأفضل تقييم قيمة العقارات المنزوعة الملكية لصالح المشروع بناء على مؤشرين اقتصاديين مهمين هما:
1- (معدل العائد الداخلي) أو ما يعرف اختصارا بـ(IRR) أو Internal Rate of Return.
2- (صافي القيمة الحالية) المعروف بـ(NPV) أو Net Present Value.
ما تقدم يعني باختصار أنه يجب أن يتم تقييم سعر المتر المربع في المشروع، بناء على معدل عائده المستقبلي؛ أي مقدار العوائد المادية (العالية) المتوقع أن يحققها المشروع بعد اكتماله، وليس بأسعاره الآنية اليوم؛ أخذا في عين الاعتبار أن المنطقة المطورة مميزة بكل المعايير حيث تتوسط مدينة جدة، وسترتفع أسعارها بشكل ملحوظ بعد اكتمال عمليات البناء والتطوير، وهو ما أوضحته بالضرورة دراسات الجدوى الاقتصادية التي سبق إجراؤها من قبل المستثمرين والمطورين؛ تبعا لاستخدامات الأراضي وطبيعة الإنشاءات الاستثمارية التي ستقوم عليها مستقبلا.
والأكيد هو أن توفّر القناعة بأن الهدف الرئيس للمشروع هو تطوير الأحياء العشوائية، والرفع من مستوى معيشة سكانها، قد يستدعيان سرعة إعادة النظر في موضوع تقييم الأسعار على نحو يؤدي لرفع المردود الاقتصادي لتلك الأحياء، والمساعدة في دمجها مع الأحياء المنظمة في المدينة، وبالتالي تحويلها من مناطق عشوائية تتردى فيها الأوضاع الأمنية والاجتماعية والبيئية، وتتفشى فيها البطالة والمخالفات والفقر لعدم استيفائها معايير التصميم الحضري، لتصبح مستقبلا أحياء مخطّطة؛ ترفع من المستوى العمراني والاجتماعي والاقتصادي لمدينة جدة.
ختاما فإن نجاح المشروع سيشكل نموذجا يُحتذى به لتأهيل وتطوير المشاريع المشابهة القادمة في جدة وغيرها، أما فشله أو تعثره (لا قدر الله)، فقد يؤدي لتأخير أو عرقلة تطوير المناطق العشوائية الأخرى.
!!Article.extended.picture_caption!!
gbadkook@yahoo.com
للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ،636250 موبايلي، 738303 زين تبدأ بالرمز 135 مسافة ثم الرسالة
21:36 | 5-08-2016
ارتفاع فاتورة الكهرباء.. دلع مشتركين أم ضرورة وطنية؟!
صُدِم عدد من مشتركي شركة الكهرباء بالارتفاع الكبير على قيمة فواتيرهم الأخيرة التي تم توزيعها بداية شهر شوال الحالي، وشخصيا لم أسلم من وقع تلك الصدمة (الكهربائية) لأن وضع فاتورتي لم يكن أحسن حالا من فواتير أولئك المشتركين (المدلّعين!)، حيث بلغت قيمتها نحو أربعة آلاف ريال عن الشهر الماضي فقط!، وذلك للمرة الأولى في تاريخ الأسرة!، (علما بأن متوسط قيمة فواتيري الشهرية هو 1600 ريال)، وبذلك فإن قيمة فاتورتي الحالية هي بمثابة (رقم قياسي) جديد لاستهلاك منزلي؛ وذلك منذ أن اخترع توماس أديسون المصباح الكهربائي!، لذلك أفكر في توثيق مبلغ الفاتورة لدى موسوعة (جينيس) للأرقام القياسية!.
على ضوء ما تقدم، فإن هاجسي الأكبر الآن هو توفير مبلغ الفاتورة استباقا لقيام الشركة بقطع التيار (وربما شيل العدة!)، لذلك فقد فكرت في اقتراض المبلغ من أحد البنوك، ولكن خوفا من احتمال تعثري في السداد ووضع اسمي في قائمة العزيزة (سمة)، فقد استبدلت فكرة القرض بعمل (جمعية) مع بعض أصدقائي من محدودي ومتوسطي الدخل، على أن أقوم بتقسيط مبلغها لمدة عام؛ شريطة أن أكون أول من يستلم المبلغ؛ أما إذا لم أجد من ينضم معي للجمعية فقد أفكر في الانتقال مؤقتا للقطب الشمالي؛ لحين انتهاء فصل الصيف، أو سأضطر أن أعيش مع جميع أفراد الأسرة في غرفة واحدة لتوفير استهلاك كهرباء المكيفات.
وبعيدا عن الهزل السابق، فقد يكون من الحكمة قيام أجهزتنا المعنية بمراجعة متأنية لعملية الرفع التدريجي للدعم الحكومي، وإعادة دراسة البدائل المتاحة لتحقيق هذا الهدف، ولكن بصورة أخف وطأة؛ مراعاة لظروف الشريحة الأكبر من المواطنين الذين باتوا يعانون من ضغوط مالية لا قِبل لهم بها وهو ما انعكس سلبا على معيشتهم، وانخفاض قدراتهم الشرائية.
وبالعودة لشركة الكهرباء، فإن من المهم مبادرتها لاتخاذ إجراءات أكثر مهنية وإنسانية ووطنية، من شأنها التخفيف من معاناة المواطنين من ارتفاع قيمة فواتيرها، أذكر منها:
1. السماح بفصل عدادات المنازل ذات القواطع الكبيرة (بدون تعقيدات وشروط تعجيزية) باعتبارها أحد أبرز أسباب ارتفاع قيمة الفواتير، لأن استهلاك تلك المساكن يتركز على عداد واحد، وبالتالي يدخل المشترك (مجبرا) في الشرائح العالية، حتى مع حرصه على تقنين الاستهلاك؛ علما بأن خدمة فصل العدادات ليست مجانية بل مدفوعة القيمة.
2. تعديل (حجم) الشرائح السكنية الثلاث الأولى إلى الضعف لكل منها، وهو ما سيسهم في حصول المواطنين على حاجتهم (الضرورية) من الكهرباء بسعر معتدل؛ بدون التأثير كثيرا على ربحية الشركة؛ نظرا لزيادة الإيرادات وما يتركه ذلك من أثر إيجابي على صافي الدخل.
3. إعطاء حوافز للمشتركين على شكل تخفيض على التعرفة بنسبة معيّنة، وذلك مقابل تخفيض استهلاكهم أوقات الذروة؛ أي من الساعة 11 صباحا حتى الساعة 4 عصرا.
4. تعويض المشتركين المتضررين من انقطاع التيار الكهربائي، على أن يتم ذلك وفق آلية واضحة وعادلة ومعلنة، سواء بإعطائهم خصما على فواتيرهم أو بمنحهم رصيدا (مجانيا) من الكيلو وات مقابل كل انقطاع.
5. تركيب عدادات ذكية تتضاءل معها أخطاء القراءات اليدوية، واجتهادات قرائها أو تقاعسهم، كما تسمح للمشتركين بتوزيع الاستهلاك على ساعات اليوم بعيدا عن أوقات الذروة.
6. الإعلان عن استراتيجية مختلفة تدعمها خطط محددة لإنتاج الكهرباء من المصادر المتجددة وأبرزها الطاقة الشمسية.
7. استبدال الطريقة الحالية للفوترة (للمشتركين الراغبين في ذلك)، بأخرى تعتمد على مبلغ شهري (ثابت) هو (متوسط) قيمة الاستهلاك الشهري للمشترك طوال العام، وهو ما سيجنب المشتركين الفواتير العالية صيفا.
8. يمكن أيضا التفكير في وضع (تعرفة موسمية) منخفضة نسبيا لفصل الصيف؛ الذي تزداد فيه حاجة الناس لتشغيل المكيفات، مع تعويض تلك التعرفة المنخفضة بأخرى أعلى منها خلال باقي فصول السنة التي يقل فيها طلب المشتركين على الكهرباء.
9. تطوير محطات توليد الكهرباء الحالية لزيادة كفاءتها، وتخفيض تكلفة الإنتاج ومصاريف التشغيل، بدلا عن تحميل المواطنين ثمن تقاعس الشركة التقني والإداري طوال العقود الماضية.
10. التعجيل في تنفيذ خطة الشركة لإعادة الهيكلة، وفصل نشاط التوليد عن التوزيع، وتأسيس شركة منفصلة لقطاع نقل الطاقة، وهو ما سيؤدي لتطوير صناعة الكهرباء في المملكة، وإيجاد بيئة تنافسية تشجع المستثمرين للدخول إلى سوق إنتاج ونقل وتوزيع الطاقة الكهربائية في السوق السعودي.
ويمكنني الزعم هنا أن تصوراتي السابقة المقدمة لشركة الكهرباء هي بمثابة خلاصة مطالب شعبية لا تنقصها الموضوعية؛ وتقل كثيرا عن ما تتمتع به الشركة من مزايا كبيرة لا تحلم بمثلها الكثير من شركات الكهرباء حول العالم، وفي مقدمتها:
1) السعر المنخفض نسبيا للوقود اللازم لمحطات توليد الكهرباء (حتى بعد الرفع الجزئي للدعم الحكومي)، وذلك مقارنة بتكلفته المرتفعة على الكثير من شركات الكهرباء حول العالم.
2) عدم احتساب ضرائب على أرباح الشركة، أو إلزامها بدفع مبالغ محددة لخدمة المجتمع.
3) عمل الشركة في بيئة احتكارية تحسدها عليها جميع الشركات المشابهة في معظم دول العالم.
4) قيام الدولة، وعلى مدى عقود، بمنح الشركة قروضا ميسرة بدون فوائد ولا تخضع لمعايير الإقراض التجاري، وقد بلغ إجمالي تلك القروض عشرات المليارات من الريالات.
ختاما، نثق كمواطنين في حرص الدولة على كل ما فيه الصالح العام، بقدر ثقتنا في أن ولاة الأمر-يحفظهم الله- لم يقصروا قط في دعم المواطنين المستحقين للدعم، لذلك أملنا كبير في القيام بما يجب لتصحيح وضع فاتورة الكهرباء.
20:23 | 29-07-2016
اقرأ المزيد