أخبار السعودية | صحيفة عكاظ - author

https://cdnx.premiumread.com/?url=https://www.okaz.com.sa/uploads/authors/1343.jpg&w=220&q=100&f=webp

فهيم الحامد

حج التباعد والتحوط.. بسلام آمنين.. «معاً محترزون»

مع دخول شهر ذي الحجة، وضعت المنظومة المعنية الترتيبات النهائية لموسم الحج «الصحي الآمن» بأعداد محدودة جداً؛ بسبب تفشي وباء كورونا، وفق الاحترازات الصحية الوقائية وهو المحور الأساسي في خطة موسم حج هذا العام تحت شعار «بسلام آمنين» الذي عكسته الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي في شعارها إلى جانب شعار (معاً محترزون.. جميعاً حذرون)، إذ وضعت الرئاسة خطة محكمة بمسارات واضحة ومحددة المعالم مبنية على التباعد والاحتراز والتكيف والتركيز والتعقيم والتطهير، كما أوضح الشيخ عبدالرحمن السديس الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي في المؤتمر الصحفي الافتراضي الذي عقده مطلع الأسبوع لإطلاق خطة موسم الحج في المسجد الحرام بحضور وكلاء الرئيس أحمد المنصوري والدكتور سعد المحيميد.. ولم يكن حديث الشيخ الجليل السديس مؤثراً وصادقاً فحسب عندما قال «إنه لا يوجد بقعة في العالم أكثر تعقيماً وتطهيراً وطهارة من الحرمين الشريفين، وهذا حتماً يعكس حرص القيادة السعودية في الحفاظ على سلامة وطهارة المسجد الحرام والمسجد النبوي».

والمملكة عندما أعلنت تنظيم الحج في هذا الموسم وضعت في اعتبارها أن الحج شعيرة إسلامية يجب أن تستمر ما دامت السماوات والأرض، ورغم تفشي الوباء إلا أنها حرصت على عدم سقوط شعيرة الحج الذي يعتبر الركن الخامس للإسلام، خصوصاً أن لدى المملكة خبرات متراكمة تجاوزت 80 عاماً في خدمة الحج والحجاج وإدارة الحشود، كما أوضح الشيخ الجليل عبدالرحمن السديس، إذ وضعت المملكة سلامة وأمن وأمان الحج أولوية قصوى في اهتماماتها: بهذا الإجراء الموفق حفظت شعيرتين إسلاميتين في غاية الأهمية؛ أولاهما إقامة الشعيرة والركن الخامس من الإسلام، وثانيهما حفظ النفس البشرية التي جاء الإسلام بحفظ حقوقها وصيانتها، وهذا ما أكده الشيخ عبدالرحمن السديس، الذي يعكس حرص القيادة على تنظيم حج صحي آمن، استثنائي في ظل هذه الظرف الذي عصف بالعالم أجمع.. وحرصت رئاسة الحرمين في خطتها لهذا العام على تكثيف عمليات التعقيم والتطهير لتصل إلى 10 مرات في اليوم والليلة، مجندة 3.500 عامل على مدار الساعة.

وكون خطبة عرفات تعتبر من الخطب المهمة للعالم الإسلامي، فإن الرئاسة أتمت استعداداتها لترجمة خطبة يوم عرفة إلى 10 لغات وبثها عبر المنصات الإلكترونية بطاقة استيعابية تصل إلى 50 مليون مستخدم، وسيستمر بثها بشكل مباشر على قناة القرآن الكريم باللغة الإنجليزية، وعلى قناة السنة النبوية باللغة الفرنسة.

لقد سادت حالة من الارتياح أوساط ملايين المسلمين في أرجاء المعمورة بعد القرار الذي اتخذته المملكة بتقليص أعداد المشاركين في حج هذا العام، وقصره على الموجودين في السعودية من مختلف الجنسيات، جراء المخاوف من تفشي فايروس كورونا.

والتحرك السعودي جاء في إطار سلسلة من القرارات الصعبة والمؤلمة التي اتخذتها المملكة في مرحلة تفشي الجائحة، إلا أن جميع هذه القرارات كانت مدروسة بعمق كونها قرارات استراتيجية، وجاء الإجماع العالمي والإسلامي على القرار السعودي كتأييد لهذه الخطوة مع استمرار تفشي جائحة فايروس كورونا في العالم، وعدم توفر دواء أو لقاح للمصابين بالفايروس، كون القرار تم اتخاذه من منطلق الأخذ بالأسباب الشرعية والحفاظ على النفس البشرية للحفاظ على صحة وسلامة حجاج بيت الله الحرام والمعتمرين.

وليس هناك شك أن المملكة مرت خلال الأشهر الأربعة الماضية بتحولات ومتغيرات وتحديات غير مسبوقة، بسبب أزمة كورونا التي اجتاحت العالم، وأدت لإعادة تموضع كامل للعديد من السياسات الاقتصادية والتجارية، وحتى المجتمعية. وكون المملكة جزءاً من المنظومة العالمية، اتخذت سلسلة من القرارات المؤلمة لمصلحة الإنسان مواطناً، أو مقيماً، أو مخالفاً للإقامة.. وكانت أنظار العالم منصبة خلال الشهر الماضي لمعرفة القرار الذي ستتخذه المملكة، كون الحج جاء في ذروة جائحة فايروس كورونا وصعوبة التنقل بين دول العالم، اتخذت الدولة قراراً صائباً ليكون الحج محدوداً وفق احترازات صحية صارمة لضمان أن يؤدي الحجاج الحج بالتباعد والتحوط.. بسلام آمنين.. «معاً محترزون».. بإذن الله.
00:27 | 27-07-2020

أوْغَلوا في المتاجرة بالدين.. «آيا صوفيا».. ماذا فعَلتِ بِهِمْ !؟

النموذج الأردوغاني الإخواني الظلامي والنموذج الإيراني الإرهابي الطائفي؛ وجهان لفكر منحط واحد يشد بعضه بعضا؛ في الفوضى والتدمير والتخريب والمتاجرة بالدين لتحقيق مصالح النظام فقط. فحزب العدالة هو الذراع لتنظيم الإخوان العالمي ضمن خططه لتوسيع النفوذ من بوابة الإسلام السياسي في ليبيا وتونس والسودان وعدد من الدول الإسلامية. بالمقابل يوازي ذلك؛ فيلق القدس والحرس الثوري الإرهابي، حيث يعملان لتمدد الفكر الطائفي القميء عبر أذرعته المليشياتية في سورية والعراق ولبنان واليمن وأيضا في عدد من الدول الإسلامية.

أردوغان يعمل على تصدير النموذج الديني الظلامي إلى الخارج في سياق تنويع أساليب تعزيز النفوذ في العالم الإسلامي وعبر ما يسمى بالإسلام السياسي، وظهر ذلك بالتدخل العسكري المباشر في سورية وليبيا والعراق والتحرش بمصر واليونان.

وجاء موضوع كنيسة آيا صوفيا ليكشف عن سوأة أردوغان، إذ لم يكن كلامه صدفة أو مجرد خطاب عابر بعد قرار المحكمة الذي هندسه بتحويل آيا صوفيا «المتحف» إلى آيا صوفيا المسجد، هذا الخطاب الإخواني المؤسلم جاء متزامنا بحشدنة شعبية لحزب التنمية في الداخل التركي قبل الإعلان عن آيا صوفيا لتصبح مسجدا بعد أن تم تحويلها إلى متحف بقرار من مؤسس تركيا الحديثة أتاتورك في اعام 1934.

أردوغان اتخذ طريق الغي سبيلا وهدفا لـ«أسلمة» المجتمع التركي للتمسك بحلمه لاستعادة «أمجاد» الإمبراطورية العثمانية سواء في سياساته الداخلية المتخبطة أو التدخلات العسكرية الخارجية التي عمقت من التوترات التركية مع دول مختلفة حول العالم.. ونظام خامنئي قتل الآلاف في العراق وسورية ولبنان، ويتماهى مع نظام أردوغان الذي استغل متحف آيا صوفيا، لتحريك مشاعر الأتراك والتستر برداء الدين للتخلص من إرث الرمز التركي العلماني، وترويج نفسه كخليفة مزعوم وعرض نفسه بطلا يزعم أنه يحمي المقدسات الإسلامية، في لعبة سياسية خطيرة مكشوفة، لقد تغاضى أردوغان عن كل التحذيرات الداخلية والخارجية ومضى قدما في إجراءات تحويل متحف آيا صوفيا إلى مسجد، في خطوة تعزز من سطوته الدينية على بلد يعيش تراجعا حادا في اقتصاده.

«آيا صوفيا» كان كاتدرائية على مدار ٩١٦ عاماً، ومسجداً لمدة ٤٨١ عاماً، وأهداف تحويلها إلى مسجد اليوم واضحة المعالم، فمن يلاحظ الفرق بين بيانات أردوغان باللغة العربية «آيا صوفيا عودة نحو المسجد الأقصى، وعودة للمسلمين والحضارة العثمانية» وبين بياناته باللغة الإنجليزية سيلاحظ الفرق والتلاعب بالبيانات الموجهة للعرب وبين ما هو موجه للغرب! فبياناته للغرب يتحدث فيها عن أن المسجد سيكون مفتوحاً للمسلمين وغير المسلمين، وأن قراره يتعلق بالسيادة وتنظيم قانوني. فهي خطوة رمزية ضخمة تعزز موقفه وسط قاعدته الشعبية. ولم يُتخذ قرار تحويل آيا صوفيا إلى مسجد في هذا التوقيت بالصدفة فإن شعبية حكم أردوغان الحاكم وصلت إلى أدنى مستوى منذ عامين، وتفشى الفساد والاستبداد وأصبحت أمام الحزب الإخواني تحديات سياسية ستفقده قاعدته الجماهيرية لذلك لا يوجد مفر من اتخاذ قرار كهذا لاستعادة عواطف ما تبقى من مؤيدين خصوصا أن خصومه السياسيين نجحوا في تفتيت قاعدة أردوغان الشعبية من خلال استقطاب المحافظين والمتدينين، لذا يأمل أردوغان في أن يصوره هذا القرار في صورة المنقذ الحقيقي للمسلمين.

كما ظل أردوغان قلقًا بشأن الأصوات المعارضة من داخل المجتمع المسيحي الأرثوذكسي الصغير في تركيا ولذا قال إن آيا صوفيا ستكون مفتوحة للجميع..

إن الإسلام السياسي التركي ليس رؤية دينية، ولكنه يوظف البعد الديني لأسباب سياسية، بهدف خلق أرضية للتمدد التركي في العالم الإسلامي على طريقة إيران في ما بات يعرف بتصدير الثورة التي جاء بها الخميني في 1979.

إن تنظيم الإخوان العالمي وما يسمى بولاية الفقيه جناحا تدمير الأمة الإسلامية بتوسيع قاعدة الفكر الإرهابي الظلامي والطائفي

نعم لقد أوغلوا في المتاجرة بالدين..

«آيا صوفيا».. ماذا فعَلتِ بِهِمْ!؟ هل تجيب؟
00:45 | 16-07-2020

«حقاً محترزون» الحذر الحذر .. تبقى الكثير !

ليس هناك شك أن معظم أفراد المجتمع السعودي أبدوا تعاوناً كبيراً في مرحلة ما بعد العودة للحياة الطبيعية، من حيث الالتزام الحازم بالإجراءات الاحترازية والتحوط واستخدام الكمامات ومواد التعقيم والتباعد الاجتماعي لمواجهة الوباء الفيروسي، وأكبر دليل على ذلك انخفاض معدلات الإصابات بشكل كبير في الرياض وجدة ومكة التي شهدت ارتفاعات مخيفة خلال الأسابيع الماضية..

ويبقى التزامنا التام الذي من شأنه العمل لمزيد من تقليل الإصابات، فبالإضافة إلى أنه حماية للفرد، كما أنه مسؤولية نحن مطالبون بالتقيد بها حفاظاً على أنفسنا ومن نحب.. لقد شاهدت تعامل المواطن بحزم مع الإجراءات الاحترازية شخصياً خلال خروجي لشراء بعض الاحتياجات في الرياض.. وتذكرت مبادرة «حقا محترزون» التي أطلقتها الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي في رمضان الماضي في إطار الإجراءات الاحترازية وتعزيز مفهوم التباعد الاجتماعي بين المصلين المحدودين في المسجد الحرام والمسجد النبوي، هذه المبادرة التي أبلغني معالي الشيخ الفاضل الدكتور عبدالرحمن السديس شاكراً في حينه بإطلاقها عبر رسالة «إس إم إس»، على هاتفي، تذكرت المفهوم القوي والمؤثر لهذه المبادرة، وأنا أشاهد انخفاض أرقام الإصابات وهي تتناقص تدريجيا في عدد من المدن بفضل من الله ثم بالالتزام والاختيار والتحوط والتباعد.. لكن في نفس الوقت المعركة مع كوفيد ١٩ لم تنته بعد. وأمامنا مشوار طويل لإكمال الانتصار على هذا الفايروس الذي غيّر ملامح العالم والمطلوب استمرار الصرامة، الانضباطية، التعقيم والتطهير للحفاظ على بيئة صحية آمنة.. طبيعية بشكل كامل، حيث تستهدف العودة الطبيعية إتاحة الفرصة لاستئناف جميع الخدمات الحكومية وانطلاق جميع الأنشطة الاقتصادية من جديد.

لقد كان المتحدث باسم وزارة الصحة واضحاً عندما تحدث عن الضوابط التي تحكم العودة الطبيعية التي تمكن في التقييم والتقدير المستمر لا مخاطر أو أي احتياطات أو احترازات لازمة.

لقد تعاملت المملكة منذ اليوم الأول لتسجيل أول إصابة جائحة كورونا بأقصى حالات التحوط والاحتراز وتطبيق الإجراءات الوقائية لمنع انتشار الفايروس وحصاره في بؤره من خلال المسح النشط واليوم نرى نتيجة هذا الاحتراز والتحوط التي وصلت إلى ذروتها.. وكون العالم لم يتمكن حتى الآن من الوصول إلى لقاح فعال يمكنه من وضع حد لانتشار فايروس كورونا، وعلى الرغم من تضاعف أعداد المصابين والقتلى بهذا الفيروس، فإن أعين العالم كله مركزة اليوم صوب سبل تطويق هذا الفايروس وضمان تعامل عالمي ومنسق بقدر كاف مع الوباء يؤسس قدرة على المرونة والتعافي من أجل المستقبل واتخاذ إجراءات متضافرة وشجاعة، من المؤكد أن عدد الحالات الجديدة في تصاعد كما حدث مؤخرا بشكل مفاجئ في عدد من الولايات الأمريكية، ما قد يدفع بالنظم الصحية إلى الانهيار من جديد، مع تعرض الدول الأفقر للقدر الأكبر من الضرر.. ومن إعادة فتح الكولوسيوم في روما والشانزليزيه في باريس واستئناف عمل المتاجر في موسكو والمدارس في بريطانيا، تتسارع عملية عودة مظاهر الحياة الطبيعية في أوروبا، بعد أشهر من العزل الصحي بسبب كورونا، لكن هذه العودة كانت ببطء وحذر، خصوصاً أن خطورة الفايروس تكمن في خاصيتين؛ سرعة عدواه وطول فترة حضانته وخطورته بدرجة قاتلة على كبار السن، ومن يعانون من أمراض تنفسية وأمراض القلب. ونحن على يقين أن المجتمع السعودي بمسؤولية عالية فإن الالتزام بالاشتراطات والبروتوكولات الوقائية كفيل بالتقليل من مخاطر انتشار وانتقال العدوى، مع ضرورة أن يتحلى الجميع بالوعي والالتزام بالسلوكيات الصحية، فالمسؤولية الوقائية أصبحت تقع على الفرد نفسه..

من «كلنا مسؤول» الى «حقا محترزون» إلى «العودة بحذر»... الحذر الحذر.. تبقى الكثير!

كاتب سعودي

falhamid2@
00:46 | 30-06-2020

إدارة المشاعر العاطفية.. وليس وقت الاحتفال !

فرضت جائحة كورونا متغيرات اجتماعية ونفسية وثقافية متعددة الأنماط في المجتمع العالمي، الذي تغيرت عاداته سواء فيما يتعلق في إطار الحياة العامة وروتين العمل اليومي واللقاءات الأسرية وحضور المناسبات والأفراح والأتراح، إلى أوضاع مختلفة تماما وأحوال تباعدية غير مسبوقة في التاريخ، بدءا من منع التجول إلى الإغلاق الكامل، وتوقف الحياة تماما بشكل مفاجئ، وهو ما أثارالكثير من الغموض وحالة عدم الاستقرار النفسي في المجتمع بجميع شرائحه الذين أضحوا رهينة هذا الحصار القسري ريثما تنجلي الجائحة..

وإذا كان اليقين بالله هو العامل المشترك في المجتمع السعودي، إلا أن امتداد الأزمة لعدة شهور أدخل عامل الأمل مع الخوف والقلق مع الفرح من جهة والترقب والانتظار والحزن والإحباط من فقدان قريب أو الإصابة حتى عيادة المرضى والمشاركة في عزاء الأقربين من جهة أخرى.. وقربت الجائحة في نفس الوقت الأسر بعضها البعض وساهمت في فهم أكثر لمشاعر الآخرين.

ورغم أن هناك تأقلما إلى حدٍ ما مع المتغيرات الجديدة في زمن الوباء، إلا أن الخبراء النفسيين في العالم يشعرون بالقلق تجاه إمكانية الصمود العاطفي للسواد الأعظم للمجتمع الذي بدأ يفقده، مع استمرار تأرجح ذروة الوباء.

ويرى الخبراء أن المرحلة تتطلب بقوة تكريس مفهوم الذكاء العاطفي للتقليل من التصادم النفسي والمجتمعي وفهم مشاعرين الآخرين ومشاعر الشخص نفسه؛ لكي نتجاوز أزمة (كوفيد ١٩) بدون أية تداعيات نفسية خصوصاً في محيط الشباب.. وقد يكون مفهوم الذكاء العاطفي هو الأنسب لإدارة التداعيات النفسية للجائحة، خصوصاً أن هناك الكثير من الاختلافات بين أفراد المجتمع ومدى تقبلهم وتأقلمهم مع الحالة المكانية والزمانية التي أفرزتها الجائحة، ليس طوعاً بل كرهاً، فهناك من فكر بذكاء عاطفي وحاول استغلال الوقت للأفضل باستثماره في نفسه وتطوير ذاته، والبعض الآخر وجدها فرصة لبث الإيجابية في الآخرين من خلال المحاضرات والندوات والدورات عن بعد، بينما أيقن البعض الآخر أنه قد فقد الكثير من ساعات يومه الثمين في العمل والإنتاج على حساب حياته الاجتماعية والأسرية فأعاد جدولة يومه للترابط الأسري، بينما هناك أيضاً فريق دخل في مرحلة التشاؤم والقلق وفرز الطاقات السلبية.. ومن هنا برز مفهوم الذكاء العاطفي في زمن الجائحة، حيث يؤكد الخبراء أن أكثرالأفراد في المجتمع الذين يحتاجون لممارسة مفهموم الذكاء العاطفي في هذه المرحلة هم الموظفون في القطاعات التي عملت ليل نهار، إضافة إلى الفئات العمرية من المجتمع الذين يعانون من القلق النفسي الذين أمضوا أشهرا عدة في زمن الجائحة. ويرى الخبراء أن ذكاء الإنسان العاطفي أهم بكثير من معدل الذكاء الشخصي وهو يشير لنجاح وسعادة الإنسان وجودة العلاقات بصفة عامة، ومن المثير للاهتمام ملاحظة أن الذكاء العاطفي تطوّر على مدار السنين، وقد عُرف هذا التعبير في الثلاثينات بالذكاء الاجتماعي، ثم بالقوة العاطفية في منتصف القرن العشرين، إلى أن وصل للتعبير المتعارف عليه حاليا وهو كيفية إدارة المشاعر..

لقد أحدث الإغلاق نتيجة تفشي الجائحة العديد من المتغيرات في حياتنا، وسيكون هناك بالتأكيد المزيد من التغييرات في انتظارنا في مرحلة ما بعد الوباء، الذي سيتغير فيها نمط الحياة وطريقة عمل المكاتب، ومع تحول العمل من المنزل إلى حقيقة، فقد بدأ التغيير بالفعل. سيزيد الأشخاص الذين لديهم مهارة التكيّف بسرعة مع التغييرات، قيمة كبيرة لأماكن عملهم، وترتب نتيجة للحالة الوبائية بعد اجتياز شوط ليس بالسهل من انتشاره، أن تتولى الإدارة الذاتية للفرد والوعي خطورة هذا الفايروس واتخاذ إجراءات الحيطة والسلامة التي نصت عليها وزارة الصحة، ومن المهم معرفة أن الإدارة الذاتية للفرد تتمحور على الكثير من العوامل؛ أهمها الصحة النفسية التي بدورها تتأثر بالضغط من المنطقة المحيطة.. ومع الإيمان أن مرحلة الوباء وما بعدها ستتطلب إدارة المشاعر العاطفية.. فعلينا البدء فعلياً لهذه المرحلة أكثر من إدارة الاحتفالات.

كاتب سعودي

falhamid2@
00:51 | 25-06-2020

في ذروة الوباء.. هل نحن في زمن «اللا يقين»..؟

لم نكن نتوقع أن تتغير المشاعر الإنسانية التقليدية التي تجمدت في العروق، وتحنطت منذ سنوات ماضية، بعد تفشي فايروس كورونا في العالم، إلى مشاعر متحركة تغيرت يومياً، فمن حالة الروتين النمطي السائد منذ عقود، إلى حالة الترقب والانتظار إلى الخوف والهلع، إلى الفرح والسعادة الجزئية، ثم العودة مجدداً إلى حالة الترقب والانتظار لفك طلاسم الجائحة، حتى الوصول إلى مرحلة اليقين وأخيراً إلى اللا يقين.. فمئات الآلاف ولن أبالغ إذا قلت الملايين دخلوا هذه المرحلة، خصوصاً أولئك الذين يعانون سابقاً من حالات التأزم النفسي والقلق والكآبة والعزلة والوحدة والوسواس القهري، بالإضافة إلى الأشخاص الطبيعيين الذين أضحوا في مراحل قد لا تكون مماثلة ولكن مشابهة لها، مع المتغيرات المتعلقة بفايروس كورونا من الإغلاق الكامل وشبه الكامل، إلى تخفيف الإجراءات ومن ثم العودة إلى الإغلاق الكامل وتدفق المعلومات المتضاربة منها تارة وذات المصداقية تارة أخرى.. وطرح المئات من الأسئلة حول ألغاز الوباء منها: هل سيكون الخروج من الإغلاق نهاية الأزمة الكونية؟ هل سنكون أمام أزمة اقتصادية عالمية دائمة؟ هل ستستمر المواجهة بين القوى العظمى في العالم بعد انتهاء الأزمة؟ هل ستستمر النزاعات المسلحة التي قلصت الجائحة من حدتها؟ وأخيراً وليس آخراً ماذا سيكون وضع الإنسان على هذا الكون فيما يتعلق بحالة اليقين أو عدم اليقين؟

من الطبيعي أن تصاب شرائح المجتمع العالمي، بالقلق والفرح وحالة عدم اليقين بسبب الخوف من المجهول وانتظار حدوث شيء ما، وطغيان الشعور بالوحدة القسرية والعزلة الإجبارية التي فرضتها بروتوكولات كوفيد-19 الذي أثار قضايا عالمية شائكة، وفتح معارك التفكير والريبة إلى جانب التفاؤل والحذر والحيطة، كونه أصبح وباء عالمياً بامتياز. وأدى تفشّيه إلى حدوث إرباكٍ كوني في التعاطي معه، باعتبار أن الدول العظمى التي لا تُقهر، بمؤسّساتها القوية ومختبراتها العلمية والطبّية الصلبة، برهن الوقائع على حقيقة مغايرة تماماً، كونها ضعيفة أمام فايروس غامض، وأظهرت الجائحة للكون أنها أمام حالة جديدة من نوعها حيال اليقين وعدم اليقين؛ بسبب عدم معرفة مصدر الفايروس، هل هو قادم من سوق الحيوانات بمدينة يوهان أو مختبر مجاور، أو جاءنا عبر قفز مظلي من كوكب آخر، إلى جانب حالة عدم الاستقرار النفسي والمجتمعي، الأمر الذي لا نستطيع من خلاله تحديد انتهاء مراحل الأزمة خصوصاً بعد الحديث عن موجة ثانية عالمية قادمة ونحن لم ننتهِ بعد من الموجة الأولى.. وهذا حتما سيكون مدعاة أن تستمر حالة اللا يقين، التي غالباً ما تنتج عن شعور مخيف يرتبط بالحاجة الملحّة للحقيقة اليقينية.. وأصبحت حالة عدم اليقين المرافقة لوباء كورونا هي التي تلقي بظلالها على البشرية، حيث أصابها الفايروس بصدمة كهربائية نفسية دامية، دفعتها إلى كسر «الثقة» والطمأنينة الواثقة إلى حالة اللا يقين خصوصاً أن الأزمة كشفت الخلل في إعطاء الأولوية لرأس المال على حساب الإنسان وضحت بالوقاية وحماية الإنسان من أجل القوة والتنافس..

وكون فايروس كورونا ترك آثاراً على العلاقات الدولية وهز موازين القوى بشكل أكبر من الحروب والتي تنذر بحدوث متغيرات جذرية في جسد العالم وعكس هشاشة النظام العالمي، حتى أن العالم بدا ليس حقيقةً، بل ثقافة خرسانية صنعتها القوى العالمية..

في هذه الظروف الصعبة، علينا التحلّي بالأمل، وإدارة أزمة اللا يقين والخوف والهلع بحنكة وصبر وحكمة وبإرادة وتصميم، للتغلب على مشاعر الوحدة، والعزلة والتعايش مع عدم اليقين، خصوصاً أن ديننا الإسلامي غرس فينا التفاؤل وحسن الظن واليقين بما كتبه الله علينا..

في ذروة الوباء المعولم.. هل نحن في زمن «اللا يقين»..؟! ما زلنا ننتظر الإجابة.

كاتب سعودي

falhamid2@
00:48 | 14-06-2020

لا عودة للحياة إلا بتعظيم الوعي.. كوريا وسنغافورة.. نموذجاً ؟

أخذت الجائحة العالمية منحى آخر عندما اضطرت بعض الدول للعودة إلى تشديد الإجراءات؛ بعد أن خففتها على ضوء المعطيات الجديدة على الأرض؛ فيما استمرت دول أخرى في الإغلاق؛ في الوقت الذي ما زال «كوفيد ١٩» يؤرق مضاجع العالم.

في الحقيقة؛ لم أستبعد عودة الإغلاق في مدينة جدة؛ وفق ما أعلن رسميا؛ وأتوقع أن يكون هناك قرار مماثل قريبا لمدينة الرياض؛ وفقا لنفس المعطيات التي حدثت في جدة؛ ليس بسبب كوني عرافا والعياذ بالله؛ ولكني كمراقب لمستجدات الجائحة في العالم وتحديدا في المملكة من زوايا متنوعة؛ صحية وقراءات ومقارنات في الأرقام والإحصاءات في الداخل والخارج والتجارب المأساوية التي مرت بها دول العالم؛ وتحديدا التي شددت الإجراءات بعد فترة من السماح وتخفيض حالات منع التجول. وللحقيقة نقول إنه في زمن الجائحة انتهجت الدولة سياسات محكمة وفق البروتوكولات العالمية الوبائية بناء على قراءات معمقة؛ واضعة في المقام الأول صحة الإنسان؛ سعوديا كان أو مقيما أو حتى مخالفا. وصرفت الدولة المليارات من الريالات؛ للحفاظ على المكتسبات التي تحققت خلال الأشهر الماضية، والتي كان ينبغي على الجميع التمسك بها حيث إنها كانت ولا تزال جهودا دؤوبة سخرت الدولة كافة الإمكانات خلالها لتهيئة ظروف آمنة صحية للعودة إلى العمل تدريجيا، وتوفير مبادئ توجيهية لتقييم المخاطر، وتنفيذ تدابير وقائية وحمائية.. ولقد استرشدت سياسات العودة في العمل بنهج يركز على الإنسان في صميم السياسات الاقتصادية والصحية والاجتماعية والبيئية وفق الإجراءات التي تم تنفيذها.

إذن ماذا حدث؟ وما هي المتغيرات المفاجئة التي أدت لعودة الإغلاق في جدة. يبدو من الواضح أن المجتمع السعودي والمقيمين فهموا رسالة العودة التدريجية التي بدأت في ٨ شوال الماضي بعد إغلاق استمر أشهرا؛ بشكل مختلف؛ وتعاملوا معها بطريقة طغت عليها الفرحة العارمة غير المسؤولة؛ «وكأن شيئا لم يكن»؛ وكأن الجائحة انتهت إلى غير رجعة.

بكل شفافية نقول إن عودة الوضع لسابق عهده في جدة يتحملها المجتمع السعودي بنسبة ٥٧% و٨٠% من المقيمين؛ كونهم تعاملوا مع العودة التدريجية بتهاون، واستهتار، وبدون التزام بالإجراءات الوقائية التي شددت عليها القطاعات المعنية وعلى رأسها وزارتا الصحة والداخلية.

وفي الوقت نفسه لم تكن حملة «العودة بحذر» بنفس قوة حملة «كلنا مسؤول»، هذه الحملة التي أدت لاستنهاض الهمم وهذا ما حدث فعليا في ذروة الأزمة؛ كون ملامح تلك العودة بحذر لم تحقق نفس نتائج «كلنا مسؤول».. ورغم التوجيه تلو الآخر والتحذير المتكرر، رصدت الجهات المعنية تهاون البعض أخيرا في الالتزام بالإجراءات الاحترازية، غير مدركين لعواقب الأمور ونتائجها جراء الاستهتار واللامبالاة، وشاهدنا بأمّ أعيننا حالات التجمعات واكتظاظ الأماكن بالمئات بشكل عشوائي من دون تحوطات إطلاقاً؛ خصوصا أن الخطة الحكومية للعودة التدريجية أعدت وفق التوازن بين ضرورة العودة تدريجياً، والاحترام الصارم لتدابير الوقاية وحماية المواطن والمقيم..

لقد كان وزير الصحة الدكتور توفيق الربيعة صارما وحازما وشفافا عندما قال أخيرا: “للأسف البعض من أفراد المجتمع لم يتعاملوا مع خطورة الوباء بالجدية الكافية، كما أنهم لم يلتزموا بما يصدر من تحذيرات تشدد على خطورة المخالطة والتجمعات”.

إن نجاح العودة إلى دورة الحياة العادية اقتصادياً واجتماعيا يعدّ التحدي الرئيسي في المرحلة الصعبة الحالية؛ والرهان هو على الوعي المجتمعي، كون العودة الكاملة سيكون لها بالغ الأثر الإيجابي على الحياة الاقتصادية والصحية وسيتنفس الجميع الصعداء، وإلا فإن الحجر سيلازمنا لا قدر الله حتى اجتثاث الجائحة من جذورها.

ومن الأهمية بمكان القول إنه ليس هناك شيء مستحيل فهمة الشعب السعودي كجبال طويق؛ ويستطيعون تجاوز هذه المرحلة العصيبة التي تتطلب أقصى حالات الوعي الكامل والحفاظ على المنجز واستمرار الاحتراز والتحوط بشدة، بكل ما تعني هذه الكلمة لعدم العودة للمربع صفر، كما حدث في كوريا الجنوبية وسنغافورة التي اضطرت للإغلاق بعد فترة من السماح. نحن أمام تحديات صعبة... ولن نتجاوز الجائحة إلا بوعي مجتمعي متكامل ونكون على مسافة واحدة من الاحترازات.. وهذا هو حل التعامل مع الجائحة.. تشديد العقوبات.. تعظيم الوعي المجتمعي وردع المستهترين.

كاتب سعودي

falhamid2@
00:17 | 7-06-2020

الشفافية والتكاملية تتصدر.. الإعلام الوبائي.. المهمة لم تنته بعد !

في الوقت الذي التزم فيه الإعلام الدولي في العديد من الدول بالمصداقية والتركيز في الوقاية من فايروس كورونا، لجأت وسائل إعلام في دول أخرى إلى نشر الأكاذيب والتهويل من الفايروس وانتشاره، مدفوعة بحجة السبق الإعلامي، الأمر الذي أدى للنشر والترويج لتقارير مغلوطة.. وليس هناك شك أن منظومة الإعلام الرسمي وكافة هيئاتها ومنصاتها الرقمية كانت أمام اختبار حقيقي وصعب كونها تتعامل مع الإعلام الوبائي للمرة الأولى؛ في الوقت الذي أصبح الإعلام العالمي هو الذي يقود الجائحة ويرسم بوصلتها في عصر الوباء الذي غير ملامح كوكب الأرض، وحوّله لقرية تطبيقية إعلامية صغيرة على الجوال.. وكمراقب يمكنني القول إن منظومة الإعلام الرسمية استطاعت تجاوز الصدمة الأولى التي حدثت للمجتمعات في العالم والمجتمع السعودي كونه جزءاً منه، هذه الصدمة التي تمحورت في القلق وحالة عدم الاتزان في الوهلة الأولى في طبيعة التصدي لجائحة عالمية؛ بيد أنها أعادت تموضعها سريعاً من خلال إعطاء جرعات من الطمأنة بقدرة الدولة في التعامل مع الأزمة وتوفيرالاحتياجات الصحية والغذائية، وإبراز المحفزات التي قدمت للقطاع الخاص وتنفيذ الإجراءات الاحترازية بحزم.

إن معيار النجاح الأساسي للمنظومة الإعلامية تمحور في الشفافية والمصداقية وسرعة نشر البيانات عن الجائحة فضلاً عن الترتيب لإيجاز إعلامي، الأمر الذي ساهم في وصول المعلومة إلى الداخل والخارج وتم دعم ذلك من خلال المنصات الرقمية والإعلام الجدبد، خصوصاً أن ترجمة الإيجاز باللغة الإنجليزية كان خطوة لاستهداف المقيمين.

ومقارنة بأداء المنظومة الإعلامية الرسمية منذ سنوات والتموضع الجديد في زمن الجائحة؛ الذي كان حتماً المحرك الرئيسي في تكامل عمل المنظومة الإعلامية لمواجهة الوباء العالمي؛ حيث أظهرت حراكاً مختلفاً رغم عدم وجود تجربة لها في مجال التعامل مع الإعلام الوبائي؛ إلا أنه تم تسخير الإمكانيات؛ وحشد كل الجهود لإبراز هدف الدولة الإستراتيجي وهو الحفاظ على صحة وقيمة الإنسان بلا تمييز، وهو الذي يحتم استثماره كاملاً في الخارج وشرح كيفية إدارة المملكة، وتوظيف ذلك في تعزيز صورتها وتقوية رأس المال المعنوي للمنظومة السعودية في الخارج. على الضفة الأخرى، أظهرت الجائحة مخرجات وإضافات نوعية في المشهد الإعلامي. فمنذ 13 مارس الماضي وحتى اليوم ظهرت شخصيات سعودية مشرفة في قنوات التلفزيون السعودية بانتظام؛ للحديث عن تطورات الفايروس؛ حتى أصبحوا جزءاً لا يتجزأ من البرنامج اليومي للمجتمع السعودي؛ لتحديث الأرقام والإحصائيات بشفافية؛ إلى جانب تسليط المعطيات التي تتعلق بالوضع الأمني بمنع التجول، فضلاً عن إعطاء الصورة الكلية عن أوضاع السوق التموينية والغذائية، في خطوة عكست التكامل بين القطاعات وتطلبت توحيد الرسائل الإعلامية، إلى جانب ظهور عشرات المراسلين والمراسلات في القنوات السعودية في عمل إعلامي ميداني مهني رائع.. وليس هناك رأيان أن كلاً من متحدث وزارة الصحة محمد عبدالعالي، ومتحدث وزارة الداخلية المقدم طلال الشلهوب ومتحدث وزارة التجارة عبدالرحمن الحسين، نجحوا بامتياز في أداء أدوارهم وتصدروا المشهد الإعلامي، إلى جانب المتحدثين من الوزارات الأخرى.. وأيضاً الجنود المجهولون الذين عملوا على مدار الساعة في المركز الإعلامي وخارجه من كل قطاعات الدولة بصمت وهدوء بعيداً عن أنظار الكاميرا، حيث كان هدفهم الالتزام بالشعار «كلنا مسؤول» فتحية لهؤلاء الأبطال وشكراً لاتكفيهم.

المهمة لم تنته بعد؛ فإعلام مرحلة الإغلاق على وشك الانتهاء. وتبدأ نظرية الإعلام الوبائي الحقيقي في نشاطها الأصعب في زمن العودة التي يختلف التعامل معها جذرياً في مرحلة الإغلاق.. فلنتذكر معاً مصطلح الإعلام الوبائي الذي يجب الاستفادة من تجربة الإعلاميين وتوظيف قدراتهم التي حققت تجارب تراكمية وصناعة جيل إعلامي متخصص في الإعلام الوبائي والبيولوجي..

وكما بدأنا بالحيادية ننهي بالقول على المنظومة الإعلامية الرسمية، استكشاف مناطق الضعف في المنظومة وتقويتها ومناطق القوة وتعزيزها، وليس هناك عمل كامل والزيادة والنقص وارد جداً.. وتبقى التجارب التي تذكي وتصقل القدرات.. ومن أولويات المرحلة التركيز على كيفية نقل قصص النجاح التي تحققت في زمن الجائحة إلى العالم؛ فضلاً عن التحرك في المحيط الإقليمي والإسلامي والعالمي حاملين رسالة قيم الإنسان والإنسانية التي برهنت الدولة أنها حاملة المشعل في العالم قولاً وفعلاً.. ونحتاج بشفافية تغيير الخريطة الوراثية للتعامل مع الإعلام الدولي.. إذا تصدرت المكاشفة.. نجحت المهمة.. حتى لو كانت مستحيلة.

كاتب سعودي

falhamid2@
01:10 | 31-05-2020

نعم.. ستعود يا عيد.. ولكن بأمْرٍ فِيه تجْدِيد !

أيّام قلائل وتنصرم أيّام شهر رمضان المبارك، ويطل علينا عيد الفطر المبارك، وهو إحدى أكبر المناسبات للأمة الإسلامية، حيث يحتفل فيه الشعب السعودي بفرحة اكتمال الصوم والمعايدة بالسعادة والحبور.. ومن المؤكد أن رمضان لم يكن بكل المعايير مثل رمضان في العقود الماضية ليس في المملكة فحسب، بل في العالم، كون العالم ما زال يعيش في وضع استثنائي بسبب تفشي وباء كورونا، وجمود الحياة، برمتها في الكون برمته.. ونحن على مقربة من أيّام العيد وعلى ضوء الإعلان عن منع التجول، لمدة 24 ساعة، والإغلاق الكامل للملاهي والمطاعم ومهرجانات الاحتفالات بالعيد وتحديد موعد للمعايدة لمدة ساعة فقط، كون هذه هي الأماكن التي تعود عليها المجتمع السعودي للذهاب إليها في أيّام عيد الفطر للتزاور واصطحاب الأطفال للاستمتاع بالعيد وفرحته، فإن مظاهر العيد ستختفي، سيكون هذا العيد مختلفاً تماماً لما عهدناه أيضاً في العقود الماضية على غرار رمضان..

ورغم صعوبة هذا الوضع إلا أن الدولة كانت أمام تحدٍّ كبير، ما بين إعطاء مرونة للخروج والسماح لأفراد المجتمع بالتحرك، في ظروف وبائية صعبة، وفي ظل استمرار ارتفاع حالات الإصابة بالفايروس، وما بين اتخاذ قرار مؤلم وصعب، ولكنه مدروس لمصلحة المواطن والمقيم أولاً وأخيراً، والإغلاق الكامل في أيام العيد.. لم يكن أمام الدولة إلا اتخاذ هذا القرار الصعب والمدروس؛ لكي تحافظ على صحة الإنسان.. المواطن والإنسان المقيم.. والإنسان المخالف لأنظمة الإقامة والاستمرار في الإجراءات الاحترازية والتباعد الاجتماعي، وهو النهج الذي اتبعته من اليوم الأول للأزمة، كون القيادة الحكيمة وضعت مصلحة الحفاظ على الإنسان وسلامته فوق أي اعتبار، وصرفت المليارات من الريالات، بلا سمعة ولا رياء من أجل المواطن للحيلولة دون انتقال العدوى بين المواطنين والمقيمين من خلال التجمعات والزيارات الأسرية التي تعتبر سمة أيام العيد. والقيادة السعودية وهي صاحبة القرار ولديها بعد النظر والحكمة والحنكة، وقرارتها تصب دائماً لمصلحة الشعب كون اختلاط المواطنين في العيد ستنتج عنه آثار سلبية جدّاً ما يتسبب في تزايد أعداد المصابين بفايروس كورونا بشكل كبير والعودة للمربع صفر.. لذلك يجب رفع درجة الثقافة والوعي بين المواطنين واعتبار أن هذا القرار يصب لمصلحتهم جميعاً لمكافحة فايروس كورونا. ونحن نشاهد ما يجري في العالم نتيجة تفشي وباء كورونا، والإشكالات التي تواجهها دول العالم من نقص في المخزون الغذائي وعدم توفر أدوات العلاج ونقص الأدوية الطبية والبنية التحتية الصحية وانتشار الوباء وارتفاع عدد الإصابات والوفيات، وفي ظل عجز أغلبها من الناحية اللوجستية لاحتواء المرض بما في ذلك الدول الكبرى التي تمر بأوضاع صعبة للغاية. هناك دروس متعددة نتيجة تفشي هذا الوباء يجب أن يتأقلم معها الجميع حفاظاً على الصحة، وهناك وسيناريوهات يجب أن يستعد لها العالم مع جائحة كورونا. الكثيرون يحاولون التكيف مع الوضع والتعايش معه إلى انتهاء الأزمة.. والمجتمع السعودي أثبت أنه مجتمع مسؤول والتزم بالإجراءات الاحترازية نصّاً وروحاً..

الحقيقة الأصعب التي يجب أن يستعد لها العالم هي التداعيات الاقتصادية التي ستظهر نتائجها على المدى المتوسط والبعيد والتي قد تكون هي الصدمة الأكبر التي يجب أن نتكيف معها.

بإذن الله سنتجاوز الجائحة، وسنخرج منتصرين بالعمل الجماعي، وتكريس روح ونص «كلنا مسؤول»، وتنفيذ شعار «نبتعد اليوم لنقترب غداً»..

* كاتب سعودي

falhamid2@
01:23 | 19-05-2020

«كوفيد 19».. الصورة الأعمق لكَوْنٍ بلا جوائح

لا يمكن للبشرية أن تمحو من ذاكرتها انهيار دفاعات الدول الأكثر تقدما اقتصاديا وتكنولوجيا وماليا فى العالم، بسبب انتشار «كوفيد ١٩» ونحن ما زلنا في ذروة الوباء الذي أضعف اقتصاد العالم وأنهك تجارته وأطاح باستثماراته وبورصاته وسياحته وقلب المعادلات رأسا على عقب..

من الواضح أن القوى الكبرى أدركت الآن بعد الدرس القاسي، أن إنفاق المليارات على بناء أنظمة صحية بالغة التطور معنية بالتعامل مع الأوبئة الفايروسية والبيولوجية أضحى أولوية لابد منها. ومن المؤكد أن الدول العظمى أعادت حساباتها وأولوياتها للتعامل مع مرحلة ما بعد كورونا، والانتقال من حالة الصراعات إلى التوافقات، إذ حان الوقت أن تدرك القوى الكبرى أن مصير هذا العالم مشترك، ولم يعد حل الأزمات يتطلب استخدام السلاح النووي والصواريخ وحتى الرصاصة لإيجاد كون بلا جوائح..

في هذه اللحظة الفارقة في تاريخ البشرية فإن الاستثمار في العقول والعلوم الوبائية والفايروسية والبيولوجية وإنشاء مراكز البحوث والتجارب المعملية هو الأنجع لكي لا يفاجئنا ويظهر لنا كوفيد بلون وطعم آخر..

ومن الأهمية بمكان تفعيل العلوم الافتراضية وتحديدا التعليم الافتراضي، والارتقاء بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والبنوك المعرفية والرقمية والتفكير البحثي الإبداعي المنوع، فضلا عن التركيز على الأمن الغذائي والدوائي والصناعات الاستراتيجية وإدارة الكوارث الطبيعية، كونها خطرا لا يقل عن فايروس كورونا، مثل الأعاصير والفيضانات، نتيجة التغير المناخي. لقد انشغل العالم خلال العقود الماضية بالاقتصاد عن الصحة، وبالحروب عن السلام والآن عليه أن يكون أكثر تعاضدا وتسامحا، ويتعلم من دروس كورونا القاسية والمؤلمة. ويبقى الأمل في أن تبث الأزمة وما نجم عنها من مآسٍ، وعيا حضاريا جديدا، في أوساط القوى العالمية، وإدراك مدى حاجتها للإنفاق على الصحة والبحوث العلمية الفايروسية وزيادة ميزانياتها واستعداداتها الصحية والعلمية كضمانة أساسية للحفاظ على اقتصادها وأمنها واستقراره وأن يقرأوا جيداً أن مبلغ علمهم لم يمكِّنهم من أن يكتشفوا هذا الفايروس غير المشاهد بالعين، قبل حدوثه. خصوصا أن خريطة التوجهات الاستثمارية في زمن ما بعد كورونا ستغير من شكل الاقتصاد العالمي بمختلف مكوناته انطلاقاً من الدروس الصعبة والتجارب القاسية التي فُرضت في زمن الجائحة،، الإدراك العالمي بأن الأمن والصحة والتعليم والغذاء هي الأسس لمقومات الدولة الحديثة، إلى جانب تعميق التأهيل بالتحول الرقمي في منظومة العمل والتعليم عن بعد والذي أصبح أمراً واقعاً في زمن كورونا والذي سيتحول بعدها إلى نهج عالمي وأسلوب سائد وهو ما سيكون من شأنه خفض التكاليف ويحقق وفورات مالية يجري استثمارها في مسارات الاستثمار الجديدة وتعظيم العوائد والأرباح وتطبيق مفهوم القرية العالمية.

إن الانتصار على الأوبئة الفايروسية سيكون حتمًا، بإنشاء المعامل النوعية والمختبرات ومخازن التفكير البيولوجية، وليس بالجيوش، لأن الحرب مع «كوفيد-19» تديرها العقول الطبية والمختبرية، وليس الكلاشينكوف، خصوصا أن الحرب العالمية الأولى تمخضت عنها عصبة الأمم، والحرب العالمية الثانية نتجت عنها الأمم المتحدة ثم انتقلتا إلى نظام القطبية الثنائية إلا أن الحرب العالمية الثالثة الجارية حالياً ضد الجائحة ستؤدي إلى نظام عالمي جديد بمفاهيم استثمارية وأطروحات تكنولوجية مختلفة اختلافاً جذرياً عن العقود الماضية.. الدرس الأهم لنا في المملكة هو التفاف الشعب حول قيادته وهذا ما حدث في الماضي ويحدث حاليا، كون الشعب واثقا في قرارات القيادة الحكيمة، وهذا حتمًا كفيل بأن يساهم فى عبور الأزمة مهما بلغت صعوبتها، وعدم الالتفات للشائعات التى يرددها الأعداء والمغرضون في الخارج..

هناك مثل صيني يقول «أن تشعل شمعة خير من أن تلعن الظلام»... الحمد لله لقد أشعلت هذه الأزمة الملايين من الشمعات البيضاء المشرفة وأظهرت أبطال الصحة ورجال الأمن والمجتمع بكامله صفًا واحدًا لمواجهة الجائحة تحت شعار «كلنا مسؤول».. حقا محترزون حتى اجتثاث الفايروس..

* كاتب سعودي

falhamid2@
01:56 | 12-05-2020

الأمن الوبائي والبيولوجي.. الإستراتيجية القادمة

هيمنت قضية الإرهاب بعد تفجيرات 11 سبتمبر على اهتمامات صناع القرار والمؤسسات الأمنية والاستخباراتية العالمية؛ كون الحادث الإرهابي مثّل صدمة للبشرية؛ الأمر الذي تطلب من المجتمع الدولي إعادة التعامل مع ملف الإرهاب وأصبح الهاجس الأمني والاستخباراتي هو المسيطر على السياسة العالمية.

وبعد اجتياح وباء كورونا العالم وتداعياته الاقتصادية والنفطية والسياسية والصحية الخطيرة، وانعكاساته غير المسبوقة على أمن واستقرار العالم، الذي أصبح مشلولا ودخل حالة الموت السريري والإغلاق القسري؛ طرحت تساؤلات جدية حول ما إذا كان ينبغي شمول الأمن الوبائي والصحي العالمي في منظومة الأمن العالمي والإقليمي والوطني، بحيث يصبح جزءا لا يتجزأ من الأمن الإستراتيجي، بكيان مستقل وعقول ومخازن للتفكير والبحوث والدراسات الجرثومية والأوبئة البيولوجية والفايروسية على مستوى عالمي من التقنية..

وليس هناك رأيان على أن التعامل مع ملف الأوبئة العالمية أصبح مُلحاً؛ كونها تشكل خطورة على بقاء الدول ووجوب إعطاء أولوية قصوى لها في البحث والتمحيص وتهيئة الموارد المادية والبشرية لها لمجابهة أي وباء قد يهاجم العالم فجأة على غرار (كوفيد-١٩) الذي داهم العالم وأعاد خارطته، رأسا على عقب، الأمر الذي يتطلب من المنظومة الأمنية والسياسية حتمية التعامل مع التهديدات الوبائية، إضافة إلى مصادر التهديدات ذات الأولوية؛ وهي الإرهاب والحروب والهجمات الإلكترونية وتضاف لها حروب الأمن الوبائي والحروب البيولوجية التي تعتبر أخطر من الحروب السيبرانية والنووية. ومن المؤكد أن صناع القرار في المؤسسات الأمنية في العالم بدأوا فعليا في إعطاء أولوية لهذا الملف الحيوي، ومن الضروري إدخال تغييرات جذرية في سياقات عمل المنظومات التي تعتمد السبل الاستخبارية التكنولوجية، وتطوير أجهزة جديدة لتحري الأوضاع الصحية والبحث عن التهديدات البيولوجية التي لا تعتبر جديدة على العالم، ففي حقبة الحرب الباردة كان الغرب والاتحاد السوفيتي يتسابقان من أجل فهم ما هي الأسلحة الجرثومية والبيولوجية. وفي المستقبل القريب سيكون التركيز على اللقاحات الوبائية أكثر منه على الأسلحة النووية والصواريخ البالستية وحاملة الطائرات البحرية؛ باعتبار أن عالم ما بعد الجائحة سيرسم مستقبلا مختلفا تماما عما قبله في استخدام قواعد المعلومات الوبائية والفايروسية والبيولوجية؛ أكثر تقدما، مدعومة بتقنية الذكاء الاصطناعي والتنبؤ بمسارات الأوبئة الفايروسية واحتمالات استخداماتها لتدمير البشرية، فضلا عن اكتشاف تقنيات عالية في الرصد السكاني لمواجهة أي انتشار للفايروس والسيطرة على تحركات السكان من أجل منع انتشاره، خصوصا أن الوباء الفايروسي قد يقلص قدرات الجيوش والأسلحة النووية، وهو ما حدث تماما في (كوفيد- ١٩) عندما أصبح العتاد العسكري العالي التقنية غير ذي قيمة، وأصبحت الجيوش تتفرج على تدمير العالم دون أن تحرك ساكنا.. ووصل الفايروس إلى دول العالم المتطورة التي كانت تزعم أن لديها نظاما صحيا عالميا إلا أن الواقع والعواقب للوباء أثبتت عكس ذلك، وما بالنا بالمجتمعات والدول الفقيرة التي افتقدت للعلاج والغذاء معا. وما من مقولة تجسد أهمية الأمن الغذائي لأي دولة كمقولة ألفريد هنريلويس (1906) إن «تسع وجبات فقط هي المسافة التي تفصل البشرية بين التحضر والفوضى والهمجية الكاملة». وليس هناك أخطر من الجوع والفايروس في قدرته على تدمير المجتمع، لذا فإن وضع خطة استجابة لتفشي أي وباء عالمي والتعامل معه كأولوية للأمن الوطني والعالمي تتناسب مع التهديد الذي يمثله للأمن والاستقرار العالميين. ومن الأهمية بمكان تعزيز نظام الإنذار والاستجابة المبكر لدعم الأمن الصحي والوبائي على المستويين العالمي والإقليمي..

إنّ المجال ما زال مفتوحاً لإنتاج مفهوم الأمن الوبائي فالآفات والأزمات والأمراض في هذا العالم الذي اعتقدنا لسنين أنّه آمن، تبيّن أنّه ليس آمناً وسيواجه بسببها الكثير من التهديدات، والتحسب لها وصياغة مفاهيم صحيحة للتعامل مع الأمن الوبائي.

ومن المؤكد أن المملكة التي استطاعت بحمد الله إدارة أزمة (كوفيد-١٩) حريصة على التعامل مستقبلاً مع الأمن الوبائي بآليات عالمية لتثبت مجددا أنها دولة تتحمل مسؤولياتها وتتهيأ استباقيا لأي أزمات لا قدر الله.

* كاتب سعودي

falhamid2@
01:06 | 4-05-2020