-A +A
ماجد قاروب
في ظل عالمية التشريع تصدر منظمة الأمم المتحدة وهيئاتها التابعة نماذج مشاريع قوانين تسترشد بها الدول كإطار عام ويمكنها الأخذ بما جاء بها من مبادئ، وتستطيع جميع دول العالم أن تدعي أن لديها تشريعات ناجعة ومعترفا بها ومتفقة مع الأعراف الدولية.

ولا شك أن استحداث وتطوير التشريعات يؤثر حتما على بيئة الأعمال والسوق المالية وحماية وجذب الاستثمار، ولكن من الضروري ليس فقط إعادة النظر في هذه التشريعات بل ترجمتها وتطبيقها بواسطة قضاء مستقل وفعال.


ويعتبر الاستثمار دعامة أساسية للتنمية، كونه يزيد من الطاقة الإنتاجية ولكنه يحتاج إلى مناخ مناسب، ولا شك أن تحقيق الأمن القانوني والقضائي يساهم إيجابيا في ذلك، فالمستثمر سواء كان وطنيا أو أجنبيا ومهما كانت المبادرات التشجيعية المنصوص عليها في التشريعات ، فإن هذا المستثمر لا يغامر إلا إذا تحقق من وجود قضاء مستقل وفعال يترجم النصوص بما يحقق العدل والمساواة، وذلك لأنه يبحث دائما عن الفعالية والسرعة والأمن والثقة في معاملاته، وقبل القيام بأي مبادرة يبحث عن الضمانات القانونية والقضائية المنظمة لقطاع الاستثمار، ويبحث فيما إذا كانت هناك آليات قانونية تضمن حماية حقوقه في حالة وقوع نزاع.

ويظل أساس تقييم الضمانات القانونية والقضائية هو في حقيقة تطبيق نفاذ القانون والنزاهة والشفافية وتساوي الفرص بين المستثمر الأجنبي والوطني، ونتطلع إلى أن تكون سيادة القانون هي أساس التقييم لتتحقق العدالة بمفهومها الشامل لكل ما يتحد فيه المستثمر الأجنبي والوطني في تعاملهما مع أجهزة الدولة والجهات القانونية والمحاكم.

وأصبح القضاء أكثر من أي وقت مضى مطالبا بالانفتاح على محيطه الخارجي والاطلاع على ثقافات قانونية وتجارب قضائية أخرى، لكي يصبح قادرا على إيجاد الحلول المناسبة لما يعرض عليه من منازعات قضائية تهم مجال الاستثمار ورؤوس الأموال ومن ثم يكون فاعلا أساسيا في خلق مناخ سليم يسوده الثقة والاستقرار ويشكل دعامة قوية للتنمية وتشجيع الاستثمار.

ولتحقيق العدالة تأتي أهمية التكامل في أدوار الجهات المعنية بالسلطة القضائية والقانونية والحقوقية والتي تتضمن الأمن العام والنيابة العامة والمحاكم على مختلف أنواعها ودرجاتها الابتدائية والاستئنافية والمحكمة العليا ومحاكم التنفيذ.

ولذلك نص قانون التنفيذ على أن يختص قاضي التنفيذ بالفصل في منازعات التنفيذ مهما كانت قیمتها، وفقا لأحكام القضاء المستعجل، ویختص بإصدار القرارات والأوامر المتعلقة بالتنفيذ، وتكون جميع قراراته نهائية، وتخضع جميع أحكامه للاستئناف، ويكون حكم الاستئناف نهائياً.

ولا تخفى أهمية التحكيم التجاري الوطني أو الدولي والذي يعد من أهم الوسائل المطمئنة للمستثمر.

إن التحدي الحقيقي هو في نفاذ القوانين والأحكام وليس في وجود التشريعات فقط؛ حيث يتطلب الأمر التكامل بين السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية.

* كاتب سعودي

majedgaroub@