-A +A
عبده خال
أجد في نفسي رغبة للعودة إلى ملف هروب الفتيات السعوديات، وهو ملف أشبع تحريضاً من قبل أطراف تسعى إلى تجميع متناقضات اجتماعية ومشاعر نفسية لفئة ضئيلة من الفتيات، يقابل ذلك التحريض أصوات مستنكرة لكل فعل تحريضي..

ومع كل الحالات نحن مثلنا مثل جميع المجتمعات التي تحدث فيها أفعال لا ترضينا ومع ذلك تكون في إطارها الاجتماعي، فكيف تقفز من موضعها لتتحول إلى مادة بأيدي منظمات ودول؟


ولأننا دولة مستهدفة فأي فعل يحدث في الداخل سواء كان اجتماعياً أو رياضياً أو سياسياً أو اقتصادياً يتحول إلى مادة للهجوم، وأعتقد أن في هذا قوة تمكننا من الحصانة والتعامل مع كل حدث باستيعاب منطلقات المحرضين أو المهاجمين، إذن القضية قضية استيعاب، وإذا أدركنا أهمية هذا الفعل فلن نحتاج إلى ترويج خطاب الترويج من خلال المواطنين الذين يحبون وطنهم، ويحدث الترويج بإعادة الموضوع في وسائل الميديا ولو تم إهمال أي تحريض فلن يحقق هدفه من (الشوشرة) لأنه سيموت في مكانه.

ربما هذا الرأي لا تسانده بعض العقليات التي ترى أن الرد ومقابلته بالحقائق هو أفضل وسيلة لإماتة أي تحريض، وفي الرأيين رجاحة.. وأنا مع الرأي الأول في إماتة أي تحريض بإهماله وعدم استخدام لغة تحسب على أبناء البلد من قبل المهاجمين أنفسهم..

والذي أردت قوله من البدء في ملف الفتيات الهاربات، أولاً من أقدم على هذا الفعل هن فتيات صغيرات السن ولا يعرفن ما الذي ستجابهه الفتاة من عنت وغربة وحياة مشروخة، والفعل المتقدم الذي أطالب به متابعة حياة الهاربات، والمتابعة ستفضي إلى معرفة كمية المشاكل الحياتية والنفسية التي تواجه الهاربة، وأكاد أجزم أن الهاربة تعيش حالة من الندم.. نعم سيحتفل بها البعض وهو احتفال إعلامي يستفاد منه وقتاً ثم ينفض المحتفلون، ومتابعة حياة الهاربة سيكون باباً للمراجعة والكشف بأنها تم استخدامها إعلاميا وانتهت كورقة محروقة.

المطالبة تكون كالقارب المسعف لمن غرق واحتاج لمنقذ، وأعتقد أن مثل هذه المتابعة ستكون بوابة عظيمة لتقديم الدروس لبقية الفتيات بأن وطنهن أرحب بكل نزواتهن من غير الحاجة لأن تكون سهماً في صدر وطنها..

تصوروا عودة إحدى الهاربات وهي تشرح ما الذي فعلته بها وسائل الإعلام وفي أي خانة حياتية عاشتها بعيداً عن جذرها ووطنها.

هناك دروس وعبر تأتي من قِبل من جرّب، وليس من قبل من استنكر أو نصح..

* كاتب سعودي

Abdookhal2@yahoo.com