-A +A
منى العتيبي
في الآونة الأخيرة، أصبحت الأسر تستعد لشهر رمضان من خلال إعداد بعض المأكولات الرمضانية وتخزينها في «البراد» أو ما يطلق عليه «الفريزر»؛ سعيًا منها لاختصار الوقت والجهد في شهر الصوم والتفرغ للصلاة والعبادة والاستمتاع بشهر الخير، وعلى الرغم من كل التحذيرات الصحية بشأن عملية «فرزنة» الأكل وتخزينه جاهزًا إلّا أن الأغلب ما زال مستمرًا في هذه العادة.

بعيدًا عن الخوض في الناحية الصحية وقريبًا من هدف «الفرزنة» الذي يقوم على الاختصار في الجهد والوقت وبلوغ الهدف سريعًا دون الأخذ بعين الاعتبار المحاذير الصحية والمؤشرات السلبية الخطيرة المترتبة على ذلك فيما بعد.. لو تأملنا حياتنا المهنية والعلمية والاجتماعية؛ لوجدنا مصطلح «الفرزنة» حاضرًا في بعض قراراتنا وأمورنا الاجتماعية وعلاقاتنا الإنسانية، وقد تصيب المهم منها ونفشل.. فكم من قرار إداري وقيادي واجتماعي مفصلي «فرزناه» وجاءت النتيجة متهلهلة واهنة وفاشلة، اتخذناها فقط؛ لنحقق الهدف دون التحقق من إجراءاته وخطواته السليمة..


حياتنا السريعة نمضي بها مع هذا الركض العالمي في العلم والبيئة والتطور التقني والصناعي السريع الذي وصل إلى الفضاء، يلزمنا أن نقف خلال ركضنا عند محطات المراجعة والتدقيق والقراءة الفاحصة. ولو لاحظنا رؤية المملكة العربية السعودية 2030 نجد أنها ركزت على موضوع «الاستدامة» في كل مشاريعها، ومعنى الاستدامة يتطلّب ارتباطه بالتنمية، وهذا يعني أن من اشتراطات أي مشروع وأي عمل أن يكون تنمويًّا مع الزمن.. مستمرًّا في النماء والتقدم والجودة والحوكمة..

وأيضًا مصطلح «الفرزنة» ينسجم مع بعض «المفرزنين» للأعمال في المؤسسات والشركات؛ اعتقادًا منهم بأن هذا العمل يختصر لهم تقديم الخدمات للمستفيدين وتسهيلها، بينما يحدث العكس تمامًا من ردود أفعال المستفيدين العكسية مما يؤثر على السمعة التسويقية للمؤسسة والشركة.

ختامًا.. عملية «الفرزنة» في مجال الإدارة والأعمال والمشاريع هي السبب الرئيسي من وجهة نظري القاتلة لمفعول الاستدامة، ففي تاريخ البشرية هناك أدلة علمية كثيرة على أن البشرية تعيش بطريقة غير مستدامة، وأن إعادة الاستخدام البشري للموارد الطبيعية إلى داخل الحدود المستدامة يتطلب جهدًا كبيرًا وهذا الجهد يأتي في إطار تجويد الأعمال والاستدامة وثبات القيمة.

باختصار، لا تفرزنوا سمبوستكم.. حتى لا تفقد السمبوسة نكهتها الرمضانية.