-A +A
طارق الحميد
تساءلت الأسبوع الماضي هنا: هل تفعلها قطر وتوقع اتفاقية سلام، وتطبع مع إسرائيل رسميا، بعد الاتفاق الإماراتي-البحريني-الإسرائيلي؟ أعتقد أن ذلك ممكن، وستوقع قطر بغض النظر عن ساكن البيت الأبيض، سواء الرئيس ترمب، أو المرشح الديموقراطي بايدن.

ومن المتوقع أن تكون مفاوضات السلام القطرية الإسرائيلية الأسهل بالمنطقة، وربما عبر الواتساب، عطفا لما للبلدين من تاريخ من العلاقات الخفية والظاهرة، وبإطار لعب أدوار قطري، حيث إن المتناقضات هي لعبة الدوحة.


صحيح أن قطر لم توقع سلاما رسميا مع إسرائيل، لكن للدوحة سجلا مطولا من التعامل مع الإسرائيليين، وباعترافات قطرية، وآخرها أمريكية حيث يقول تيموثي لندركينغ نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الخليج إن قطر تتعامل مع إسرائيل «وقد فعلت ذلك بشكل علني لسنوات عدة ومرارا وتكرارا. ويمكننا أن نشير أيضا إلى مساهمة قطر في التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين حماس وإسرائيل منذ أسبوعين».

مضيفا: «بحسب تجربتنا، المسؤولون القطريون الذين يعملون على هذا الملف منفتحون جدا بشأن تلك التعاملات مع إسرائيل. لقد طوروا علاقات إيجابية مع المسؤولين الإسرائيليين المعنيين، لذا نعتقد أن ثمة الكثير للبناء عليه».

حسنا، ما معنى ذلك الآن؟ استمتعت قطر مطولا بعلاقات مع إسرائيل غير رسمية، لكنها خولتها لعب أدوار بالمنطقة، وأمريكا، حيث كانت الدوحة تترك لإعلامها رفع الصوت، والحديث عن المحتل الإسرائيلي، بينما تحظى بعلاقات دافئة مع إسرائيل.

اليوم تغير الوضع تماما، ولا مجال للعب بوجهين، بعد السلام الإماراتي البحريني الإسرائيلي، حيث العلاقات الدبلوماسية الكاملة، والاعتراف، وتبادل السفارات، وبالتالي فإن لا حاجة للدور القطري من قبل الإسرائيليين بالمنطقة، ولا ميزة لدى الدوحة بواشنطن.

وبالطبع فإن قطر تعودت الحضور بكل حدث دون دفع ثمن حقيقي، حيث استمتعت الدوحة مطولا بغطاء الإسلاميين من الإخوان المسلمين وغيرهم من الجماعات المتطرفة. كما تمتعت قطر بغطاء إسرائيلي- فلسطيني، من السلطة وحماس، نظير خدمات مالية، وسياسية، وإعلامية.

تتعامل قطر مع إسرائيل بتذاكٍ واضح، حيث مكتب بدلا من سفارة، مكتب لا يعرف عنه الكثير، والغريب أن الصحافة الغربية لم تكلف نفسها عناء تتبع ذاك المكتب! لكن اليوم لم يعد هناك مجال للعب الأدوار.

اليوم إما أن توقع قطر معاهدة سلام مع إسرائيل، وتطبع رسميا وعلنا، أو تخسر كل مميزاتها القديمة، ولذا كان من اللافت قول نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي إن بلاده بصدد إعلان قطر حليفا رئيسيا غير عضو بحلف شمال الأطلسي، وهو وضع يمنح الدول بعض المزايا بالدفاع والتعاون الأمني.

فهل هذه الخطوة حماية لقطر من إيران، وبالتالي فإن الدوحة تقترب من التوقيع؟ حينها ستكون ورطة الإسلاميين وتركيا كبيرة، بل ستكون حفلة سقوط أقنعة تستحق المشاهدة.

tariq@al-homayed.com