-A +A
عبداللطيف الضويحي
الأسرة تشبه الدولة أي دولة في تبنيها للمدرسة الاقتصادية - الاجتماعية الرأسمالية أو المدرسة الاقتصادية - الاجتماعية الاشتراكية. هناك أسر تتبنى المدرسة الاقتصادية الاجتماعية الرأسمالية في تعاملها مع أعضاء الأسرة؛ أي أن لكل فرد الحرية بقراراته، مقابل أن يكون المسؤول الوحيد عن نفسه ولا أحد من الأسرة مسؤولا عنه.

بينما تتبنى أسر أخرى المدرسة الاقتصادية الاجتماعية الاشتراكية، حيث القرارات مركزية وحيث سقف الحرية الفردية أقل، مقابل مسؤولية الأسرة الجماعية المعنوية والمادية عن الفرد.


بغض النظر عن سلبيات وإيجابيات المدرستين، تبرز مدرسة ثالثة تجمع بين بعض مكونات المدرستين في تكافلية ومسؤولية بين الفرد والأسرة حسب قناعة كل أسرة وتبعاً للبيئة الاجتماعية والدينية والفكرية والمستوى التعليمي والانسجام والتناغم بين الأبوين في كل أسرة.

لكن الأسرة كمؤسسة بشكل عام تتعرض منذ بعض الوقت لضغوطات هائلة وتحديات جسام تمس وحدتها وتهدد بقاءها أحيانا. سواء كان ذلك سببا أو نتيجة لكمية علاقات فرد بمن هم خارج الأسرة من الأصدقاء والزملاء والجيران والمعارف والافتراضيين عبر وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها، وبسبب مزاحمة الكثير من المؤسسات الاجتماعية والاقتصادية لمؤسسة الأسرة وسحب البساط من تحتها، ناهيك عن تداخل شبكة المصالح الفردية، لذلك يرى البعض الأسرة محطة عابرة والبعض يراها مرحلة، فيما يراها علماء الاجتماع مؤسسة، يراها التربويون مدرسة، بينما يراها الإداريون سلوكا ويراها الاقتصاديون مصلحة تجارية.

ومع هجوم جائحة كورونا، تحملت الأسرة دورا ووظيفة جديدة حيث أصبحت ملاذا صحيا آمنا لا يتوفر في المشفى أو في أي مكان آخر.

في ظني أن نسبة كبيرة من الأسر السعودية فوجئوا بالمهارات والقدرات التي يتمتع بها أفراد أسرهم خلال الأسبوعين الماضيين، بل إني على يقين بأن هناك من الأفراد العاطلين عن العمل، هم عاطلون لأسباب ليست لها علاقة بالفشل الفردي وأن كل ما يحتاجونه هو روح معنوية من الأسرة وأفرادها.

هذه الروح التكاملية بين أفراد الأسرة جعلت هناك قابلية عالية لدى نسبة كبيرة من الأسر لأن تتحول الأسرة إلى شركة عائلية يكمل كل أفرادها أو بعض أفرادها بعضا، مع الاحتفاظ بالدور الثقافي والاجتماعية والثقافي والتربوي لذات الأسرة.

من هنا أقترح أن يتم إطلاق مبادرة حكومية واسعة لكل أسرة ترغب بتكوين شركة عائلية انطلاقا من الظرف الحالي وإلى ما بعد الظرف الحالي، على أن تتولى مؤسسة حكومية مسؤولية حصر الأسر الراغبة والتأكد من رغبة الأسرة بهذه الفكرة. وأن تتولى جهة ما تدريب كل أسرة على أبجدية المشروع الذي يقع عليه الاختيار من قبل الأسرة، وأن يتم تسهيل كافة الإجراءات وتذليل الصعوبات الإدارية والتمويلية والدراسات الضرورية للمشروع.

في تقديري أن هذه المبادرة، لو استطاعت أن تؤسس 4000 شركة عائلية جديدة لنجحنا في تعزيز 4000 أسرة اقتصاديا واجتماعيا، ولاستطعنا خلق عشرات آلاف الفرص الوظيفية، ولاستزرعنا ثقافة أسرية تغيب عن الكثيرين، شريطة أن يتم تدريب تلك العائلات «الشركات» على أساسيات الاستثمار وثقافة الادخار، خاصة أن ما أدعو إليه بهذه المبادرة هو في الأساس ركيزة من ركائز برنامج التحول الوطني ورؤية المملكة 2030.

* كاتب سعودي

Dwaihi@agfund.org