-A +A
حمود أبو طالب
مساء السبت كان النشيد الوطني يصدح من نوافذ وشرفات المدن السعودية في كرنفال وطني فريد أراده وقرره الشعب السعودي بمحض إرادته واختياره دون إلزام أو إيعاز من جهة رسمية. اتفق الشعب على التوقيت المحدد وانطلق النشيد بمشاركة الكبار والصغار، الرجال والنساء، لتحتشد مواقع التواصل بمقاطع تأريخية لحدث تأريخي، نعم هذا هو النشيد الوطني الذي كان في زمن مضى واندحر إلى غير رجعة موضوع جدل عقيم سقيم عن كونه حلالاً أو حراماً، واجباً أم بدعةً دخيلة غير ملزمة، ها هو يرتفع في كل مكان في الوطن، فما الذي حدث.

الذي حدث أن المواطن السعودي أصبح يكتشف كل يوم كم هو عظيم وطنه، وكيف أنه يمنحه المزيد من العطاء الكريم المتميز، وفي هذه الأزمة بالذات التي أعجزت وأربكت كثيراً من دول العالم، تأكد له أنه القيمة الأولى والعليا لدى دولته، وكل شيء آخر يأتي بعده. سيجته الدولة بالحماية مبكراً من الوباء، واتخذت كل القرارات الشجاعة، والإجراءات العلمية، والتدابير الحكيمة لتقليص انتشار الوباء إلى أدنى حد ممكن، وذلك ما جعلها تكون أحد أفضل عشر دول في العالم في مكافحته بشهادة المرجعيات الصحية العالمية.


يعيش المواطن السعودي مع هذه الأزمة وضعاً فريداً وهو يرى ما يحدث في بقية العالم، آمنا مطمئنا في منزله، غير متوجس من نقص في غذائه أو الخدمات التي يحتاجها. يوفر له الأمن الصحي بأفضل مستوياته، وجاءت إلى منزله كل أجهزة الدولة بدل أن يذهب إليها. وكل من كان خارج وطنه تكفلت الدولة بإعادته معززاً مكرماً، ورعت المبتعثين ومرافقيهم رعاية خاصة حتى من أنهوا بعثتهم ولم يستطيعوا العودة أو توقفت بعثتهم لأي سبب، استمر صرف مكافآتهم وتغطية التأمين الصحي، والمتابعة المستمرة من السفارات لكل أوضاعهم.

هذا المواطن الذي يرى وطنه يقدم له كل هذا العطاء رغم الالتزامات الباهظة للدولة، ورغم التأثيرات الاقتصادية للوباء على كل دول العالم، ألا يحق له أن يهزج بنشيد الوطن واسم الوطن ومحبة الوطن وافتداء الوطن.

في مساء العزلة التي باعدت الأجساد، اجتمعت الأرواح كلها حول الوطن.

habutalib@hotmail.com