-A +A
أسامة يماني
لقد سعى الغرب وهو القوى الاستعمارية الحديثة على خلط الأوراق حتى ضاعت المشاهد في خضّم هذه الضبابية، وسعى الغرب إلى تطبيق سياسة فرّق تسد، وهو مصطلح سياسي عسكري اقتصادي الأصل اللاتيني له «divide et impera»، ويعني تفريق قوة الخصم الكبيرة إلى أقسام متفرقة وبالتالي تصبح أقل قوة مما يسهل التعامل معها. هذه السياسة تمارس في عالمنا العربي والإسلامي وتزداد شراسة ووحشية كل يوم. التقسيم والتهجير أصبحا سياسة معلنة. الصورة شديدة السواد والظلمة والوحشية والقبح. العالم المتحضر أزال مستحضرات التجميل وكشف عن وجه الشيطان بكل قبحه. (طلعها كأنه رؤوس الشياطين). المشكلة هناك من يظن أنه أفهم وأكثر وعياً من أخيه في هذا العالم الإسلامي. ولا يعلم أن هذا الموقف هو ما يستغله الغرب ويوظّفه في سياسة فرق تسد، وفرض سياسات ومواقف على عالمنا الإسلامي والعربي. فرض الغرب على العالم مواقف محددة ضد روسيا بحجة رفض الاحتلال وحقوق الإنسان وحماية المدنيين وغير ذلك من حجج، في حين أنه يمكن الوقوف في وجه هذا الاستبدال. والجدير بالذكر والملاحظة وقوف السعودية أمام الغرب بخصوص إنتاج البترول كموقف بدافع اقتصادي يحقق مصالحها رغم تهديد واشنطن بإعادة النظر في سياستها تجاه السعودية. يقول وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان: المنهجية الفرعونية دفنت «لا أريكم إلا ما أرى»... وليس لأي دولة الحق في فرض أي منهجية لا تناسب الآخرين. كما سبق للسعودية الوقوف في وجه محاولات واشنطن عزل السعودية التي أثبتت أنها رقم صعب. الشاهد في هذا أن الوقوف بعقلانية يجعل الغرب يراجع سياساته.

الإعلام الغربي لديه أجندة معلومة وأهداف واضحة في تناوله للقضية الفلسطينية يدعم فيها مواقف حكومته ومصالحها الاستعمارية. والشيء الوحيد تقريباً الذي كدّر الصوت الغربي هو المنصات الرقمية المعروفة بوسائل التواصل الاجتماعي. أما في عالمنا العربي والإسلامي الشعوب العربية والإسلامية في أغلبها لجأت إلى الإعلام غير الموضوعي والشعبوي، حيث إن الإعلام العربي في معظمه لا توجد له أجندة واضحة يمشي من خلالها، وليس له أهداف واضحة، خاصة في معظم البلدان التي لها علاقة بالكيان الصهيوني. السؤال الذي يثار هل نجح الغرب في فرض أجندته ومرر أهدافه ومخططاته على عالمنا؟ فأوشك عالمنا أن يساق كما تساق الضحية إلى مذبحها.


واشنطن تدير الصراعات وتظهر العداء للحوثي وفي الواقع تخلق منه فزاعة في المنطقة. وسياسات واشنطن تثير العديد من الأسئلة التي تطرح نفسها بقوة. ومنها على سبيل المثال: هل المنطقة آمنة في ظل الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة؟ هل الاستثمارات ممكنة في ظل هذه الأوضاع والصراعات الداخلية بين دول المنطقة؟ وهل حل الدولتين شيء قابل للتحقيق في ظل عدم وجود رغبة حقيقية في إعطاء الفلسطينيين حقوقهم المشروعة؟ كثير من الأسئلة المحيرة التي يمكن الإجابة عليها في ظل فهم الحقائق التي لا يجوز تجاهلها.

أولاً: الغرب يكره التنافس. لهذا لن يقبل بظهور منافس له في المنطقة. نعم سيستغل المشاريع للكسب ولكن ستظل المنطقة غير آمنة في وجود الخلافات البينية بين دول المنطقة والظلم.

ثانياً: الغرب غير أخلاقي. لقد أثبت الغرب أنه لا يلتزم بالمواثيق والاتفاقيات الدولية والمفاهمات عندما لا تحقق مصالحه. وحقوق الإنسان وسيلة لهدم وزعزعة الدول. والمساعدات أداة للسيطرة والنفوذ.

ثالثاً: الغرب لا يحترم سيادة الدول ويسعى للتدخل بشتى الطرق والوسائل.

رابعاً: الغرب لا يحترم الضعفاء مهما علا صوتهم ولا يفهم إلا لغة المصالح.

خامساً: التحالفات الغربية مع الآخر تهدف لتمكينهم من السيطرة على الآخر واستغلاله.

سادساً: الغرب متعصب لأيديولوجيته ومفاهيمه وفكره الديني بشكل كبير وإن صبغها بعلمانية ظاهرية.

الحل في عدم تفويت الفرصة في أن يكون للدول العربية والإسلامية مكان في العالم المتعدد الأقطاب. والتركيز على التحالفات الاقتصادية والسياسية والاعتماد على التصنيع والنمو في منطقتنا والاستقرار والتكامل واعتماد سياسة التكامل بدلاً من التنافس غير المفيد. والتعامل مع الغرب في حدود الفائدة المشتركة بعيداً عن الإملاءات والسيطرة أو الهيمنة.