كتاب ومقالات

أفيقوا أيها المستهترون

تلميح وتصريح

حمود أبو طالب

عندما شاهد رئيس الصليب الأحمر الصيني ما يحدث في إيطاليا بعد وصولهم إليها للمساعدة في إنقاذ الوضع الكارثي قال في مؤتمر إعلامي وبحرقة وأسى : إجراءات العزل المنزلي غير جادة. الناس تجتمع وتتجول. لا أعلم حقيقة بماذا يفكرون. لا بد أن نوقف جميع أشكال التقارب الاجتماعي التي تعودنا عليها. لا بد أن يبقى الجميع في منازلهم. الحياة هي أهم شيء نملكه.

لقد صُدم المسؤول الصيني مما رآه، ولأن وطنه مر بتجربة قاسية جداً فإنه يعرف جيداً العاقبة الوخيمة للتساهل في تطبيق الاحترازات الصارمة التي لم يلتزم بها المجتمع الإيطالي فنتج عن ذلك ضحايا تجاوز عددهم في فترة قصيرة ضحايا الصين. حسناً لماذا نستشهد بكلام المسؤول الصيني ونشير إلى كارثية الوضع في إيطاليا كمثال؟

ذكر متحدث وزارة الصحة يوم الجمعة أن عدد حالات الإصابة بفايروس كورونا التي استجدت لدينا كان 70 حالة، منها 11 حالة قادمة من الخارج، وحالة لممارسة صحية، أما الـ 58 حالة الأخرى فهي لمخالطين لحالات سابقة ومرتبطة بحضور مناسبات اجتماعية كحفلات الزواج ومقرات العزاء ولقاءات عائلية، فماذا يريد البعض في مجتمعنا أن نصل إليه؟

المملكة استبقت الوباء باحترازات صارمة، واتخذت قرارات مهمة غير مسبوقة في تأريخها، توقفت المصالح الحكومية عن العمل، وأغلقت المدارس والجامعات، وتم تعليق القدوم للعمرة والزيارة، بل أوقفت صلاة الجمعة والجماعة في المساجد، وتعطلت حركة التنقل بالطائرات ووسائل النقل الأخرى، وكل ذلك من أجل هدف رئيسي هو منع انتشار الفايروس بواسطة الاختلاط، ولكن رغم ذلك ما زال لدينا من لديه درجة متدنية جداً من الشعور بخطورة الوضع إلى حد إقامة الحفلات والتجمعات العائلية ولقاءات الأصدقاء، ليكون هذا التصرف اللامسؤول خطراً حقيقياً على المجتمع.

أفيقوا أيها المستهترون، فنحن في حرب حقيقية ضد عدو لا نراه، ولا نملك سلاحاً ضده سوى الوعي والانضباط والالتزام بالتعليمات وتطبيقها بضمير وحس إنساني، الدولة ما زالت تؤمل في الجميع خيراً، فلا تضطروها إلى حماية المجتمع بما هو أشد من الإجراءات القاسية.

habutalib@hotmail.com