كتاب ومقالات

سبب اضطهاد المسؤولات.. للنساء

بشرى فيصل السباعي

إن كانت هناك فئة أسوأ من النازيين بالإجرام بحق اليهود في المعتقلات فهي فئة اليهود التي أطلق عليهم لقب «Kapo-كابو»، وهم مشرفون يهود لكن مقابل الحصول على حظوة عند رؤساء المعتقل الألمان كانوا يتملقونهم بالإجرام بحق بني جلدتهم بشكل لا يقل عن ذلك الذي كان من زعماء المعتقل الألمان المسيحيين، ومثل هذه الظاهرة سجلت بتاريخ المستعبدين الأفارقة في أمريكا كما ذكر داعية حقوق السود «مالكوم إكس» واسماهم «عبيد المنزل: يعملون كخدم بمنزل السيد»، وكانوا متعصبين لسيدهم الأبيض ضد بني جلدتهم الذين أسماهم «عبيد الحقل: يعملون في الحقل» لأنهم كما قال: «تماهوا مع السيد تماما بحيث إنه إذا احترق بيت السيد تفانوا في إخماده بدل استغلال الفرصة للهرب إلى الحرية»، ويحبسون ويجلدون عبيد الحقل، وهذا حصل في جميع الدول التي وقعت تحت الاستعمار الغربي، حيث بعدد لا يتجاوز مئات الأفراد من الغربيين تمكنوا من فرض سيطرتهم على بلدان بحجم قارات وتعدادها بعشرات الملايين تحت نظام قمعي اعتمد نموذج معسكرات الاعتقال النازية، وكان من يشرف عليها هم أبناء البلد ضد بني جلدتهم كما حصل بالجزائر، وأطلق لقب «الحركيين» على تلك الفئة التي كانت اليد الباطشة للمستعمر الفرنسي، وشيء مماثل حصل في جميع الدول التي وقعت تحت الاحتلال، فهذا نمط بشري سائد، وفي كل تلك الأمثلة كان المتورط فيها هم الرجال، أما بالنسبة لجانب النساء فيتبدى هذا النمط فيمن يطلق عليهن حاليا ألقاب «الذكوريات/‏النساء الميسوجينيات»-الميسوجينية: كره واحتقار ومعاداة واضطهاد واستنقاص النساء- ولعلها الفئة التي لقبت قديما بلقب «المسترجلة/‏الرَّجُلَةُ» وهي التي تماهت مع المنظور الذكوري الميسوجيني حتى صارت أشبه بـ«كابو» ذكوري مسلط على النساء، وهذه الفئة تتملق رضا الرجال الميسوجينين عبر الإمعان بالاضطهاد الميسوجيني للنساء سواء كن بناتهن.. أو موظفات.. طالبات.. نزيلات دور الرعاية.. خادمات.. وعموم النساء، كما في حال بعض الوجوه العامة اللاتي يفترض أنهن ممثلات لقضية المرأة والمساعي الرسمية لإنصافها فإذا بهن يتملقن رضا الذكور الميسوجينين على طريقة «الكابو»، «فغرور الأنا» لديهن تماهى مع المنظور الذكوري وهذا يشعرهن بأنهن بمكانة فوقية على طبقة النساء كأنهن صرن من الطبقة العليا.. طبقة الذكور إذا اضطهدن النساء، وهذه نظرية علمية تسمى «Queen bee syndrome- متلازمة ملكة النحل»، ويسود نمط «الكابو» في المجتمعات العنصرية المكونة من طبقة عليا بمثابة السادة.. وطبقة دونية مضطهدة كعبيد، والميسوجينيات حتى عندما يذهبن للمستشفى للولادة يصررن أن يتولى توليدهن طبيب لعدم ثقتهن بكفاءة الطبيبات!

* كاتبة سعودية

bushra.sbe@gmail.com