-A +A
فهد البندر fahadalbandar@
يعرف اللغويون الفلسفة أنها مختصرٌ لمفردتين يونانيتين؛ الأُولى فِيلو ومعناها حُبّ، والكلمة الثانية سوفيا ومعناها الحكمة.

واصطلح كثير من العلماء على تعريفها بعلم التفكير، وذهب بعضهم إلى تعريفات أخرى وممن عرّفوها أو وُصفوا بها فيثاغورس وأفلاطون وسقراط وديكارت، والفارابي والكِندي وابن رشد وغيرهم.


ويرى العارفون ببواطن الأمور أن تدريس الفلسفة في المدارس السعودية أصبح أمراً مُلِحّاً لا استغناء عنه، وواحداً من أهم المكاسب التي تمخضت عنها رؤية السعودية 2030، ولا جدال في ذلك.

وقد يعي الكثير في المجتمع السعودي أن تدريس الفلسفة يفتح آفاقاً للتفكير لدى الدارسين، ويأخذ بأيديهم على طريق الابتكار والإبداع، ما يعود عليهم وعلى ووطننا بالنفع وبالتالي تطوُّرُ بلادنا وازدهارُها.

أما التقوقع والانغلاق الذي كنّا نعيشه وأهدر على أجيال كثيرة منّا فرصاً كبيرةً للوصول إلى ما وصلت له البلدان الأخرى، بل التفوق عليها. قبل أن تنقذنا منه الآراء الحكيمة الآن، فكان سيتسبب في تأخرنا عن ركب التطوّر والازدهار العالمي الذي شهدته دولٌ كثيرة منذ عقودٍ من الزمن.

وتقع المهمة الآن على كاهل وزارة التعليم والمعلمين في تنفيذ القرار وإيجاد الآلية المثلى لتدريس منهج الفلسفة، والاحتفاء به، وتشجيع الطلاب على دراسته، والتواؤم معه، والاهتمام به، ومراقبة المعلمين الذين ينكرون تدريسه في الخفاء، ويجاهرون بغير ما يبطنون.

ومنذ أن أقرّ وزير التعليم السابق أحمد العيسى تدريس الفلسفة قبل عامين تقريباً، لم نسمع في الإعلام التربوي في وزارة التعليم عن ذلك شيئاً، ولم يُعِر الإعلام بشكل عام الأمرَ اهتماماً كما توقّعنا، سوى الزخم الذي صاحب صدور القرار، ثم ما لبث أن خفَت ضوؤه.

وربما كان إهمال تدريس الفلسفة لعقودٍ طويلة في مدارسنا، سبباً في تراخي المعلمين وقادة المدارس والمسؤولين في الوزارة بشكلٍ عام، عن إعطاء الأمر ما يستحق من الاحتفاء والاهتمام، أو أن قلة مدرسي الفلسفة من السعوديين كان حجر العثرة الذي وقف حائلاً دون تنفيذ القرار الوزاري التعليمي العظيم.

لكنّ آمالنا ورهاناتنا معقودة على الوزير الحالي الدكتور حمد آل الشيخ، الذي رأيناه يتفق مع وزير الثقافة الأمير بدر بن فرحان على إدراج مادة الثقافة والفنون ضمن المناهج الدراسية في مدارسنا، وآل الشيخ بحقّ أحدث تغييرات واصلاحات تطويرية، نأمل أن تؤتي أُكلَها فنجنيه ازدهاراً ورُقيّاً لتعليمنا ولأبنائنا.

لا نريد أن يكون إقرار تدريس الفلسفة، والفرح المهول الذي صاحبه، صار جعجعةً بلا طحن، وذهب أدراجَ الرياح، ومات قبل أن يولد.