-A +A
إعداد: فهد البندر fahadalbandar@
كانت اللغة العربية لغةً محكيةً مرتبطةً بسليقة أهل الجزيرة العربية، تثريها بيئتهم بما يناسبها من تعابير وألفاظ. ومع اتساع رقعة بلاد المسلمين، وشروعهم في بناء الدولة، كثُرت المراسلات بينهم، وقادت فتوحاتهم شعوباً لم تنطق العربية قط، فصارت الحاجة ملحة لضبط قواعد اللغة العربية حفظاً لها مما يخالطها من الشوائب التي تشوبها.. وقد كان ذلك أمراً شبه مستحيل، لولا وجود عدد من علماء اللغة الذين رهنوا حياتهم لها، ومن هؤلاء:

أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن السرى بن سهل الزجاج البغدادي، ولد ببغداد عام 241هـ، وبها توفي 311 هـ. كان يعمل في صناعة الزجاج، فتركها واشتغل باللغة والأدب، وصنف العديد من الكتب، أشهرها كتاب ما ينصرف وما لا ينصرف، ومختصر النحو، العروض، القوافي أو الكافي في أسماء القوافي، الاشتقاق، النوادر، الأمالي أو الأمالي في النحو، فعلت وأفعلت، ما فسر من جامع المنطق، وهذا ألّفه خصّيصاً للخليفة المعتضد، وغيرها كثير.


تعلّم الزجاج على يد المبرّد وكان أصحاب المبرد إذا اجتمعوا واستأذنوا، خرج لهم الآذن يقول: إن كان فيكم أبو إسحاق الزجاج وإلا انصرفوا، فحضروا مرة ولم يكن الزجاج معهم؛ فقال لهم ذلك فانصرفوا، وثبت رجل منهم يقال له عثمان، فقال للآذن: قل للمبرد: انصرف القوم كلهم إلا عثمان فإنه لم ينصرف، فعاد إليه الآذن وأخبره، فقال: قل له إن عثمان إذا كان نكرة انصرف، ونحن لا نعرفك فانصرف راشدا!