-A +A
فهيم الحامد (الرياض) Falhamid2@
مجلس التعاون الخليجي، ولد يوم ٥ يناير2021 من جديد بمظهر سياسي مختلف وبآليات متنوعة، بإرادة وتصميم قادة دوله، وبحكمة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ليصبح الخليج جبهة موحدة لمواجهة الأعداء والمغرضين وعودة المسار الخليجي إلى سابق عهده.. لقد مرت على المجلس عواصف كثيرة وأزمات متعددة، وجاءت قمة العلا التي غيرت قواعد اللعبة بصوت الحكمة السعودية، فطويت صفحة الأزمة ليبدأ مجلس التعاون مسيرة جديدة لتنفيذ الأنظمة التي تعطل وضعها في الأعوام الماضية، وتنفيذ الاستحقاقات التي من ضمنها استكمال متطلبات الاتحاد الجمركي والسوق الخليجية المشتركة، وبناء شبكة سكة الحديد الخليجية، وتشجيع المشاريع المشتركة. وقد وردت هذه الإشارات الإيجابية وأكثر منها في بيان العلا. لقد بلغ مجلس التعاون الخليجي 40 عاما، وهذا هو سن اكتمال القوة.قمة العلا في خضم ملف المصالحة التي سيطرت عليها، لم تنس قضايا المنطقة، وسلطت الضوء عليها كون ما يجري في المنطقة من أحداث خطيرة تطلبت مواقف جماعية خليجية؛ حيث أرسلت القمة رسائل حازمة في عدة ملفات مشتركة؛ أبرزها مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف والتدخل الإيراني في المنطقة وملف العراق وسورية والأزمة اليمنية وأشبع البيان الختامي كل بند من هذه الأزمات لبلورة سياسة خارجية موحدة، مشدداً على أن الدول أكدت عدم المساس بسيادة أي دولة أو استهداف أمنها. وأعطت القمة أولوية لملف الإرهاب وجددت مواقفها الثابتة تجاه الإرهاب والتطرف، أياً كان مصدره ونبذه لكافة أشكاله وصوره، ورفضه لدوافعه ومبرراته، والعمل على تجفيف مصادر تمويله. وتبنت القمة موقفاً لحل الأزمة في سورية وفق مخرجات القرار 2254 الصادر عن مجلس الأمن الدولي بضمان انتقال سياسي للسلطة وإجراء انتخابات شرعية تحت مراقبة الأمم المتحدة.

وأفرد البيان الختامي مساحة كبيرة تتعلق بالعلاقات مع إيران، مؤكداً ضرورة التزامها بمبادئ حُسن الجوار، واحترام سيادة الدول، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وحل الخلافات بالطرق السلمية، وعدم استخدام القوة أو التهديد بها. ورفضت القمة التدخلات الأجنبية في الشؤون الداخلية للدول العربية من أية جهة كانت، وضرورة الكف عن الأعمال الاستفزازية عبر إذكاء الصراعات والفتن. وأعطى البيان أولوية حول مواصلة المليشيات الحوثية المدعومة من إيران الأعمال العدائية والعمليات الإرهابية بإطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة المفخخة لاستهداف المدنيين والأعيان المدنية في المملكة، ومخالفة القانون الدولي والإنساني باستخدام السكان المدنيين في المناطق المدنية اليمنية دروعاً بشرية، وإطلاق القوارب المفخخة والمسيّرة عن بعد، ما يمثل تهديداً خطيراً للأمن الإقليمي والدولي، مؤكداً على الحق المشروع لقيادة تحالف دعم الشرعية في اليمن لاتخاذ وتنفيذ الإجراءات والتدابير اللازمة للتعامل مع هذه الأعمال العدائية والإرهابية.


وشددت القمة على أهمية الحفاظ على سلامة ووحدة أراضيه وسيادته الكاملة وهويته العربية ونسيجه الاجتماعي ووحدته الوطنية، ومساندته مواجهة الجماعات الإرهابية والمليشيات المسلحة وتعزيز سيادة الدولة وإنفاذ القانون. وجددت القمة أيضا على مواقفها الثابتة من القضية الفلسطينية باعتبارها قضية العرب والمسلمين الأولى، ودعمها السيادة الدائمة للشعب الفلسطيني على جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ يونيو 1967، وتأسيس الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية؛ وفق مبادرة السلام العربية والمرجعيات الدولية وقرارات الشرعية الدولية. لقد ولّى أكثر من 50 مليون مواطن ومقيم يعيشون في الدول الخليجية شطر «قاعة مرايا» التحفة المعمارية التي تقع تحت أديم سماء «العلا» الأسبوع الماضي وتابعوا باهتمام مخرجات «قمة المصالحة» التي شهدت مصارحة ومصالحة في عاصمة الجبال والآثار العريقة.. لقد استوت سفينة مجلس التعاون على العلا (عروس الجبال) وأصبح عدونا واحدا وخليجنا موحدا في وجه المغرضين.