حتى وقتنا الحاضر كان زوار طيبة الطيبة من غير السعوديين يشاركون سكان المدينة فرحة العيد. (أرشيفية)
حتى وقتنا الحاضر كان زوار طيبة الطيبة من غير السعوديين يشاركون سكان المدينة فرحة العيد. (أرشيفية)
-A +A
سامي المغامسي (المدينة المنورة) sami4086@
للعيد في طيبة الطيبة طقوس وتقاليد وإرث عتيق، بعضها طواها النسيان وعوامل الزمن، وأخرى بقيت صامدة، ويحرص كبار السن على إحياء ما اندثر، ويترقبون حلول العيد مع سريان المثل «ليالي العيد تبان من عصاريها»، وجاءت الجائحة لتبين عيد هذا العام من العصاري بعدما خطفت الفرحة «من العايدين». واستذكرت «عكاظ» مع كبار السن عيد الزمن الجميل، إذ يقول فايز عايش: إن فرحة العيد كان لها طعم خاص بعد الصلوات في المسجد النبوي، كنا ننتظر العيد بعد صلاة المغرب ونسمع مدافع العيد إعلانا بدخوله ويتناقل جميع المصلين من الزوار والأهالي الخبر السعيد، والفرحة الأكثر للأطفال، فبمجرد الإعلان يمارسون بعض ألعابهم التي يصنعونها بأيديهم مثل الطراطيع (سلك النحاس)، والمراجيح الخشبية (المداد)، وتستعد النساء لتجهيز وإعداد الحلوى والإفطار وترتيب المنزل، ومعظم منازل المدينة في ذلك الوقت بيوت شعبية، ويتم تنظيف المفارش، وقبل صلاة الفجر الاستعداد للذهاب إلى المسجد النبوي.

«الكرتية» وبئر عثمان


ويتذكر العم عايش أن النساء والرجال كانوا يتوجهون للصلاة في المسجد النبوي بثيابهم الجديدة، ويؤم المصلين الشيخ عبدالعزيز بن صالح، الذي كان يرتبط صوته وتكبيراته بالعيد، وبعد انقضاء الصلاة والخطبة يكون الإفطار لدى كبير العائلة في الحارة ثم تبدأ المعايدات، ويطوف جميع أهل الحارة على البيوت المفتوحة ويلتقط الكبار الحلوى بينما الأطفال يأخذون العيدية، وكانوا يشترون بها الألعاب أو الذهاب إلى الملاعب التي تنتشر جوار عمارة الغسال في المناخة، وكان البعض يركب الكرتية «الخيل» ويزورون بئر سيدنا عثمان خارج المدينة.

ويضيف العم عايش: الآن اختلف الوضع، فعظم الأهالي يعايدون ليلا، والزحام أصبح هو سيد الموقف في الحي، والفرحة الكبيرة اختفت على خلاف ماضينا المميز بالبساطة في كل شيء، وفي الأعياد قبل «كورونا» كانت العائلات تجتمع في الاستراحات بتكاليف مادية في التجهيزات واستخدام الهواتف بديلا للمعايدة المباشرة.

لكل حارة عيد

أما التربوي حسين حمزة عويضة، فيرى أن أيام العيد في المدينة كانت موزعة بين الأحياء، وكان لكل حارة ومنطقة يوم محدد يستقبلون فيه المهنئين، مثل يوم عيد باب المجيدي والمناخة ويوم عيد العوالي والتاجوري، وكانت نساء المدينة يحرصن على استقبال العيد بالمعجنات الشهية مثل المعمول بالتمرية والغُريبَة والفتوت بالسمن المديني، ويتم خبز المعجنات في أحد أفران الحارة.

ويتذكر المربي صالح منصور المحميد، عيد زمان، ويقول إن نقطة استقبال المعايدين كانت في غرفة عادة تكون في مدخل الدار تحوي أفخر الفَرْشِ وأثمنه، وبها مراتب تسمى باطرمة مرتفعة عن الأرض بنحو 40 سم، ومعها مساند وتكايات، وتبقى مغلقة طيلة العام ولا تُفتح إلا للضيوف في المناسبات والأعياد، وداخل القاعة طاولة عليها «حلاوة العيد» مكونة من أشكال وأنواع عدة وبسيطة، وقد يكون عليها حلاوة «الحلقوم»، وكثير من الأهالي لا يستطيعون شراءها فتكون فقط عند ميسوري الحال، إلى جانب الطيب كالبخور أو ما يستخدم بالمَرَشْ أو غيره.

وعند باب القاعة يوضع كانون الفحم ودِلال القهوة وتقدم ساخنة لضيوف العيد، ومعها يقف الشباب لصب القهوة من الدلة «يعلم الله كانت تتعبنا إما بحرارتها أو بطول الوقوف، فمن العيب أن تشكي أو تخطئ في صب القهوة».