أوليفيه دا لاج
أوليفيه دا لاج
أسماء بوزيان
أسماء بوزيان
-A +A
حاورته: أسماء بوزيان (باريس) okaz_online@
وصف الكاتب الفرنسي والباحث في شؤون الشرق الأوسط أوليفيه دا لاج مكانة المملكة بـ«كانت وستظل رائدة ومهمة»، لافتاً إلى أن العلاقات السعودية الفرنسية «علاقات وثيقة».

وقال الباحث الفرنسي، الذي عمل في منطقة الخليج العربي، في حوار مع «عكاظ»، إن المملكة لديها مصلحة في وجود علاقات جيدة مع جميع القوى الكبرى والمتوسطة و«فرنسا واحدة منها وعضو دائم في مجلس الأمن»، مستدركاً «رغم أن تأثيرها لم يعد كما كان، إلا أنها تظل لاعباً دولياً». ووافق أوليفيه دا لاج على القول بأن رؤية 2030 ستعزز إستراتيجية الانفتاح على الخارج وتنويع الاقتصاد، مشدداً على أهمية التفكير في إيجاد آليات لتحصين الانفتاح على الاستثمارات الأجنبية لمنح المستثمرين الأجانب الثقة، ويبعد عنهم التوجس من تغيرات قوانين البيئة الاقتصادية الحاضنة، فإلى نص الحوار:


• منذ تعيين الأمير محمد بن سلمان وليا للعهد، هل تعتقد أن هناك انعكاسا خارجيا للسياسة السعودية التي تبدو أكثر انفتاحا؟

•• نعم أكثر انفتاحا، دون أدنى شك، ولكن ليس بالضرورة باتجاه فرنسا.

• هل تعتقد أنه سيكون للتقارب مع فرنسا استثمار دبلوماسي وإستراتيجي للرياض؟

•• هناك بالفعل علاقات وثيقة، لكنها كانت أكثرا ارتباطا في عهد فرانسوا هولاند، والمملكة لديها مصلحة في وجود علاقات جيدة مع جميع القوى الكبرى والمتوسطة. وفرنسا واحدة منها وعضو دائم في مجلس الأمن، رغم أن تأثيرها لم يعد كما كان، إلا أنها تظل لاعباً دولياً (وحتى إقليمياً في الشرق الأوسط) يصعب تجاهله. وهناك دائما إغراء للمراهنة في كل شيء على الولايات المتحدة، لكن هذا الاعتماد مكلف، وهو الأمر الذي تعرفه السعودية.

• هل تعتقد أن غياب لاعب محوري غربي في الشرق الأوسط اليوم يفسح المجال لفرنسا للعب دور مهم في هذه المنطقة التي تشكل مفتاح العالم؟ وهل ستكون فرنسا في مستوى تحديات المنطقة؟

•• تم تهميش فرنسا إلى حد كبير. من ناحية القضية الفلسطينية - الإسرائيلية، ظنا منها أن التمسك إلى حد كبير بالموقف الإسرائيلي سيمنحها دور الوسيط المؤثر على نتنياهو. رغم أنها لم تكن الوحيدة التي ارتكبت هذا الخطأ، وهذا ما أضعف موقفها. من ناحية أخرى، فإن تعنتها حول موضوع سورية، سواء كان مبنياً على مبادئ أم لا، فقد أبعدها تدريجياً عن الملف في حين أصبحت روسيا مركزية في الملف السوري.

• الأمير محمد بن سلمان سطر رؤية 2030، هل هذا سيعزز إستراتيجية الانفتاح على الخارج وتنويع الاقتصاد؟

•• نعم، ويبقى التفكير في إيجاد آليات لتحصين الانفتاح على الاستثمارات الأجنبية مهم، من خلال إنشاء استقرار قانوني يمنح المستثمرين الأجانب الثقة، ويبعد عنهم التوجس من تغيرات قوانين البيئة الاقتصادية الحاضنة. لم نصل إلى هذا بعد، لكنه مهم لخلق الثقة لدى المستثمرين الأجانب.

• ولكن فرنسا فوتت عليها أهم العقود مع السعوديين ببعض اللامبالاة واكتفت ببعض العقود الصغيرة

•• بالنسبة للمملكة العربية السعودية، فرنسا هي شريك مهم، نعم، ولكنها ليست في الدرجة الأولى، بل هي في الدرجة الثانية مقارنة مع الولايات المتحدة. فرنسا كانت الشريك الأول في عهد كلينتون وأوباما، عندما كانت العلاقات السعودية الأمريكية يشوبها نوع من التوتر، هنا فتح الباب على مصراعيه لفرنسا وأصبحت شريكا مميزا. ولكن بمجرد أن تصبح العلاقات وطيدة مع واشنطن، تعود فرنسا لمكانها الطبيعي وهو الشريك الثاني. وهذه هي السياسة وواقعها، وكلا الطرفان يعلمان ذلك رغم ما يثار حول الشراكة المميزة مع فرنسا.

• في رأيك، كيف ستكون مكانة المملكة في الخريطة الجيوسياسية العالمية؟

•• مكانة المملكة العربية السعودية ستظل مهمة ورائدة، بل هي بالفعل اليوم كذلك. ومن الضروري التشاور مع الحلفاء المهمين. المنطقة رهينة تغيرات خطيرة وأي اصطفاف دون تحالف وتشاور سيؤدي إلى ردود فعل سلبية. وحان الوقت لإيجاد مخرج للأزمات التي تمر بالمنطقة. وأعتقد أن المملكة العربية السعودية تعي حجم التحديات الموجودة.

• الولايات المتحدة تلوح بالانسحاب من الاتفاق على البرنامج النووي الإيراني، الموقع في 2015، هل سيغير ذلك شيئا من سياسة إيران الحالية؟

•• كل شيء ممكن. في حال انسحاب أمريكا، إما أن يصير الاتفاق نسخة ضعيفة مع بقاء الشركاء الآخرين فيه، ومحاولاتهم في استدراك الأمر أو ستعتبر إيران أنها لم تعد ملزمة بهذا الاتفاق، وستستأنف أنشطتها النووية علنا، بما في ذلك عسكريا، وهنا ستدخل المنطقة في مرحلة خطيرة للغاية، وهذا ما تريده إيران ولا أرى كيف يمكن حماية الدول العربية من هذه التداعيات.

• لكن إيران تدخل في صراع مع المملكة عبر المتمردين الحوثيين في اليمن، وتريد جعل الصراع مفتوحا في المنطقة؟

•• لكن لو حدث ذلك ونجحت سيكون النزاع الإقليمي المفتوح عواقب مدمرة على الجميع. في الواقع، حتى لو كانت إيران ستخرج على الأرجح أضعف، فمن الوهم الاعتقاد بأن هذه الحرب ستفيد دول الجوار، الذين ستكون التكلفة باهظة للغاية بالنسبة لهم وعليهم استيعاب ذلك وعدم الوقوع في شراكها. نحن دائما نعرف كيف يبدأ الصراع ولكن من يستطيع التنبؤ كيف سينتهي وما تكلفته؟