أخبار السعودية | صحيفة عكاظ - author

https://cdnx.premiumread.com/?url=https://www.okaz.com.sa/uploads/authors/434.jpg&w=220&q=100&f=webp

نايف الجهني

هنا محمد !

بينما تتدافع أمم الأرض في فضاء المصالح المتقاطعة، حيث تتناغم الأحلام بجانب وتتكامل الأفكار في أكثر، وتختلف في أقل، يمتزج كل هذا ليشكّل فضاء هذه الزيارة، ليس كحدث سياسي فقط، بل كحضور وجودي.. يكون كمسافات الصمت وكالكلمات التي تقطع المسافات بومضة نجم صامتة وحية تُلمع في صحراء المملكة ويعبر بريقها وأثرها فضاءات العميق والقصي من الجهات. لتكون كل الثمار المبتغاة والأهداف المرجوة (نحن نستثمر هنا ليس إرضاء للولايات المتحدة وترمب)، نعم، بل استجابة لفعل نحن فيه وليس خارجه، أو كأن سمو نجم هذا الحدث وبكل ثقة يقول، نحن لا ننطلق في عملنا ومشروعاتنا وشراكاتنا من حالة ردة فعل، بل فعل، نحن نعكس ولسنا مجرد انعكاس، نحن تطلب أحلامنا ما تريد، وليس ما يراد لها..

لقد كانت بلادنا دوماً كالصحراء في حكمتها الصامتة، تخفي تحت ظاهر السكون نبضَ تحولٍ كوني بين الحين والآخر، وقبيل كل خطوة تسبق حالة فعلها هذه... والآن، ومع تشقق المدى عن تدفق حدث لا يختصر معناه ولا يستمر جريان عذوبته إلا وهو ينساب بحكمة وإبداع على كل الأصعدة، لأنه انعكاس يحقق قفزة كمومية أو كمية كبيرة يصوغها التحوّل من الكينونة إلى الفعل، ومن الوجود القائم إلى الوجود الصائر والمتحقق بلا انطفاء أو انتهاء.

إنها رحلة يقود ركبها فارس الرهانات التي لا تعرف الخسارة والتحوّلات التي تتجاوز إرادة النفط إلى إرادة الإنسان ومركز وجوده، حيث تتحوّل حبات الرمال إلى بتلات رقمية، والطاقة المختزنة في الأرض إلى طاقة مُختزنة في العقل. هذا ليس تغييراً في السياسة، بل هو استنارة في الوعي.. انتقال من كونك لاعباً على رقعة الشطرنج إلى كونك من يحرك القطع ويرسم الزوايا ويصوغ الأشكال.

وفي قلب هذه الرحلة الحدث، أو الرحلة المنعطف، يسبر قائدها غور كل التحديات، ليصنع منها ألقاً جديداً، ويحيلها إلى خلاصة تسبق كل ما تختصره، ونغمة مستمرة التردد على موجات التميّز والمنافسة.. يعبر بها وبما تحمله، كحكيم أو كفنان ترقص ريشته التطلعات دون أن تفقد توازنها. يمسك بيد من حديد، لكنها تلمس العالم برقة هذه الريشة. هذه ليست قيادة شكل ومعنى تقليدي، بل هي تأمل في الحركة.. وحركة تجعل كل من يعبره أثرها ينحني إعجاباً بتلك الحكمة الرشيقة، التي جعلت الكثير من الأسئلة الساذجة والمعلبة طويلاً، ترقص بلا قوام على إيقاعات الخيبة.

إنه الفارس الذي يقود التحوّل كعازف منفرد في سيمفونية كبرى، يعرف متى يصمت ومتى يعلو صوته، متى يترك النوتة الموسيقية ومتى يبتكر لحناً جديداً. إنها براعة من يستطيع الجمع بين الأصالة والحداثة دون أن يفقد روحه.

فالاحتفاء الذي شاهدنا وبريق الحضور الذي كنا عليه جميعنا من خلاله، في البيت الأبيض، لم يكن بروتوكولاً دبلوماسياً، بل كان وسماً من مواسم الاعتراف بالوجود. عندما تتجاوز العلاقات البروتوكول إلى الاحتفاء، فهذا يعني أنك لم تعد شريكاً في المصالح، بل أصبحت شريكاً في المصير والقيمة.

فمن حكمة الصحراء إلى وعي الخوارزمية، كانت بلادنا تطلق ملامحها شموساً في سماء العالم، وكان سطوع ذلك في شراكات الذكاء الاصطناعي، عند مشاهدة اكتمال الدائرة: من حكمة الصحراء التي تعلمنا أن كل شيء يأتي في وقته، إلى حكمة الخوارزميات التي تذكرنا بأن كل شيء ممكن. هذا ليس نقلاً تكنولوجياً، بل هو حوار بين وعيين.. بين صبر الصحراء وقوتها وسرعة الضوء وتأثيرها.

إنها رحلة تتمحور أو تقوم على وجوه فلسفية متعددة، فلسفة تشير إلى أن الأمن لم يعد مجرد دروع وصواريخ، بل أصبح رقصة وجودية بين الأنا والآخر. صفقات السلاح المتطوّر لم تعد أدوات حرب، بل أصبحت رموزاً لوعي جديد.. ينتقل بإنسانه من زاوية باحتمال واحد إلى فضاء شاسع من الاحتمالات، حيث الانتقال من موقع الدفاع عن الوجود فحسب، إلى موقع الإسهام في صياغة وجود ما يحيط بهذا الوجود.

وتظهر استثنائية القائد، ليس كحالة سياسية، بل كفيلسوف أو طبيب يعرف أن بعض الجروح مقدسة.. وأن الأمم لا تُقاس بقوتها العسكرية فقط، بل بصدقها الأخلاقي. إنها تذكرة بأن القوة الحقيقية هي التي تخدم الحياة، لا تميتها ولا تترك مشاهدها أو معالجتها تبدو ناقصة كأنها لم تك أصلاً، لأنها تدرك في العمق أن بإمكان كل من أراد القول أن يقول، بينما ليس بإمكان كل من قال أن يكون مؤثراً في قوله.

أخيراً، الزيارة لم تكن حدثاً في التاريخ، بل كانت تاريخاً بنيت تحته العديد من الأحداث. فلم تعد المملكة دولة نفط، بل أصبحت دولة رؤية.. ولم تعد فكرة أو وجهاً على الخارطة، بل أصبحت خارطة لكل طريق. فبهذا الصمت الناطق، وهذا الهدوء المدوي، تكتب بكلمات من نور فصلاً جديداً في عمر الوجود.. حيث تتحول الصحراء من مكان إلى حالة.. من جغرافية إلى استعارة.. من أرض إلى روح.

00:04 | 20-11-2025

التطبيع.. أسئلة فقط

للأسئلة دوما رغبتها في تقصي الماء وهي تتداخل معه فوق نتوءات الأرض وبين صخورها وتعرجاتها المذهلة... ولطائرها الأنيق شغفه بأن يكون الفضاء شاسعا، ليجد الهواء الكثيف الذي يمكنه من التحليق بكل حرية وتوق لمعرفة ما تحمله الجهات من تفاصيل.. فالسؤال هو الشيء الوحيد المؤكد، لأنه لا يعرض نفسه كحقيقة، ولا يسعى إلى حمل تفاصيل يمكن أن تواجه بالرفض أو القبول.

وطوال حياتي، الثقافية والاجتماعية والإبداعية، كنت أستمتع بطرح الأسئلة، بعد أن وجدتها ممراً يليق بالمعرفة التي تحن دوما إلى نفسها، وتبتعد عن النفي والإثبات الذي تحمله الإجابات الجاهزة دوما، لعلها تعثر في هذه المسافة بينهما على ناي المعنى الذي يمكن أن تحدث فيه كل ريح تعبره ملامح اللحن غير المستنسخ، وتجعل منه صوتا لكل المعاني.

وهنا أجدني في دوامة محيرة ومدهشة مليئة بعلامات الاستفهام، باعتبار أن الأسئلة إن لم تخض سكوتك وتدعك شجر حواسك بالكلمات، فإنها مجرد تساؤلات غبية، لا يمكن أن تجعل طفلا واحدا من أطفالك الذي عودتهم الرتابة والجهل على النوم مبكرا ولسنوات طويلة يصحو ويفتح نوافذ بصره على العالم... أسئلة تتبرعم منها أسئلة وتزهر على أطرافها أسئلة أخرى... حاولت جمع ما تيسر لي منها، لعلي أبلغ سببا واحدا للمعنى الذي يتجول في صحراء ذهني كذئب لم يشغله عواء كلاب القطيع عن حاجته ولم توهمه الأضواء بوجود النور إن لم يغمره من كل الجهات.

هذه الأسئلة لم تكن وليدة اللحظة أو السنة، بل كانت تتقافز في فناء ذهني منذ طفولتي المتأخرة، عندما سمعت أحدهم يقول، لصالح من هذه الحروب التي أشغلتنا عن التقدم والدخول إلى عالم السلام والعمل والعيش الذي يتيح للإنسان فرصاً كي يكون إنسانا حقا... وأعادت هذا التقافز عندما تابعت في مرحلة لاحقة ماتم طرحه في المبادرة العربية في بيروت عام ٢٠٠٤م، وواصلت هذا التقافز وهي تعيش الآن حالة من الاندهاش الممزوج بالحيرة والأمل بأن يكون السلام حقيقة يعيشها إنسان الشرق الأوسط الذي أضحى لفترة طويلة مكباً لنفايات الشعارات، التي تخلى عنها أصحابها ومازالت تردد من قبل أناس آخرين... حتى أن عفن الأيديولوجيا الذي أصاب عقول بعضهم والحقد الذي سمم أرواحهم تجاه هذا البلد العظيم هي التي ولّدت صورة بشعة للبعد الحقيقي للقضية التي فلتت من عقالها في تيه لا نهائي... ليس عند الشرفاء من أهل فلسطين الغالية على قلب كل مسلم، ولكن عند الذين أغرقونا وأغرقوا شعبها في هذه المواقف المؤدلجة، فنحن لا ننسى كما ينسون، لا ننسى الذين ناضلوا منهم ولا نتجاهل شهداءهم ولم تغيب عن أذهاننا تلك الملاحم التي نُسجت من خيوط دفاع الصادقين عن أرضهم وأنفسهم ولن نفعل أبدأ...

هذه الأسئلة هي:

في إطار ما يحدث من تحولات عامة في المشهد العالمي، على كافة المستويات، وفي خضم هذا الوضوح الغامض والغموض الواضح، ما الذي سينتج؟ هل سننعم حقا بتحقيق آمالنا؟.. في الحديث عن مصطلح، التطبيع، كيف يمكننا مواجهة المعنى بحروف تتناغم مع ملامحه الجديدة؟.. هل وقعنا في فخ الإلهاء السياسي الذي يمارس عادة عندما تكون المصالح هي قضية القضايا؟ هل نحن الذين تنازلنا في أعماقنا عن هدف تنازل عنه بعض أهله؟ هل كان وعينا كأفراد، عاجزا عن ملاحقة وعي الأحداث التي جرت في السنوات القليلة الماضية؟... هل حل الدولتين تم أم لم يتم؟ أي ما الذي يعنيه وجود سلطة فلسطينية وما الذي لا يعنيه؟... وكيف ننظر إلى دعوة القرآن الكريم للجنوح السلم، وهل يعد التطبيع سلما أم تمهيدا للسلم؟ وما موقفنا من التعامل الإنساني لرسولنا المصطفى مع غير المسلمين في مكة والمدينة؟ وهل الصراع مع الآخرين قدرنا الذي علينا قبوله، أم أنه اختيارنا؟... ثم ما معنى الموقف السياسي للدول التي طبعت قبل عقود؟... على أي فكرة نستند في دعمنا لفلسطين، على أساس مصلحتنا الخاصة، أم المصلحة العامة، التي لم نتخل عنها يوما؟ وهل نحن ملزمون بمصالح غيرنا، أن لم يعيننا الجميع على تحقيقها؟.. لماذا يطلب منا وضع القضية في قلوبنا، بينما وضعها بعض المتحدثين باسمها في جيوبهم؟.. أليس من حق كل مسلم أن يصلي في الأقصى، بكل هدوء، طالما أن الهدف من الأمر هو الصلاة وهذا التوق لاحتضان الأماكن المقدسة؟.. وكيف سيتم ذلك في ظل امتداد الصراع لما لا نهاية؟ ولماذا لا نشعر في داخلنا ونحن نرى ما يحدث أن إسرائيل قد قدمت شيئا يمكن أن يملؤنا بالطمأنينة؟ وما الذي ستقدمه مقابل السلام الشامل المنتظر، الذي لاتجيد قيادته بحكمة دولة غير دولة عظمى كالسعودية؟.... من الذي سيقدم التنازلات، ولماذا لا يكون ذلك مشتركا أيضا، باعتبار أن وجودها بيننا أمر لا تجدي معه المواقف المراوحة؟... ولماذا لم يتابع العرب وخاصة أهل الأمر، تنفيذ المبادرة العربية ولم يسعوا إلى إزالة العقبات التي حالت دون ذلك مع الطرف الآخر وإيجاد الحل المشترك... وبقوا صامتين؟... وأخيرا... إذا كان بعض أصحاب القضية الذين يظهرون في الواجهة، قد أزالوا من أذهانهم ولم يدوّنوا في صفحات تاريخهم ملامح أبطال ٤٨ و٦٧ من أبناء السعودية، ولم نجد حديثا واحدا أو إشارة بسيطة لما قدموه وما قدمته بلادهم وشعبها من تضحيات عظيمة ومشاركة بالدم والمال مازال كبار السن يتذكرون تفاصيلها وتروى في مجالسهم، ولم يصدروا كتابا واحدا أو عملا إعلاميا يتحدث عن دولة قدمت مالم تقدمه أي دولة لهذه الأرض وأهلها، بل أصبحوا يتطاولون عليها ببنيان النكران والكلام الذي لم يوجه حتى لذلك العدو ؟ كيف نفهم التناقض في نظرة البعض لنا، كدولة مسؤولة عن قضايا الأمة حينا، ودولة تعادي الإسلام أحيانا، واستخدامهم النظرة الأولى، حين يكون الحديث عن مصلحتهم، والثانية عندما يكون الحديث عن مصالحنا؟

.. ما الذي يمنعنا من الانشغال بمشروعات أخرى قد تكون سبيلا لنهوض الأمة، وخروجها من أنفاق الوهم، بالتعاون مع كل دولة في هذه المنطقة من العالم، التي لو هدأت بها الصراعات وظهر وجه التحضر لأصبحت جنة وقوة تضمن للأجيال عيشا لم يحلموا به؟

أسئلة مؤلمة، آمل أن تزيل إجاباتها هذا الألم.

... إن حربا لا تُشن، هي السلام بصورة مكابرة.

مؤلف وأكاديمي

drnaifjh1@
01:54 | 18-09-2020

كورونا .. صانع التناقض .. ومحيّره

في كل عصر من عصور التحول، تتكاثر الأسئلة، وبكون طرحها أشد حضورا في المشهد من الإجابات، فمع الغموض والضبابية تختفي ملامح الإجابات وتغرق في مرايا التيه حتى إشعار آخر...

ولعل ما يحدث تحت ظلال هذا الصغير بحجمه، الغائب بتفاصيله، يمكنه أن يرسم لنا وجها جديدا للطريق أو يزيل من أذهاننا كل التصورات، لنظل نحلم بعالم جديد نجد أنفسنا فيه خارج لعبة الواقع، مقذوفين في فضاء عالم افتراضي يعمل على تهيئتنا وتهيئة نفسه لما هو قادم، بعد أن أصبح التناقض هو محور وجودنا، ونعيش الآن حقيقته بكل أبعادها، عندما اختلط الجسدي بالروحي والسياسي بالإنساني وتباعدت المسافات بينها في الوقت نفسه.

إن هذا المعلم الذي لم نتقبله والثائر الذي لم نتمكن من إيقاف زحفه، يود أن يقول شيئا، يريد أن يفتح أبوابا لم نفكر يوما بفتحها ويشير إلى قدرته على خلق هذا التناقض الذي ربما سيكون سبيلا لإخراج مخلوقات أخرى، ذلك التناقض الذي حدث خارجنا وداخل أرواحنا.. خارجنا عندما جعل الدول تعيش القوة والضعف معا، فنراها حينا تهدد بقصفه وبالاستسلام له في كثير من الأحيان، تنادي بالتضامن ضده وبالتفرّق والتباعد أيضا للحماية منه، تدعي معرفته مرة وعدم الوصول إلى كهنه مرات ومرات، توازن بين سياساتها للتظاهر بمتانتها وتنحاز في كثير من التصريحات لليونتها والنظر في تغييرها مستقبلا..

أما داخليا، فها هو يمد مساحات التناقض التي يكاد يكون شعورنا تجاهها أبديا، فترانا نُظهر شعور الوحدة الإنسانية حينا ونتغافل عنها في كثير من الأحيان خوفا من الالتصاق الذي قد يسبب لنا التباعد الدائم، مرة نتجه للروحي فينا ونربط الأحداث بمحورها.. ومرة تلوح أيدينا المرتبكة للعلم المادي الذي زائد إيماننا بقدرته على حل كل مشكلاتنا عن حدة، تائهين بين الرغبة في العودة والبقاء بين التنازل عن الدنيا والتمسك بها، بين شعورنا بأهمية التقارب الأسري وخوفنا منه، بين أن نستسلم للقدر أو ننتظر تغيره. كل هذا الحالات من الفصام التي أحدثها، لم تكن قادرة على التجلي لو لم يجد هذا الفايروس الصغير كيانات صغيرة، لم تكبر مع التدين والمعرفة، ولم تتجاوز نقطة البداية بعد.

لقد أحدث فينا هزة كبرى، ثورة في تفكيرنا، حتى لو لم يكن كما نتصور، إلا أنه استطاع أن يضرب مواقع الضعف في عالمنا الخارجي والداخلي، ليعكس لنا الهشاشة الكبيرة التي لم تتمكن كل أشكال المعرفة من جعلها عكس ذلك، تسلل إلى قناعاتنا وأربكها، أعاد لحظة تشكلنا من جديد، وانتزع منا شهية البقاء على الماضي، ليجبرنا على طرح الأسئلة، التي ربما نجيب عليها وربما تطير مع عاصفة رحيله، ليكون قد أدى رسالته، بينما نحن نبحث في الحطام عن صورة تعبر عن تلك الهزيمة، أو ربما النصر الذي لا نعي كيف تم، حتى إن كانت زيارته قد تم الترتيب لها أصلا..

إنه يدير ظهره لكل إجاباتنا وتحليلاتنا، ويترك وجهه نحو أسئلتنا فقط والتي تقول:

هل سيولد وعي جديد، هل هذا هو عصر التحول من الواقعي إلى الافتراضي، هل هي مقدمة للرحيل نحو كوكب آخر؟ هل معنى القوة أصبح غير معناه السائد؟ هل سينتصر التحايل على الصدق في السياسة، أم أنه وقت الشفافية؟ هل هو تمهيد لتحقيق الفردانية في مقابل ذوبان الجماعات؟ هل هو محور بحلة جديدة للصراع يساعد على مواصلة الدول الكبرى تحقيق أهدافها؟ هل يهيئ العالم لفقدان الشعور بالهوية لتسيل مياه الخطط التي تديرها الجهات المتحكمة في داخله؟ هل هو فايروس انتقائي موجه لجينات معينة؟ هل لضرورة تقليل سكان القارة العجوز؟ هل هناك خطأ حدث وقلب الموازين؟

قد لا ننتهي من طرح الأسئلة طالما أن الإجابات إما غائبة أو مغيبة، ولكن الشيء الأكثر وضوحا أننا فعلا لم نتمكن من معرفة هذا العالم لهربنا من التعرف على أنفسنا، والنظر بعمق لعالمنا الداخلي الذي تشكل كل ما هو خارجي من خلاله، وقبلها من التعرف على من يدير هذا الكون وتشير رسائله على تجديد ولادة الأرض كلما دخلت إلى غرف الموت...

فربما يكون هذا الشعور وهذا التناقض المميت هو الطريق الأضمن للحياة مستقبلا!، فتيار الحياة لا يجري إلا بين المتناقضات.... ربما!!

* كاتب سعودي

drnaifjh1@
01:07 | 29-03-2020