أخبار السعودية | صحيفة عكاظ - author

https://cdnx.premiumread.com/?url=https://www.okaz.com.sa/uploads/authors/385.jpg&w=220&q=100&f=webp

أحمد أبو عمرو الغامدي

مدينة حائل الاقتصادية ..تكون أو لا تكون

قصة هذه المدينة الحلم بدأت مع الزيارة الكريمة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لمنطقة حائل في 18 جمادى الأولى 1427هـ، حيث أعلن ــ يحفظه الله ــ وقتها عن أمره الكريم بإنشاء مدينة اقتصادية في المنطقة تحمل اسم عبد العزيز بن مساعد، أول أمير سعودي لمنطقة حائل، وقد أراد لها، ــ يحفظه الله ــ، من حيث ضخامة المساحة والمشاريع والأنشطة أن تحتل المركز الثاني بين المدن الاقتصادية التي أمر بها في ذلك العام. وأعلنت هيئة الاستثمار حينها أنها تعتزم إقامتها على مساحة تربو على 156 مليون متر مربع، بتكلفة إجمالية تقدر بـ 30 مليار ريال، موفرة ما يربو على 30 ألف وظيفة جديدة يكون النصيب الأكبر منها لأبناء منطقة حائل. وقد خطط للمدينة أن تشتمل على ستة أنشطة رئيسية وهي: خدمات النقل والخدمات اللوجستية؛ وذلك بإنشاء مطار دولي، وميناء جوي جاف يعد الأكبر من نوعه محليا وإقليميا، والخدمات التعليمية عبر عدد من الجامعات والكليات والمدارس والمراكز البحثية لتغطية احتياجات 40 ألف طالب وطالبة، والخدمات الزراعية، عبر تخصيص منطقة متكاملة لخدمة كافة مراحل عملية الإنتاج الزراعي النباتي والحيواني، والخدمات الصناعية والتعدينية، والخدمات الترفيهية، وأخيرا المنطقة السكنية، بهدف إسكان حوالى 140 ألف شخص.
ولكن الحظ لم يحالف تلك المدينة الحلم، ولم تقم لها قائمة حتى يومنا هذا، بل أعلن المدير العام الحالي لشؤون هيئة المدن الاقتصادية في (جريدة الاقتصادية العدد 7639 بتاريخ 15 ذوالقعدة 1435هـ)، مفاجأة من العيار الثقيل، مفادها أنه قد تم اقتراح إعادة تشكيل المدينة بالكلية وتقليص مساحتها مبدئيا بنسبة 85%، أي من 156 مليون متر مربع إلى 18 مليون متر مربع، معللا ذلك بأن المساحة السابقة والمشاريع المتعددة التي تم الإعلان عنها مسبقا لم تكن واقعية أبدا.؟!
يا هيئة الاستثمار الموقرة.. إن حلما بحجم مدينة الأمير عبد العزيز بن مساعد الاقتصادية قدره إما أن يكون وفقا لطموحات خادم الحرمين الشريفين ــ يحفظه الله ــ ولآمال الحائليين، من حيث ضخامة المساحة والمشاريع والأنشطة المتعددة التي من شأنها أن توفر أحدث الخدمات وتوظف الطاقات وتجذب الاستثمارات. أو لا يكون كما يراد له حاليا.. بمعنى أنه إذا كان ولا بد من اختزاله، فلماذا لا تطبقون مخططاتكم ومشاريعكم على مدينة حائل القائمة حاليا، حيث أنه بالتخطيط السليم وبالاستغلال الأمثل لمقوماتها الطبيعية والبشرية يمكن إعادة تأهيلها وتشكيلها، لتصبح ذات مواصفات عصرية متعددة الأوجه الاستثمارية سكانيا وتعليميا وسياحيا وتجاريا وتعدينيا وزراعيا. وخصوصا أن مثل هذا التوجه سيحقق لمدينة حائل قفزات تنموية لا زالت بأمس الحاجة إليها.. فوسطها التجاري والتاريخي لا يزال على عشوائيته وضيق شوارعه وقلة خدماته، وواديها الذي يحدها من الشرق لا يزال مهملا، مهددا بالعديد من المخاطر المحتملة بالرغم من سهولة تأهيله بيئيا وسياحيا، وشوارعها الرئيسية، بانتظار التوسعة وجسور السيارات وجسور المشاة، وشوارعها الداخلية يرثى لها، من حيث التجديد والتخطيط والأرصفة والتشجير والنظافة، وشبكة النقل العامة بكل وسائلها المعروفة لا زالت خارج قاموس المدينة، والأهم من ذلك كله أن مدينة حائل وما حولها بحاجة ماسة وعاجلة لإمدادها بمياه البحر المحلاة قبل أن يموت سكانها عطشا في حال النضوب المحتمل لمياههم الجوفية.
* عضو هيئة التدريس في جامعة حائل
19:22 | 28-09-2014

بناتنا في الخارج بخير

من واقع تجربة شخصية في الدراسة والإقامة في بريطانيا لسنوات عديدة فإن مقتل الطالبة ناهد المانع وإن كانت بوادره عنصرية بلا شك كونها مسلمة محجبة إلا أنها لا تمثل لي إلا حادثة فردية لا توحي بأن بناتنا في بريطانيا خصوصا أو في الخارج عموما يعشن أجواء من العنصرية المجتمعية الكاملة والترصد والتربص المستمر، بل إنهن بخير ولكنهن بحاجة فقط لمزيد من الحذر بعد حدوث هذه الواقعة الأليمة.
فقد قضيت شخصيا سنوات عديدة ليست بالبعيدة متنقلا بين ثلاث مدن إنجليزية إحداها مدينة كولشستر التي قتلت فيها أختنا ناهد رحمها الله، وذلك عندما كنت مبتعثا من جامعة حائل لدراسة اللغة والماجستير والدكتوراة، وقد رافقتني زوجتي وكذلك أبنائي طيلة تلك السنوات والتنقلات، وقد كنت على اطلاع ومعرفة ومتابعة يومية لأوضاع أخواتنا المبتعثات ومنهن زوجتي التي درست بكامل حجابها برنامجي اللغة والماجستير في تلك البلاد، ولم نر من الإنجليز بفضل الله ما يوحي بالخطر الشديد على حياتهن، وغاية ما كنا نخشاه في بعض الأحيان هو نظرات بعض العامة غير المتعلمين أو تعليقاتهم الساخرة على بناتنا بسبب حجابهن الذي يبدو لهم منظرا غير مألوف إطلاقا بل وجدنا أن بعضهم يعتبره خطرا عليهن وعلى صغارهن كونهم لا يعرفون من هو الشخص المختبئ بين هذه الأطمار!! ولماذا يختبئ بهذه الطريقة!! وبالتالي أدركنا أن هناك نوعا من الرفض لحجاب بناتنا مرجعه كان غالبا ليس العنصرية بقدر ما هو نوع من الجهل به أو الاشمئزاز منه لدرجة أن بعضهم يستنكره ويعتبره شذوذا وخطرا على مجتمعهم!! تماما كما لو أن بعض النساء الغربيات أتين إلى بلدنا وأصررن على عدم الاحتشام والخروج والمشي شبه عاريات في الشوارع والأماكن العامة بحجة درجة الحرارة المرتفعة وبحجة أن هذا اختيارهن الشخصي الذي ينبغي أن نحترمه نحن!! فكيف سيكون منظر وسلامة هؤلاء الغربيات من قبل بعض أفراد مجتمعنا؟! وبطبيعة الحال أرجو ألا يفهم أنني أبرر ما حصل أو ما قد يحصل من اعتداء على بناتنا لا سمح الله في بريطانيا أو في غيرها من البلدان أو أنني أبرئ تلك المجتمعات من داء العنصرية الذي قد يصيب بعض أفرادها ضد الأجانب عموما أو المسلمين خصوصا، ولكن ينبغي أن نفهم نفسيات الناس في تلك المجتمعات حتى نضع الأمور في نصابها ونزن الأمور بميزانها، فمثل هذه الحادثة وبالرغم من وحشيتها إلا أنها لا تدل على رفض مجتمعي كامل أو ثقافة عنصرية سائدة، بل قد تكون نتيجة ردة فعل عنصرية غبية لا مسؤولة من شخص جاهل أو مجرم حاقد أو ثمل فاقد للوعي، وحجتي في هذا أن المدن البريطانية تعج بالألوف المؤلفة من بناتنا المبتعثات وهذه أول حادثة من هذا النوع الإجرامي ونسأل الله أن تكون الأخيرة، كما أن والد الطالبة ناهد قد ذكر في لقائه مع مذيع قناة الإخبارية السعودية أن ابنته الراحلة وأخاها كانا يعيشان في سلام وأمان في تلك المدينة ولم يسبق أن تعرضا إطلاقا لأي معاملة غير حسنة من أحد.
لذا فإنني أوجه رسالة لأخواتي المبتعثات في بريطانيا وبقية دول العالم بعد هذه الحادثة أن يجددن ثقتهن في الله سبحانه وتعالى أولا ثم في أنفسهن وفي المجتمعات التي يعشن فيها، فهي ليست مجتمعات وحشية لا يمكن الوثوق بها والاطمئنان إليها، ولكن عليهن فقط أن يرفعن من درجة حذرهن وأن يأخذن بكافة الاحتياطات اللازمة عند خروجهن للدراسة أو لقضاء الأغراض الضرورية، ومن ذلك أنه إذا لم تكن لديهن وسيلة نقل خاصة فليستخدمن وسائل النقل العام فهي أكثر أمانا، كذلك عليهن أن يتجنبن المشي لوحدهن وإن كان لا مفر فليمشين في الطرقات والأرصفة والممرات العامة مع بقية الناس وليتجنبن الممرات الجانبية الضيقة أو غير السالكة، وإذا أردن التسوق أو التنزه فمن الضروري أن يكن بمرافقة المحرم زوجا كان أو أبا أو أخا أو على الأقل ألا يذهبن فرادى وإنما بصحبة بعض أخواتهن أو صديقاتهن في بلد البعثة، كما أن عليهن بطبيعة الحال عدم الخروج من المنزل لوحدهن في وقت متأخر أو مبكر جدا من النهار، فضلا عن ضرورة حمل الهاتف الجوال باستمرار للاتصال بالشرطة أو بأي من المعارف في حال الخطر لا سمح الله.
ولأولئك الذين ينادون بوقف ابتعاث بناتنا للخارج نقول لهم نقدر رأيكم وخوفكم على بناتنا، ولكننا نعذركم لجهلكم بواقع الحال الذي يستلزم ابتعاثهن للخارج، فجامعاتنا تعج بألوف مؤلفة من المعيدات والمحاضرات اللواتي هن بحاجة لإكمال مسيرتهن التعليمية للحصول على الماجستير والدكتوراة التي تؤهلهن ليكن أكاديميات وباحثات فاعلات في مثل هذه الصروح العلمية، فضلا عن الألوف المؤلفة من الوظائف الأخرى ذاتها التي يشغلها حاليا غير السعوديات.
* عضو هيئة تدريس بجامعة حائل
 

19:05 | 25-06-2014