أخبار السعودية | صحيفة عكاظ - author

https://cdnx.premiumread.com/?url=https://www.okaz.com.sa/uploads/authors/325.jpg&w=220&q=100&f=webp

مصطفى زقزوق

الفرحة الغائبة

كلما تذكرت حديقتي الغنّاء، وأزهارها الزاهية، واستئناسي بها، وخوفي عليها من الذبول ومن إغارة الطيور على أوراقها.. أشتاق ذلك التاريخ القديم من عمر قفز به الإبحار في لجج شتى حتى يوشك أن يرتطم بالسنين المترمدة، والآمال التي كانت لا تسعها حدود الدنيا كلها.. وكيف أنها ألقت بي في معارك مع الدمع والتعب لأبحث من جديد عن مسرّات الحياة.

ويا كم قرأت عن تفاؤلات تستوقفني مع روابط الحب وما تختزنه عنه الذاكرة فأنتقل إلى كائنات العالم الضحوك الذي يتكئ تحت ظلال الأغصان الوارقة، وأستمع إلى أصداء، ذلك السجع الذي يترنّم بموال يقول:

ونفسك فاكرمها فإنك إن تهن

عليك فلم تلقَ لها الدهر مكرما

فيثير في النفس الشجن ويستنهض العواطف المأسورة في إغفائها لتتراقص على ذلك النغم الرقيق، ومراجعة الأيام المنسية لاستعادة أفراح الصبا وصور المواقف الإنسانية ما دامت القلوب تنبض والعيون ترى ملامح أمسها القريب فتحسه نقياً متميزاً بـ«الجمال والتواضع». واستعادة أيام إخلاصنا إلى رشداننا وسلامة عقولنا وأجسامنا من عكننات تمنعنا من معايشة لغة الصفاء وشعاعه المتلألئ على جبين الزمن.. ولا تسل عن أيامنا.

أما الآن، فإن المسرّة المستهلكة لا تزال تسكن في زوايا العمر وتخاطبه، ونخاطب زمانه الغائب بشواهد الحاضر الذي نرفض فيه الثناء، ولا نعترف بغير الجفاء، كسلوك جديد، وإصرار البعض على إنكار جوهر الأدب، ومكاسبه وفرض أسلوب آخر ليس له مضمون نقترب به إلى معرفة ذاتنا كأنما نخاطب به من رحل عن دنيانا أو مخاطبة المعاصرين لإثبات التفوق في فهم الحياة وبصمت بعضنا عن ذلك الإخفاق في الأدب وبصمته يكون من الخالدين.

والصادقون يبوحون عن السعادة بغير مقايضة أو بحث عن جاه وغنيمة ولا يستعدون المشاعر وإهانتها.

وللأسف، فإن تعبيرات الحسن وبلاغة البيان محاصرة بالنفور والهوان ممن ليس لهم صلة مع الإحسان ومع الكلمة الطيبة وامتطاء صولة يتفرد بغروره بها من ينكر ضعفه وخيبته ويغتصب مكانة تشهد على تشدقه وتأنقه بمرارة الكلام وفراغ مخزونه من موجبات الاحترام. والتمازج الإنساني يتفق في أشياء ويختلف على أشياء ولكنه لا يصل إلى نقطة سوداء ونار العداوة والبغضاء.
00:17 | 18-07-2025

قدسية مكة المكرمة

إن الله -عز وجل- حينما خلق البشر لم يجعلهم يحيون حياة منفردة موحشة، بل جعلهم جماعات، وجعل مصير كل جماعة منهم مرتبطاً بمصير الأفراد، وجعل لكل شعب وقبيلة أرضاً ينتمون إليها؛ ليكون في هذه الأرض معاشهم، وليكون لهم هدف في الحياة هو الدفاع عن هذه الأرض بعد عبادة الله سبحانه وتعالى.

وإن حب الوطن يتفق مع مقاصد الإسلام وتعاليمه، وقد ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه ناجى مكة المكرمة، وصرح بحبه المكين لها حينما أخرجه قومه منها، فقا: «والله إنك أحب بلاد الله إلى الله، وأحب بلاد الله إليّ، ولولا أن قومك أخرجوني منك ما خرجت»، ومن الطبيعي أن يتعلق الإنسان بوطنه الذي ولد فيه، وبالمرابع التي شهدت مطارح مواطن الذكريات التي سجلت أيام الصبا والشباب، وحب الأرض والوطن جزء من تكوينه الداخلي، وبطبعه يحبها، ويأنس بها.

امتاز الإنسان السعودي عن غيره من المسلمين في شتى بقاع العالم أنه يقطن هذه الأرض المباركة، مما كان له كبير الأثر في بناء شخصيته، وإغناء تجربته في الحياة، فهو يرى ملايين البشر من الأقطار التي تتوافد إلى وطنه لأداء فريضة الحج والعمرة، وللصلاة في مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وزيارة قبره والسلام عليه، أما بالنسبة للشاعر السعودي، فهو أكثر من غيره من شعراء المسلمين تناولاً لهذا الموضوع، وكانت مكة المكرمة والمدينة المنورة غرضاً أساسياً من أغراض شعره، فليس هناك من شاعر من شعراء السعودية لم تهفُ نفسه إلى الأماكن المقدسة في مكة المكرمة والمدينة المنورة، وليس هذا الأمر حكراً على الشعراء السعوديين فحسب، إنما هو عند كل شعراء العرب، لكن الشعراء السعوديين أكثر التصاقاً، فهم يشاركون الآخرين في التقديس، وتعظيم المشاعر، ويزيدون عليهم بالانتماء التاريخي للوطن، والاستيطان الواقعي، فهم يستشعرونها، ويحملون راية الدفاع عنها.

00:40 | 17-07-2020

مفاهيم هادفة

نظام الكون لا يتغير.. ولكن الذي يتغير هو الإنسان نفسه في استهتاره بالحياة ومنافرته فيها.. واختياراته للبؤس بروح بائسة يغالبها الضعف والسأم والشقاء والخروج من مسارات السلم والأمان إلى حدود معادية مدمرة.. وهروب عناد إلى عناد يواجه بعضه بعضا بعنف يغلي ويضطرم ويتمرد حتى يصل إلى أقصى درجات الهلاك والإبادة لكل شيء نابض.. والإعجاب بوحشية حروب وأسلحة عاتية لا تؤمن بالإنسانية بتاتا!
وكأن التفاهم والحوار هما المجازفة والانقباض من جميع المحسوسات التي لا تمثل في نظر تجار الحروب إلا الفراغ الذي لا يقبل بأي اعتراض في تكرار الفواجع وكراهية الحياة.
كل ذلك نشاهده ونسمعه ونقرأه في تاريخ وحدود هذا الزمن وفي أغلب بقاع الأرض.
والإشفاق من سقوط الآلاف من البشر برصاصات قاتلة ومواجهات ظروف قاسية وتحقيق خسارات عالية في الأرواح والأموال ونسيان مجاعات تتكلم بسكون عاصف وهي التي تلبس تحولا ظاهرا وشعورا حزينا وتأوها مريرا يظهر على وجوه موجوعة بألوان باهتة وفي ضعفها لا تستطيع الشكوى من مصير أليم ولا يصل صوتها إلى تلك الضمائر المستكبرة زوالا فما هذا الذي يجري على كوكبنا الأرضي من قتل وتنكيل وتشريد الخ.
ومن المؤكد أن كل هذه المواجع في عالمنا غير قابلة للعلاج والبرء والانطفاء مادام أن هناك تعقيدات معجبة بجبروتها وبأوهام انتصارات خائبة.
والأسف على تفاهة مسببات ذلك التوتر والغضب.. وعلى العجز الكامل وغياب المنطق في تقدير مكاسب الخير ومصائب الشر.
وعجيب لأمر النفس البشرية وجهل معاني الحكمة والتحسب لمزيد من مستجدات المآسي والارتباك بلا وعي تهتدي به إلى النجاة من هيمنات أفكار فقدت التمييز بين البقاء والفناء إلا بهذا الاختلال لبصيرة قد أنكرت قيمة الحياة وكرامة الإنسان والوصول بهما إلى نهاية مؤسفة بالأكثر وبالأقل فيها والقريب والبعيد منها.
والرأي الناقص هو الذي يضع غلالة حمراء من أجل مصالح وأطماع على حساب الجنس البشري بصفة عامة. والشواهد على تلك الجرائم كثيرة في مشارق الأرض ومغاربها يعبر عنها صمت جنازات ليس لها قبور وأحداث تتفجر في كل يوم بغير هدف ولا معنى.
والحروب قد لا تكون من شيء مؤثر... وإنما تشتعل بأغراض غامضة أول ما تغتال الحب وبأسلحة ليست لها أخلاق.!

(*) مثقف سعودي
20:49 | 11-08-2016

حديث مع النفس

انطلاق النفس من أسر الهموم ورواسب الأسف يمنحها الفرصة للتفاعل بالحب والتجدد مع آمالها في كل مناسبة يعطرها الكرم الإنساني بابتسامة صافية وبعيدة عن أي غرض فأسميها ترحيبة تصدر من قلب لا يتعامل بغير النقاء ليكتب صاحبه على جدار الزمن سباقه لكل خير وانصرافه عما عداه.
هذه الخواطر يتسامى بها الوجدان الإنساني بالتعبير النظيف ليعانق بكل الحب كل النبل في مثالية الرجال الأوفياء حينما نجد في وسامتهم ذلك التعريف بمحاسن الأخلاق .
أما علاقتي بالجوانب الإنسانية ومسراتها فإنني أستمد من نورها فيض بهاء ترسمه الروح صورا وصوتا منغوما فأستشرف الأمل الباسم عن الألم ومواجعه.
ومحاولتي قراءة بعض المواقف في سجل تاريخي القديم خصوصا بعد عمر قفز به الإبحار في لجج شتى ويكاد يصطدم بالسنين المترمدة وكيف أنها ألقت بي في معركة مع الدمع والتعب والانتقال الى مدائن العالم الضاحك لأستعيد ذكريات أيامي وملامح أفراح الصبا وأمسها القريب.
ولا تسل عن أيامي !
واذا كانت بعض المسرات تسكن في زوايا التذكر وتخاطب الحاضر وتبايناته مع زماننا الذي كانت تحرسه إرادتنا في معرفة الأدب وفضله لا أن تكتب مناسباته أسماؤنا على أطراف صفحات يهمشها أو ينكرها من لا يعجبه البوح عن طهارة الضمير فنتقبل التعزية كما قال جبران (يكتب بعضنا لمن ماتوا.. ولا يدري أن قارئه في المقابر).. ويكتب بعضنا لأنه إن لم يمت وهذا من الخالدين .
والأديب والكاتب والفنان بثقتهم في عطاءاتهم يفرضون أعمالهم بغير مقايضة أو بحث عن جاه وشهرة والفوز بغنيمة.
والصفاء حينما لا نخطئ معرفته لنراه برؤى مضيئة فنرفض مضاعفات الآلام وكتل الظلام.
إن الإنسان السوي يحكمه العقل بدون داء (الأنا) ولا يمكن له أن يهين إرادته إلا باختياره ويتساقط بالتجني وحصاره مع ذاته ولا يستطيع نسيان مواقفه العدائية لفشله في الحب وتفاؤله بمستقبل مجهول لا يضمن فيه السلامة والاعتبار بأن البقاء في الدنيا قليل وتخونه العظات ويعارضها بما قيل (ابشر بطول سلامة يا مربع) ! والإنسان أسير عمر يسير. واتفاق البعض على حب الحياة وجوهرها بشرف مواقفه وحمايته للتقوى والمروءة والأخلاق فأولئك الذين يعملون لآخرتهم.. والذين يعتبرونها أنفاسا تتردد وطعاما وشرابا ولذة واغترارا ومرتكبات من المحارم والآثام وقد نسوا حظا مما ذكروا به.
أما الإحسان إلى المسيء فنسميه صدقة.. والترفع عن غيظ العداوة كرما وأي تصرف أحمق لا يستحق البكاء عليه لمن جعل باطله مطية أيامه التي تموت قبلنا ونشيعها بأنفسنا إلى قبور ليس لها عنوان.
والعاقل إذا والى بذل في المودة نصره.. وإذا عادى رفع عن الظلم قدره فيسعد مواليه بعقله ويعتصم معاديه بعدله وليس لحاقد معذرة مع مرتكباته ونسيانه أن مدته تنقطع وعارية الدهر ترتجع والكل مقترض من عمره المنقرض.. فالعمر وإن طال قصير والدنيا ليست لنا بدار قرار فهي تقبل إقبال الراغب وتدبر إدبار الهارب وأي عيش يطيب وليس للموت طبيب فأيامنا تسير وكأنها تطير.
ولله في خلقه شؤون.
21:25 | 5-07-2016

غنيمة السماح

النفس تستطيع أن تتأمل خسارة انقباضها وتجاوزاتها وأخطائها، وتستطيع بالتالي الخروج إلى مساحات السماح والانشراح.. وقدرتها على اغتسالها من ذنوبها وهمومها لتلتئم مع الرضا والقناعة وحسن الظن وتنقية الضمير لتستشعر الراحة والعافية والانطلاق بالرونق الأخاذ لمعانقة العواطف في كل لحظات الصفاء الإنساني بلا عتاب ولا موجدة ولا انفعال ولا خصومة والتوقف عند محطات التذكر لهذه الرحلة الدنيوية.. والتحذير من زلل اللسان واعتداءاته على كل قيمة ومعنى للحب.
والأسف أن تضطرب الكلمات في اصطدامها ببعض المواقف والظروف لنجد حروفها شظايا متناثرة لا يلملمها الوهم بعذر تستصغره المفاجأة المخيفة فتتبلد فيها الأحاسيس بأسباب تفاهات تتقلب بنا على نار لا نرى فيها عيب التجني محترقا وسط زفة مصطنعة قد يحسبها صاحبها الانتظار بفهم متعطل عن التمييز بين الصواب والخطأ ونسيان أن آداب الحياة توقظ في ذاتنا عواقب التحدي والتعدي والإصابة باختناقات تجعلنا صرعى في مساحاتها وتعزية العقل على إصابته بالاختلال وإنكار فضل السماح الذي يداوي الجراح ومعالجة فلسفة فارغة وخيال قاتم يغتال إنسانيتنا باختيارنا.
وكثيرا ما نقرأ ونستمع إلى كلمات عاطرة فنعمل على تشويهها ونعرض عنها بعد تشكيلها بألوان مختلفة وفق ما يعجبنا فنجعلها سوداء أو رمادية مع إضافة اشتقاقات كثيرة لخلخلات نرفضها أو نقبلها بالتنازل عن الحسنات فنتضاحك على تسابقنا في العقاب بدلا من اغتنام الثواب.
وكم يعبث بنا سوء الظن وتصفحات بليدة لبعض الجوانب في غيرنا لنحكم ببساطة على نسبة أحقاده وأنها تفوق المعدل تارة بصوت وأخرى بلا صوت كنوع من الذكاء وحنكة الدهاء.
وحينما نتمادى بالتوغل في أعماق تسميات شتى نضيق من الخوف ونستفيق على توحدنا الحزين وقد غامرنا بالوقار وبالحياء.
والحقيقة تبتدئ بمناقشة هفواتنا والالتفات إلى تصرفاتنا التافهة للتبرؤ مما كانت تخفيه ضمائرنا وتجاهل ليلة ليس بعدها نهار!
وهذه الشكوى في صوتها الخافت تنبيه إلى عنف المغامرة ضد الأخلاق الطيبة وتحذير من التنازل عن أسلحة التقوى المؤدي إلى سوء العاقبة.
ولأن الإنسان السوي في ماضيه وحاضره لا يبحث إلا عن مكاسب حسناته ومسراته.. وعن الحب النزيه والصبر على الصبر نفسه.. حتى لا يكون للهب الدموع ومواجهة صدمات عنيفة نهاية لتعاسة قاسية.
وعندما نناجي تاريخنا القديم بحلوه ومره؟ نستقبل إجابة معنويات نظيفة تقيم في وجداننا بأفراح لا تنتهي عند حد ولا تسمح بالتعامل بالضد فنتغنى بالابتسامة الرقيقة دون تغطيتها بالتلف أو الأسف!
لذلك لم يسكننا الحقد فنشيد السماحة في مكنونا، هو الود كيف لا وهذا حديث خريف العمر في طمأنينته نتفاعل بمسراتنا الغامرة وبلا عتاب من إساءة تصيب أهلها في صميم بسبب جهلهم لقدرهم. والخير الذي ينطلق من الذات يتدفق بنبض عواطف لها شبه ببراءة الأطفال ذلك عمر المبدأ.. وحتى الرمق الأخير.
دعاء:
رب أنعمت في الكثير من العمر ونجيتني من الأشرار
فاعفني اليوم من سؤال لئيم وقني في غد عذاب النار
22:22 | 21-05-2011

غنيمة السماح

النفس تستطيع أن تتأمل خسارة انقباضها وتجاوزاتها وأخطائها، وتستطيع بالتالي الخروج إلى مساحات السماح والانشراح.. وقدرتها على اغتسالها من ذنوبها وهمومها لتلتئم مع الرضا والقناعة وحسن الظن وتنقية الضمير لتستشعر الراحة والعافية والانطلاق بالرونق الأخاذ لمعانقة العواطف في كل لحظات الصفاء الإنساني بلا عتاب ولا موجدة ولا انفعال ولا خصومة والتوقف عند محطات التذكر لهذه الرحلة الدنيوية.. والتحذير من زلل اللسان واعتداءاته على كل قيمة ومعنى للحب.
والأسف أن تضطرب الكلمات في اصطدامها ببعض المواقف والظروف لنجد حروفها شظايا متناثرة لا يلملمها الوهم بعذر تستصغره المفاجأة المخيفة فتتبلد فيها الأحاسيس بأسباب تفاهات تتقلب بنا على نار لا نرى فيها عيب التجني محترقا وسط زفة مصطنعة قد يحسبها صاحبها الانتظار بفهم متعطل عن التمييز بين الصواب والخطأ ونسيان أن آداب الحياة توقظ في ذاتنا عواقب التحدي والتعدي والإصابة باختناقات تجعلنا صرعى في مساحاتها وتعزية العقل على إصابته بالاختلال وإنكار فضل السماح الذي يداوي الجراح ومعالجة فلسفة فارغة وخيال قاتم يغتال إنسانيتنا باختيارنا.
وكثيرا ما نقرأ ونستمع إلى كلمات عاطرة فنعمل على تشويهها ونعرض عنها بعد تشكيلها بألوان مختلفة وفق ما يعجبنا فنجعلها سوداء أو رمادية مع إضافة اشتقاقات كثيرة لخلخلات نرفضها أو نقبلها بالتنازل عن الحسنات فنتضاحك على تسابقنا في العقاب بدلا من اغتنام الثواب.
وكم يعبث بنا سوء الظن وتصفحات بليدة لبعض الجوانب في غيرنا لنحكم ببساطة على نسبة أحقاده وأنها تفوق المعدل تارة بصوت وأخرى بلا صوت كنوع من الذكاء وحنكة الدهاء.
وحينما نتمادى بالتوغل في أعماق تسميات شتى نضيق من الخوف ونستفيق على توحدنا الحزين وقد غامرنا بالوقار وبالحياء.
والحقيقة تبتدئ بمناقشة هفواتنا والالتفات إلى تصرفاتنا التافهة للتبرؤ مما كانت تخفيه ضمائرنا وتجاهل ليلة ليس بعدها نهار!
وهذه الشكوى في صوتها الخافت تنبيه إلى عنف المغامرة ضد الأخلاق الطيبة وتحذير من التنازل عن أسلحة التقوى المؤدي إلى سوء العاقبة.
ولأن الإنسان السوي في ماضيه وحاضره لا يبحث إلا عن مكاسب حسناته ومسراته.. وعن الحب النزيه والصبر على الصبر نفسه.. حتى لا يكون للهب الدموع ومواجهة صدمات عنيفة نهاية لتعاسة قاسية.
وعندما نناجي تاريخنا القديم بحلوه ومره؟ نستقبل إجابة معنويات نظيفة تقيم في وجداننا بأفراح لا تنتهي عند حد ولا تسمح بالتعامل بالضد فنتغنى بالابتسامة الرقيقة دون تغطيتها بالتلف أو الأسف!
لذلك لم يسكننا الحقد فنشيد السماحة في مكنونا، هو الود كيف لا وهذا حديث خريف العمر في طمأنينته نتفاعل بمسراتنا الغامرة وبلا عتاب من إساءة تصيب أهلها في صميم بسبب جهلهم لقدرهم. والخير الذي ينطلق من الذات يتدفق بنبض عواطف لها شبه ببراءة الأطفال ذلك عمر المبدأ.. وحتى الرمق الأخير.
دعاء:
رب أنعمت في الكثير من العمر ونجيتني من الأشرار
فاعفني اليوم من سؤال لئيم وقني في غد عذاب النار
22:22 | 21-05-2011

بلا خلل ولا خطل

للمعروف نوايا صافية.. ولغة وافية.. ومواقف شافية.. تستخدم لخدمة الناس في المياسرة والمعاسرة لبلوغ أسمى الغايات النبيلة التي لا بد من أن تجد مكانها الأرحب عند أهل النعمة والهمة واستجابتهم لنداءات الخير.. وانتهاز شمولهم بنفحات ربانية تحتسب لهم ومنهم عند من لا يضيع عنده الأجر بمواساة أصحاب النفوس المنكسرة التي كثيرا ما يتألمون من مرارة الاعتذار!.
وما هي أخلاقيات الرجال التي تتوارثها الأجيال فتتمجد ذكراهم بثناءات عاطرة تتوالى كفرحة زفاف أبدي اسمه: الخير.
والمنابذة إنما هي صورة قاتمة تعكس عجز النفس عن بلوغ محاسن الرضا والانطفاء لإرادتها بقناعة الارتماض والتعنت، وأنها في ازدحاماتها تتعثر من رقيق الكلام والالتزام.. وأن الرجاء المعقول لا يقبله المنطق المعلول وليس له عند البخلاء أي قبول.
والمعروف كممارسة إنسانية.. لا يعني تشويه الحقيقة ومغالطة الرأي الصريح ومن يستطيع تشويهه انتصارا للشر وللباطل غير من ينكره.
ومن يضن بجاهه في مساعدة من يقصده بما يتوافق مع نزاهة النفس فكأنما يرفض باختياره إضافة حسنات الدنيا التي لا تصلح إلا في موقف يوم عظيم.
وكم نجد من كان همه أن تشعر بما يشعر به وتألقه بمميزات الصبر حينما يصطدم بشح النفس وقد وضع ثقته في محل الرجاء فيخونه الرد البخيل فيستدل بذلك على متضادات محب للخير وكاره له، ومن يتواضع بفضله فيرتفع به ومن يتثاقل فيه فيخزيه. والكبرياء يجب ألا يكون على حساب سكينة النفس ومصيرها.. وأن الطبائع لا تتنافر في أغراض شريفة وإنما تتوقى من استجداءات مخيفة يحقق بها صاحبها شهواته وانحرافاته تحت استعارات أسباب كثيرة وأعذار مريرة..
هذا هو الزمن الذي يحذرنا من افتراض حسن النية لمحتاج قد يستغل ما نعطيه لينفقه في عادة خفية سيئة.
وهنا تكون لأولوية الإيثار رؤية واعية لا تؤثر فيها جاذبية دموع الخداع حتى لا تختلط الاتهامات فتشير إلى تسميات يرتفع صوتها عن البخيل والنبيل في حالة العطاء أو الامتناع.
وسبحان عالم السر وما يخفى.
ومضة:
«فعلات معروف تقر نواظري
فتكون أجلب جالب لبكائي».
20:20 | 14-05-2011

بلا خلل ولا خطل

للمعروف نوايا صافية.. ولغة وافية.. ومواقف شافية.. تستخدم لخدمة الناس في المياسرة والمعاسرة لبلوغ أسمى الغايات النبيلة التي لا بد من أن تجد مكانها الأرحب عند أهل النعمة والهمة واستجابتهم لنداءات الخير.. وانتهاز شمولهم بنفحات ربانية تحتسب لهم ومنهم عند من لا يضيع عنده الأجر بمواساة أصحاب النفوس المنكسرة التي كثيرا ما يتألمون من مرارة الاعتذار!.
وما هي أخلاقيات الرجال التي تتوارثها الأجيال فتتمجد ذكراهم بثناءات عاطرة تتوالى كفرحة زفاف أبدي اسمه: الخير.
والمنابذة إنما هي صورة قاتمة تعكس عجز النفس عن بلوغ محاسن الرضا والانطفاء لإرادتها بقناعة الارتماض والتعنت، وأنها في ازدحاماتها تتعثر من رقيق الكلام والالتزام.. وأن الرجاء المعقول لا يقبله المنطق المعلول وليس له عند البخلاء أي قبول.
والمعروف كممارسة إنسانية.. لا يعني تشويه الحقيقة ومغالطة الرأي الصريح ومن يستطيع تشويهه انتصارا للشر وللباطل غير من ينكره.
ومن يضن بجاهه في مساعدة من يقصده بما يتوافق مع نزاهة النفس فكأنما يرفض باختياره إضافة حسنات الدنيا التي لا تصلح إلا في موقف يوم عظيم.
وكم نجد من كان همه أن تشعر بما يشعر به وتألقه بمميزات الصبر حينما يصطدم بشح النفس وقد وضع ثقته في محل الرجاء فيخونه الرد البخيل فيستدل بذلك على متضادات محب للخير وكاره له، ومن يتواضع بفضله فيرتفع به ومن يتثاقل فيه فيخزيه. والكبرياء يجب ألا يكون على حساب سكينة النفس ومصيرها.. وأن الطبائع لا تتنافر في أغراض شريفة وإنما تتوقى من استجداءات مخيفة يحقق بها صاحبها شهواته وانحرافاته تحت استعارات أسباب كثيرة وأعذار مريرة..
هذا هو الزمن الذي يحذرنا من افتراض حسن النية لمحتاج قد يستغل ما نعطيه لينفقه في عادة خفية سيئة.
وهنا تكون لأولوية الإيثار رؤية واعية لا تؤثر فيها جاذبية دموع الخداع حتى لا تختلط الاتهامات فتشير إلى تسميات يرتفع صوتها عن البخيل والنبيل في حالة العطاء أو الامتناع.
وسبحان عالم السر وما يخفى.
ومضة:
«فعلات معروف تقر نواظري
فتكون أجلب جالب لبكائي».
20:20 | 14-05-2011

الوفاء .. د. عبد العزيز خوجة

لمعالي الدكتور عبد العزيز خوجة وزير الثقافة والإعلام .. مثالية عالية في التعامل بكرم النفس ومحاسن الأخلاق والتواضع بمثل ما كنا عليه كأسرة واحدة في مكة شرفها الله. وهو الذي يتسابق إلى المعروف وتجد في صمته عفة، وفي كلامه شرفا. لا يتعالى على غيره لا بحكم وجاهته كسفير أو وزير ولا يتأفف في التعامل مع الصغير والكبير.. وتلك من خصال الرجال الذين يسجلهم التاريخ في صفحاته المضيئة.
هكذا عرفته في سجلات تاريخنا حينما كنا نتسامى بالكرم وبالكرامة وبالنبل لا بالبخل، فأجده من أبيه ومن عمه في مواساتهم لي في حالة اليتم وبغير من ولا أذى.
لقد كان والده محيي الدين خوجة مقربا من الملك فيصل بن عبد العزيز حينما كان نائبا للملك عبد العزيز في الحجاز، بل كان من أقرب الناس إليه في المحاكاة بعقلانية لا يسبقها طمع ولا جشع، وكان في مرتبة الوقار والاعتبار ــ رحمه الله.
والحديث عن ذلك التاريخ ومن قبل 70 عاما لا يحتاج لغير شهود الحاضر ممن لا يغيبون في عالم النسيان.
ولن يزال هذا الرمز على سجيته لا يجاهر بالعداء لأحد ويغلبه السماح.. والسماح طبع الملاح.
ولكم تعيش في ذاكرتي بعد عمر عاصرت فيه الملك عبد العزيز ــ صقر الجزيرة العربية ــ وأبناءه من بعده الملك سعود ثم الشهيد فيصل بن عبد العزيز، وكان قصره قريبا من بيتنا فأسلم على يمينه ويعتبرني كأحد أبنائه وأستمع إلى حديثه الهادئ واقتداره بكل كرم على مواساتنا في ذلك الوقت الجميل. به وبالناس من حواليه ممن يجلونه ويحترمون إصغاءه لهم.
ولا تزال تلك الأصالة والمكارم تتوالى وتعلمنا منهم ألا نجابه السيئة بالسيئة، وتلك مميزات السياسة السعودية لمن يتطاول بالزيف وبنكران المعروف لأن المعروف قوة نتعالى بها.
ذلك ما تحفظه ذاكرتي عن سير الرجال وأمانة الولاء لحكومتنا الرشيدة ذمة في أعناقنا وحتى يوم نلقى الله بقلب سليم.
نصر الله حكومتنا الرشيدة على كل عناصر الإجرام الخائبين.. ولن يبلغ الأعداء من جاهل ما يبلغ المجرم من نفسه.. والله المستعان.
20:51 | 30-10-2010