أخبار السعودية | صحيفة عكاظ - author

https://cdnx.premiumread.com/?url=https://www.okaz.com.sa/uploads/authors/269.jpg&w=220&q=100&f=webp

عبدالمحسن هلال

مواجهة الأمريكي القبيح ممكنة

يدور حديث عن مراجعة الكونجرس الأمريكي لقانون جاستا، وهذا حديث خادع مراوغ، ما حدث أن بعض الأعضاء، اثنين أو ثلاثة، طالبوا بمراجعة بعض مواده حماية لأفراد أمريكيين قد يطالهم القانون بغير قصد، أي إعادة تفصيل هذه المواد على المقاس غير الأمريكي، الكلمة التي استخدمها زعيم أغلبية مجلس النواب ميتش مكونيل «Tweak» أي قرص أنف أو أذن تلك المواد، لتفادي احتمال تعرض موظفي الخارجية الأمريكية أو جنود الجيش الأمريكي لأي مساءلة قانونية خارج أمريكا. المتفائلون يقولون بإمكانية نجاح مساعي عرقلة تنفيذ القانون بإعطاء وزارتي الدفاع والخارجية الأمريكيتين حق الاعتراض على حالات معينة، والاستنتاج الوحيد لتفاؤل كهذا هو إبقاء القانون سيفا مسلطا ضد المملكة وأداة ابتزاز جاهزة للتطبيق.
الأجدى مواجهة جاستا بخطوات عملية، كثيرون يعتبرونه بمثابة إعلان حرب بدأ تنفيذه بالفعل، فقد رفعت سيدة أمريكية أول دعوى قضائية بمحكمة في واشنطن ضد المملكة بعد يومين فقط من إقرار القانون. وهو قانون استغرق جهابذة القانون الأمريكان 12 عاما لإعداده برغم التحقيقات الكثيرة التي برأت المملكة من أية صلة بمنظمة القاعدة، وهو أمر سهل برهانه. إذ بقليل من الجهد والتنسيق مع دول أخرى، سيجبر الكونجرس على بلع تقريره، ها هي اليابان تعلن إمكانية السماح لمواطنيها ضحايا هيروشيما ونجازاكي برفع قضايا ضد أمريكا، وستتبعها دول كثيرة لن يدوم سلطان أمريكا عليها كالعراق وليبيا وأفغانستان وربما فيتنام، وكما قال مسؤول أمريكي سابق 180 دولة يمكنها مقاضاة أمريكا. وننتظر من مجلس شورانا الموقر إمكانية صدور جاستا سعودية.
نملك أوراقا عدة للتعامل مع جاستا رسميا وشعبيا، ورقة التعاون الأمني مثلا، يتبجح مرشحا الرئاسة الاثنان بحماية أمريكا للمملكة، لنوقف التعاون الأمني لنرى من يحمي الآخر، وكيف ستخوض أمريكا حروبها ضد الإرهاب الذي تزعمه. ورقة المتاجرة تمكننا من الامتناع عن شراء السلاح والتعاون مع شركات أمريكية، ورقة النفط يمكن استخدامها تسعيرا وإنتاجا وتسديدا، وهذا يتطلب فك الارتباط بالدولار والاشتراك في نظام صرف عالمي لا يتعامل بالدولار، وإن بشكل اتفاقات ثنائية، كاتفاقنا مع الصين مؤخرا أن يسدد لكل طرف بعملته الوطنية. وليس صحيحا استغناء أمريكا عن نفطنا، أساطيل أمريكا حول العالم لا تستخدم نفطا أمريكيا وإنما من دول أخرى والمملكة على رأس هذه الدول.
أما شعبيا فيمكن فعل الكثير، أقله مقاطعة سلع ومنتجات أمريكا، ولن نتعطل فأسواق العالم تنتج كل بديل بما فيه قطع الغيار، بل سيتعطل الاقتصاد الأمريكي الذي يعاني حاليا من كساد كبير، أي نقص في ميزانها التجاري يعني ارتفاع نسبة البطالة لديهم بكل تداعياتها، ولو دعونا غيرنا للمقاطعة مستخدمين قوتنا الناعمة وأن التهديد هو لبلاد الحرمين الشريفين سنجد تجاوبا كبيرا.
21:16 | 2-10-2016

الدعم لمن يستحق

ضخت مؤسسة النقد الأسبوع الماضي 20 مليار ريال في القطاع المصرفي، وكانت قد ضخت يونيو الماضي 15 مليارا أخرى، أي 35 مليارا في حوالي ثلاثة أشهر، دعما للسيولة ولقدرة البنوك المحلية على الإقراض بالخصوص الإقراض العقاري، مع أن مؤشرات كثيرة تقول إن أغلبها قروضا استهلاكية وإن كانت البنوك تعممها بمسمى قروض شخصية. واظننا مع صدور القرارات الأخيرة بخفض الرواتب وإلغاء البدلات بحاجة لإعادة جدولة مواعيد الاستحقاق حتى لا يتضرر المقترضون بتعسف البنوك، إلا أن ذلك قصة أخرى.
الدعم الذي قدمته «ساما» للبنوك يدحض ادعاءات البنوك بشح السيولة ويسهل عمليات الإقراض، برغم تقارير سنوية سابقة لساما تظهر أن البنوك تملك سيولة كافية لا تستغل لخدمة الاقتصاد الوطني وإنما تكدس كاحتياط تحسبا للأزمات. من حق البنوك وضع ما تريد من شروط تمكنها من استعادة أموالها، مع أن تقارير أخرى لساما تؤكد أن مستوى القروض المتعثرة لا يتجاوز 1.3% من إجمالي القروض وتوافر تغطية عالية من المخصصات تجاوزت 165% من إجمالي القروض المتعثرة، ونسبة عالية من كفاية رأس المال التنظيمي تجاوزت 18% (المدينة، 27 سبتمبر الجاري) فإذا أضفنا لذلك قدرة البنوك في التحايل على فترة الآجال لاتفاقات «إعادة الشراء» التي كانت محددة بيوم واحد فمددت إلى سبعة أيام و28 يوما، مما يوحي بعدم حاجة البنوك لهذا الدعم وإن كان في شكل ودائع زمنية.
جميعنا يتذكر الأزمة المالية التي عصفت بالاقتصاد العالمي العام 2008، وكان سببها الرئيس القروض العقارية، وبرغم اليقين بقوة نظامنا المصرفي الكامنة في احتياطياته، إلا أن هذا لا يمنع من أخذ الحيطة. إجراءاتنا المالية تؤتي ثمارها، حسب تقرير «بيزنيس تايمز» البريطانية انخفض عجز الميزانية من 16% العام الماضي إلى أقل من 10% هذا العام، أما سياستنا النقدية فبظني المتواضع تحتاج قليلا من إعادة النظر، يمكن لساما، مثلا، استخدام سعر الفائدة للتحكم في حجم السيولة المتوافرة بدلا من خلق سيولة إضافية قد تفاقم حجم التضخم، إلا أن هذه قصة ثالثة.
أعود لموضوعي لأسأل لماذا لم نقدم هذا الدعم، 35 مليارا، لصندوق النقد العقاري مباشرة؟ وللصندوق أن يضع ما يريد من الشروط ضمانا للسداد ولإعادة تدوير عمليات الإقراض، وهي شروط مهما قست في أموال عامة لن تكون بجبروت شروط البنوك الخاصة، لماذا الإصرار على تنفيع البنوك وهي لا تقوم بواجباتها الاجتماعية ولا تتساهل مع مقترضيها إلا إذا كانوا هوامير كبارا ويقترضون مبالغ كبيرة، من سيقف مع المواطن «مهدود» الدخل الباحث عن سقف يحميه وأسرته من لهيب الإيجار، المواطن الواقع بين مطرقة البنوك وسندان عجز وزارة الإسكان؟
21:14 | 29-09-2016

العشاء الأخير

تذكرت لوحة دافنشي الشهيرة وأنا أشاهد وزراء أوبك في اجتماعهم غير الرسمي على هامش المنتدى الدولي للطاقة بالجزائر قبل يومين، وهم يدلفون لما بدا وكأنه صالة طعام بعد يوم عمل طويل. خصص الاجتماع لتقرير مصير الفائض النفطي المسبب الرئيس لانهيار أسعار النفط، العالم أجمع ينتظر ما سيسفر عنه الاجتماع برغم أن معظم المراقبين لا يتوقعون الكثير، مازال الصراع بين عاملي السياسة والاقتصاد مسيطرا على مواقف كثير من أعضاء منظمة أوبك، لعل أهمهما السعودية وإيران، ورفقاهم من الدول المنتجة الأخرى ولعل أهمهم روسيا، فهل سيكون العشاء الأخير لأعضاء المنظمة قبل انفراط السبحة، أم أن معجزة اتفاق ستتحقق.
بظني المتواضع أن منظمة أوبك انتهى دورها منذ سنين، أقله قدراتها في التأثير على أسواق النفط، ليس فقط بسبب خلافات أعضائها حول الأسعار والحصص، بل لتنامي القدرة الإنتاجية للدول من خارجها مما أفقد أوبك سطوتها، أضحت تلك الدول تنتج أكثر من ثلثي الإنتاج العالمي للنفط، وبعدما كانت تخطب ود أوبك للحصول على حصص إضافية، أصبحت أوبك تعدو خلفها للحفاظ على ما تبقى من حصص لأعضائها. فكرة اجتماع موسكو السابق بتجميد الإنتاج تعداها الزمن، وهكذا كلما تباطأ المجتمعون بتبني قرار اضطروا للبحث فيما هو أصعب منه. أزمة انخفاض السعر لن يحلها التجميد الآن، فما ينتج حاليا يمنع أي توازن للسعر، فاقم المشكلة عودة منتجين آخرين تعطلت قدراتهم الإنتاجية إما بسبب الحروب والنزاعات الداخلية كنيجريا وليبيا والعراق، أو بسبب العقوبات والمقاطعة الدولية كإيران، وإن كانت الأخيرة تبالغ في تقدير قدرتها الإنتاجية عند حساب التنازلات.
لعل الأنسب لكل الدول المجتمعة في الجزائر الاتفاق أولا على خلق منظمة جديدة لكبار المنتجين المؤثرين، ثم الاتفاق على تحييد النفط عن النزاعات السياسية. قد يبدو ذلك لكثيرين حلما ورديا أو يوتوبيا، مع أنه، وعبر التاريخ تكرر بين الدول مع كثير من السلع وبالخصوص الإستراتيجية منها، ويعتبر أقرب للواقع من كثير من الطروحات السائدة، هو ما تفرضه السوق والمصلحة حتى بين الدول المتنازعة. صحيح أن السياسة والاقتصاد وجهان لعملة واحدة، إلا أن طمس أحد وجهي العملة سيمنع تداولها وبالتالي تفقد قيمتها، وهنا لابد من قرارات مؤلمة من الجميع لتجنب قرارات أكثر إيلاما في المستقبل القريب. التفاوض ممكن حتى بين الأعداء، بل هو لا يكون إلا بين خصوم ومتنازعين، وفي التنافسية العالمية لم تعد المعادلة صفرية، بل نسبا متوازعة بين المتنافسين، فهل يثبت اجتماع الجزائر ما اتفق عليه عالميا، أم سيثبت أن اتفاقهم بحاجة لوفاق روسي أمريكي هو الآخر؟
21:38 | 27-09-2016

بالإمكان أبدع مما كان

بعد حوالي نصف قرن وتسع خطط تنموية لم تؤت ثمارها كما يجب، أتت فكرة التحول الوطني 2020 لتحل محلها بأهدافها وبرامجها الكبرى، لم تعد هناك خطة خاصة لكل وزارة تدمج، قصا ولزقا، بخطة الدولة العامة، أصبحت هناك مبادرات يمكن قياس درجات تحققها، وبميزانية تقديرية 270 مليار ريال للخمس سنوات القادمة. وهذا أمر مبهج وواعد، غير أن السؤال هل سيوكل تنفيذ التحول الجديد لذات العقول والمدرسة الإدارية القديمة التي لم تنجح في تنفيذ الخطط السابقة؟
سؤالي ليس تحاملا على مديري عموم أو وزراء سابقين أو حاليين، أعرف أن كلا منهم حاول جهده وحكمه ظرفه ووقته، هذا لا يمنع أن منهم مقصرين وفاسدين، إلا أنهم قلة برغم حجم وكمية الفساد المعلن، إنما تحفظي على من أمضى سنين، قلت أو كثرت، وليس في ميزان أدائه ما يشير لنجاح مع خطط تنموية تقليدية، كيف يمكن نجاحه مع أفكار غير تقليدية؟ كتبت سابقا عن ضرورة تغيير العربة أو الأداة الإدارية التي ستمكن تحولنا للعوالم المتقدمة، وما زلت عند رأيي القديم أن الفرق بين الدول المتقدمة والنامية ليس فجوة علمية أو معرفية، فثورة المعلومات أتاحت المعلومة للجميع، إنما هي فجوة إدارية، بما يتضمنه ذلك من قوانين عدلية محاسبية، فضلا عن تطبيق المفاهيم الإدارية الحديثة.
يشوب بعض المبادرات الوزارية لتنفيذ التحول الوطني ما يشي ببعدها عن فكرة التحول الوطني، مثلا، وزارة التخطيط طرحت مبادرة إنشاء مركز دراسات إستراتيجية تنموية بكلفة 450 مليونا، ونحن لدينا مراكز أبحاث عدة جامعية ومستقلة، ويمكن التعاون مع المميز منها، وزارة الصحة قدمت مشروع الصحة الإلكترونية بحوالي 6 مليارات، قبل أن تنجح في قضية التأمين الصحي وأظنها قفزة للأمام، وزارة العدل قررت نشر الثقافة العدلية ومميزات نظام القضاء بقيمة 337 مليونا، وهذه مهمة الإعلام والميديا، مما يذكرني بوزارة الإعلام التي رصدت 700 مليون لنشر الهوية السعودية حول العالم، وأعتقد أنها مهمة ليست بذات الأهمية، بالخصوص في ظرفنا الاقتصادي الراهن.
بظني المتواضع بعض هذه المبادرات يحاول الخروج من تحت عباءة الخطط التي حاولت تنويع مصادر الدخل وبناء المواطن المنتج ولم تفلح، وبعضها مما يمكن تأجيله لإتاحة الفرصة لتقديم مبادرات من خارج الصندوق، لم لا تجرب بعض الوزارات أفكارا جديدة تتماشى مع روح رؤية 2030 التطويرية التي تعتبر الإطار المرجعي للتحول الوطني. لو درسنا أسباب فشل خططنا الاقتصادية السابقة لتبينت لنا طرق جديدة للتنفيذ، فالمهام والأهداف واحدة، توفير حياة كريمة للمواطن.
20:52 | 25-09-2016

وهل أحب سواه

منذ شدا بها طلال مداح، رحمه الله، قبل أكثر من ثلث قرن، للشاعر الدكتور المهندس مصطفى بليلة، رحمه الله حيا أو ميتا، و«وطني الحبيب» لا تزال سيدة الأغاني الوطنية ولا تزال ترددها الألسن في كل مناسبة وطنية، أتذكر أغاني وطنية أخرى عدة لا أعلم لم اختفت من خارطة إذاعاتنا وقنواتنا التلفازية، مثل «جزيرتنا تنادي» و«شربة من زمزم» و«في ربوع المدينة»، وأظن جميعها للموسيقار الأستاذ غازي علي، أو حتى «خليجنا واحد». معظم أغانينا الوطنية تتحدث عن قادتنا ومنجزاتنا، وهذا شيء حسن لتذكير الأجيال، ليت يضاف له التغني بربوع الوطن مدنه وقراه وكل شبر فيه، وتاريخه الضارب في عمق الزمان وحاضره المشرق بعبق المكان.
بيد أن حب الوطن لا يتمثل في الأناشيد الوطنية والأهازيج الشعبية وحسب، وبالتأكيد ليس في المسيرات الصاخبة ورفع العلم، هو شيء أعمق من المظاهر وأكبر من الشعارات. بعيدا عن حديث الحقوق والواجبات، أسأل، بكل حسن ظن، هل فعلا لا نحب سواه؟ جميعنا يحب الوطن وجميعنا يتذكر أن حب الوطن من الإيمان، رغم تشكيك قلة عن يمينك في معنى الوطن وقيمة الوطنية ممن سيأخذونك إلى مجاهل تعريف الأمة وحدودها الممتدة، وعن الخلافة وكأننا نعيش عهد الصحابة، رضي الله عنهم، متناسين أن هذا الدين صالح لكل زمان ومكان وإن تبدلت الأسماء وتمحورت المفاهيم، وتشكيك قلة أخرى على يسارك في مفهوم الوطن واصمين محبيه بالوطنجية ويتهمونهم بالشوفينية. الوطن هو جموع من يعيش فيه ويقتات من خيره ويرضع حبه مع حليب أمه، الوطن هو جموع القبائل والعشائر والأسر، والوطنية هي أن نحبهم جميعا بكل تنوعاتهم. الوطنية مسؤولية وطريق مزدوج، حين يقوم المسؤول بواجباته في خدمة المواطن يعتبر وطنيا، وحين يقوم المواطن بواجباته تجاه وطنه يكون وطنيا.
هذه الفسيفساء التي تجمعنا هي سر تجمعنا، هذه التباينات بيننا تنصهر في بوتقة الوطن الواحد فتظهر ناصعة متماسكة كأنها قطعة صلب واحدة، هو اليقين أن القبيلة والعشيرة والأسرة، وسائر عناصر المجتمع ومكوناته، فكرا وثقافة ومذاهب وعادات وتقاليد ليست سوى هويات هامشية وانتماءات تحتية، تعلو عليها هوية الوطن الجامع الموحد (بكسر الحاء وفتحها) هو البذل في سبيله والذود عن حياضه، هو الدين المستحق ليد سلفت في دم كل حر، اليقين بكل هذا يجعلنا لا نحب سواه.
روحي وما ملكت يداي فداه
وطني الحبيب وهل أحب سواه
وطني الذي عشت تحت سمائه
وهو الذي قد عشت فوق ثراه
وطني وأنت موئل عزة
ومنار إشعاع أضاء سناه
21:16 | 22-09-2016

لا يصلح العطار ما أفسده الدهر

أصبح مشروع قانون الكونغرس الأمريكي ضد رعاة الإرهاب «جاستا» محور الإعلام الأمريكي، فجأة اكتشف كبار المحللين والإستراتيجيين وكبريات الصحف هناك أن المتضرر الأكبر هو أمريكا ذاتها ومصالحها العليا وأمنها القومي، لم تعد المواجهة، إن صح أن هناك مواجهة، بين الرئيس الأمريكي والكونغرس، دخل الإعلام كمناهض قوي للمشروع. موقف الرئيس أضعف من أن يعتمد عليه، فحتى لو استخدم الفيتو لرفضه، فالكونغرس متأهب لتحصيل نسبة الثلثين من أعضائه لفرضه، لنترك أمريكا تموج في صراعاتها ونتابع نحن استعداداتنا الذاتية لتفنيد القانون إذا ما أُقر.
آمل أن تثمر زيارة ولي العهد لأمريكا للمشاركة في أعمال دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة، واحتمال التقائه بالرئيس الأمريكي ضمن جملة من زعماء العالم حاضري الدورة، آمل أكثر أن تتيح فرصة لقاء سموه بهؤلاء الزعماء ترسيخ فكرة التحالفات الجديدة والمضي قدما في إعادة تشكيل شبكة هذه التحالفات. آمل ثالثا ألا نؤسس تحالفاتنا الجديدة بذات نمطية التحالفات السابقة، باختصارها على الطبقة السياسية، الإدارة الأمريكية على سبيل المثال، أو مع أنظمة أو أحزاب حاكمة أو في الظل، للميديا والرأي العام في كل دولة يجب أن نوجه جهودنا، لا بهدف شن حملة علاقات عامة وإنما لشرح وجهة نظرنا ومبادئ تحالفاتنا الجديدة صيانة لمصالحنا العليا.
وإذا كانت السياسة هي فن الممكن فإن بإمكاننا فعل الكثير، بيد أن هذا يتطلب إعادة جدولة الأولويات والأهداف معا، وبعضها قد يكون مؤلما لكنه ضروري لتجنب الأكثر إيلاما. حروب استنزافنا، سياسيا وماليا وعسكريا، تجب مواجهتها وإن أدى الأمر لتسليم ملف حروب المنطقة برمته للأمم المتحدة لتحمل مسؤوليتها في صيانة السلام عالميا، وعلينا التركيز على حماية حدودنا بقوة رادعة توقف كل من يقترب منها، وعلى جبهتنا الداخلية بتسريع الإصلاحات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية الكفيلة بانطلاق مجتمعنا لتحقيق رؤيته وتحوله المبتغى. رؤية لا تكتفي بتنويع مصادر الدخل، بل وبتنويع الحلفاء والشركاء ممن ستربطنا بهم لا علائق استثمارية اقتصادية وحسب، بل مصالح عليا وأسواق وأهداف مشتركة، وهذا يتطلب إعادة هيكلة نظمنا الاقتصادية وصناعتنا الوطنية لخدمة هذا التوجه.
إعادة هندسة علاقاتنا الخارجية لم تعد خيارا بين خيارات أو مما يمكن تأجيله، بل قرار إستراتيجي لتأمين مصالحنا وأمننا مع شركاء جدد سواء من الشرق أو الغرب، بالخصوص مع اهتزاز علاقتنا بمعظم حلفائنا التقليديين سواء في أوروبا أو أمريكا. المصالح كانت وستظل رائد العلاقات الدولية وبوصلة اتجاهاتها، أما الصداقات فتكون بين أفراد وشخصيات غير اعتبارية، ولا اعتبار لها في حساب المجموع.
21:17 | 20-09-2016

وزارة متضخمة مرتبكة

كل عام ومعلمونا ومعلماتنا وطلابنا وطالباتنا الأعزاء بخير، جعله الله عام خير وتحصيل وبركة. ولأن ليالي العيد تبان من عصاريها، أظننا سنصادف خلال هذا الأسبوع الأول ربكة البداية التي للأسف تصيبنا كل عام، سنكتشف كما من المدارس تأخر تجهيزها أو صيانتها أو تعطل افتتاحها، سنكتشف نقصا في الكتب والمعلمين وزيادة تدفق للطلاب، وكأننا لا نعرف علما اسمه الإحصاء ولا بابا فيه يسمى التنبؤ أو الاستقراء، وسنكتشف متأخرين أن إجازتنا الصيفية الأطول عالميا، لم تكف لهذه الأعمال.
غير أن هذا ليس حديثي اليوم، أتجاوزه برغم أهميته، كأهمية الحديث عن قلة أيامنا الدراسية مقارنة بدول العالم، آملا من الوزارة أن تولي كل ذلك اهتمامها. أود الحديث عن مشكلات عملاتية في عمليتنا التعليمية، قد تبدو صغيرة لكنها أس لمشكلات أكبر تقلل من نتاجنا التعليمي. مثلا، استحدثت وزارة التعليم ميزانية تشغيلية للصرف على النفقات الجارية للمدارس لتوفير بيئة تعليمية ملائمة، كعنوان كبير، وإن كانت لمجرد الصرف على أنشطة طلابية ونثرية. هذه الميزانية لماذا يتأخر تسليمها كل عام مع معرفة ما يسببه تأخيرها من ربكة مع بداية العام الدراسي، رهبة اليوم الأول، حتى للطلاب غير المستجدين، يمكن احتواؤها بحفل استقبال مبسط للطلاب وأولياء أمورهم صباح أول يوم دراسي، أو بشراء هدايا رمزية لطلاب الصفوف الأولى، معظم هذه الموازنات الصغيرة يضطر مديرو المدراس لصرفها في أعمال صيانة أو لعمال نظافة أو لشراء مستلزمات تعليمية، وهذه جميعها من صميم عمل الوزارة سواء في الإجازة أو طوال العام. يتم اعتماد هذه الميزانية بناء على عدد طلاب كل مدرسة وعدد الفصول، وفي هذا ظلم للمدارس المميزة في أنشطتها الطلابية الصفية واللا صفية.
مثال آخر، ربكة جامعاتنا مع طلابها الجدد، تشترط عليهم للقبول في مواقعها اختيار 10 تخصصات قد يقبل الطالب في أحدها، هذه خصوصية جديدة لجامعاتنا. لا مزيد على ما ذكره أستاذنا محمد الحساني في مقاله الجمعة الماضية، فقط إضافة صغيرة، عجز الجامعات عن مواءمة مخرجاتها مع احتياجات سوق العمل لا يحل على حساب الطلبة، هذا يؤدي لتشتيت ذهن الطالب وهدر تحصيله الدراسي السابق وهدر كل ما صرف عليه، ثم ينتهي بتخصص بعيد عن خلفيته و/‏أو تجاوزه سوق العمل مما يفاقم نسب البطالة. كل جامعات العالم تطور وتغير برامجها بل وأهدافها خدمة لمجتمعها المحيط، وكل جامعاتنا تكاد تكون نسخة واحدة، ذات التخصصات ونفس البرامج دون أدنى ارتباط باحتياجات مجتمعها المحلي.
21:04 | 18-09-2016

وقفة مع حليف

إقرار الكونجرس الأمريكي، بمجلسيه، مشروع قانون «العدالة ضد رعاة الإرهاب»، جاستا، سيفتح عدة جبهات ضد أمريكا، 180 دولة يمكنها ملاحقة أمريكا جنائيا مستخدمة ذات القانون، حسب مسؤول سابق بالخارجية الأمريكية محذرا من جاستا، وعليه آلاف القضايا يمكن أن يثيرها مواطنو هذه الدول ضد أمريكا في حربها ضد الإرهاب ونيرانها «الصديقة» والمباشرة التي قتلت وجرحت وشردت مئات الآلاف من الأبرياء حول العالم.
وإذا كان دليل أمريكا الوحيد على تورط المملكة أن 15 من 19 منفذا لهجمات سبتمبر سعوديون، حسب الرواية الأمريكية الرسمية، وهناك عدة روايات أمريكية مناقضة، فهؤلاء أفراد تلقوا أوامرهم من تنظيم معلن ومعروف عداؤه للمملكة، وأما هجمات أمريكا فهي من جيش نظامي يتبع دولة تتحمل مسؤولية أفراده، وبالتالي فإن مسؤولية أمريكا مباشرة.
على مدار 15 عاما صدرت مئات التقارير وأجريت عشرات التحقيقات الأمريكية الرسمية وغير الرسمية وجميعها لم تجد دليلا ضد المملكة، وظهرت عشرات الأفلام الوثائقية التي شككت في الرواية الأمريكية، وبعضها ذهب إلى اتهام الإدارة الأمريكية ذاتها، ولعل أهم التقارير التي برأت المملكة ما أصدرته لجنة تابعة للكونجرس نفسه العام 2002.
عدم ظهور أدلة جديدة تغير نتائج تلك التحقيقات، أو تبرر إعادة فتح أوراق القضية، يثبت أن الابتزاز أمر مبيت من عصبة داخل الكونجرس، وبرغم تحفظ كثير من الإستراتيجيين الأمريكان وتحذير كبريات الصحف الأمريكية من مغبة تبني «جاستا»، وسواء استخدم الرئيس الأمريكي الفيتو المباشر أو غير المباشر بوضعه في الخزانة دون أي إجراء، يسمى فيتو الجيب، فإن القضية سيعاد طرحها مع الرئيس القادم وأغلب الظن أنه سيصبح قانونا، وعلينا التعامل معه على هذا الأساس.
لن نعول كثيرا على معارضة مشروع جاستا للمواثيق الدولية ولمبادئ القانون الدولي فيما يختص بحصانة الدول، وخلطه بخبث بين المسؤولية الفردية ومسؤولية الدولة، فبإمكان أمريكا تطويع القوانين الدولية، انسوا مطالبة الدول الصديقة والشقيقة بالدعم، لن نحصل إلا شجبا واستنكارا، علينا نحن المبادرة بالفعل وعدم الاكتفاء برد الفعل، وعملا بالمثل الأمريكي «افعل ولا تهدد» علينا التحرك بسرعة لتشكيل مجموعتي عمل، قانونيون محترفون ورجال إعلام وميديا مهيأون لشرح موقف المملكة في المحافل الدولية وللرأي العام العالمي، يبدأون عملهم في واشنطن يوم اعتماد جاستا، ويبدأون تحضيراتهم من اليوم.
علينا تصعيد الأمر إلى المحاكم الدولية لفتح كامل الأوراق، فإن ظنت أمريكا أننا غرقى فلن نخشى البلل، بل علينا تشجيع جميع متضرري حروب أمريكا لملاحقتها أمام جميع محاكم العالم.
ليس عندنا ما نخبئه وليس لدينا ما نخسره، بتكثيف الجهد سنثبت للعالم نصاعة موقفنا، وسنبرهن للكونجرس أن من بيته زجاج لا يقذف الناس بالحجارة، وسنبين للمجنون «قرصه» عله يعقل.
20:53 | 15-09-2016

حكم الزمان والمكان

كل عام ونحن جميعا بخير، كل عام ونحن إلى الله أقرب، وأمانينا وتطلعاتنا إلى التحقق أقرب، كل عام ونحن إلى بعضنا وعلى بعضنا أحن وأقرب، أكثر حبا وأكثر تسامحا، كل عام والأمتان العربية والإسلامية أقل تشرذما وعنصرية وطائفية وتمذهبا، أعاده الله علينا ونحن أكثر تماسكا وكرامة وعزة.
مضى الموسم والحمد لله دون حوادث تذكر، غير ما يصاحب عادة مثل هذه التجمعات البشرية الهائلة المحكوم حركتها زمانا والمحصورة شعائرها مكانا، مخطئ من يقارنها بتدفق السياح في الدول السياحية أو بحشود مدن الملاهي الكبرى حول العالم، فتلك مناطق مفتوحة، ليس بها مشاعر دينية ذات ممرات طبيعية ضيقة، ولا طقوس تعبدية يجب أن تؤدى في ذات اللحظة. لا ينكر إلا حاقد عظيم فائدة المشاريع الكبرى بالمشاعر وبالحرمين الشريفين، وهي مؤهلة لاستقبال المزيد من حجاج بيت الله الحرام والمعتمرين، غير أن السؤال إلى متى نستمر في التوسعة، وبالخصوص في الحرمين الشريفين؟
بلغ عدد حجاج هذا العام حوالى المليونين، ضيق مساحة المشاعر، وهي المحددة شرعا، يفرض قيودا طبيعية على العدد الكلي للحجاج ليتمكنوا من أداء مناسكهم بيسر وسهولة صحيا وأمنيا، ما يحتم وضع نسب معقولة على عدد حجاج كل دولة. أعرف أن هناك نسبا معمولا بها، لكنها وضعت انتظارا لانتهاء مشاريع التوسعة، وأعرف أن هناك ضغوطا من دول عدة لرفع نسب حجاجها، بيد أن محدودية مساحات المشاعر لها الأمر، ولا علاقة لذلك بقدرة الخدمات التي يمكن أن توفرها الدولة، وهذه العمرة مفتوحة طوال العام ويمكن لمشاريعنا الحالية استيعاب المزيد من الراغبين في أدائها.
أما الحرمان الشريفان فتوسعتهما الحالية أكثر من رائعة وكافية، أية توسعة قادمة أرى أن تركز على الساحات المحيطة بهما، بأن يتم تظليلها بالمظلات العملاقة كما هو منفذ في جزء من المسجد النبوي الشريف. التركيز الآن يجب أن ينصب على تجديد البنية التحتية للمدينتين المقدستين، لرفع قدراتهما صحيا وبيئيا مواصلات واتصالات، وإبعاد الأبراج السكنية عن منطقتهما المركزية. بتوفير وسائط نقل جيدة وشوارع فسيحة لن يمانع الحاج والمعتمر من السكن بضواحي المدينتين، مع نشر الوعي بإمكانية أداء الصلوات بأي مسجد داخل المدينتين المقدستين أيام الحج ورمضان.
* أبيات لشوقي لا أمل تكرارها كل مناسبة دينية:
يا رب هبت شعوب من منيتها ** واستيقظت أمم من رقدة العدم
رأى قضاؤك فينا رأي حكمته ** أكرم بوجهك من قاض ومنتقم
فالطف لأجل رسول العالمين بنا ** ولا تزد قومه خسفا ولا تسم
يا رب أحسنت بدء المسلمين به ** فتمم الفضل وامنح حسن مختتم

Hadeelonpaper@gmail.com
21:42 | 13-09-2016

الطريق إلى مكة

كان ظني أن محمد أسد سيشرح طريقه إلى مكة للحج، أو طريقه إلى الإسلام، كان يهوديا يدعى ليبولد فايس، ولد ونشأ في النمسا؛ لذا وضعت كتابه مع كتب المستشرقين وظللت أرجئ قراءته. كنت أجد ريبة في معظم كتابات المستشرقين، وأنها يجب ألا تقرأ بمعزل عن ظروف وأسباب حضورهم للمنطقة، بالخصوص من أتى منهم للحج مدعيا الإسلام وله مآرب أخرى، منهم الإيطالي فارتيما حضر باسم يونس المصري، والسويسري بيركهارت تسمى بإبراهيم والإسباني ليبليج بعلي العباسي، والهولندي سنوك، يقال إنه أسلم، حضر إلى مكة لكتابة تقارير عن حجاج إندونيسيا مستعمرة بلاده، والبريطاني فرنسيس الذي حج باسم عبدالله، وهو غير الفرنسي كورتلمون الذي كشفه المكيون منتحلا اسم إبراهيم البشير وكتابه المعنون رحلتي إلى مكة.
قصة محمد أسد مختلفة تماما، كان الرجل قد أسلم مبكرا، عمل مراسلا لصحف أوروبية عدة من أماكن كثيرة في المنطقة، ثم عمل دبلوماسيا للباكستان بعد أن تعاون مع الشاعر الكبير إقبال لتأسيس جمهورية إسلامية في باكستان، وكلفه الملك المؤسس عبدالعزيز ببعض المهام، ثم استقال من عمله مندوبا لباكستان في الأمم المتحدة ليتفرغ للكتابة. لم يكن هذا الكتاب، صدر العام 1954، سيرة ذاتية، ولا قصة إسلامه، بظني أنه كتبه كطريق للآخرين إلى مكة، للغربيين تحديدا لرفع غشاوة فهمهم للإسلام. لفتني حديثه عن نشوء عقدة الإسلاموفوبيا عند الغربيين، بالطبع لم يستخدم الكلمة المحدثة، لكن قصد العداء للإسلام وكيف ترسب في اللاوعي لديهم، تجدهم يدرسون ديانات الشرق القصي، بل يتفهمونها وبعضهم قد يعتنقها، لكن عندما يدرس الإسلام يتذكر عقله الباطن الحروب الصليبية التي استمرت قرونا، تغذى فيها العقل الأوروبي كراهة الإسلام والمسلمين، وتجد أعتى متجرديهم وأكثرهم موضوعية لا يمكنه الخروج من أغلال حقبة الحروب الصليبية.
الملفت أكثر أنه برغم تقدم دراسات العلوم الاجتماعية والنفسية في الغرب، لم يزل كثير من الكتاب والمثقفين الغربيين أسرى عداء ديني أذاعه ملوكهم وقادتهم، وأسرى تصورات ما كتبه المستشرقون ومعظمهم جواسيس حضروا لمهام محددة ليس من ضمنها تفهم الشرق العربي والإسلام. بدأ العداء دينيا، كما لاحظ أسد، وتطور إلى فكري ثقافي، ولا أقول حضاريا، فالحضارة الحالية لا جنس لها، فكل العالم ساهم فيها، والحقيقة أنه لم يتطور إذا علمنا السبب الحقيقي للحملات الصليبية وهو السيطرة على خيرات الشرق، أي أنه سبب اقتصادي في الأساس، وحاليا يستخدم الغطاء الفكري والثقافي للهدف الاقتصادي ذاته، فمتى يفيق الغرب من استغلاله، ومتى يفيق الشرق من سباته؛ ليرسما طريقا مشتركا لتبادل المنافع؟

Hadeelonpaper@gmail.com


للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات، 636250 موبايلي، 738303 زين تبدأ بالرمز 128 مسافة ثم الرسالة
21:59 | 8-09-2016