أخبار السعودية | صحيفة عكاظ - author

https://www.okaz.com.sa/okaz/uploads/global_files/author-no-image.jpg?v=1

علي أبوساق

مهرجان مزاد الإبل بنجران.. مزاين بلا تتويج

‫نجران‬ بكامل محافظاتها كحال بقية مناطق المملكة التي يهتم أهلها باقتناء الناقة بكافة فصائلها أو أنواعها، الأوارك تعتبر نوعاً ما هي تلاد الآباء والأجداد ولكن اقتنى الغالبية إبلاً سواها ولعل أكثرها اقتناءً اليوم هي المجاهيم ثم المغاتير بألوانها.

في نجران لا يكاد يخلو (وطن) من الإبل ولو كمنايح على الحد الأدنى؛ والوطن في نجران مصطلح يستخدم لوصف موقع سكن كل أسرة أو قبيلة (كأراضٍ جديّة) مسكونة منذ الأزل لا يشاركهم بها سواهم يشربون من آبارها ويأكلون من إنتاج أرضها ويتحصنون خلف قلاعها المبنية من الطين.

جماهيرية الناقة بنجران وتعلق القلوب بها وعوامل نجاح أخرى، حوّلت شغف النجراني بالإبل ورغبته الجامحة بوجود مزاين لها إلى واقع ملموس بشكل قد لا يستوعبه البعض من خلال ما يعرف بـ (مهرجان مزاد الإبل بنجران).

مزاد الإبل هو فرصة استثمارية يتم طرحها للمنافسة وتتم ترسيتها على صاحب العرض الأعلى ثم يتم تحديد موقع جغرافي له، يبدأ المستثمر في تخطيطه وتوزيعه كمواقع تخصص للمخيمات وشبوك لعرض الإبل بمقابل مادي يكون ريعه بالكامل له.

مفهوم المزاد بشكل عام؛ هو تجمع كبير لأصحاب سلعه معينه في مكان معين في زمان معين لفترة معينه يعرضونها على القادمين لشرائها عن طريق المزاد.

ومن هذا المنطلق يكون الهدف الأول لزوار المزاد بحسب فئاتهم إما للبيع أو للشراء أو كليهما.

في منطقتي نجران ومن شدّة تعلق مواطنيها بالإبل، الأمر مختلف كلياً وله خصوصية جديرة بالتأمل سأكتب عنها هنا من منظوري الشخصي الذي يحتمل الصواب والخطأ.

لكل فعالية جمهور من مختلف شرائح المجتمع، وفي منطقتنا نجران أستشعر حجم جماهيرية فعالية مزاين الإبل ومدى تعلقهم بها من خلال حرصهم على التواجد في جميع المناسبات التي تخص الإبل في مختلف المناطق.

عشق الناقة جزء من مكوناتهم الثقافية ولعلها تنافس عشق الرياضات ذات الجماهيرية الجارفة.

لو كان بيدي لتمنيت حضور ممثلين من نادي الإبل لمزاد نجران هذا العام ليقفوا بأنفسهم على مدى نجاح فعالية جادة الإبل فيما لو تمّت إقامتها في منطقة نجران مستقبلاً وليستوعبوا مدى عشق المجتمع النجراني للناقة وكيف يتعاطون مع كل ما يخصها بشغف لا يوصف بغض النظر عن الأسماء المشاركة والمراكز التي سيحققونها ومستوى جماليات الفرديات المتواجدة.

هم يعشقون الناقة لأنها الناقة ويتفاعلون بشكل إيجابي مدهش مع مهرجاناتها ويقيمون من أنفسهم لأنفسهم ولضيوف المهرجان فعاليات مصاحبة طوال فترة إقامته من تلاحم وطني وتكاتف اجتماعي وإحياء الموروث الشعبي بالعرضات المحلية كالزوامل والروازف والمثلوثة والشرح ولعب المرافع (الطبول).

في مزاد الإبل بنجران يعيشون تفاصيله كما لو كان مزاين بلا تتويج، أتمنى أن يسعدهم في يومٍ ما نادي الإبل بإقامة مهرجان (جادة الإبل نجران) الذي أراهن على نجاحه قبل أن يبدأ.

نادي الإبل جاء ليرتقي بمجتمع أهل الإبل ويحقق ما يفوق طموحاتهم وغير إيجابياً الصورة النمطية كما ذكرت سابقاً عن راعي الناقة.

أخيراً؛ أتقدم بجزيل الشكر للقائمين على مزاد الإبل بنجران في نسخته السابقة وفي نسخته الحالية، وأتمنى لهم التوفيق والنجاح ليستمر هذا المهرجان وليسعد المجتمع النجراني كل عام.
01:58 | 17-10-2024

تغيير الصورة الذهنية لـ«راعي الناقة»

نجح ‫نادي الإبل‬ وبتميز في فترة وجيزة في تغيير الصورة الذهنية لدى المجتمع المحلي والخارجي المرتبطة بـأهل الإبل، والتي أسهمت ظروف مختلفة في تشويهها في أذهان المحايدين نتيجة للطرح السلبي المستمر على مدى سنوات طويلة مضت في مختلف وسائل الإعلام التقليدي والحديث.

هذا الهجوم غير المبرر للأسف ربط بين راعي الناقة وبين العديد من الممارسات الخاطئة في المجتمع متجاهلاً تواجد هذه الممارسات لدى كافة شرائح المجتمع ومكرّساً لمفهوم سلبي خاطئ، إذ جعل من هذه الممارسات والصفات أول ما يتبادر إلى ذهن المتلقّي عندما يأتي ذكر الإبل أو المهتمين بها.

ومارس مؤيدوه التنمر الاجتماعي ضدهم وجعل حرصهم على اقتناء الإبل وتطوير سلالاتها والتنافس فيما بينهم نافذة لانتقادهم والتقليل من مكانتهم وتأطيرهم في قالب من السلبية والرجعية التي شكّلتها العديد من التهم التي لا أدّعي تبرأتهم منها بشكل تام ومطلق كما هو الحال مع بقية شرائح المجتمع ذات الاهتمامات والثقافات المختلفة، ولكن ليس من الإنصاف والمنطق المبالغة في تشويه صورتهم في ذهنية المجتمع وربطهم بها بشكل عام ومباشر كما كان يحدث.

ما فاقم المشكلة وزاد الأمر سوءاً هو تناغم هذا الهجوم الداخلي من بعض الكتاب وصنّاع الرأي مع ما تتعرض له هذه الشريحة من هجوم خارجي من بعض الأقلام والاصوات من بعض الدول العربية الذين تجرؤوا على مهاجمة (الناقة) ووظفوها كأداة استنقاص للمجتمع السعودي خاصة والخليجي عامة، محاولين من خلالها وصف مجتمعنا بالتخلف والبداوة والرجعية في ممارسات تعيسة وبائسة فشلت تماما على الرغم من وجود حاضنه داخلية لها من بعض من يصنّفون أنفسهم زورا وبهتانا بـ«مثقفين أو ليبراليين أو تنويريين».

الدور الكبير والجوهري الذي يُذكر فيشكر لـ‫(نادي الإبل)‬ هو نتاج للعمل الجبّار والاحترافي الذي يقوم به الشيخ فهد بن حثلين وفريق العمل المتميز معه بتوجيهات ودعم سمو سيدي ولي العهد قائد التغيير وعرّاب الرؤية والمشرف العام على نادي الإبل، والذي استطاع تغيير قواعد اللعبة تماماً، بل وقلب الطاولة لصالح (راعي الناقة) بتقديم هذا الموروث في قالب عصري تقدّمي يليق به وأعاد إليه مكانته الطبيعية التي اندثرت لعقود من الزمن، وكان ذلك من خلال العمل المؤسسي الاحترافي والصارم والقرارات المدروسة بعناية، وكذلك إطلاق العديد من المبادرات والخدمات الإلكترونية الجديدة كخدمة (مؤكد) لتوثيق عملية البيع والشراء بين ملاك المتن بشكل إلكتروني ونشرها في حسابات نادي الإبل، وكذلك خدمة (وثّقها) لتوثيق وحفظ سلالات المتن، بالإضافة لخدمة (سمّها) لاقتناء وتوثيق أسماء وشعارات المتن، وغيرها من الخدمات والمبادرات التي من خلالها استطاع النادي توسيع دائرة المهتمين بعالم الإبل من جميع مكوّنات المجتمع المحلي والخارجي، كما استطاع أن يحوّل هذا الموروث أو هذه الهواية إلى صناعة عصرية تنهل من أصالة وثقافة المجتمع وأقنع الجميع بجدوى الاستثمار فيها حتى أصبحت (اقتصاديات الإبل) إحدى أهم الفرص التي آمن بها أصحاب رؤوس المال ممن لم يسبق لهم اقتناء الناقة من قبل، وهنا يتجلى أحد أوجه النجاح الذي تحقق.

وإضافة لنجاحات نادي الإبل المتتالية والمستمرة في تنظيم المهرجانات الأضخم عالمياً والمختصة بعالم الإبل كمهرجان الملك عبدالعزيز، إلا أنه أخذ على عاتقه مسؤولية الوصول لملاك الإبل في جميع أنحاء الوطن وإتاحة الفرصة لهم للمشاركة والتنافس في مهرجانات تقام في مناطقهم من خلال مهرجان (جادة الإبل) الذي أقيمت نسخته الأولى في تبوك، والثانية في حائل، وحقق نجاحاً كبيراً وأتاح الفرصة للجميع للمشاركة ووضع شروطاً عديدة تصب جميعها في مصلحة (راعي الناقة) وتحد من احتكار المراكز الأولى في مختلف المهرجانات متيحاً بذلك المجال لفوز واستفادة أكبر عدد ممكن من أهل الإبل.

خلاصة القول: نجاح نادي الإبل العظيم في تغيير الصورة الذهنية عن مجتمع الإبل وراعي الناقة أدّى إلى إعادة تقييم الوضع إعلامياً وإنصاف هذا المجتمع وإبراز جميع إيجابياته وتقليص سلبياته إن وجدت وتسليط الضوء على الفرص الاستثمارية الواعدة في هذا القطاع الهام وهذا بدوره أدّى إلى استقطاب رؤوس الأموال وتحفيز رجال المال والأعمال وتوسيع قاعدة المهتمين والمستثمرين فيه والذي ينطلق من قاعدة ثقافية صلبة سواءً كانت دينية أو تاريخية أو جغرافية.

أخيراً: شكراً بحجم السماء لنادي الإبل ‬ولكافة القائمين عليه وعلى رأسهم رئيس مجلس الإدارة الشيخ فهد بن حثلين،‬ ونتطلع معهم للمزيد من النجاحات المنتظرة بحول الله تعالى.
00:01 | 14-03-2024