أخبار السعودية | صحيفة عكاظ - author

https://cdnx.premiumread.com/?url=https://www.okaz.com.sa/uploads/authors/1566.jpg&w=220&q=100&f=webp

محمد ناهض القويز

حق الأحفاد في الميراث ودلالة كلمة «ولد»

الذي أرجوه من الكتابة في هذا الموضوع أن يكون نواةً لدراساتٍ شرعية وأبحاث متخصصة قد تصل إلى إنصاف الأحفاد الذين يُحرمون من الميراث لأن والدهم توفي قبل موت الموَرِّث (جدهم). والوالد هنا تشمل أحد الوالدين.

لا أنوي الدخول في تفاصيل الميراث وطرق توزيعه لأنها أشبعت بحثاً وتوضيحاً.

الحالة التي سأطرحها بلا شك طرحت من قبل، إلا أنني لم أجد لذلك الطرح أثراً في الواقع، إذ إن هناك شبه إجماع على أن الأحفاد الذين مات أبوهم قبل الجد لا يرثون، وهناك من يرى الوصية لهم بما لا يتعدى الثلث. وهذا الرأي قد لا يحقق ما تقرره الآيات التي سنعرضها من إنصاف اليتامى والعمل بمقتضى توصية الله باليتامى، لهذا قررت أن أتناولها بشيء من التفصيل وهي:

حق الأحفاد في الميراث كحقٍ مفروض في تركة جدهم/‏جدتهم إن كان والدهم/‏والدتهم ميتاً قبل موت المُوَرِّث (الجد/‏الجدة).

مفتاحان أساسيّان في هذا الموضوع.

المفتاح الأول هي كلمة «ولد»

آياتٌ كثيرة في الميراث ذكرت «ولد» في حالتَي الإثبات والنفي.

نستعرض تباعاً بعض هذه الآيات التي ورد فيها لفظ «ولد» ثم نوضح دلالاتها.

قال تعالى:

«وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ» النساء11.

«وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ» النساء 12.

«يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ» النساء 176.

فماذا تعني كلمة «ولد» التي وردت في تلك الآيات وغيرها من آيات الميراث؟

للأسف حُصرت دلالة «ولد» عند الفقهاء في أبناء وبنات الصُّلب المباشرين حصراً دون أولادهم (الأحفاد)، وسندرك غرابة ذلك الحصر عندما ندرك دلالة كلمة «ولد» في لغة القرآن.

فكلمة «ولد» في اللغة العربية كلمة عامة شاملة، تشمل الأبناء والأحفاد والذكر والأنثى والمفرد والجمع.

أما دلالتها على الأبناء ففي قوله تعالى «قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ» آل عمران 47.

كما تظهر دلالتها على الأحفاد في قول الرسول ﷺ «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» مسلم 2278.

كما أن كلمة «ولد» تشمل الذكر والأنثى،

قال تعالى: «وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ»الأنبياء 26، جاء ذلك في الرد على ادعاء المشركين بأن الملائكة بنات الله، تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً.

وقال سبحانه: «وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ» البقرة 233. ومعلوم أن الرضاعة تكون للذكر والأنثى من الأولاد.

لهذا عندما يشير القرآن إلى جنس الوارث يستخدم الذكر والأنثى أو نساء ورجالاً، قال تعالى: «وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ» النساء 176.

كذلك تشمل كلمة «ولد» المفرد والجمع،

جاءت كلمة «ولد» للدلالة على المفرد في الآية «قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ» آل عمران 47.

وجاءت كلمة «ولد» للدلالة على الجمع في الآية «أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا» مريم77.

بهذا ندرك أن الحفيد «ولد» تشمله الآية (إن كان له ولد) بكل أحكامها.

المفتاح الثاني «اليتامى»

معلوم أن آيات المواريث محصورة في سورة النساء دون غيرها من السور.

وقد وردت كلمة «اليتامى» في سورة النساء في ستِّ آيات، وهو أكثر ذكر لليتامى من أية سورة أخرى في القرآن. لا شك أن لذكر اليتامى وتخلله آيات الميراث دلالات مهمة لا يمكن إغفالها.

في قوله تعالى «وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ» النساء 2.

وفي قوله سبحان «وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آَنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا» النساء 6.

وقوله سبحانه «إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا»النساء 10.

ولليتامى وضعٌ خاصٌ في الميراث حتى وإن لم يكونوا من الورثة قال تعالى «وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا» النساء 8

أوصى الله بإعطاء اليتامى وذوي القربى من الميراث وهم ليسوا من الورثة، فكيف يُحرَم الأحفاد من الميراث وقد جمعوا بين كونهم يتامى وكونهم أولي قُربى وأهم من ذلك أنهم من ولد المُورِّث؟

كما أن اليتامى بصيغة المفرد والجمع وردت في القرآن 24 مرة.

بعد أن وضَّحتُ المقصود بكلمة «ولد» وبيّنت حق الأيتام بالتركة الذي أمرنا الله بأدائه لهم أعرض للتطبيق العملي لهما.

الواقع المعمول به مبني على فهم أن كلمة «ولد» التي وردت في الآيات «فإن لم يكن له ولد» وكذلك «ليس له ولد» تعني الابن أو البنت المباشرين وحصره فيهما دون أبنائهم وأحفادهم. لهذا عندما يموت الرجل أو المرأة ولهم أحفاد أيتام فإن هؤلاء الأحفاد الأيتام يحرمون من الإرث إن كان والدهم/‏ والدتهم مات قبل موت المُورِّث إلا في استثناءات قليلة مشروطة لدى بعض المذاهب.

هذا الفهم مخالف لدلالة الكلمة «ولد» التي بيّناها أعلاه كما جاءت في القرآن وكما يفهمها علماء اللغة العربية.

أما إذا أخذنا في الاعتبار دلالة كلمة «ولد» وأنها لا تقف عند الابن أو البنت المباشرين من الصلب فقط، بل تمتد لأبنائهم وأحفادهم، كان لذلك أثره في شمل الأحفاد بالتركة برغم موت والدهم/‏ والدتهم قبل موت المُورِّث.

لهذا في حالة التركة ينظر لوضع أولاد المُورِّث بمن فيهم الأحفاد وأبناء الأحفاد (الأيتام) قبل توزيع الإرث.

فمن كان حياً من الولد حجب التركة عمّن دونه من أولاده هو وأحفاده.

وأما إن كان من أبناء أو بنات المُورِّث أحدٌ مات قبل المُورِّث فينظر في حالهم.

إن لم يكن لهم أبناء ولا أحفاد فلا نصيب لهم في الميراث.

وأما إن كان لهم ولد (ذكر أو أنثى أو ابن أوحفيد) فلهم حق والدهم في الميراث كما لو كان والدهم حياً وقت توزيع التركة.

ويكون توزيع الإرث بين الأحفاد المستحقين بذات آلية توزيع الإرث كما لو أن أباهم هو من ورّثهم.

أؤكد مجدداً أن طرحي للموضوع غرضه تحفيز الدراسات الشرعية حول حق الأحفاد في الميراث.

وأهيب بالجامعات والمجامع الفقهية أن تولي موضوع توريث الأحفاد الذين مات والدهم قبل موت المورِّث شيئاً من اهتمامها.

كما أرجو ممن يرغب في الرد أو التعليق على الموضوع أن يتناول الموضوع من خلال الدلالات أعلاه.

قال تعالى:

«ولقد يسّرنا القرآن للذكر فهل من مدّكر» القمر 22.

وقال سبحانه «إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ» الزخرف 3.

وبالله التوفيق.
00:00 | 1-06-2023

السودان وسرادب الحل

هل حقاً يعيش السودان أسوأ ظروفه؟

بالطبع لا.

لأن القادم أسوأ بكثير، لهذا لا بد من حل سياسي لأزمة السودان على وجه السرعة.

عناصر الحل في السودان تكمن في فهم خارطته السياسية وتقاطعاتها.

فالشعب السوداني هو أكثر الشعوب العربية وعياً للثقافة السياسية. ومما لا شك فيه أن العنصر المدني المُغيَّب هو الذي يملك عوامل الاستقرار والتطور في السودان الشقيق.

لكن هناك عوامل أخرى متمثلة في التجذر الإخواني الذي مايزال فاعلاً في الساحة السياسية السودانية رغم اعتقال بعض رموزه. تغلغل الإسلام السياسي لدى الفصيلين المتخاصمين أعمق مما نظن.

أيضاً هناك تشكيلات عسكرية وشبه عسكرية ترعرعت في أجزاء كثيرة من السودان في ظل انحسار السلطة المركزية أو أنها دُعمت من قبل شخصيات عليا في السلطة لاستغلالها في ردع الخصوم. وينطبق عليها المثل العربي «أُعلمه الرماية كل يومٍ فلما اشتد ساعده رماني».

ولأن السودان غني بمقوماته فهو محط أنظار الكثير من القوى الدولية التي تطمح إلى إفشال الدولة في السودان كي تصادر ثرواته كما حدث من مصادرة ذهب العراق ونهب نفطه من قبل قوى عالمية وإقليمية.

الحكومة الحالية وعدت وعوداً كثيرة بتسليم السلطة لحكومة مدنية متفق عليها، وفي كل مرة تختلق الحكومة الأعذار لتأجيل انتقال السلطة.

للسعودية تقدير خاص من قبل الشعب السوداني وكثير من القوى السياسية في السودان، كما أن مصير مصر ارتبط بالسودان كثيراً.

يبقى السؤال المهم:

من يكون الراعي للحل السياسي في السودان لإخراجه من حرب أهلية تنذر بتدمير ما تبقى؟

الراعي الأول:

الأمم المتحدة محكوم عليها بالفشل لأنها لم تستطع أن تحل أي مشكلة قائمة، وفي الغالب يكون توجهها محكوماً بمصالح القوى العظمى مما ينتج عنه إطالة أمد الأزمات وتفاقمها، كما أن الشعب السوداني لا يثق بالدول الغربية ولا يرغب بتواجدها.

الراعي الثاني:

أفريقي بقيادة مصر وجنوب أفريقيا وبعض دول الاتحاد الأفريقي. وبرغم أن هذا المحور قد يلعب دوراً في تهدئة مؤقتة إلا أنه لن يكون قادراً على الحل النهائي.

الراعي الثالث:

جامعة الدول العربية وهذا غير وارد لعجز الجامعة عن حل الكثير من القضايا العربية العالقة الأقل تعقيداً من الأزمة السودانية.

الراعي الرابع:

المملكة العربية السعودية ربما بمشاركة مصر ودول عربية أو أفريقية وربما الصين. تكمن قوة هذا المحور في وجود السعودية التي يهمها استقرار الشرق الأوسط بشكل عام والدول العربية بشكل خاص من دون أن تدخل المصالح الذاتية في سياسة المملكة تجاه الدول الشيقية.

وقد اكتسبت السعودية مؤخراً مصداقية عالية لدى المجتمع الدولي بشكل عام والعربي بشكل خاص مما يؤهلها للعب هذا الدور باقتدار.

الحل إذاً يكمن في:

أولاً: الوجود السعودي كراعٍ للحل السياسي.

ثانياً: تمكين المجتمع المدني السوداني من خلال حكومة تكنوقراط تتولى قيادة الدفة وتهيئ الساحة لحكم مدني.

ثالثاً: حل المليشيات وإلحاقها في قطاعات الجيش من خلال تأهيل عسكري ووطني.

رابعاً: عدم الركون إلى إغراء محاصصة أطراف النزاع وتقاسم السلطة لأن المحاصصة تعطي الطرف الأسوأ الفرصة لتسيد الموقف، ولنا في محاصصة لبنان والعراق عبرة.

حفظ الله السودان وشعبها الطيب من كل سوء داخلي كان، أو خارجي.
00:02 | 10-05-2023

بايدن ينسف ابتزاز ترمب

كان الرئيس ترمب يحاول ابتزاز المملكة ودول الخليج مهدداً بسحب الدعم الأمريكي. كرّر ذلك مراراً وقال بكل عنجهية: «لو سحبنا الدعم لما استطاعت السعودية أن تبقى أسبوعاً واحداً، فبقاؤها مرهون بدعمنا، لهذا على السعوديين أن يدفعوا مقابل تلك الحماية».

جاء بايدن الذي كان يتوعد السعودية بسحب الدعم. سحب الباتريوت من السعودية وألغى صفقات الأسلحة، وأقسم أن يجعل من السعودية دولة منبوذة. تسلّط الإعلام الأمريكي ومرتزقته على السعودية وشيطنوها بغير مناسبة.

كانت أول نتائج هذه الحماقات في السياسة الخارجية الأمريكية أن أثبت بايدن أن ما كان يهدد به ترمب طوال فترة رئاسته من أن بقاء السعودية مرهون بالحماية الأمريكية لم يكن إلا مجرد وهم زائف. السعودية باقية بالدعم الأمريكي وبدونه، والحقيقة أنها أصبحت أقوى مما كانت لأنها أدركت مواطن القوة فيها بعد تبخر وهْمِ الدعم الأمريكي والحماية الأمريكية وبعد أن أدرك الجميع أن أمريكا لا تحفل بالحلفاء ولا الأصدقاء.

كان للقيادة السعودية رأيها وتوجهاتها وتحالفاتها المبنية على الواقع وعلى المتغيرات السياسية. ليس فقط هذا بل أثبتت السعودية أنها عضو فاعل في الاستقرار العالمي سواء كان ذلك في سوق النفط أو في تصديها للإرهاب ممثلاً بإيران وأذرعها الإرهابية في اليمن ولبنان. وهكذا تبيّن للجميع أن السعودية تمثل محور الاستقرار الثابت في محيطٍ مضطربٍ من حولها وأنها أهل للثقة كقوة إقليمية وعالمية على مختلف الأصعدة.

أدركت أمريكا أنها بحاجة للسعودية في مجال الطاقة وفي مجال التحالفات بل حتى في مجال السلم والاستقرار العالميين. فتعالت الأصوات من داخل الولايات المتحدة عبر نفس المنابر التي كانت تهاجم السعودية. هذه المرة تعالت لتدين سياسة بايدن تجاه السعودية وأكد أكثر من سياسي وإعلامي أن تلك السياسة سببٌ مباشر في ما تعانيه أمريكا من ضغوط اقتصادية تمثّلت في ارتفاع معدل التضخم لمستوى لم يصله منذ أربعين عاماً. كما أن تخبطات بايدن أفشلت خطط أمريكا بعزل روسيا، وأصبح موقف أمريكا ودولارها المسيطران على الاقتصاد العالمي موضع شك بل ربما شهدت حقبة بايدن بداية انحسار الدولار كعملة عالمية إذا نفذت السعودية خطتها ببيع البترول باليوان الصيني، وربما يتبعها أو يسبقها فك ارتباط الريال السعودي بالدولار الأمريكي.

رب ضارة نافعة. لن أسرد بقية إيجابيات سياسة بايدن تجاه المملكة التي جاءت بنتائج عكسية أحرجت الإدارة الأمريكية، لأنني أرى أن أهم إيجابية لبايدن هي القضاء التام على ادعاءات ترمب أن بقاء السعودية مرهون بحماية أمريكا لها.

السعودية أقوى مما كانت بفضل الله ثم بفضل سياساتها الحكيمة وستبقى علامة فارقة على المستوى الإقليمي والعالمي بإذن الله شاءت أمريكا أم أبت.
00:14 | 4-04-2022

متلازمة العنصرية لدى المثقفين العرب

حقد غير مبرر تجاه السعودية خصوصا، والدول الخليجية عموما من المثقفين العرب.

أقصد بالمثقف هنا من يُطلق عليه مثقفاً سواء كان مفكراً، أو كاتباً أو شاعراً أو فناناً أو سياسياً يدعي الثقافة.

تعميمي هنا مقصود، فنحن نشاهد هؤلاء المثقفين المصابين بالمتلازمة يمارسون عنصريتهم في شمال الوطن العربي ووسطه وشرقه وغربه، بل حتى بين مثقفي المهجر الذين حملوا أحقادهم معهم حيث حلوا. ولأن ظاهرة الحقد بهذه الشمولية، أصبح التعميم ضرورة لكشف هذا القبح الذي يلوث عقول المثقفين ويظهر بين الفينة والأخرى في طروحاتهم أو أشعارهم أو من خلال المقابلات معهم أو في مواقعهم على الإعلام الرقمي. إنها عنصرية بغيضة تلوث ما يحملونه من فكرٍ أو إبداع.

هذا التعميم لا ينفي وجود مثقفين كُثر منصفين في طرحهم وفي نقدهم، ثناؤهم له رصيدٌ من الواقع يبرر ذلك الثناء، ونقدهم له شواهد في الواقع تعطيهم حق تناول السلبيات بالنقد والتشريح.

حاولت أن أقف على المبررات والأسباب لهذا السلوك العنصري لدى المثقف العربي فوجدت أربعة أسباب مهمة:

الأول: الجهل الطاغي الذي يعد من أسوأ أنواع الجهل، إذ لا يدرك المثقف جهله بحقيقة المجتمع الذي يحقد عليه ويمارس عنصريته ضده، فكثيرٌ من المثقفين ما زال يحمل الصورة النمطية السلبية عن المواطن السعودي والخليجي التي تماثل تلك النمطية التي يحملها الغرب عن العرب عامة، كما نراها في أفلامهم، نمطية تشكلت بناء على فرضيات خاطئة أو نقولات قديمة أو تجارب شخصية، أو سلوكيات مجتمعية عفا عليها الزمن، أو أنها مرفوضة في ذات المجتمع الموصوم بها.

الثاني: الحسد حيث إن السعودية تسير بخطى ثابتة نحو التطور على عدة أصعدة مقابل تقهقر دول أولئك المثقفين، مما اضطر كثيراً منهم للهجرة بحثاً عن عيش كريم خارج أوطانهم. في مقابل تلك الهجرة القسرية للمثقفين يتهافت الناس على دول الخليج من كل أنحاء الأرض طلبا للرزق والعيش الكريم.

الثالث: بعض الكتاب لا يزال موروثه السابق سواءً كان شيوعيا أو ناصريا أو بعثيا أو إسلامويا، هو الذي يملي عليه تصوره عن السعودية ودول الخليج؛ لهذا تجده دائما يقف في صف عدو الدول الخليجية سواء كان العدو بعثيا أو حوثياً أو غير ذلك.

الرابع: محاولة ابتزاز المثقف للأنظمة الخليجية بحثاً عن الجزرة المعهودة «كريبتو جزر». وهذا الصنف رغم كثرتهم إلا أنهم مكشوفون للجميع، وقد كانت سجلات القذافي مليئة بقوائمهم.

تجاوزت الحديث عن المرتزقة الذين يتلونون في طرحهم المتناقض حسب ريح العطاء، وكذلك تجاوزت عمن ينطلق من منطلقات طائفية أو عقدية لأن هؤلاء أقل من أن يستحقوا التناول.

قد يتحجج أصحاب متلازمة العنصرية والحقد بغياب الديموقراطية في بعض دول الخليج كمبرر لطرحهم العنصري، لكنها حجة واهية، إذ لم تشفع ديموقراطية الكويت للكويت عندهم، كما أن بلدانهم تفتقد للديموقراطية التي يتغنون بها، بل إن سلوكهم ذاتهم يتنافى مع السلوك الديموقراطي في أطروحاتهم أو من خلال أدائهم في المؤسسات الثقافية التي تولوا إدارتها، أو على حساباتهم في منصات الإعلام الحديث، حيث يمارسون الحظر بلا تحفظ لكل من خالفهم الرأي.

يبقى السؤال المهم هل نرى بين مثقفي العالم العربي حركة تحرر من تلك الأحقاد، وهل لديهم الشجاعة للإقرار والتخلي عن عنصريتهم التي تلوث فكرهم ونتاجهم؟

أتمنى ذلك.
23:48 | 1-11-2021

وجوب هجرة «الإسلاميين» إلى أفغانستان !

بينما نعتقد جازمين بأننا نعيش في مجتمعات مسلمة ونمارس إسلامنا بكامل الحرية، ونؤمن بالتعددية وحرية المذهب التي كفلها الله لعباده «قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ»، إلا أن أدبيات الإسلام السياسي دأبت على التأكيد على جاهلية المجتمعات العربية مما يفضي بالمتلقي إلى تكفير مجتمعه إن لم تكفرها أدبياتُهم صراحة وتندب الناس إلى ذلك.

أدبيات نجسة شحنت الشباب من خلال كتاباتهم وقنواتهم ومواقعهم ضد الحكومات والشعوب، فانخرط بعضهم في جماعات إرهابية تقتل وتفسد بحجة الجهاد وإقامة شرع الله. حجة بلغت من الضلال درجة غير مسبوقة، فقد قدموا قتال الأنظمة العربية على قتال المحتل.

البعض الآخر هرب إلى تركيا أو بلاد الغرب التي يصمونها بالكفر ومارسوا من هناك الهجوم والتآمر على بلدانهم ليل نهار، بل تحالفوا مع الشيطان ضد أوطانهم. زيفوا وكذبوا وألّبوا مدعين أن ذلك في سبيل الله، وأن هدفهم إنشاء دولة الإسلام الحق من وجهة نظرهم.

كما روجوا للخلافة الإسلامية كبديل للأنظمة العربية، فتارة يلبسونها للبغدادي الهالك وأخرى يهبونها لغيره.

كانوا يتوافدون على تركيا جماعات وأفراداً يتحلقون هناك، يلبسون أردوغان رداء الخلافة ويمتدحونه. ويجتهدون في دعم الاقتصاد التركي ويبثون له الدعايات عبر إعلامييهم المتلونين.

هناك منهم صنف آخر متربص يدعي أنه ممسك بجمرة المؤمن بيده صابراً محتسباً، يتحين الفرص ليمارس هيمنته على المجتمع ويفرض رؤيته المتشددة عليه وكأنه وكيل الله على خلقه. كانوا يوزعون الفسق والفجور على من يخالفهم الرأي ثم بلعوا ألسنتهم ليس ولاء وإنما رغبة في السلامة. ولقد رأينا نماذج منهم بُثت محاكماتهم «شهاداتهم» علانية لتبين للناس نفاقهم وكيف أنهم تبرأوا من أتباعهم في الدنيا قبل الآخرة واتهموهم بالضلال.

نحمد الله أن كل تلك الأصناف قلة بدأت تتكشف أوراقها ويظهر تلونها وزيفها.

هذه الفئات احتفلت بانسحاب أمريكا من أفغانستان واعتبرت ذلك نصراً للإسلام وتمكيناً لأولياء الله في أرضه.

مادامت تلك رؤيتهم وهذا تفسيرهم للأحداث، فقد وجب عليهم الهجرة لأفغانستان التي تمثل دولة الإسلام في وجهة نظرهم.

هذه الهجرة الحتمية هي آخر امتحان لمدى مصداقية هؤلاء الأدعياء من أصحاب الإسلام السياسي وقطعانهم فيما يدعون. فإما أن يهاجروا ليعيشوا بين أقرانهم في أفغانستان ممن يشاركهم الرأي فيثبتوا لنا أنهم كانوا بالفعل يسعون لتحقيق أهدافهم المعلنة وقد واتتهم الفرصة لذلك، أو أن يتقاعسوا عن الهجرة عن بلادٍ وسموها بكل ما تقابحوا من الوسوم ويؤثرون البقاء فيها بعيداً عن دولتهم المنشودة التي تحققت في أفغانستان.

الحقيقة أن هذه الهجرة لم تكن الامتحان الأول لهم فقد كان الصومال مرتعاً لأصحابهم منذ عقود فهو يغص بالتكفيريين من نظرائهم. هناك يتواجد «شباب الجهاد» و«الشبيبة» والحزب الإسلامي، فما الذي يمنعهم من الهجرة.

قد يقول قائل بسبب الاقتتال بين الفصائل الصومالية، فأقول له إن ما يحدث في الصومال يمثل مستقبل كل الحركات الإسلامية لأنها حركات ضلال، ولو خلت الساحة لحركة إسلامية واحدة لتقطعت إلى فرق يكفر بعضها بعضاً ويقتل بعضها بعضاً.

ليس أمام الإسلاميين من خيار بعد أن استقر الحكم في أفغانستان سوى الهجرة لها أو السقوط المدوي لكل دعاوى الخلافة والجهاد ودولة الإسلام.
23:45 | 20-10-2021