أخبار السعودية | صحيفة عكاظ - author

https://cdnx.premiumread.com/?url=https://www.okaz.com.sa/uploads/authors/1495.jpg&w=220&q=100&f=webp

عبير بنت صقر السلمي

أيهما أحقّ بالقيادة.. الرجل أم المرأة؟

ينقسم الناس في تفسير النقص الواضح في تمثيل المرأة في الإدارة، في الغالب، إلى قسمين: القسم الأول يرى أنها غير قادرة وأن الرجل أفضل منها في القيادة. أما القسم الثاني فيرى أن المرأة قادرة على الإدارة. ولكن يوجد «سقف زجاجي»، حواجز غير مرئية بسبب الصور النمطية المتحيزة ضد المرأة، يمنعها من الوصول إلى مناصب الإدارة العليا. ولكن تفسيراً ثالثاً قد يكون الأكثر منطقية خلف التفاوت في نسبة الجنسين في الإدارة، يتعلق بعدم قدرتنا على التمييز والفصل بين الثقة الشخصية والكفاءة القيادية.

عندما نناقش الصفات التي يجب أن يجسدها القائد، فنحن في الغالب لا نفحص التحيزات التي تجعلنا نفترض أن شخصاً ما لديه ما يلزم من صفات القيادة الفعالة. فمن وجهة نظر ثقافتنا، التي نمَّطَت دور المرأة في المجتمع ووضعته في قالب ضيِّق، ترى أن الرجال قد تولوا تاريخياً مناصب أكثر قوة، فمن المتوقع أنهم أكثر أهلية وحزماً من المرأة. والحقيقة أن المشكلة ليست في جنس القائد الكفء، بل في صفاته الشخصية. وكما نعلم أن الصفات الشخصية بين الرجل والمرأة مختلفة، فمثلاً في ما يتعلق بعلاقة الجنس بالنرجسية، فإن اضطراب الشخصية النرجسية الكامل يكون أكثر شيوعاً بثلاث مرات بين الرجال منه لدى النساء. يُظهِر كثير من الدراسات أن الأشخاص الواثقين أكثر إقناعاً، وأن الأشخاص النرجسيين يتسلقون السلم الوظيفي أسرع من غيرهم المتواضعين. بالإضافة إلى ذلك، وجد أحد الأبحاث أن المجموعات التي ليس لها قائد تميل إلى انتخاب الأفراد ذوي التمركز حول الذات، ثقة زائدة، ونرجسية كقادة. ولأن هذه الصفات أكثر ارتباطاً تقليديّاً بالذكورة، فإنها تؤدِّي بلا وعي إلى تحيز على أساس الجنس. الأمر المؤسف أن المدير سيفشل على وجه التحديد في امتلاك هذه السمات، كما حدث في انهيار شركة «إنرون» 2001م، مررواً بالأزمة الاقتصادية العالمية في 2008م وأخيراً جائحة كورونا، فكل أزمة يواجهها العالم هي في النهاية أزمة قيادة.

في حديث وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان عن القيادة قبل أيامٍ قال: «لن ينجح أي وزير إذا كان يتحلى بالأنا المضخمة، لأنه سيجد نفسه في صراع مع زملائه حول مَن المستحِق الأكبر لهذا الإنجاز، فبدلاً من التركيز على تحقيق الإنجاز يهدر الجزء الأكبر في مَن يُنسب إليه هذا الإنجاز». وهذا درس مهمّ في أهمية التركيز على الصفات الشخصية للقائد. الشخص المتغطرس، الباحث عن الأضواء، لا يتمتع عادةً بالموهبة القيادية التي غالباً ما تعكس مستوىً متواضعاً من مهارات الذكاء العاطفي: الوعي والتحكم الذاتي، وتفهُّم مشاعر الآخرين، والإنصات، وغيرها. الموهبة القيادية الفعلية تمكّن القائد من تشكيل فريق عمل عالي الأداء، وإلهام المرؤوسين بالتخلي عن الأنانية وحب الذات والعمل من أجل مصلحة الفريق. لذلك، وبغضّ النظر عن مجال القيادة، فإننا كثيراً ما نتفق أن أفضل القادة عادة ما يملكون مهارات عالية من الذكاء العاطفي، وهو محرّك قوي للسلوكيات المتواضعة. بالتالي فإن السمات الشخصية الأنثوية التي طالما كان يُردَّد في المجتمع بسببها أن المرأة لا تصلح للقيادة (التعاطف والإيثار والتعاون...) هي في الحقيقة نقاط قوة.

خلاصة القول، إن النموذج الأنثوي في القيادة، المبنيّ على التواضع والتعاون والتعاطف، يجب أن يُشجَّع في الإدارة. وحتى نتمكن من تحسين كفاءة قادتنا، فعلينا أولاً أن نحسِّن قدرات مَن يختارون القيادات ونصحّح نظرتهم المغلوطة عن الكفاءة، حتى لا يُقصَى القادة الحقيقيون (رجالاً أو نساءً) لافتقارهم إلى الصفات السامَّة المغلوطة عن الكفاءة (الثقة المفرطة والغطرسة والنرجسية).
00:21 | 2-01-2022

السيارات الكهربائية ومستقبل السعودية

خلال وجودي في العاصمة البريطانية لندن لهذا العام، لاحظت انتشار السيارات الكهربائية بشكل كبير، وذلك بسبب الدعم الكبير من الحكومات في الدول المتقدمة لمُنِتجي السيارات الكهربائية ومستخدميها معًا. الدعم الحكومي في أغلب المنتجات يكون إما للمستهلك وإما للمنتج، بخلاف الدعم الحاصل للسيارات الكهربائية. زيادة الطلب على السيارات الكهربائية هو بسبب الحوافز التي يحصل عليها مستخدموها، مثل مميزات في الطرقات ومواقف السيارات، وإعفاء من بعض الضرائب، وغيرها. في المقابل زادت الضرائب على مستخدمي السيارات التقليدية في بعض الدول، وبالإضافة إلى ذلك أفصحت الحكومة البريطانية وبعض دول أوروبا عن خطتها في منع بيع السيارات الجديدة التي تعمل بالوقود والديزل بحلول ٢٠٣٠.

نجاح السيارات الكهربائية قد يهدِّد اقتصادات الدول المصدِّرة للنفط، من بينها المملكة العربية السعودية، التي تُعتبر ثاني أكبر دولة منتجة للنفط عالميًّا. كما تُظهِر الإحصائيات، اليوم، العالم يستهلك ما يقارب ١٠٠ مليون برميل من النفط الخام يوميًّا، ٥٦% من هذا الاستهلاك اليومي يعود إلى المواصلات، التي من بينها السيارات، ولكن لا يُتوقع أن يقلّ الطلب على النفط بسببها حتى يصل العالم إلى إنتاج ما يقارب ٧٠٠ مليون سيارة كهربائية عالميًّا، والمتوقع أن يكون هذا بحلول ٢٠٥٠.

التحديات التي تواجه السيارات الكهربائية ما زالت كبيرة حتى اليوم، ومن أهمها قيود توريد المعادن وتطوير البنية التحتية، بالإضافة إلى المبالغة العامة في تأثيرها في الطلب على النفط. ومع ذلك، لو كان هذا التطور الحاصل اليوم في السيارات الكهربائية حدث قبل خمس سنوات، لقلقتُ كثيرًا بشأن مستقبل المملكة اقتصاديًّا. لقد بدا واضحًا لنا اليوم بُعد النظر في رؤية المملكة 2030 في إدراكها المخاطر المتوقعة قبل حدوثها، في التحول عن النفط كمصدر وحيد للدخل، إلى تنويع منابع إيرادات الدولة. توسَّع اهتمام السعودية في السنوات الأخيرة ليشمل مختلف القطاعات الواعدة، مثل السياحة، والرياضة، والتعدين، والترفيه، والخدمات اللوجستية، حتى شمل قطاع السيارات الكهربائية نفسه. هذا ما عكسه صندوق الاستثمارات العامة السعودي حين استثمر في شركة «لوسيد» لصناعة السيارات الكهربائية، وكذلك في شركة «أكواباور إنترناشيونال»، شركة سعودية تنفق بكثافة على الطاقة المتجددة. كل هذا يشير إلى أن رؤية سيِّدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بُنِيَت على الاستدامة، لتضمن الحياة الكريمة والمستقبل الواعد للشعب السعودي، في حال انخفض الطلب على النفط في المستقبل بسبب السيارات الكهربائية أو غيرها.
00:00 | 31-10-2021

مستقبل التعليم في المملكة

«مصادر التعليم أصبحت اليوم مفتوحة، والتركيز الآن على المهارات.. سنقلل حجم المعلومة في التعليم ونركّز على البحث»، هذا ما قاله قائدنا المُلهَم وليّ العهد الأمير محمد بن سلمان أمس الأول في الذكرى الخامسة لإطلاق «رؤية ٢٠٣٠» في حديثه عن التعليم في المملكة. كانت ولا تزال المملكة العربية السعودية سباقة في إصدار وتحديث القوانين والتشريعات التي تهدف إلى التمكين والتطوير في شتى المجالات. نحن الآن في خضمّ الثورة الصناعية الرابعة، «المعرفة»، والتحول الرقمي العالميّ، إذ ركزت «رؤية 2030» على الاستثمار في الروبوتات والذكاء الصناعي، وهي أحد أعمدة استراتيجية التنمية. مما لا شك فيه أن لهذا التطور عدداً من الانعكاسات في المجالات الحياتية كافة، وبطبيعة الحال تنعكس هذه التحديثات والتطورات على عملية التعليم في الجامعات، الأمر الذي يوجب عليها مهمات وأدواراً جديدة لتواكب هذا التطور لضمان ديمومة التعليم.

سرّعَت جائحة كورونا الانتقال إلى مستقبل العمل الذي أتي مصحوباً بتحديث بعض الوظائف والأدوار في المجالات كافة. حازت الأتمتة على ثقة شركات عدة، ووفقاً لبحث جديد أجْرَته شركة Deloitte حول الأتمتة الآلية والذكية وجد أن 73% من المؤسسات في جميع أنحاء العالم تستخدم الآن تقنيات الأتمتة -مثل الروبوتات والتعلم الآلي ومعالجة اللغة الطبيعية- مقابل 48% في عام 2019، وتُعزَى زيادة إقبال الأعمال على الأتمتة إلى الاستجابة لتأثير جائحة كورونا، التي بدورها سرعت إحلال الآلات محلّ الوظائف التقليدية الروتينية ذات المهارات المنخفضة. صحيح أن الأتمتة ستحلّ محلّ العديد من الوظائف في المستقبل المنظور، ولكن هذا سيخلق بدوره العديد من الوظائف الجديدة التي تتطلب مهارات عالية أو متوسطة، الأمر الذي يستوجب على الجامعات سرعة الاستجابة لمثل هذه التغيرات المتسارعة لبيئة العمل. ووفقاً لاستطلاع أجرته WEF على المهارات المطلوبة في الشركات السعودية خلال الجائحة وجدت أن أكثر من 15 مهارة سيزيد طلب الشركات عليها في المستقبل، مثل: التفكير التحليلي والإبداعي، والتعامل مع الآخرين، وغيرهما من المهارات التي لا يمكن الاستبدال بالتدخل البشري فيها.

لذلك من المهم أن تركّز الجامعات على تخريج كوادر مهنية تتوافق مع سوق العمل المتطورة اليوم، التي يكاد يختفي فيها الطلب على الوظائف ذات المهارة المنخفضة. مشكلة التعليم في جامعاتنا أنه يتّسم في الغالب بالتلقين والتكرار بدلاً من التركيز على المهارات التحليلية والنقدية، الأمر الذي يضع على عاتق الجامعات مهمة التطوير والتجديد المستمرّ لمناهجها وخططها الدراسية وتصميم وتعزيز أجندة أكاديمية ومهنية تتناسب مع الاحتياجات الجديدة لسوق العمل، في ظل التطور التكنولوجي السريع الذي تشهده المملكة.
00:40 | 29-04-2021

المرأة والحدّ من التهرب الزَكَويّ والضريبيّ

نظراً إلى تذبذب أسعار النفط، فإن رؤية 2030 تعتمد على التحول عن النفط كمصدر رئيسي للإيرادات، ولتوفير إيرادات مستدامة للحفاظ على مستوى المعيشة والتطور المستمرّ فقد قررت المملكة الاعتماد على مصادر إيرادات بديلة لتغطية نفقاتها، من بينها الضرائب. بدأت المملكة العربية السعودية تطبيق الضريبة لأول مرة في مطلع 2018. تُعَدّ أنظمة الضرائب مصدراً من مصادر الدخل القومي لمعظم الدول، ولأن الدول تعتمد جزئياً على الضرائب لتغطية نفقاتها، فإن التهرب الضريبي يُعَدّ جريمة يعاقب عليها القانون في كل النظم العالمية. في السعودية كشف ركود التنمية الاقتصادية العالمية وأزمة كورونا وتوقُّف الحركة الاقتصادية وتناقص الإيرادات النفطية وانعكاساتها على إيرادات الدولة، عن مدى خطورة التهرب الضريبي، إذ ارتفع عدد حالات التهرب الضريبي بنسبة 110%، بمبالغ مالية تُقدَّر بثلاثة مليارات و831 مليون ريال عام 1440ـ1441هـ، ممَّا يهدر حقوق الدولة ويُفقِدها مبالغ طائلة هي بأمسّ الحاجة إلى تحصيلها.

من أشكال وطرق التهرب الزكوي والضريبي في السعودية: تقديم المكلَّف إقراراً زكويّاً أو ضريبيّاً على أساس المحاسبة التقديرية على الرغم من إمساك دفاتر وسجلات محاسبية منتظمة، أو تقديم إقرار يخالف ما تؤكّده الدفاتر والسجلات المحاسبية، أو تزوير الفواتير والوثائق؛ بهدف زيادة المصاريف وبالتالي تقليل الأرباح، أو إتلاف وإخفاء الدفاتر والسجلات أو المستندات قبل فحص الهيئة الميداني، أو عدم الإفصاح عن نشاط أو أكثر من الأنشطة الخاضعة للزكاة أو الضريبة... الأمر الذي يحمّل الهيئة العامة للزكاة والدخل المسؤولية الكبيرة للتصدّي والحدّ من التهرب الزكوي والضريبي.

التهرب الضريبي ظاهرة عالمية قديمة منذ بداية فرض الضرائب في العالم، لذلك سعت مئات الدراسات العالمية للحدّ من هذه الجريمة، ولعل أبرز نتائج هذه الدراسات أن يكون منع التهرب الضريبي صادراً من داخل الشركة. وبحكم أن التهرب الضريبي غالباً سلوك صادر من مجلس الإدارة، ركّز عديد من الأبحاث على مجلس الإدارة في هذا المجال، ولعلّ من أشهرها دراسة الفَرْق بين سلوك وتأثير الذكر والأنثى في مجالس الإدارات للشركات. وجد عديد منها اختلافات جوهرية بين سلوكَي الرجل والمرأة، واستناداً إلى بعض الدراسات التي أثبتت التأثير الإيجابي للتمثيل النسائي في مجالس إدارات الشركات، الذي يعود إلى طبيعة المرأة من حيث كونها أكثر حذراً وكرهاً للمخاطر خصوصاً التي قد تمسّ سمعة الشركة (كالتهرُّب الضريبي)، وأكثر من الرجل شفافيةً في الإفصاح عن المعلومات المالية. يؤيد العديد من الباحثين هذه الفكرة، إذ كشفت الدراسات السابقة التي قارنت بين التهرب الضريبي للشركات قبل وبعد انضمام عضو نسائي إلى مجلس إداراتها، فوجدت أن التهرب الضريبي قلّ بعد انضمام العنصر النسائي إلى المجلس. وفي دراسات أخرى في هذا المجال وُجد أن التمثيل النسائي في مجالس الإدارة لا يحدّ من التهرب الضريبي فقط، بل ويمنع أيضاً التجنُّب الضريبي (تَجنُّب سداد الالتزام الضريبي كليّاً أو جزئيّاً بأشكالٍ قانونية)، ولكنْ إن كان التجنب الضريبي قانونيّاً بخلاف التهرب الضريبي، فإن أثرهما في الميزانية العامة للدولة واحد، وهو انخفاض إيرادات الدولة من الضرائب.

وبناءً على ما سبق، ونظراً إلى حداثة النظام الضريبي في المملكة، كخطوة استباقية للحفاظ على موارد الدولة المُهدَرة من هذا التلاعب، ولتخفيف الضغط على الفريق المتخصص لمكافحة التهرب الزكوي والضريبي، وليس تحيزاً للمرأة، ربما من الضرورة بمكان أن تلزم هيئة السوق المالية الشركات السعودية المُدرَجة، تخصيصَ ولو نسبة قليلة من أعضاء مجالس إداراتها للنساء، ثم يتم تقييم التجربة خلال بضع سنوات للنظر في مدى جدوى ذلك من عدمه. وقد كفلت رؤية 2030 الدعم الكامل للمرأة السعودية لتتبوأ المناصب القيادية في مجالات عدة، إذ أكّد وليّ العهد أن المملكة عملت على تمكين المرأة السعودية في عالم العمل وتعزيز التمكين الاقتصادي لها، فهي فعليّاً شريكة الرجل في تنمية الوطن وتطويره.

عضو هيئة تدريس

ABEERSAQR@
00:02 | 17-01-2021