أخبار السعودية | صحيفة عكاظ - author

https://cdnx.premiumread.com/?url=https://www.okaz.com.sa/uploads/authors/1410.jpg&w=220&q=100&f=webp

محمد بن عبدالرحمن آل الشيخ

تأهيل القطاع قبل تأهيل المربي والمربية

تلعب الثروة الحيوانية دوراً هاماً في تحقيق أهداف التنمية الزراعية، إضافة الى دورها الأساسي في الأمن الغذائي. ورغم أن إنتاج الأغنام لا يمثل إلا نسبة ضئيلة في الناتج الإجمالي لإنتاج الثروة الحيوانية في العديد من دول العالم، إلا أن لها دوراً أساسياً وهاماً في الجانب التنموي والاقتصادي والاجتماعي في توفير فرص العمل والدخل المناسب للسكان الذين يعيشون في المناطق الطرفية والنائية. لذا تحرص العديد من الدول على توفير الدعم الكافي والإعانات المناسبة التي تكفل استمراريته ونجاحه. فعلى سبيل المثال رغم إن انتاج الأغنام يمثل أقل من 10% من إنتاج الثروة الحيوانية في دول الاتحادي الأوروبي إلا أن هذا القطاع يحظى بالدعم الكبير من دول الاتحاد وتقديم الإعانة الكافية لاستمراريته ونجاحه لما يوفره من فرص اقتصادية واجتماعية في مناطق التربية. وكذلك الحال في المملكة فقد حرصت الدولة -رعاها الله- أن تقدم الدعم والإعانة اللازمة لقطاع الأغنام لضمان استمراريته للهدف ذاته رغم العديد من التحديات والعوائق التي يواجهها.

يواجه قطاع الأغنام في المملكة عوائق كثيرة لا يتسع المجال لبسطها منها ضعف الإنتاجية وكثرة الأوبئة والأمراض وارتفاع أسعار الأعلاف وغيرها. لكن من وجهة نظري أن أكبر تحدٍّ يواجه هذا القطاع اليوم هو عدم ترابط سلاسله وضعفها وتناثرها، إضافة إلى الارتفاع الحاد في تكاليف الأعلاف. وهذا التحدي يبدو أنه غائب عن الجهة المسؤولة عن هذا القطاع، حيث إن المتتبع للبرامج والمبادرات التي تقدمها وزارة البيئة والمياه والزراعة لقطاع الأغنام تتسم بعدم إدراك للمشكلة الحقيقية التي يعاني منها القطاع. فنجد أن العديد من البرامج التي قدمت وتقدم من قبل الوزارة لم يكن لها إسهام واضح في إنجاح هذا القطاع، بل إن قطاع الأغنام يمر اليوم بتحدٍّ كبير أوصلها إلى مرحلة صعبة أجبرت العديد من المربين على التخلص من قطعانهم. ولعل آخر برنامج أعلنته الوزارة يهدف إلى تأهيل 5000 مربٍّ ومربية. ومن وجهة نظري فإن هذا البرنامج بمثابة وصفة طبيب لمريض يعاني من صداع مزمن في ناصيته ويصف له علاج ربطة جروح في أخمص قدميه.

نحن اليوم بحاجة ماسة الى إعادة تأهيل القطاع بأكمله حتى لا نُخرّج مربين ومربيات إلى قطاع ميت. قطاع الأغنام بحاجة اليوم إلى قرارات سريعة تعالج مشاكل الارتفاع الحاد في أسعار الأعلاف، وتأسيس برامج واضحة تربط حلقاته وتحوله إلى قطاع منتج يسهم في ردم الفجوة الغذائية وتحقيق جزء من الأمن الغذائي والاجتماعي خاصة والعالم اليوم يمر بأزمة تلوح بأثرها على مخاطر الأمن الغذائي. لذا نكرر بأن تأهيل القطاع يبدأ قبل تأهيل المربي.
00:03 | 15-05-2022

مرة أخرى «سالك» والأمن الغذائي

لأهمية الأمن الغذائي الذي يمسنا جميعا ولضرورة الاستفادة من التجارب والأخطاء، نعاود الكتابة والتعليق على هذا الموضوع. اطلعت على العديد من الردود حول هذا الموضوع ورأيت أن أغلبها لا تعالج الأخطاء ولا تردم الهفوات. ليس عيبا أن نخطئ فمن يعمل يكون معرضا للخطأ لا محالة، لكن الواجب أن نستفيد من أخطائنا ونراجع برامجنا وسياساتنا واستراتيجياتنا. الأمن الغذائي ليس ترفا بل هو أمر يمس كل فرد من أفراد المجتمع. الأمن الغذائي ضرورة ملحة لإعادة النظر في استعداداتنا تجاهه خاصة بعد أن أوضحت لنا أزمة كورونا ضرورة مراجعة الكثير من خططنا وبرامجنا.

تم الإسهاب في الحديث عن الصفقة التي تمت بين شركة سالك والمؤسسة العامة للحبوب، وهي من وجهة نظري أشبه ما تكون بولادة متعسرة لجنين ميت. فبعد أكثر من عشر سنوات من التمويل والاستثمارات بمليارات الريالات خارج المملكة، استطاعت سالك أن تؤمن ستين ألف طن من القمح الأوكراني للمؤسسة العامة للحبوب. ومن المعروف أن القمح الأوكراني يعاني من سوسة القمح ولا يحقق الكثير من مواصفات الأسواق العالمية، وأخشى أن نجلب بأيدينا سوسة القمح كما جلبنا سوسة النخيل من قبل ثم ندور في دوامة تدمير المحاصيل كما هو الحال مع سوسة النخيل الحمراء التي دمرت الكثير من نخيل المملكة أهم محصول استراتيجي لنا. ولنكن صرحاء مع أنفسنا فسالك بحاجة ماسة إلى تقييم أدائها ومراجعة استثماراتها، فما تم توريده من القمح لا يتجاوز 1.5% من احتياج المملكة السنوي البالغ 4 ملايين طن. ومن وجهة نظري فإن سالك إذا استمرت في أدائها المتواضع فلن تكون لها مساهمة تذكر في تحقيق الأمن الغذائي.

يجب علينا تقييم ما أفرزته أزمة كورونا تجاه هذا الموضوع ونتعلم من الدرس ونستفيد من أخطائنا وأن نعيد النظر في العديد من استراتيجياتنا وسياساتنا الزراعية الداخلية أو الخارجية الداعمة للأمن الغذائي. ولعلي أوضح المقارنة التالية لنرى هل استثماراتنا الزراعية الخارجية وسياساتنا الزراعية الداخلية وترتيب أولويات المحاصيل بحاجة إلى مراجعة وإعادة نظر؟

إن غياب ترتيب الأولويات وعدم التركيز على المحاصيل الزراعية الاستراتيجية مثل القمح ليس سمة السياسة الزراعية الحالية في المملكة فحسب، بل ومع الأسف هو سمة الإنتاج الزراعي في الوطن العربي، وهذا خلاف للسياسات والاستراتيجيات المتبعة في دول أوروبا وأمريكا الشمالية التي تعطي أهمية قصوى لإنتاج الحبوب كسلع زراعية استراتيجية.

شركة سالك استطاعت أن تنتج ما يزيد على أربعين ألف طن من القمح بعد أكثر من عشر سنوات عجاف من الاستثمار.

لنقارن مخرجات سالك للاستثمار الخارجي وهو القمح مع مخرجات إحدى شركات الإنتاج الزراعي المحلي. فقد وصل إنتاج إحدى الشركات الزراعية المحلية السنوي من القمح إلى مائتي ألف طن تحت إشراف وإدارة كفاءات ومهندسين زراعيين وطنيين وبكفاءة إنتاجية عالية، نتج عن ذلك بناء قدرات وطنية تملك خبرات متراكمة لسنوات عدة، ويعادل إنتاج الشركة المحلية السنوي أكثر من أربعة أضعاف ما أنتجته سالك من مزارعها. القمح ليس فقط منتج الشركة المحلية فقد كانت تسمى أرامكو السعودية للإنتاج الزراعي حيث حققت نجاحات زراعية متميزة يمتد إنتاجها الى محاصيل زراعية أخرى مثل الذرة والبطاطس والبصل والزيتون والأعلاف إضافة إلى الألبان ومشتقاتها. ومع الأسف تم تحجيم العديد من هذه المكتسبات بحجة المحافظة على المياه، رغم أن القمح محصول شتوي استهلاكه أقل بكثير من المحاصيل الزراعية التي ما زلنا نهدر المياه في إنتاجها. نعم تم تحجيم زراعة المحاصيل الاستراتيجية وهدر مكتسباتها بسبب السياسات الزراعية الخاطئة لنتجه إلى الاستثمار الخارجي.

إننا بحاجة ملحة إلى إعادة النظر في سياساتنا واستراتيجياتنا الزراعية الداخلية والخارجية وإعطاء المحاصيل الاستراتيجية أولوية في الإنتاج الزراعي. كما أننا بحاجة إلى إعادة تقييم لنسب الاكتفاء الذاتي الفعلي للعديد من المنتجات الزراعية المختلفة التي كشفت أزمة كورونا أنها قد تكون غير دقيقة. لست مع هدر المياه ولكني أؤيد الاستغلال الأنسب لها خاصة أن مملكتنا تمتلك مساحات شاسعة وبميزات نسبية متنوعة نستطيع من خلال الاستثمار الأمثل لمواردها تحقيق القدر المناسب من الأمن الغذائي المنشود وبإنتاج مستدام دون هدر للمياه.

كاتب سعودي

alshaikh@ksu.edu.sa

01:00 | 15-06-2020

أزمة كورونا وصمت «سالك»

كان حضور فاجعة كورونا في الأوساط الغذائية، وشلل وسائل النقل، والحجر المنزلي، اختبارا لمدى صواب قرارات الأفراد والمؤسسات في مجال الاستثمار الغذائي، وأمن الفرد والمجتمعات. وقد جاءت ولادة وتأسيس الشركة السعودية للاستثمار الزراعي والإنتاج الحيواني (سالك) عام 1430هـ، وحُدد نشاطها بهدف المساهمة في توفير السلع الغذائية مقابل التمويل المحلي، الذي يستثمر في إنتاج وتوريد الغذاء من الدول المستهدفة بالاستثمار لسد الفجوة الغذائية في المملكة.

وتهدف استراتيجية الشركة إلى توفير السلع الاستراتيجية وهي (القمح، الشعير، حبوب الذرة، فول الصويا، الأرز، السكر، الزيوت النباتية، الأعلاف الخضراء، اللحوم الحمراء، مشتقات الحليب، والدواجن والثروة السمكية). وقد استبشر المجتمع بأخبار الشركات الدولية التي أسَّـسَـتها سالك أو استحوذت عليها، أو دخلت في شراكات معها في دول مختلفة مثل كندا وبريطانيا وأستراليا وأوكرانيا والبرازيل وغيرها، وكون رأس المال سعوديا، والتمويل محليا، فقد غاب أمر غاية في الأهمية عند تأسيس الشركة وهو نفاذ قوانين وسياسات هذه الدول على الشركة وبالتالي يزيد من مخاطر الاستثمار الخارجي كما يبدو واضحا خلال جائحة كورونا.

وفي ظل جائحة كورونا جاءت الأزمة لتطرح العديد من التساؤلات عن الدور الذي بني عليه الاستثمار والتمويل المحلي للشركة أو الآمال المعلقة لشركة سالك والدور الوطني للمال المحلي في مثل هذه الظروف التي تتمثل في:

هل البرامج التنفيذية التي انتهجتها سالك تساهم في تحقيق أمن غذائي فعلي للمملكة؟

ماذا استفادت المملكة من الشراكات التابعة لسالك مثل شركة جي (3) الكندية؟

ماذا قدمت لنا شركة بلادجي الأسترالية وشركة ماريا في أوكرانيا؟

ما هي أخبار شركة فيرما للحوم في البرازيل، وغيرها من الشركات ذات العلاقة بشركة سالك؟

وعلى الرغم من أن شركة سالك حددت السلع الاستراتيجية لاستثماراتها، لكن لا يبدو أن هناك برنامجاً واضحاً، لكيفية الاستفادة من إنتاج هذه السلع من الشركات التي ارتبطت معها سالك في العديد من الدول، وربطها بسلاسل الإمداد المحلية. والذي يظهر أن سالك تحوَّل نشاطها إلى استثمار زراعي بحت غير مرتبط بتحقيق الأمن الغذائي للمملكة، وهو خلاف الهدف الذي أُنشئت من أجله سالك.

سمعنا وشاهدنا تسابق العديد من الوزارات والمؤسسات الحكومية والتكاتف في ما بينها لمواجهة جائحة كورونا، وسمعنا وشَهِدنا متابعة مستمرة لمواجهة جائحة كورونا من مقام خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين، كما شاهدنا العمل المتواصل لوزارة الصحة ووزارات الداخلية والتجارة وغيرهما من الوزارات، ولكننا لم نسمع أي صوت أو مشاركة من شركة سالك خلال هذه الأزمة، ولم نسمع بأي دور يذكر لها أو مساهمة منها في هذه الأزمة لدعم الأمن الغذائي المحلي، وهو الهدف الاستراتيجي الذي أُنشِئَت سالك من أجله.

الأمن الغذائي بحاجة إلى أن تبادر شركة سالك بتأمين سلاسل إمداد الأمن الغذائي للشركات التي استثمرت فيها وتساهم في دعم الأمن الغذائي. سمعنا وشاهدنا صوتا خافتا من وزارة البيئة والمياه والزراعة، ومحاولة البحث عن قنوات عاجلة لتأمين بعض المنتجات الغذائية من بلدان خارج نطاق استثمارات سالك. سمعنا عن تأمين بعض المواشي الحية من جيبوتي ورومانيا، وكذلك من دول كانت محظورة لتفشي الأمراض فيها مثل الصومال وإسبانيا وغيرها من الدول. كما استعجل صندوق التنمية الزراعية بإطلاق مبادرات مرتبكة وقروض عاجلة تهدف إلى توفير بعض السلع الغذائية.

حاولت أن أجد جواباً لبعض هذه الاستفسارات السابقة في موقع شركة سالك على الشبكة العنكبوتية، فلم أجد إلا خبراً واحداً هو مشاركة سالك في المعرض الزراعي 2019م!!

من الواضح أن سالك سلكت طريق الصمت أمام هذه الجائحة، مع أنه من المفترض أن سالك تملك خبرة واسعة عن الأسواق العالمية، ومع ذلك غابت عن المشهد، فماذا استفادت سالك من حجم الاستثمار المبكر في شركة G3 وشركة Minerva!؟. إن من أهم متطلبات الاستثمار الخارجي شَرط الاستقرار الإداري للشركة، وذلك للاستفادة من خبراتهم وعلاقاتهم مع شركائهم الدوليين، وهو ما تفتقر إليه سالك؛ حيث تعاقبت على إدارة دفَّتها إدارات عديدة في زمن وجيز.

والسؤال هنا: هل كشف فايروس كورونا بعض مواطن الخلل في استراتيجية شركة سالك، أو آلية عملها!؟ وهل هي بحاجة ماسة إلى إعادة النظر في أهدافها وأدائها واستثماراتها!؟

هناك المئات من شركات الإمداد الغذائية المحلية في المملكة العربية السعودية منها شركات صغيرة إلى أخرى كبيرة جداً، كل هذه الشركات لها سقف سوقي بالمليارات. لذا كان من المفترض على شركة سالك أن تبذل جهوداً مع الشركات المحلية من أجل رفع قدرات سلسلة التوريد الخاصة بهم وتعزيز سلاسل الإمداد الغذائي المشترك.

مِن المعروف أن الإنتاج المحلي الزراعي المحلي يعاني من فجوة كبيرة في العديد من المنتجات الاستراتيجية تصل أحياناً إلى أكثر من 95% لبعض المحاصيل. ولعل جائحة كورونا أخبرتنا وعلمتنا أن السوق المفتوحة والتجارة الحرة توصد أبوابها خلال الأزمات ويصبح الهم الأول لكل دولة هو تلبية احتياجها وأمنها الغذائي أولا.

لا تزال قضية الأمن الغذائي كبيرة وتحتاج إلى تركيز أكبر، ولعله من المهم أن تعيد وزارة البيئة والمياه والزراعة النظر في بعض برامجها واستراتيجياتها في هذا الجانب، وأن يستفاد من الميز النسبية لمناطق المملكة المختلفة في تحقيق قدر مناسب من الاكتفاء الذاتي للسلع الغذائية الاستراتيجية. آخراً، وليس أخيراً، مِن المهم جداً التكامل بين استراتيجية الأمن الغذائي للمملكة مع استراتيجية شركة سالك حتى يَتمّ سـدّ الفجوة الغذائية المحلية، التي من الواضح أنها في ازدياد عاما بعد عام.

أطمئن المستهلك بأنه لن يكون نقص في السلع الغذائية لوفرة الإنتاج العالمي وأما ما يحصل من ارتباك عالمي سببه الرئيس الخلل في سلاسل الإمداد أو توقفها.

وأخيرا وليكن منهجنا الغذائي في جميع الأحوال هو شكر النعمة وعدم الإسراف والتبذير، وأسأل الله أن يكشف عنا هذه الغمة ويصرف عنا هذا الوباء- ابقوا في بيوتكم.

* كاتب سعودي

alshaikh@ksu.edu.sa
00:52 | 30-04-2020