أخبار السعودية | صحيفة عكاظ - author

https://cdnx.premiumread.com/?url=https://www.okaz.com.sa/uploads/authors/1304.jpg&w=220&q=100&f=webp

خلود الغامدي

a

الزحام المروري

مؤخراً أصبحنا نعاني جدياً من مشكلة الازدحامات المرورية التي تجعل الإنسان العاقل يخرج عن طوعه ولو كان مصاباً بمرض عضال كالضغط والسكر لكانت حالته الصحية أسوأ!

من غير المعقول أن تستغرق رحلة الذهاب للعمل والعودة لمسافة تبعد 25 كيلوا قرابة الساعتين والنصف! من غير المعقول أن تكون الطرق مقفلة إما بسبب وجود حفريات فجائية قد أُعيدت في نفس الطريق قرابة أربع مرات وعلى فترات متقاربة أو -وهنا الأمر المزعج- بسبب وجود ازدحام سببه عدم التزامن في الإشارات وعدم عملها بشكل سلس مع بعضها؛ بمعنى أن تكون الإشارة الثانية خضراء، ولكن الإشارة الأولى حمراء، وبالتالي نقف رغم أن الثانية خضراء وحينما تضيء الإشارة الأولى باللون الأخضر تكون الإشارة الثانية حمراء مجدداً وهكذا دواليك ويضيع يومنا في هذه الدوامة.

الكارثة الحقيقية تكمن فيمن يقود سيارته في المسار الأيسر ببطء ويعتقد أن ذلك حق له، مما يشكل تعطيلاً حقيقياً لانسيابية القيادة، وقد يتسبب في حوادث كارثية لا سمح الله.

قيادة السيارات دون تنظيم حقيقي في شوارع ضيقة وفيها الكثير من المطبات والحفر نسبياً يعد تحدياً حقيقياً لجميع قائدي السيارات.

طرحت عبر حسابي في منصة تويتر عدة حلول، هي ليست حلولاً جذرية ولكنها تساعد في حل مشكلة الاختناقات المرورية لحين حل المشكلة من جذورها.

مثلا توزيع ساعات العمل بحيث يتجنب الناس ساعات الذروة في أوقات خروج ودخول الموظفين والطلاب.

تخصيص مسارات سريعة مخصصة لمن يقود سيارته وفيها شخصان وأكثر.

استخدام إشارات حديثة يتم موازنتها ومعايرتها لتعمل بكفاءة دون أن تتوقف تجنبا لتعطل السيارات التي أعطتهم إشاراتهم الضوء الأخضر للانطلاق وغيرها من الحلول الفعالة التي لابد من تطبيقها.
00:01 | 14-10-2022

ماذا لو كان الجميع من حملة الشهادات العليا؟

هذا واحد من الأمور التي أسعى مراراً وتكرارا للحديث عنها وإيصالها بشكل جيد لكي نستوعب خطأ كارثيا يُمارس دون إدراك لكارثية هذا الخطأ.

ماذا لو كان الجميع مؤهلين وحملة لشهادات عليا؟ ماهي عواقب هذا التطوير الكارثي الذي يوقعنا في مأزق اجتماعي تعليمي كبير دون أن ننتبه، ونظن أننا نفعل الشيء الصحيح بمتابعة تعليمنا؟

إذا حصل الجميع على شهادات جامعية ستستمر قيمة الشهادة/ ‏المؤهل بالانخفاض، ولن يتم السعي وراء المهارات الشائعة بشكل كبير، مما يقلل من قيمتها بشكل كبير أيضاً. على سبيل المثال لا الحصر، إذا كانت القدرة على القراءة غير عادية، فستكون مهارة مطلوبة بشدة. ولكن إذا كان الجميع يعرف كيف يقرأ، فإن المهارة ليست لها قيمة خاصة. وبالتالي سينتهي الأمر بالعديد من المتعلمين تعليماً عالياً إلى القيام بعمل يقع ضمن الحد الأدنى للأجور، هذا بفرض أنهم أصلا يريدون وظائف على الإطلاق، ومع الأسف لن يتم توظيف تعليمهم ومهاراتهم في العمل.

من يحتاج شهادة جامعية لإدارة فرع مطعم مأكولات سريعة أو شهادة جامعية لصانع قهوة؟

لابد أن نكون منطقيين، التهاون في وضع شروط القبول للجامعات والدراسات العليا والابتعاث خرج عن السيطرة، والنتيجة أن شخصاً عاد من رحلة الابتعاث بشهادة جامعية يعمل بوظيفة يُمكن شغلها بشخص آخر يمكن تعليمه بالتعليم المهني أو التدريب المهني.

تخيل معي -عزيزي القارئ- هذا السيناريو:

سيناريو آخر شبيه بالاكتئاب الذي حصل في أوروبا في الثلاثينيات عندما حاول الجميع الحصول على شهادات صحية وأصبح الأغلبية أطباء فافتقد المجتمع سائس الخيل، والخياط، والمزارع، وإلخ.. وانخفضت جودة وكفاءة الأطباء وخدماتهم وانخفضت أتعابهم، إذن ما فائدة شهادة جامعية عالية إذا لم يكن هناك سوق لها؟

على سبيل المثال، قد تكون الدرجات العلمية في «دراسات المرأة» أو «تاريخ الفن» أو «الشريعة» أو «التاريخ» أو غيرها بلا قيمة إذا كان معدل البطالة مرتفعاً للغاية. فلا دراسات المرأة ستُعلم الشخص كيف يدير مشروعاً أو كيف يكون ميكانيكياً ليصلح عجلات رافعة تستخدم في المشروع ولا ستعلمه كيف يركب أجهزة تبريد لهذا المشروع أو يشبك أسلاك الكهرباء ولا ستعلمه حرفة ينتفع بها وهذه إشكاليتي الأخرى.

تأهيل وتدريب الطلاب لسوق العمل بمهن حرفية ينتفعون بها عوضاً عن الشهادات الجامعية التي لا فائدة منها. المعاهد المهنية مهمة جداً ونفتقدها بشكل كبير للغاية في السعودية، لا توجد معاهد مهنية تعلم حِرفاً يدوية أو تعطي شهادات متخصصة بعد تدريب مهني مكثف، مثال آخر جيد: أمي الغالية تعلمت في معهد مهني للخياطة والتفصيل وبعد نهاية الدبلوم الممتد لثلاث سنوات أعطيت شهادة اجتياز تؤهلها لممارسة مهنة الخياطة وتصميم الأزياء أو للعمل الحر أو إكمال التدريب التخصصي، وبدعم من أبي ومن منطلق رؤيتها لحاجة السوق في ذلك الوقت للتدريب التخصصي، وبالفعل أكملت لحين أصبحت معلمة ومدربة في ذات المعاهد المهنية وتدرب الطالبات ليكن مدربات هن أيضاً.

اليوم، نحن نفتقد لهذا التدريب المهني ونفتقد لهذه المعاهد رغم أن الحاجة إليها شديدة للغاية، فنحن بحاجة لمديري مشاريع ومهندسين ميكانيكيين وكهربائيين ومتخصصي مشتريات وغيرها من التخصصات التي لا غنى عنها وفي ذات الوقت لا يوجد لها تدريب مهني فعال وسهل.

نحن في حاجة شديدة لتبديل طريقة التعليم والتعليم العالي لدينا من طريقتنا التقليدية اللامنهجية وغير المفيدة لسوق العمل اليوم، وإلا فالعواقب وخيمة للغاية وسنعاني منها بشكل أكبر.

الجيل القادم يحتاج لطريقة تعليم جديدة توفر التدريب المهني الذي يشكل أساساً جيداً لبناء مجتمع صحي تعليمياً واجتماعياً ووظيفياً، لكي يستقر وتنخفض كارثة البطالة الحقيقية التي نعاني منها رغم ارتفاع أرقام ونسب التوظيف، ولكن لو أخذنا نظرة أعمق لوجدنا أن هذه الأرقام غير واضح فيها ما إذا كانت فقط سد حاجة وتوظيف شخص بتعليم عالٍ في وظيفة ابتدائية أولية أو توظيفاً حقيقياً لوضع كل كفاءة في مكانها الذي يناسبها.

هنا لن أتطرق لهذا ولا للكفاءات الأجنبية التي سيطرت على أعمال كثيرة في ظل انعدام أو قلة السعوديين المدربين تدريباً مهنياً، فهذا أمر قد أناقشه مستقبلاً.

ولكن أخيراً، وهذا الأهم باختصار، نحن نعيش داخل فقاعة ستنفجر في وجوهنا في أي لحظة، إن لم يكن حصل ذلك أساساً. هناك الكثير الذي نحتاجه لإعادة التفكير في النموذج الحالي للتعليم العالي ومعاهد التدريب.

لابد من إيجاد طريق متوازٍ بين حاجة سوق العمل ومعاهد التدريب وطرحها برامج تدريبية تليق بحاجة سوق العمل عوضاً عن فتح الابتعاث دون هدف مناسب للتغيرات الحاصلة في البيئة الاجتماعية اليوم. النجاح الحقيقي يكون في تدارك هذه الأمور ومحاولة إصلاح ما يمكن إصلاحه، وسرعة التكيف مع متغيرات سوق العمل واحتياجاته.
00:02 | 7-08-2022

الاحتراق الوظيفي

هل يستطيع الموظف العمل ساعاتٍ كثيرة دون أن يتأثر أداؤه؟

البعض سيجيب بنعم، والبعض سيجيب بلا، لكن لنأخذ الأمر بطريقة أخرى ونناقش منظوراً جديداً.

يبدأ الموظف حياته المهنية في قطاع خاص بساعاتِ عملٍ أساسيةٍ، وهي 48 ساعة في الأسبوع مع 6 أيام عمل ويوم إجازة وحيد ويتيم وهو الجمعة، ليعود للمنزل ويبدأ دوامه الآخر مع أهله وقضاء مشاويره ولو وجد وقتاً يأخذ عائلته لإحدى مناطق المواسم ويحاول بقدر الإمكان البقاء يقظاً صاحياً مستمتعاً، لكنه يبدأ سريعاً بالخفوت والانطفاء، فهذه وللأسف النتيجة الحتمية لكل المحاولات البائسة لمحاولة التوفيق بين العمل في مكان العمل ومحاولة إعطاء العائلة وقتاً؛ لأن الأولوية أولاً وأخيراً للعائلة التي إذا شعر الفرد في داخلها بالراحة والاستقرار سيشعر بالقيمة التكاملية لوجوده في هذا المجتمع كإنسان منخرط ومنتج مهنياً ومشارك أسريّاً ومستقر نفسياً.

اليوم توجهت بعض الحكومات لخفض أيام العمل الأسبوعية التي كانت معتمدة لديهم بمقدار يوم واحد إضافي ليبدأ بالإثنين كأول يوم عمل وينتهي أسبوع العمل بالخميس أو بما يعادل 36 ساعة في الأسبوع، وبعض الدول الأوروبية قلّصت هذا العدد إلى 26 ساعة في الأسبوع دون اقتطاع من الراتب أو تخفيضه.

وبحسب دراسة أجرتها جامعة هارفرد ونشرتها في صحيفتها للأعمال حول سبب قيام بعض الدول بهذه الخطوة الجريئة، أثبتت الدراسة أن تقليص ساعات العمل في المملكة المتحدة حسّن من شعور الفرد بالرضا عن وضعه الوظيفي وحياته بالمجمل بنسبة 77%، وخفض معدل الإصابات بالأمراض خاصة الموسمية بنسبة 54%، وزادت مشاركة الفرد في النشاطات الاجتماعية بنسبة 78% أي أن الفرد حقق شعور التفاعل مع الناس خارج نطاق مؤسسته، وبالتالي زاد شعوره بالتمكين والإنتاجية وممارسة الهويات مما يجعل الإنسان مسترخياً، وحينما يعود للعمل يعود بروح متجددة، وبالتالي حددت الدراسة أن جودة العمل تحسّنت بنسبة 64% وزاد الشعور العام بالرضا المؤسسي، وتناقصت بشكل دراماتيكي حالات الاحتراق الوظيفي، وزاد دعم الاقتصاد المحلي للدول المشاركة في الدراسة بنسبة 45%.

في عام 2016 ناقش مجلس الشورى خفض ساعات العمل في القطاع الخاص لتكون مثل القطاع الحكومي، وكان أساس الخطوة زيادة نسب توطين السعوديين في القطاع الخاص وتقليل نسب البطالة، حيث إن 5 أيام عمل في الأسبوع تسهم بشكل فاعل في جذب الموظفين السعوديين للعمل في القطاع الخاص، وتُعد عاملاً مهماً في عملية اتخاذ القرار لدى طالب العمل أو الباحث عن عمل، ولا أعلم ما إذا كان تم تمرير هذا الأمر، ولكن حتماً لم يُطبق وللأسف مما يسبب الكثير من الضغوط النفسية للموظف وأسرته والاقتصاد وغيرها من العوامل.

ومن هذا المنبر أتمنى إعادة النظر فيما يتعلق بحياة موظفي القطاع الخاص، والنظر في معاناتهم، والبت في إصلاحها، ورفع جودة الحياة لدى موظفي القطاع الخاص فيما يتعلق بساعات عملهم ومقدار رواتبهم.
00:36 | 29-07-2022

كل أضحى ونحن بخير

عيد الأضحى أحد العيدين عند المسلمين أو ما يطلق عليه البعض يوم النحر أو العيد الكبير أو عيد الحجاج نعيش فيه طقوسا روحانية عظيمة ومبهجة، نستحضر فيه قصة الفداء العظيم عندما قال سبحانه وتعالى (إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ* وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ* وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآَخِرِينَ* سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ* كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ* إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ).

نتذكر آباءنا العظماء الذين تعبوا كثيرا في رحلة كفاحهم واليوم يعاصرون وقتنا وحاضرنا والتطورات التي لم يواكبوها في ريعان شبابهم.

عيد الأضحى بكل روحانيته هناك من يستذكر أول حجة منّ الله عليه بها ومنا من يتذكر وهو طفل مغامرات «خروف العيد» الذي وبهذه المناسبة أحب أن أذكر المضحين بالإحسان لإخوانهم وأقاربهم وجيرانهم وللعمالة الذين على كفالتهم، لأن هذه الأضحية منها ما هو هدية وصدقة وإطعام لأهل بيته. هذه الأضحية مقدمة لله ويجب أن تُعامل على ذلك الأساس.

في هذه الليالي الفضيلة تبحر بنا ذكريات الطفولة الجميلة وكيف كنا نعيشها بدون مسؤوليات ولا منغصات، أطفال لا همّ لنا سوى الفرح، لذلك يجب علينا أن نعيش هذا اليوم العظيم بفرح ولا ننسى من فقدناهم من الدعاء.

أخيرًا تذكرتي الأخيرة لي ولكم واصلوا أقرباءكم وأحباءكم وهنئوهم بالعيد، فنحن لا نعلم أي اتصال منا تجاههم قد يصنع الفارق.
00:16 | 9-07-2022

الإرهابيون الجدد

شاهدنا مؤخراً على وسائل التواصل الاجتماعي بعض الأشخاص الذين يبحثون عن إثارة الجدل، حتى لو كان في جحر ضب، بمعنى أن «يُفتي» شخص ما في موضوع ما ويكون هدفه الأساسي الذي يسعى له، هو الضرر بأي شكل من الأشكال؛ لأن الأمر لا يناسب أيديولوجيته أو توجهاته أيّاً كانت مما قد يُشكل خطورة حقيقية بسبب قدرته على إثارة الرأي العام ضد توجهات الدولة الإصلاحية الحديثة.

للأسف هؤلاء يستغلون ثغرات قانونية أو تشريعية لأهداف تحريضية ويمثل هؤلاء تياراً جديداً محاذياً لتيارات أخرى هدفها فرض الهيمنة والسيطرة على المجتمع بالترهيب من باب النصيحة، وهؤلاء للأسف إن لم يوضع لهم حد سيحاولون تمرير أفكار متطرفة من خلال استغلال الثغرات القانونية للحث على التفرقة والحقد والتحريض بين الجنسين وخصوصاً المرأة.

تخيلوا أن المحامي في كل أنحاء العالم يحاول «قلب» الدنيا رأساً على عقب لإيجاد ثغرة قانونية تُخرج موكله من الأزمة وتنقذه من العقوبة حتى وإن كانت موضحة بنص إلا أن بعضهم ممن يعيشون معنا ويحبون إثارة الجدل يبحثون عن الثغرات صغيرها وكبيرها لإدانة الناس والتحريض عليهم بسجنهم وإثارة رعبهم وترهيبهم فقط لأنه وبكل بساطة يختلف مع توجهات الآخرين.

هؤلاء وللأسف شاركوا سابقاً في محاولة تنميط صورة مشوهة عن المرأة العاملة، وحاولوا جاهدين أن يثيروا الجدل بخطابات «حمقاء» حول النفقة وضرورة إقحام المرأة العاملة في النفقة مع الزوج، أو أن يحق للزوج منعها من العمل وكأن النفقة قيمة مدفوعة لسماح الزوج بعمل السيدة!

هل رأيتم الدعابة في الأمر؟

المرأة حول العالم وصلت لمراحل متقدمة ومع ذلك لايزالون يناقشون أحقية حصولها على حقوقها من عدمها.

نوعية هذا الخطاب التحريضي على الجنسين سيزيد الفجوة التي يعاني منها المجتمع أساساً.

من المعروف أن: «لا جريمة ولا عقوبة دون نص»، وهناك نصوص محرّمة لأفعال، ولكن لا توجد لها نصوص قانونية والعكس أيضاً، مثلا عقوبة ضرب الزوجة وغيرها.

اليوم المملكة العربية السعودية تحاول جاهدة التخلص من آثار العزل والفصل الجنسي الكارثي في السابق وللأسف يأتي قومٌ صغار هدفهم الأساس التحريض على الدولة وقراراتها وإساءة سمعتها بتوافه «تسوّد الوجه»، ويتجاهل هؤلاء الصغار مسيرة السعودية للمضي نحو التقدم والانفتاح وتمكين المرأة، فهل نلوم النصوص أو الفكر المتطرف التحريضي أو أنفسنا؟ كيف بنا أن نواجه التطرف ونتبنى قيماً تسامحية تليق بنا؟
23:13 | 5-07-2022

فكا الوحش والموظف الغلبان

يسهم القطاع الخاص ممثلاً بالمنشآت الصغيرة والمتوسطة وحتى الكبيرة بنسبة كبيرة من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة العربية السعودية، صحيح أننا مازلنا في طور نمو القطاع الخاص ولكن التحديات التي تواجهنا كبيرة، فمنها: أن القطاع الخاص «أناني» ويقابل هذه الأنانية مواطن يبحث عن عمل فلا يجد سوى قطاع خاص ليقع ضحيته وسيكون في ذات الوقت مجبراً على البقاء بين فكي «الوحش». لن أناقش اليوم الصعوبات التي يواجهها القطاع الخاص فقد أشبع حديثاً ونقاشاً وكتابة، ولكنني سأقف اليوم مع أمثالي من الشباب الذين عادوا من رحلة البحث عن العلم والمعرفة ليجدوا بيئات أعمال متعبة ومرهقة.

في مقالي هذا الأسبوع أحببت أن أناقش حاجتنا كباحثين عن عمل يُشبع فينا الشغف والرغبة في الاستمرار على هذه الأرض دون اعتلالات نفسية، مكان عمل يحتوينا ويشجعنا على الولاء وحب العمل في القطاع الخاص وإنصافه وإعطائه حقه. للأسف القطاع الخاص بنى سمعة سيئة يحملها معه لحين إصلاح بعض الأضرار التي ارتبطت بمفهوم العمل في القطاع الخاص مثل: العمل طوال الأسبوع دون إجازة فيما عدا يوم الجمعة أي ثماني وأربعين ساعة عمل كاملة، أو العمل لساعات إضافية غير مدفوعة بعد الساعات الأساسية وبراتب لا يغطي هذا التعب، والبعد عن الأسرة حتى في إجازة عطلة نهاية الأسبوع، وهذا أيضاً يؤدي لانعدام الرضا عن أسلوب الحياة؛ لأنه فقد الاستقرار الأسري والشعور بوجود العائلة ودفئها. فالعائلة لا يوجد لديها أي يوم عدا يوم الجمعة للخروج والنزهات ولحضور فعاليات المواسم التي بذلت الدولة جهداً فيها لتلبي تطلعات جميع شرائح المجتمع، وتبقى الإشكالية الأساسية: عدم وجود وقت كافٍ في الأسبوع لهذه الفعاليات الجيدة لتقارب الأسر وراحة الموظف النفسية والجسدية وصحته الأسرية العائلية بحكم عمل رب الأسرة أو أفرادها في عمل في قطاع خاص يداوم أفراده ستة أيام في الأسبوع ويمتد هذا الأثر السلبي لدورة النظام الاقتصادي، ماذا يعني هذا الأمر؟ الموظف الذي يعمل ستة أيام في الأسبوع لا يجد وقتاً كافياً للخروج والتمتع بعمليات الشراء والتنزه وإنفاق المال على الترفيه ومشاهدة العروض المسرحية أو حضور الحفلات التي لطالما تمنى حضورها في وطنه بعد أن أتيحت الفرص لحدوث هذه الفعاليات والحفلات وغيرها بعدما كانت ضرباً من ضروب المستحيل، إذ لا وقت لديه لكل ذلك، بل إنه يقضي حياته مقيداً بمكتب وشاشة، ثماني وأربعين ساعة من أسبوعه في العمل محاسب عليها من غير التطرق لموضوع ساعات العمل في المنزل أو بعد الساعات الأساسية دون أن يكون هذا اختياره بل فرض عليه لأن هذا قانون شركته التي يعمل بها التي لو وجد منها مخرجاً لما تردد للحظة، ومن المؤكد عندما تعطي بيئة العمل الموظف ما يجعله سعيداً مرتاحاً مطمئناً وراضياً لشعر بالولاء، وعندما يشعر بالولاء للمكان الذي يعمل فيه لن يفارقه ولن يختار فرصاً وظيفية أخرى ويقضي حياته متنقلاً بين الوظائف يبحث عما هو مفقود من شعور بالراحة بل سيبذل جهده من أجل العمل الذي أعطاه حتى رضي براتبه وإجازاته وبيئة زمالته؛ لأن الإنسان بطبعه الوفاء لا الغدر. نتفهم جيداً مطالب ونصائح أشخاص بالعمل لساعات عمل تقارب الثمانين ساعة عمل وغيرها، ولكن الحقيقة أنه وللأسف قد لا يوجد لهؤلاء الأشخاص أسر أو أزواج أو أطفال فهم وحيدون تماماً، لذلك لا يمانعون العمل ثمانين ساعة عمل بلا تضجر، مقياسهم لا ينطبق على الأغلب، ومن المؤكد أن هؤلاء الأشخاص أكثر عرضة للإصابة بالاحتراق الوظيفي الذي تمتد تأثيراته النفسية والجسدية لكل أعضاء الجسم، وقد يؤدي في النهاية إلى تضييع كل شيء، وعدم القدرة على القيام حتى بالواجبات الأساسية التي كان الأولى أن تعطى الأولوية. الكثير من الأبحاث العلمية المنشورة نصحت أن لا تتجاوز ساعات العمل حد أربعين ساعة في الأسبوع، وبمجرد الابتعاد عن هذا الحد فإن الاحتراق الوظيفي والجسدي والخمول والضمور النفسي سيرافقه وسيبقى اضطراب ما بعد الصدمة يرافق الشخص فترة طويلة تؤثر على صحته العقلية.

المعضلة الحقيقية لدينا تقع في اختلاف نظام عمل القطاع الخاص عن القطاع الحكومي، فالقطاع الحكومي لدى موظفيه مجال ترابط أسري أكبر، فالإجازات مختلفة ومدتها جيدة ويعمل موظفوه أربعين ساعة بحد أقصى أسبوعياً تعطي الموظف الحس الجيد بالاستقرار، على عكس موظفي القطاع الخاص الذين يعانون كثيراً في موضوع الإجازات وموضوع ساعات العمل، وللأسف في كثير من المرات عدم الرضا عن الراتب أيضاً. نحن كأشخاص بالغين عاقلين اخترنا الانضمام لسوق العمل لدعم أنفسنا ووطننا في دورته الاقتصادية وأن لا نتعرض للاستغلال ولا نعمل بالمجان، وهدفنا الأساسي من البحث عن وظائف الحصول على بيئة عمل مريحة لا تؤدي للاحتراق الوظيفي، وعلى دخل جيد يكفينا لعيش حياة مثمرة تساعد على استمرارية الدورة الاقتصادية والاستقرار نفسياً، وعائلياً ومجتمعياً.
00:12 | 28-06-2022

فكرة أفلاطونية ونفقة معلّقة

عدت للكتابة بعد انقطاع طويل، فقد ألمّت بي متلازمة «جمود الكتّاب» التي وقفت أمام هيبتها عاجزة عن الكتابة.

أيقظ الحس الكتابي في داخلي النقاش السائد مؤخرًا حول النفقة ووجوبها من عدمه للمرأة العاملة.

بين كل النقاشات المطروحة في وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها لم أجد طرحًا جيدًا يتمحور حول إلغاء نظرة الأشخاص للزواج كعقد مُجرّد، والنظر له كشراكة فعلية لحياة يملؤها التفاهم والتناغم.

شراكة مقدسة كهذه في نظري تعني أن كل طرف من أطرافها يُعطي بدون اعتبار للحقوق والواجبات، بل بمبدأ العطاء المُطلق اللامشروط للوقت والمال والجهد والاحترام والحب والتقدير والامتنان، عطاء وتفاهم يتجاوز مفهوم «العلاقة التعاقدية» لمفهوم أسمى وأرقى من «الاستمتاع مقابل الإنفاق».

فالزواج ارتباط مقدّس يتخطى الماديات إلى اللامشروط.

أعلم أني أتحدث من منطلق مثالي قد لا يكون ممكناً وأن أفضل خيار لجميع الأطراف من وجهة نظر براغماتية (التعاقد وتحديد الحقوق والواجبات والشروط) ولكن حتى في ذلك تكون الشروط لحل معضلة جوهرية في مفهوم الزواج الذي يتطلب محاولة بائسة لحفظ حقوق بديهية لا يجدر حتى النقاش فيها ولا تتفق مع المفهوم الأسمى للعلاقة التي يُفترض أن تكون بين شريكين يُعطي كلٌ منهما الآخر لهدف جعل هذه الحياة قابلة للحياة.

فالمعنى الأسمى لهذه الحياة هي الراحة المطلقة والسعادة المطلقة، وبالمجمل أن كل شخص يحاول جعل هذه الحياة محتملة مع نصف آخر يساعد كلٌ منهما الآخر للمضيّ قُدمًا بأكبر قدر ممكن من الراحة والسعادة والاتفاق.

هذه الفكرة بالمطلق فكرة أفلاطونية ولكنها ممكنة التطبيق وقد تشكل حلاً جذريًا لمشكلة الطلاق التي بدأت بالظهور. لو حاول كل فرد منا النظر لهذه الشراكة كشراكة مقدسة لا شراكة مصالح لاختلفت الأمور كليًا وتحسنت بشكل كبير العلاقة بين الجنسين بالعموم.
01:20 | 20-06-2022