-A +A
وائل بن عبدالعزيز - كاتب سعودي WAILBARDI@
من وُلِد فوق ترابها، وخطى خطواته الأولى بين أركانهِا، وكبر يجوب حوارها، يعلم معنى «حبها واجب».. من ذاق ثمار نخلها، وشرب من نبع آبارها، وبدأ يومه يتطيب بعطر وردها، حكم على نفسه بالحياة المؤبدة بين لابتيها.

اسمها فخر لكل قاطنيها، تاريخها يعرفه القاصي قبل الداني، وهي حلم لكل إنسان مؤمن يعلم فضل أن يحيا بها ويدفن في أحضانها، أجواؤها عليلة تعلوها نسائم البساتين، حتى أزقتها نظيفة ومزينة بزخارف من صنع أهلها، «رواشينها» تزيد مِن جمال هندسة مبانيها.


الجيرة والأخوة حتى الغرباء منهم يعرفون في الشدة قبل الرخاء.. في العزاء يتسابقون في صلاة الركعتين وحمل الجنازة ودفنها بطريقة اللحد، ويتشاركون في نثر ركامها المباركة حتى يتم تسويتها، ولا يغادرون قبل أن يحمل أحد أقاربه أو أصدقائه أو جيرانه نفسه مسؤولية تحمل أي دين عليه لكائن من يكون، عنوان للوفاء والإخلاص بأن ييسر للميت حسابه داخل قبره وأن لا تعيقه ديونهِ، ومن ثم وقبل المغادرة يدعون بخالص الدعاء لعزيزهم المسافر بلا عودة بالرحمة والمغفرة والثبات عند السؤال.

في الأفراح تجدهم أول الحضور بقلوب نقية، مقدمين للعريس أو لوالده أجمل هدية، والأهل يساهمون بمشاعرهم الجميلة وأوقاتهم وأموالهم للزوج لكيلا يبدأ حياته الزوجية مثقلاً بهموم القروض، ومن أروع وأنبل ما تميز به تجارها أنهم يبيعون للفقراء والمحتاجين بمقابل «الصلاة على الحبيب المصطفى».

لن أستطيع وصف الراحة النفسية عند الصلاة بين حنايا روضتها الشريفة.. هل علمت الآن عن أي جنة أتحدث؟، عن مدينتي، مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم وخير أصحابه الصديق والفاروق وشهداء الحرة وأحد.

لو جف قلمي واستبدلت حبره ألف مرة لما وفيت حق وصف طيبة الطيبة، ولا بلغت نصف وصف نقاء أهلها.. ملخص ما أقول عن مدينة النبي صلى الله عليه وسلم.. «حُبك واجب».