-A +A
عبده خال
نعم نحن نعيش ثورة فنية لم يسبق للبلاد أن عاشتها فيما سبق من أيام، ولو أن سامعاً غاب عن الدنيا منذ سنتين وقلت له أن ثمة حفلاً موسيقىاً سيقام في السعودية لربما استرجعك:

ماذا تقول؟ ولن يصدقك ولو أقسمت أو حملت له منشورات أخبار تلك الحفلات.. لندع من هم في الخارج، وأسأل أكثر الناس تفاؤلاً في الداخل: هل كنتم تتوقعون أن تقام حفلات موسيقية في ربوع الوطن؟


ستكون الإجابة أننا نخلع أردية ونستبدلها بأردية تجل الفن وتقدمه كعصارة حضارية تم منعنا من ارتشافها عبر سنوات طويلة من التشدد، ولو أن هذه الحفلات أقيمت في عصر الصحوة لتقافز كل رجاله باتهام المجتمع وناسه بالفسوق والفجور.

نعم، الآن نعيش ثورة موسيقية تغطى على زمن التنادي على كسر العود ومنع الشباب من الاقتعاد على الرصيف من أجل سماع عزف بالعود أو الناي أو الكانج..

خلال الشهور الماضية أقيمت العديد من الحفلات الموسيقية من خلال موسيقيين عالميين وعرب، واستمتع الجمهور المحلي بالموسيقار المصري عمر خيرت، والموسيقار اللبناني إلياس الرحباني بمشاركة الأوكسترا المكونة من خمسين عازفاً لتقديم المعزوفات الحديثة والكلاسكية، وكذلك تمت استضافة الملحن وعازف البيانو اللبناني ميشال فاضل ليعزف مقطوعات موسيقية لأم كلثوم وفيروز.

وتم استضافة العازف العالمي ياني، ومن المفرح وجود الموسيقار العراقي الكبير جداً نصير شمة في المنطقة الشرقية ليقدم ثلاث حفلات موسيقية بمشاركة 40 عازفاً، والموسيقار نصير مقدم في كل شيء في أخلاقه وفنه، ولأنه عظيم الموهبة تجده في حالة تجدد وابتكار وينثر أحلامه أمامه، ومن أحلام نصير تأسيس أوركسترا بيت العود في المملكة، ولو فتحت له الأبواب فيمكن تذكر ما فعله زكي طليمات في الكويت حين عمل على إخراج مسرح الكويت الذي ظهر من خلاله عباقرة الفن المسرحي الكويتي، ولأن نصير شمة طويل الباع فسنفرح بأن يبنى لنا صرحاً شامخاً من الموسيقى الراقية.