-A +A
عبده خال
سبق وأن كتبت في هذه الزاوية طالبا أن تحل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، وبالأمس قرأت أن الهيئة رفعت طلبا للمقام السامي بمنحها صلاحيات جديدة تخولها تأدية عملها في مكافحة الفساد.

وكانت حجتي أن وجود «نزاهة» بصفتها الحالية يعد هدرا للمال العام من خلال الميزانية التي تنفق عليها من دون أن تقوم بدور مضاعف للأجهزة الرقابية، هذا إن لم يكن وجودها معرقلا بيروقراطيا في تباطؤ العدالة الناجزة، وهذه الجزئية تظهر من خلال الصلاحية التي تنفذها «نزاهة» بإحالة مخالفات الفساد المالي والإداري للجهات المسؤولة، أي منح المخالفة عمرا مديدا بواسطة إدخال المخالفة إلى قسم الصادر والوارد، عندها تقوم «نزاهة» بدور المعقب والاطلاع على مجريات التحقيق ومتابعة نتائجه.


ولو أن «نزاهة» أسست لوجودها وجودا فاعلا من خلال الصلاحيات والقوة التي ولدت بها والتي منحتها جواز عبور مفتوح لأن تصل إلى أي نقطة تكتشف بها فاسدا، وهذه الميزة تمنحها سرعة البت والقفز على الإجراءات البيروقراطية والتسريع بإحقاق الحق، إلا أنها فضلت اتباع المثل الحركي الشهير «فين أذنك يا جحا...».

ومنذ أن بدأت «نزاهة» عملها وهي تسلك طرقا بطيئة لهدر الوقت والمال في متابعة القضايا الضعيفة، ومنذ أن استخدمت المواطن في أن يبلغ عن أي فساد أظهرت عجزها وعدم مقدرتها على استغلال الميزة والقوة التي منحها النظام دعما نافذا من خلال مرجعيتها المباشرة.

وللأمانة لم تفعل «نزاهة» أي أثر متجاوز لمن سبقها من أجهزة الدولة الرقابية في مكافحة الفساد سوى أن وجودها ساهم في زيادة العدد والمشاركة في إعادة العجن.

وإذا كانت الهيئة لا تزال تطالب بمنحها الصلاحيات الجديدة في استرداد الأموال المهربة للخارج فنحن نقول لها قبل أن تستردي الأموال المهربة للخارج، فعّلي محاصرة الفساد في الداخل.

وإذا كانت الدولة تبحث عن ترشيد في الإنفاق فيجب الالتفات إلى الأجهزة والهيئات غير الفاعلة، مثل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، فترشيد الإنفاق هو أدعى لتقليل هدر المال العام في جهات لا تمثل شيئا ذا أثر في بناء منظومة التنمية.

ولأن الهيئة ظلت بهذا التقاعس أجدني أرفع التماسا أن تحل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وتحفيز الجهات الرقابية الأخرى أن تواصل مجهوداتها في الكشف عن الفساد.

Abdookhal2@yahoo.com