-A +A
حمود أبو طالب
المباني المدرسية وصل موضوعها إلى درجة أن يكون لغزا يصعب تفكيكه، مع أن القضية بسيطة جداً، وجود أرض ومبلغ مالي معتمد لإنشاء مبنى عليها يناسب البيئة المدرسية. الأراضي كانت شحيحة جدا لأنها منهوبة لكن الدولة استعادت في السنوات الأخيرة مئات الملايين من الأمتار في داخل المدن وأطرافها تكفي لإقامة مجمعات حكومية ضخمة وليس مدارس فقط. والمال كان موجوداً بكثرة فقد بلغت ميزانيات وزارة التعليم أرقاما فلكية خُصص جزء كبير منها لبناء المدارس، وقد سمعنا في ما سمعناه عن تعاقد الوزارة مع شركة صينية لبناء عدد كبير من المدارس بمواصفات جيدة ونموذجية، ولكن هذا المشروع اختفى فجأة ولم نعرف لماذا أو أين تلاشت الميزانية المخصصة له، لنعود مرة أخرى إلى المربع الأول، مبانٍ حكومية قليلة ومبانٍ مستأجرة يُحشر فيها الطلاب والطالبات كعلب الساردين.

ويوم أمس فاجأتنا وزارة التعليم بخبر عن إلزامها لإداراتها في المناطق والمحافظات بألا يتجاوز المبلغ للمبنى المدرسي المستأجر ١٠٠ ألف ريال سنويا بعد أن كان المتوسط ٢٠٠ ألف ريال، ولأن معظم المباني المستأجرة تكون في الأحياء المأهولة ذات الكثافة السكانية العالية فإن السؤال المنطقي الذي يوجه للوزارة هو كيف يمكن استئجار مدرسة بمبلغ ١٠٠ ألف في السنة، نحن نقول مدرسة بكل مستلزماتها الضرورية وليس شقة سكنية حتى لعزاب وليس عائلة في بعض الأحياء.


إذا كان التقشف وترشيد المصروفات عنوان المرحلة فإنه لا يجب أن يطال المدارس بهذا الشكل المبالغ فيه. هناك دوائر حكومية لا يمكن مقارنة أهميتها بالمدارس يتم استئجارها بالملايين، وهناك مصروفات ضخمة في وزارة التعليم ذاتها لا علاقة لها بالعملية التعليمية يمكن ترشيدها أو حتى الاستغناء عنها، أما استئجار مدرسة بهذا المبلغ فإنه إما مستحيل أو أن يكون المبنى متهالكا يشكل خطرا على الطلاب أو ضيقا جدا، بحيث يتكدسون فيه بشكل غير صحي وغير آمن وغير مساعد أبدا على أي أداء تعليمي.

فكروا جيدا يا وزارة التعليم، لأن التعليم منطقة حساسة لا تقبل إقحامها في برامج الترشيد بهذا الشكل.