-A +A
عزيزة المانع
كلما تطرق الحديث إلى الثقافة في بلدنا وما هي فيه من التهافت، تذكر الناس المسرح، فأخذوا يعددون مزاياه وما تخسره الثقافة بغيابه.

المسرح منبر فني وفكري حر، ومن فوق خشبته يمكن تقديم النقد السياسي والاجتماعي والفكري بصورة فنية بديعة، أو بشكل ساخر كوميدي جذاب، كما أن المسرح له دور لا ينكر في قيادة التطور الفكري ونشر الوعي في المجتمع، فهو المرآة التي يرى فيها المجتمع ما فيه من عيوب وتناقضات، ولذلك فإن غياب المسرح عن ثقافة المجتمع يفقدها كثيرا من ثقلها وقوة تأثيرها.


قد يكون هذا القول صحيحا، لو أن المسرح المرجوة إقامته سيمارس دوره الفعلي حقا، لكن ما يغلب على الظن أن الأمر لن يكون كذلك، تماما كما هو حال الجامعات، فجامعاتنا التي من المفترض أن يكون لها دور ملموس في تأسيس نهضة فكرية شاملة في المجتمع، ومشاركة فاعلة في الحياة الاجتماعية والسياسية والفكرية، تبتعد عن ذلك كله وتحصر نفسها في وظيفة التعليم وحدها، إما خمولا منها، وإما طلبا للسلامة والنأي بالنفس عن الوقوع في مشكلات قد تنجم عن المشاركة، فالتوعية الفكرية ونقد عيوب المجتمع عمل إصلاحي، والمصلحون غالبا يقابلون بالرجم والأذى.

ولذلك، قياسا على الجامعات، فإن المسرح في حال وجد لن يكون وضعه مختلفا عنها، ومن المحتمل أن يحجم عما هو متوقع منه من إسهامات فكرية ونقدية، ويحصر نفسه في أشكال متدنية من التهريج والعبث، وبالتالي لا يكون لوجوده أي تأثير ذي قيمة على الثقافة، فالثقافة لا تستفيد من تعدد أشكال المصادر الثقافية كالمسارح والموسيقى والمتاحف والمعارض وغيرها، إذا لم تكن تلك المصادر في منأى عن القمع والحظر، تملك مساحة كافية من حرية التعبير والاختيار. أما بدون ذلك فلا أمل في رقي الثقافة، مهما تعددت وتنوعت مصادرها.

والخلاصة هي أن المسرح كي يؤدي دوره المتوقع منه، يحتاج إلى حرية، ومساحة واسعة للتحرك بعيدا عن قبضة الأيدي التي تعد عليه حركاته وترصد أنفاسه، وما لم يتوفر ذلك في الثقافة القائمة، فإن وجود المسرح فيها وغيابه سيان.

azman3075@gmail.com