-A +A
بشرى فيصل السباعي
التمرس يعني؛ ممارسة الأمر والتدرب والتكيف والخبرة الناجحة فيه، وأثر التمرس بضغوط الحياة بأنواعها له مثال أثر التمرس بضغط رفع الاثقال على عضلات الجسد لدى من يمارسون الرياضات الجسدية، فهي تجعل عضلاتهم أقوى وأقدر، وفي الدراسات النفسية التي سعت إلى رصد صفات الناجحين والسعداء تبين أن الصفة الأساسية فيهم هي؛ صفة المرونة والتكيف مع كل صعاب وتحديات وضغوط ومشاق الحياة والمنظور المتفائل تجاهها، فالمنظور المتفائل لا يعني التعامي عن رؤية الجانب السلبي بالحياة، إنما يعني النظر إلى الجانب السلبي على أنه من قبيل الضغوط التي يجعل التمرس بها الإنسان أقوى وأقدر، وعلى سبيل المثال؛ يلاحظ عبر التاريخ أن العظماء بمجالات العلوم المختلفة والفكر والثقافة والفنون والاكتشافات والاختراعات والتكنولوجيا التي مثلت نقلة نوعية للبشرية جمعاء لم يكونوا من الطبقة المرفهة إنما كانوا من الطبقة الوسطى والطبقة المتواضعة مع أن الطبقة المرفهة عادة يحظى أبناؤها بالتعليم بأفضل المدارس والجامعات، والسبب أن أبناء الطبقة المرفهة لم يتمرسوا بالضغوطات التي تقوي عضلاتهم الفكرية والنفسية، بينما من تمرسوا بالضغوط بشكل إيجابي تمكنوا من تحقيق نجاحات خالدة يحسدهم عليها المرفهون، ومثال آخر؛ فبالنسبة للشباب الواسع الاطلاع الذي لديه شكوك دينية يفضل أن تتم توصيتهم بمطالعة مؤلفات العلماء والمفكرين الغربيين التي تثبت حقائق الإيمان الأساسية لأن علماء ومفكري الغرب لتمرسهم بضغوط تيار الإلحاد صارت حججهم أكثر تطورا وتعقيدا وإقناعا بحيث يمكنها بشكل جذري وبمنهجية علمية دحض مزاعم الإلحاد كما بنظرية «Irreducible complexity - التعقيد غير القابل للاختزال» للبروفيسور المتخصص بالكيمياء الحيوية «مايكل بيهي» التي تثبت استحالة نظرية التطور الدارويني، وأيضا الحساب الرياضي لاحتمالات تولد الحياة بعناصرها الأساسية بطريق الصدفة توصل لأرقام تثبت استحالة الصدفة، ونظرية «Fine-tuned Universe - الضبط الدقيق للثوابت الفيزيائية الكونية»، وإثبات وجود الروح بجمع الأطباء لشهادات من مروا بخبرة خروج الروح من الجسد بالموت المؤقت قبل إنعاشهم «OBE-NDE»، بينما لعدم تمرس أهل الشرق بالضغوط الفكرية بقي منطقهم سطحيا ويفتقر للتعقيد المقنع، ومن جهة أخرى يمكن رؤية أن أثرى المجتمعات ماديا والتي يعيش فيها الفرد بمنظومة حمائية ماديا ومعنويا هي غير منتجة للعلوم والفكر والثقافة والفنون والتكنولوجيا والصناعات، بينما المجتمعات المنتجة لها يكون للفرد تمرس كبير بالضغوط المادية والمعنوية بأنواعها، والخلاصة؛ أنه لا جدوى من المراوحة بمشاعر التململ من أنواع الضغوط واعتبارها سلبية الأثر، فكل ما بالدنيا محايد بذاته والإنسان بنمط تعامله معه يجعله إيجابي أو سلبي الأثر والعاقبة.