-A +A
حمود أبو طالب
مشكلة التنظيمات المؤدلجة أنها لا تعي أهم أساسيات ومفاهيم وحقائق علم الاجتماع السياسي وأنماط التحولات المستمرة للشعوب كتفاعل طبيعي مع التجارب التي تمر بها، هي تعتقد أن الفكرة التي تعتنقها والنظرية التي تتبناها قادرة على الحياة وقابلة للتطبيق في أي زمن، رغم الفشل الكبير المتكرر لكل المحاولات السابقة. ولعل تنظيم الإخوان المسلمين أبرز مثال على هذا الوهم والهلوسة السياسية واستنقاص وعي المجتمعات في الاستفادة من التجارب التي مرت بها.

لقد دعا تنظيم الإخوان إلى ثورة جديدة في مصر بتأريخ 11 نوفمبر مستعيناً برموزه وكوادره وعملائه وآلاته الإعلامية وداعميه من أنظمة ومنظمات خارجية، حاول التحشيد ضد الدولة المصرية مستغلاً الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها مصر حالياً، هكذا وبكل سذاجة وبساطة ظن أن الشارع المصري سوف يستجيب لدعوته بإحداث الشغب والفوضى والإخلال بالأمن والنظام.


مر يوم 11 / 11 في مصر بهدوء كأي يوم آخر وهي تستضيف قمة المناخ وتشهد مؤتمراً دولياً حضره كثير من زعماء العالم، لم يحدث شيء في الشارع المصري؛ لأنه فهم الدرس جيداً، واستوعب تجربة الإخوان السابقة في مصر عندما قفزوا إلى السلطة وكادت مصر تنهار في فترتهم، ليثور الشعب عليهم لاحقاً ويزيح كابوسهم، وتبدأ دولة جديدة وطنية تحاول منذ بدايتها ترميم الخراب الذي حدث منذ 2011، وتبني مصر من جديد وفق رؤية واضحة وأهداف محددة.

لا جدال على حساسية الظروف الاقتصادية في مصر الآن، لكنها نتيجة تراكمات طويلة، والتغيير الصحيح إلى الأفضل لن يتحقق دون تحمل متاعب مرحلية وبعض الأثمان الحتمية للخروج من عنق الزجاجة ثم استقرار الأوضاع لاحقاً. الشعب المصري استوعب هذه الحقيقة بعد تجربته المؤلمة منذ ثورة 2011 التي قفز عليها تنظيم الإخوان حتى إزاحتهم. إنه يريد التغيير للأفضل ولكن بواسطة الدولة التي تحافظ على أمنه ومقدراته وحاضره ومستقبله، وليس على يد تنظيم ملوث بالخيانة والعمالة، لا يهمه الوطن ولا أهله.

فشل تحريض 11 / 11 تماماً، ولم يحرك ساكناً في الشارع المصري؛ لأن وعي الشعب أكبر من أن يعير أدنى اهتمام لدعوة تنظيم أصبح بنفسه يسارع إلى إعلان شهادة وفاته.