-A +A
أنمار مطاوع
المجموعة المقصودة هنا هي مجموعة الواتساب.. هذه المفردة الثقافية الجديدة التي بدأت بمفهوم (لم الشّمل) وانتهت بالرغبة الملحّة في الخروج.

يمر بعض الأعضاء في كل مجموعة على الواتساب بمراحل وأطوار متعددة في مساء واحد.. تبدأ مرحلة (التجاوزات) من بعد صلاة العشاء إلى ربما منتصف الليل أو زيادة عليه أو نقصان منه قليلاً.. ثم تبدأ مرحلة أخرى وهي مرحلة التطهير؛ أي إرسال التوجيهات والنصائح والتثقيف الديني كنوع من التكفير عن الذنب.. ثم عند الفجر تبدأ مرحلة التصوف والأدعية والأذكار.. وليس من الغريب أن يمارس نفس العضو هذه المراحل الثلاث خلال مساء واحد.(!!)


كل من لديه واتساب لابد وأن يكون ضمن مجموعة أو أكثر.. بعض تلك المجموعات يتمنى الخروج منها في أقرب وقت ممكن. البقاء فقط بسبب الإحراج؛ سواء في مجموعات الأصدقاء القدامى أو زملاء العمل والدراسة أو الأهل والأقارب.. الخروج منها أكثر صعوبة من الدخول فيها.

ما تشهده كثير من المجموعات هو الخروج رسمياً عن الانضباط؛ خصوصاً عندما يأخذ بعض الأعضاء راحتهم فتظهر بعض السمات غير المحببة. كثير من المجموعات تمارس التنمر على بعضها البعض وربما على الآخرين من باب الاستظراف والفكاهة، وهي في الحقيقة تطاول على الإنسانية والأخلاق -التي ينادون بها من بعد منتصف الليل حتى الصباح-.. إضافة إلى ممارسة العنصرية بشكل أو بآخر حد التقزز سواء بالألفاظ أو الصور أو الشعارات والتلميحات الساقطة.

بعض المجموعات تستجدي الآخرين ليدخلوا فيها.. وتدعي أنها مجموعات مميزة.. وفي النهاية هي لا تختلف عن بقية المجموعات في شيء.. ربما قليل من التطاول أو زيادة في التفاخر بالولاء والانتماء أو الهياط المعنوي وأخلاقيات مسيلمة الكذاب. بعض المشاركات توحي بأن الأخلاق واللياقة انسحبت تماماً من الساحة وتركت المجال لثقافة الخروج عن النص مع سبق الإصرار والترصد.

في ظل هذه الظروف يولد العضو الصامت.. أو الساكت تأدباً.. الذي لا يحب المشاركات ويرى أن أي مشاركة تعتبر مساهمة مباشرة في هذا التهريج الجماعي. العضو الصامت هو الأكثر انضباطاً.

كاتب سعودي

anmar20@yahoo.com