-A +A
فؤاد مصطفى عزب
في فيلم «هيلاري» والمكون من أربعة أجزاء، والذي يمتد من حياتها في شيكاغو إلى التحاقها بجامعة «ييل» للقانون، إلى اكتسابها لقب سيدة البيت الأبيض الأولى، مرت «هيلاري» في الفيلم مرور الكرام على قصة خيانة زوجها لها، والذي تسبب في محاكمته عام 1998، لعزله، ونجا من العزل ولم ينج من عقوبة استمرار العيش مع «هيلاري» في مشهد كابوسي، حيث تحول البيت إلى سطح محروق، لم يعد مكاناً لولادة الأحلام، بل مكاناً لخلق المواقف المختلفة والمتنافرة، ومنطقة رماية للأحذية، في حياة منزوعة الاهتمام، وحمام الضحك الحقيقي يتمثل في ذلك الإحساس الذي يعيشه «بيل كلنتون» إحساس من تتحرش شعرة ببلعومه كل يوم، يجدها تمتد إلى سندوتش الصباح، كلما يسحبها من فمه، تخرج بدفقة من القيء، فيقذف بالسندوتش في بركة من القيء، ويقوم بتنظيف المكان، هذا ما أتصوره سيناريو العيش مع امرأة مثل «هيلاري» والتي تشبه إلى حد كبير مكنسة التنظيف الكهربائية، دائماً أطرافها متسخة بأوساخ متجمدة، مهما حاولت تنظيفها، وفي الوقت الذي اعتبرت «هيلاري» أن لحظات الهوان الفعلي بالنسبة لها، كانت خسارتها المفاجئة لانتخابات الرئاسة الأمريكية في عام 2016، إلا أنه من وجهه نظري أن ما أفسد عليها حياتها وأصابها بارتباك، وجعل أيامها كاملة في قائمة المأساة والسخرية كون المملكة العربية السعودية أفشلت مخططها الساعي إلى تقسيم الدول العربية، والسيطرة الكاملة على منابع النفط، والمنافذ البحرية، وكانت أكبر جنازة شهدتها، وسيتكلم عنها البشر ولعقود كما لم يتكلموا عن جنازة من قبل توبيخ العاهل السعودي لها لموقفها من الأحداث، وحالما سقطت «هيلاري» ومشروعها، سقطت فروع شجرتها عمداً فوق رؤوس باعة، قصدوا ظلها نهاراً، ولم يعلموا عمق سواد ليلاها، شجرة خزت بسهامها، عيون «أحفادها» الحالمين، الطامحين، ممن وضعوا ضمائرهم في أحذيتهم، بحثوا عندها وفي نهم عن علو مصطنع، صبية كانوا يلعبون «الغميضة» خفية عن أوطانهم، وعدتهم «هيلاري» بأشياء كثيرة، كان المشهد لديهم أنهم يقفون على كتف مريض بغرفة العناية المركزة، بانتظار اللحظة المناسبة في الميراث، مجموعة تورطت في «خيانة وطن» وأي عمل كهذا هو أمر بالغ الخسة والقسوة مهما كان الثمن، مهما حاول المتورط الاحتفاظ بميزة المشاعر «الباردة» والتي لا تتوفر إلا في «مواطن لص» وحاصل على لقب «مع نفسه» لص متورط انتقل من سرقة «تكنلوجيا الاتصال» إلى محاولة «سرقة بلد» إنسان يتجاهل التفكير في الموت والحياة بشكل متواز، ويعيش بالمشاهدة الوهمية، والتي لا تتضمن ذرة من شعور إنسان يحب مشاهدة المذابح، مثلما يشاهد الرقص الشرقي، فكلاهما لهما من صفاته الشخصية نصيب، ولأن الزمان انسلخ على وجوههم مثل جلد الثعبان، أخذوا يطلون من شبكات التواصل الاجتماعي مؤخراً، وفي استجداء مفضوح لأي مشترى، وكرد فعل عقل وجد نفسه في ورطة، ويرغب في الهرب من مأزق لمأزق آخر، حمام ضحك، لحمقى لا يفكرون الآن سوى في طعامهم وشرابهم ومن يدفع مكان إقامتهم، أحفاد مشروع «هيلاري التجريبي» يعاودون الآن نفس الصيغة المكررة «للربيع العربي» في مكان آخر، على الأراضي الأمريكية، وفي سبيكة تحمل ختماً لا تخطئه العين، نفس الفيلم، نفس السيناريو، نفس المخرج الصامت الذي يمارس الغياب البارد، ويحرك كل شيء عن بعد، ويجعل أحفاده يمارسون الإرهاب السياسي بوحشية، وينتشرون في الشوارع كالإعصار مدمرين كل شيء، بدايات جديدة، بخبرات قديمة، يعاد تكرارها، ليس لمجرد التكرار، ولكن بهدف فارق زمني، بين لحظة تكون فيها، ولحظة لا تكون فيها، مهما كان الأمر، هو في النهاية بالنسبة لي، حرق غابة لقتل وحش داخل الغابة!!.

كاتب سعودي


fouad5azab@gmail.com