-A +A
أروى المهنا
كيف لي أن أوضح للسائل بكلمات بسيطة مختصرة أننا نختلف بالتفكير ونختلف بالطريقة التي نعيش بها، وأننا مقيدون بمعايير تفرضها علينا المجتمعات أو الأصوات في فضاء هذا العالم من غير مبرر لذلك، وكأنها جزء من المُسَلَّمات غير القابلة للتغيير أو التفاوض، حقاً ‏أصابتنا تخمة المسلّمات، مسلّمات النشأة والطوائف والمجتمع، هذا الجمود الذي لايرينا أبعد من إصبعنا، يحدث عندما نعتزم تجربة شيء ما جديد لا ننصرف تجاه الفكرة بجرأة بل بكثير من التردد وكثير من الاحتراز وعلامات التعجب ! وهكذا نقتل بشكل مباشر حس المغامرة ! الأسئلة الكثيرة والتوجس يفسد التجربة، أتُرى يستحق ؟ أن نسير وكأننا رجل آلي، يعلم أنه لن يحيد عن المعادلة الرياضية ذاتها ؟ وإن فعل سيتوقف عن العمل ؟. التعبير عن آرائنا هو نوع من أنواع المقاومة أيضاً ! أن لا نكون مجرد عدد زائد وسط هذا الانجراف الخطير تجاه أي شيء وبشكل مبالغ في أحيان كثيرة ! الإصرار الحقيقي أن نكون نحن، أن نفوز بنا ! أن نمثّلنا أمام المرآة صباحاً ! أن يكتشفنا أطفالنا في مرحلة ما مدركين حقيقة جديدة بعيداً عن الصور النمطية التي تشبعنا بها ! في خضم ما نمر به جميعاً دون استثناء تفرض العزلة نفسها، وتفرض نفسها في الوقت ذاته الأصوات المنادية بتشكيل عزلتك بالطريقة التي يقال إنها نموذجية أي بالشكل العام لها، والمؤطرة بكلمات مثل ضع جدولاً، قم بالفعل المعين، رتب مكتبك، اقرأ عدداً معيناً من الكتب، جدول أفكارك، مارس رياضتك، قم وافعل وافعل وقم وإن لم تفعل أياً من هذا يراودك شعور بالكسل والإحباط والإرهاق النفسي الجارح.

لست ضد الأفكار والتوعية حول مانشيتات العزلة أينما ذهبت لكني ضد أدلجة العزلة وتنميطها، لست ضد المبادرات لكني ضد الترويج لها بشكل مبالغ، أعجبني تعليق الكاتبة نادية الشهراني حول هذا الإشكال في موقع التواصل الاجتماعي توتير عندما قالت «يضايقني إشعار المتلقي بالذنب لأنه لا يكتب أجندة إنجازات. العزلة تحد كاف ذهنياً وجسدياً ونفسياً واجتماعياً والبشر يختلفون في مرونتهم النفسية للحالات الطارئة» وكما يقول فرانز كافكا «أرغب في عزلة تخلو من التفكير، أكون فيها وجهاً لوجه مع نفسي» وأخيراً للأصوات البعيدة والحرة عبثها الدائم في سماء الأفكار.


arwa_almohanna@