-A +A
علي بن محمد الرباعي
ينتاب القلق الأب والأم عندما يخبرهما طبيب عن ضعف مناعة ابنهما أو ابنتهما. ما يحفزهما لتلافي المخاطر والمحاذير. ضعف المناعة له علاقة بالجينات الوراثية وصحة الوالدة ومؤثرات أخرى منها الرضاعة الصناعية ما يمكّن البكتيريا والفطريات من مهاجمة الجسد الغض بسهولة.

المجتمعات الناشئة أو طارئة التحديث أو محدثة النعمة أشبه بالطفل المنقول من ثدي أمه إلى القنينة والبودرة المصنعة. وربما تظهر على الطفل الصناعي إمارات النمو وزيادة الوزن والانتفاخ السريع فيظن الوالدان بأنها عافية، وهي عافية لكنها ليست حقيقية بل شكلية.


كما تضعف مناعة الطفل تضعف مناعة المجتمع وتكتشف الوضع المؤسف عندما تحدق بالمجتمع مخاطر أو تمر به أزمات تضع أفراده على المحك وتمررهم تحت مجهر المراقبة وترصد حركتهم وأولوياتهم، وأبرز اهتماماتهم، وطريقة تعاملهم.

يبتهج المراقب بالتحولات للسلوكيات من السلبية إلى الإيجابية. كما يحزن ويستاء من إصرار البعض على ارتكاب تجاوزات أو حماقات في أوقات عصيبة، وبتجاهل كبير لما يترتب عليها من إساءات لأقرب الناس إليه والبعض قلّ ما يفكّر في عواقب الأمور، وغاية ما يطمح إليه قليل الوعي أن يُطلق عليه القرناء (طويل الذراع).

بمرور الشهر الأول منذ وصول وباء كورونا لبلادنا ونحن نرى ونسمع ونشاهد ظواهر وحالات من مواطنين أعمارهم متفاوتة وأجناسهم مختلفة ويجمعهم التجانس والجهل فيقعون في المخالفة والمجاهرة ما يثير الشفقة من جانب والاشمئزاز من جانب آخر فتغدو (مشفئزا) مما يقع فيه هؤلاء ويوقعون غيرهم ممن لا ذنب لهم سوى صلة قرابة بأحمق أو حمقاء لا اختيار لك فيها.

اشتغلت مجتمعات بأكملها وانشغلت شعوب بمجملها بمواجهة فيروس كورونا بالوقاية واتباع أساليب ووسائل تدل على التمدن، منها لزوم البيت أو مقر السكن، وبعضنا يتباهى بخرق منع التجول بسبب نزوة أو رغبة أو طمع بشهرة أو بدعوى التوكل وذريعة الثقة ما يفرض علينا أسئلة عن تعليمنا وإعلامنا ومساجدنا وما تركته فينا من مفاهيم أخلاقية ومبادئ وطنية واعتبار لقيمة الحياة.

صحة وطننا وأهلنا من صحتنا وكلما تعاضدنا وتكاتفنا وتوحدنا في مواجهة الوباء أمكننا القضاء عليه.

الفتُّ في عضد مؤسسات الدولة ورجال الأمن ليس بطولة ولا مفخرة. وسنظل بحاجة لرفع وتعزيز معدل النمو في مناعتنا الوطنية وإعادة النظر في طريقة حياتنا ومنهج يومياتنا، ومن الواجب قراءة المشهد كاملاً بعد انتهائه وتقييم كل ما له صلة بما حدث إنساناً ومكاناً وإمكانات فهذه مجرد رسالة.

* كاتب سعودي

Al_ARobai@