غلاف الكتاب.
غلاف الكتاب.
رشيد الخيون
رشيد الخيون
-A +A
علي الرباعي (الباحة) Al_ARobai@
روى الباحث العراقي رشيد الخيون في كتاب (بلاد الرافدين ثوابت الجغرافيا وصور التعايش) الصادر عن دار لندن 2020، قصصاً وجدها متفرقة بين صفحات الكُتب التُّراثية، في محاولة لتكريس التَّعايش، وجمع الكتاب بين الفائدة والمتعة، معززاً بأقوال وأفعال الأولين، بدءاً من شيخ مسلم يدرّس التوراة والإنجيل في مسجده، مروراً بوجيه شيعي يؤسس حزباً وطنياً مع وجيه سنِّي، على قاعدة الوطن.

وأكد الباحث في كتابه أن البلدان المختلطة، قومياً ودينياً ومذهبياً، لا تستقر ولا تنمو إلا بتكريس فكرة التّعايش، وتحفظ الكتاب على نعت العراق بالعنف الدموي، أو العصيان المتواصل، الذي لا يخفته ولا يكبحه إلا شخصيات من صنف ولاة أشداء قساة، على نموذج الحجَّاج بن يوسف الثّقفي (95هـ 713 ميلادية)، في العصر الأموي.


وحمّل السّياسة مسؤولية اضطراب التّعايش بين أهل الجُغْرافيا الواحدة، كما أنها سبب في استعادة الألفة ومن ذلك ما شهده عام (1920) حينما تمكن السّياسيون من الجمع بين المولد النّبوي وعزاء عاشوراء.

ويرى أن الجماعات الدينية السياسية، شيعية كانت أو سنّية وهي تتصدر الواجهة في السياسة والسلطة ليس بإمكان شخوصها الاستغناء عن ذلك الإرث، وعلى وجه الخصوص إذا وجدته وسيلة لجذب وتأييد الأتباع، فتداوم على إبرازه والتذكير به بين فترة وأخرى، خشية من تخلخل الصف الطائفي خلف قيادتها.

وعد الأخطر على العراقيين، ما يصرح به ويفتي رجل الدين ضد الأديان أو المذهب الآخر في مجلس محدود، من منبر خطبة جمعة أو حديث مِن على منبر مجلس حسيني، ويبث عبر الفضائيات، التي تمتلكها جماعات وكيانات متنفذة، ويسمعه الملايين.

وعزا الاضطراب الاجتماعي المتعاظم اليوم، إلى احتقانات متراكمة أغفلت محطات التّسامح والوئام عبر التَّاريخ. ونقل عن قاضي قضاة الإسلام يعقوب بن إبراهيم الشّهير بأبي يوسف (ت182هـ 798 ميلادية) الرّواية التّالية، التّي أنقذت المجوس وتركتهم أحياءً ومعترفاً بهم: إذ ذُكر لعمر بن الخطاب، رضي اللّه تعالى عنه، قوم يعبدون النّار، ليسوا يهوداً ولا نصارى ولا أهل كتاب، فقال عمر: ما أدري ما أصنع بهؤلاء؟ فقام عبدالرّحمن بن عوف، رضي اللّه تعالى عنه، وقال: «أشهد أن رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، أنه قال: سنّوا بهم سُنَّة أهل الكتاب».