-A +A
فهد البندر fahadalbandar@
كانت اللغة العربية لغةً محكيةً مرتبطةً بسليقة أهل الجزيرة العربية وفطرتهم، تثريها بيئتهم بما يناسبها من تعابير وألفاظ. ومع بزوغ نجم الدين الإسلامي واتساع رقعة بلاد المسلمين، وشروعهم في بناء الدولة، كثُرت المراسلات بينهم، وقادت فتوحاتهم شعوباً لم تنطق العربية قط، فأصبحت جزءاً من المجتمع العربي، فصارت الحاجة ملحة لضبط قواعد اللغة العربية حفظاً لها مما يداخلها ويخالطها من الشوائب التي تشوبها.. وقد كان ذلك أمراً شبه مستحيل، لولا وجود عدد من علماء اللغة الذين رهنوا حياتهم لها، ومنهم:

الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي الأزدي اليحمدي، أبو عبد الرحمن، ولد سنة 100 للهجرة في عمان وتوفي في البصرة سنة 170 للهجرة، وهو إمام في اللغة والأدب، صاحب معجم العين، وهو من وضع علم العروض، وقيل إنه درس الموسيقى والإيقاع فأجادهما أيّما إجادة، عاش زاهداً بالدنيا، وكان متقطع القدمين، مغموراً في الناس لا يكاد يُعرف. قيل عنه: ما رأى الراؤون مثل الخليل ولا رأى الخليل مثل نفسه.


يعدّ رأس المدرسة البصرية في النحو، له كتب عديدة منها: «معاني الحروف»، وألّف كتاب «العروض»، وهو كتاب وضعه الخليل بن أحمد في بحور الشعر العربي وأوزانها، تناول فيه تعريف الشعر والعروض، ووضح كيف استنبط علم العروض، وحصر أقسامه في خمس دوائر عروضية استخرج منها خمسة عشر بحراً، وهو من قام بتغيير رسم الحركات للتمييز بين تنقيط الحركات وتنقيط الإعجام.

وكان الفراهيدي شاعراً إلى جانب كونه عالماً لغوياً، إلا أنّ ما وصل من شعره قليل.