-A +A
ريهام زامكه
أرجو من المسؤول عن نشر مقالي ألا ينتقي معه صورة كاريكاتيرية تعيسة، فيكفيني من الهم ما أصابني، إذ تبدأ قصتي حينما قبلت دعوة صديقة (لا بارك الله فيها) لحضور أمسية زعمت وكذبت عليّ أنها ستكون أمسية حافلة بالبسط وهز الوسط، ولأني إنسانة مجبولة على حُب الحياة ما استطعت إليها سبيلا لبيت الدعوة ويا ليتني لم ألبِّها !

كان المجلس مُكتظا بنساء مُختلفات فكرياً وبعضهن (مُتخلفات) وغريبات الأطوار، وكان الحديث إجمالاً من المهتمات بالشأن العام عن حال المرأة كيف كان، وإلى أين وصلت ؟ وفي الجانب الآخر بعض من المهتمات بتوافه الأمور الدنيوية كخلطات تفتيح البشرة والبهارات المثالية لكبسة الحاشي !


دخلت وأنا (أتبختر) كالطاووس، أمشي الهوينا يتبعني ظلي وأتبعه، ثم جلست بكامل وقاري و(كشختي) بين البين، أستمع كعادتي أكثر مما أتكلم، فسألتني إنسانة محسوبة على البشرية، ثقيلة وزناً وطينة، كانت تجلس بجانبي، هل ستقودين السيارة ؟ فقلت لها والمانع ؟! قالت والله إنها لفتنة سوف تؤدي إلى المفاسد !

أعتقد أن عداد الزمن متوقف عند هذه المرأة المسكينة وكل من يحمل نفس فكرها ونهجها في الحياة، وهذا هو السبب الحقيقي لتأخرنا من اللحاق بركب الحضارة والتقدم.

فموقفها ورد فعلها ذكرني بسلسلة الفتاوى العجيبة الغريبة والمضحكة والتي قد تجاوزها الزمن وتجاوزناها بفضل الله، فقد أفتى سابقاً أحد المتحمسين قبل زعمهم بتحريم التعليم وقيادة السيارة بحرمانية ركوب المرأة للدراجة الهوائية أو (البسكليتة) وقد وصفوها بحصان إبليس، ثم حرموا عليها لبس الجينز وحمل الهاتف الجوال وحذروها من البلوتوث وخطره على عفتها وعفافها ودراما..

دراما حقيقية ولم يسلم من عدوى التحريم هذه معظم إنجازات العباقرة من البشر، كالراديو والتلفاز والأطباق الفضائية وغيرها، وكل ما حرمه «بعض الدعاة» في الأيام الماضيات حللوه اليوم على أنفسهم حتى أصبح جزءاً مهماً من حياتهم يستخدمونه ولا ينفكون عنه، في ذات الوقت الذي كانوا يحرمون استخدامه على الناس !

هذا نموذج من قائمة مخترعات تطول وقف بعض المنافقين ذات يوم ونادوا بتحريمها ثم سرعان ما تراجعوا وأقبلوا عليها بحماسة شديدة و(بوجه مغسول بمرق).

في الحقيقة كانت ليلة تعيسة، وكان حواري مع التي تجلس بجانبي بائساً، فألقيت أذني واسترقت السمع على من يجلسن في الجانب الآخر عل وعسى ينشرح صدري، فسمعت إحداهن تشرح للبقية طريقة عمل البسبوسة بالقشطة !

فرجعت مرغمة (للغثيثة) التي كانت تجلس بجانبي وسألتها: بالله عليكِ عندك عِلم هل قتلوا حبيبي (ميكي ماوس) بعد الفتوى القديمة بإهدار دمه أم لا يزال حياً يرزق؟!

* كاتبة سعودية

Twitter: @rzamka

Rehamzamkah@yahoo.com