قال أمير المؤمنين رضي الله عنه عمر بن الخطاب: أخشوشنوا فإن النعم لا تدوم. في الكلمات معان واقعية صحيحة فإن العقود الزمنية القادمة لأبنائنا وأحفادنا لن تكون نزهة جميلة وتذكرة سفر للسياحة بل لا بد من إعادة النظر في تعزيز مفاهيم جديدة لمعاني الجدية وتقوية النفس وتعزيز الإرادة وترك الاعتماد على الآخرين من خدم ودوائر مساعدة في العمل أو المنزل. تعويد النفس على تحمل الظروف الصعبة قبل وقوعها، كالتعود على خشونة الطعام والمنام والملبس والمعاملة. يجب علينا أن لا ننظر إلى من هو أعلى منا بل ننظر إلى من هو أدنى منا حتى لا نزدري نعمة الله علينا ونقول الحمد لله. لا بد لنا التعود على كسر الروتين والعادات اليومية من ذهاب وإياب ولباس وركوب، تمويها وتعطيلا لرصد الراصدين ومكر الماكرين. لنتعود على أن تكون المعرفة أهم بكثير من قدر الحاجة فيما يتعلق بشؤون الحركة والتنظيم. من متطلبات العقود القادمة الدقة في الأعمال والمواعيد، لأن اختلال ذلك من شأنه أن يحبط أعمال التنمية والتطور ويوقعها في إشكالات ومخاطر نحن في غنى عنها. المقصود أن الإنسان يجب أن يعيش بالخيارين فلا يحيا حياة رفاهية تامة مبذرة ويجرب طعام الفقراء وينزل ويمشي على قدميه بدلا من السيارة، يشتغل ويكد فإذا زالت النعمة، فهي بيد الله سبحانه، يستطيع أن يعيش ويتعامل مع غيره من البشر الذي لم يمن عليه تلك النعم. فقد يغدق الله عز وجل أحيانا على عباده عطاء كبيرا، فيمتحنهم بهذا العطاء، وقد يكون امتحان الله جل جلاله نوعا آخر، يضيق عليهم أرزاقهم، وتشح السماء، ويقل النبات، وتكثر المطامع، يقل الدخل، وترتفع الأسعار. وهذا ما نراه اليوم وسيزداد غدا. فكل إنسان، كان في بحبوحة، ثم صار في ضائقة، ينبغي أن يقيس على الضائقة لا على البحبوحة، والأمور وإن كان هناك معاملة خاصة، وإن كان هناك استثناءات، وإن كان هناك ظروف خاصة، إلا أن الجو العام جو فيه تراجع، لحكمة أرادها الله عز وجل، ومطالب الإنسان تزداد، ودخله يقل. من أجل أن تبقى حرا، من أجل أن تبقى مستقيما، ولو عودت أهلك على إنفاق كبير، ثم جاءت الضائقة، فقد يدفع الإنسان إلى أكل مال الحرام والعياذ بالله، أو إلى ممالاة الغير. فمن أجل أن تبقى حرا، يجب أن تعود نفسك على الإنفاق المعتدل، ودون المعتدل، وما دام إيمانك سليما فأنت في خير، وكفاك على عدوك نصرا أنه في معصية الله تعالى، ما دام الإيمان سليما، والاستقامة محققة، والطريق إلى الله تعالى سالك، وما دام العبد مقبلا على الله عز وجل، فهو في خير عميم. في حالة أن يكون الإنسان غنيا فلابد أن يستعد ويبقى على حذر أن نعمة الغنى لاتدوم. وكذلك الحال في الرفاهية فإنها لا تبقى للإنسان فلابد وأن يستعد للبس جلباب والتعود على هذه الصعاب فلابد لنا أن نخشوشن ونصبح أكثر ملاءمة مع الأمور وقول أمير المؤمنين له شجون ولكن الإشارة أفضل من عدم وجود العبارة لأن السطور قليلة ولا تسع للتفاصيل وأن إخوتي وأخواتي أحرار تكفيهم الإشارة. فأخشوشنوا.
للتواصل ((فاكس 6079343))
للتواصل ((فاكس 6079343))